روما، الاثنين 07 فبراير 2011 (Zenit.org)
ننشر في ما يلي الكلمة التي تلاها بندكتس السادس عشر من نافذة مكتبه قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي ظهر الأحد 6 فبراير بحضور الحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس.
***
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
في إنجيل هذا الأحد، يقول الرب يسوع لتلاميذه: "أنتم ملح الأرض… أنتم نور العالم" (مت 13؛ 14). من خلال هذه الصور الزاخرة بالمعاني، يريد أن ينقل إليهم معنى رسالتهم وشهادتهم. فالملح، في ثقافة الشرق الأوسط، يذكر بقيم مختلفة منها التحالف والتضامن والحياة والحكمة. النور هو باكورة أعمال الله الخالق، وهو مصدر الحياة؛ كلمة الله عينها تُشبّه بالنور، كما يقول المرنم: "كلمتك مصباح لخطاي ونور لسبيلي" (مز 119، 105). وفي ليتورجيا اليوم أيضاً، يقول النبي أشعيا: "إذا أبرزت نفسك للجائع وأشبعت النفس المعناة يشرق نورك في الظلمة ويكون ديجورك كالظهر" (أش 58، 10).
تلخص الحكمة بذاتها تأثيرات الملح والنور المفيدة. ففي الواقع أن تلاميذ الرب مدعوون إلى إعطاء "نكهة" جديدة للعالم، وإلى صونه من الفساد، بحكمة الله التي تسطع كلياً على وجه ابنه، لأنه هو "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان" (يو 1، 9). بالاتحاد معه، يستطيع المسيحيون أن ينشروا وسط غياهب اللامبالاة والأنانية، نور محبة الله، الحكمة الحقيقية التي تعطي معنى للوجود ولأعمال البشر.
بتاريخ 11 فبراير الجاري الذي يصادف فيه عيد عذراء لورد المباركة، سنحتفل باليوم العالمي للمريض. إنها فرصة سانحة للتفكير والصلاة وتنمية وعي الجماعات الكنسية والمجتمع المدني تجاه إخوتنا وأخواتنا المرضى. وفي رسالتي الخاصة بهذا اليوم والمستلهمة من إحدى عبارات رسالة بطرس الأولى: "وبجراحه شُفيتم" (1 بط 2، 24)، أدعوكم جميعاً إلى التأمل في يسوع، ابن الله الذي تألم ومات، وإنما قام من بين الأموات. الله يعترض كلياً على طغيان الشر. الرب يعتني بالإنسان في كل الظروف، ويشاركه ألمه، ويفتح قلبه للرجاء.
لذلك، أحث كل العاملين في مجال الصحة على ألا يروا في المريض جسداً متسماً بالضعف فحسب، بل بالدرجة الأولى إنساناً لا بد من التضامن معه وتقديم الأجوبة الملائمة له.
في هذا السياق، أذكر أيضاً بأن إيطاليا تحتفل اليوم بـ "يوم الحياة". أتمنى أن يلتزم الجميع بتنمية ثقافة الحياة، وجعل أهمية الإنسان محورية في كل الظروف. ووفقاً للإيمان والعقل، لا يمكن اختزال كرامة الإنسان بالملكات أو القدرات التي تستطيع إظهارها، وبالتالي فإنها لا تتلاشى عندما يكون الشخص ضعيفاً وعاجزاً وبحاجة إلى المساعدة.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، فلنلتمس شفاعة مريم العذراء لكي يتمكن الأهل والأجداد والمعلمون والكهنة وجميع الملتزمين بالتربية من تنشئة الأجيال الصاعدة على حكمة القلب، فتبلغ كمال الحياة.
نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لدار النشر الفاتيكانية 2011