ما كتبه المقريزي عن أسبوع البسخة المقدسة في الديار المصرية

 

يسرد لنا أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزى (1365-1442)، في مؤلفه «المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار» عن الاحتفالات بأسبوع الآلام، ويكتب الآتي:

1- عيد الزيتونة:

ويعرف عندهم بعيد الشعانين، ومعناه التسبيح. ويكون في سابع أحد، من صومهم. وسنتهم في عيد الشعانين أن يخرجوا سعف النخل من الكنيسة. ويرون أنه يوم ركوب المسيح العنو،(وهو الحمار) في القدس، ودخوله إلى صهيون وهو راكب، والناس بين يديه يسبحون، وهو يأمر بالمعروف، ويحث على عمل الخير، وينهي عن المنكر، ويباعد عنه.  وكان عيد الشعانين من مواسم النصارى بمصر، فيها كنائسهم. فلما كان لعشر خلوان من شهر رجب، سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، كان عيد الشعانين، فمنع الحاكم بأمر الله أبو عليّ منصور بن العزيز بالله النصارى من تزيين كنائسهم، وحملهم الخوص على ما كانت عادتهم، وقبض على عدة ممن وُجد معه شيئًا من ذلك، وأمر ما هو محبَّسٌ على الكنائس من الأملاك، وأدخلها في الديوان، وكتب لسائر الأعمال بذلك، وأُحرقت عدة من صلبانهم على باب الجامع العتيق.

2- خميس العهد:

ويُعمل قبل الفصح بثلاثة أيام، وسنتهم فيه أن يملئوا إناء من ماء، ويزمزمون عليه، ثم يغسل للتبرك به أرجل سائر النصارى. ويزعمون أن المسيح فعل هذا بتلامذته في مثل هذا اليوم، كى يعلمهم التواضع، ثم أخذ عليهم العهد أن يتفرقوا، وأن يتواضع بعضهم لبعض.. وعوامٌّ أهل مصر في وقتنا يقولون" خميس العدس" من أن أجل النصارى تطبخ فيه العدس المصفى. ويقول أهل الشام:"خميس الأرز" "وخميس البيض". ويقول أهل الأندلس:"خميس أبريل". وأبريل: اسم شهر من شهورهم.

وكان في الدولة الفاطمية تضرب في "خميس العدس" هذا خمسمائة دينار، فتعمل خراريب، تفرق في أهل الدولة برِسوم مفردة. كما ذكر في أخبار القصر من القاهر. عند ذكر دار الضّرب من هذا الكتاب. وأدركنا "خميس العهد" هذا في القاهرة، ومصر، وأعمالها، من جملة المواسم العظيمة. فيباع في أسواق القاهرة من البيض المصبوغ عدّة ألوان، ما يتجاوز حدّ الكثرة، فيقامر به العبيد، والصبيان، والغوغاء. ويُنتدب لذلك من جهة المحتَسب من يردعُهم في بعض الأحيان. ويهادى النصارى بعضهم بعضًا، ويهدون إلى المسلمين أنواع السمك المنوع، مع العدس المصفى. والبيض. وقد بطل ذلك لما حل حلَّ بالناس، وبقية.

3-سبت النور:

هو قبل الفصح بيوم.. يزعمون أن النور يظهر على قبر المسيح- بزعمهم- في هذا اليوم، بكنيسة القيامة من القدس. فتشعل مصابيح الكنيسة كلّها. وقد وقف أهل الفحص والتفتيش على أن هذا من جملة مخاريق النصارى، (أي ابتداعاتهم) لصناعة يعملونها. وكان بمصر. هذا اليوم من جملة المواسم، ويكون ثالث يوم من خميس العدس ومن توابعه.

 

4-عيد الفصح:

هذا العيد عندهم، هو العيد الكبير. ويزعمون أن المسيح عليه السلام، لما تمالأ اليهود عليه، واجتمعوا على تضليله وقتله، وقبضوا عليه، وأحضروه إلى خشبة ليُصلب عليها، فصُلب على خشبة عليها لصان، وعندنا- وهو الحق- أن الله تعالى رفعه إليه ولم يُصلب، ولم يقتل، وأن الذي صلب على الخشبة مع اللصين غير المسيح. ألقى الله عليه شبه المسيح. قالوا: واقتسم الجند ثيابه. وغشَّى الأرض ظلمة من الساعة السادسة من النهار، إلى الساعة التاسعة من يوم الجمعة، خامس عشر هلال نيسان العبرانيين. وتاسع عشر برمهات. وخامس عشرى آذار سنة. ودفن الشبيه آخر النهار بقبر، وأطلق عليه حجر عظيم، وختم عليه رؤساء اليهود وأقاموا عليه الحرس باكر يوم السبت، كيلا  يسرق. فزعموا أن المقبور قام من القبر ليلة الأحد سحرًا، ومضى بطرس، ويوحنا التلميذان، إلى القبر، وإذا الثياب التي كانت على المقبور بغير ميت، وعلى القبر ملاك الله، بثياب بيض، فاخبرها  بقيام المقبور من القبر. قالوا: وفي يوم الأحد هذا، دخل المسيح على تلاميذه وسلّم عليهم، وأكل معهم، وكلّمهم، وأوصاهم، وأمرهم بأمور قد تضمنها إنجيلهم. وهذا العيد عندهم بعد عيد الصلبوت بثلاثة أيام.

5- حدُّ الحدود:

وهو بعد الفصح بثمانية أيام.(يقصد أحد توما) فيعمل أول أحد بعد الفطر؛ لأن الآحاد قبله مشغولة بالصوم.. وفيه يجددون الآلات، والأثاث،  واللّباس، ويأخذون في المعاملات، والأمور الدنويّة، والمعاش.

 

 

بنعمة الله

أخوكم الأب إسطفانوس دانيال جرجس

خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما