الموارنة: تاريخ وجذور

ندوة في المركز الكاثوليكي للإعلام

 

 

روما، الأربعاء 16 فبراير 2011 (ZENIT.org).

عقدت ظهر أمس الثلاثاء 15 شباط 2011 الساعة الثانية عشرة ظهراً ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : "الموارنة: تاريخ وجذور" وذلك في إطار الاحتفالات اليوبيلية للقديس مارون،  برئاسة رئيس اللجنة، المطران بشارة الراعي، شارك فيها : قدس الأباتي بولس نعمان، واالدكتور غسان الشامي، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، وحضرها: المطران طانيوس الخوري، أمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، المسؤول عن الفرع السمعي البصري في اللجنة، الاب سامي بو شلهوب، من الرابطة المارونية،العقسد بردليان طربية، السيد انطوان خوري حرب، السفير السابق فؤاد عون، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين، قدّم لها المحامي وليد غياض.

تقديم وليد غياض جاء فيه:

في الاصل، هي طريق الى القداسة، رسمها مارون الناسك وسار عليها كوكبة من تلاميذه. تلك هي المارونية التي اصبحت اليوم كنيسة بحجم الدنيا. جذورها التي رواها دم الشهداء والقديسين دفعت بأغصانها الى كل بقعة من بقاع الارض. على الاضطهاد يقابله الايمان، بنيت، فتحطمت على اسوارها كل الاعاصير والامواج العاتية. من هذا الشرق سطع نجمها فكانت النور والعلامة الفارقة التي حيّرت ناظريها بوحدتها وبحفاظها على نسخة اصلية واحدة شكّل مارون الناظر الى السماء ضمانتها.

من علاقتها بالكرسي الرسولي غار منها كثيرون، وانزعج آخرون من وصف روما لها بانها وردة بين الاشواك، في عصر قطعت فيه الاشواك الطريق بين الشرق والغرب.

اما اليوم وبعد الف وستمئة سنة على انتقال القديس مارون الى بيت الآب السماوي، نسأل: هل ما زال ابناء مارون امناء لابيهم "حبة الحنطة " ؟

كلمة المطران بشارة الراعي جاء فيها:

باسم اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام والمركز الكاثوليكي للإعلام أرحب بحضرة المنتدين المعروفين بسعة علمهما التاريخية وكتابة كتب جذورهم التاريخية..

وأضاف: يختتم  يوبيل 1600 سنة على القديس مارون، ونرافق البطريرك للإحتفال بتمثال مار مارون الذي ينضم إلى آباء الكنيسة والقديسين في بازيليك مار بطرس في روما، ونواكب ختام يوبيل مار مارون الذي سيحصل في 6 آذار الجاري.

ليس لنا ماضٍ أو مستقبل إذا لم نعرف جذورنا. واستشهد بالقول: "إذا اردنا أن نبيد شعب فأنسه تاريخه وأكتب له تاريخاً آخر، فيضيع حاضره ومستقبله،  ودعا إلى مواصلة هذا التاريخ المجيد لنكون على مستوى التحديات الراهنة.

ثم كانت مداخلة للإباتي  بولس نعمان عن الموارنة والكرسي الرسولي أو العلاقات البناءة  فقال:

اليوم تفرح الكنيسة المارونية وتبتهج مع ابنائها، في لبنان وبلدان الإنتشار، لمبادرة وضع تمثال القديس مارون في بهو كاتدرائية مار بطرس في روما، وتعتبر هذه المناسبة من عمل الروح أكثر منها من عمل الإنسان، لأنها تكلّل علاقات دهرية بين الكنيسة المارونية وكنيسة مار بطرص، عمرها حوالي الف وست مائة سنة.

وأوجز هذه العلاقات التاريخيّة بثلاث مراحل أساسية:

أولاً، مرحلة التأسيس: أو مرحلة بناء العقيدة الموحدة، وقد تحققت في مجمع خلقيدونية سنة 451 أي ثلاثون سنة بعد وفاة مار مارون، وخلال هذا المجمع تم الاتفاق العقائدي بين الأباء الأنطاكيين  برئاسة ثيودوريطس ، أسقف قورش، ومؤرخ حياة القديس مارون، وبين البابا لاوون الكبير، من خلال رسالته الشهيرة إلى أبناء المجتمع. هذا الأتفال، وما تبعه من صراع عقائدي وخلافات واضطهادات، دامت أكثر من مئتي سنة، هو الذي متّن العلاقات الطيبة بين كنيسة روما والموارنة. ومنذ ذلك التاريخ شكل الكرسي الرسولي بالنسبة للموارنة القاعدة الذهبية الثابتة التي على إيقاعها يطورون عقيدتهم وجددونها.

أضاف:  "بعد هذا التاريخ حصل الفتح العربي ونشأت الخلافات العقائدية والسياسية، وذكر المسعودي في تاريخه، أن دير مارون والصوامع المحيطة به دمرت من جراء الغزوات طلم السلطان ولم يق في سوريا من الموارنة، بعد سنة 956، إلا جماعات صغيرة حيث التجأوا إلى جبال لبنان وأوديته.

أما المرحلة الثانية: أو مرحلة بناء الإنسان الماروني وقد تحقق في عهد الإمارة بواسطة الزيارات الرسولية المتعددة وأهمها زيارة الأب يوحنا إليانو من قبل البابا غريغوريوس الثالث سنة 1578 وزيارة الأب ايرونيموس دنديني 1596، ومع هاتين الزيارتين بدأت النهضة العلمية التي خلقت الجسر العظيم الذي عبر عليه لبنان وحده من بين مجموعة الأقضار الشرقية من مرحلة القرون الوسطى إلى مرحلة القرون الحديثة، من مرحلة النسخ والنساخ واحتكار العلم والكتاب إلى مرحلة الطباعة ونشر المعرفة والكتاب. وفي سنة 1584، تاسس المعهد الماروني في روما، وبفضله قامت نهضة علمية تعليمية في الشرق والغرب: من مطبعة دير قزحيا  1584 إلى مدارس حلب ، إلى مدرسة عين ورقة أم المدارس في لبنان، كان لنا دوراً اساسياً في نقل ومزج الحضاراتز

المرحلة الثالثة: أو مرحلة بناء الوطن، الرسالة، بدأت هذه المرحلة مع البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي الذي وجهه إثر محنة لبنان الأخيرة . فالإرشاد هذا موجه أصلاً إلى الكنيسة الكاثوليكية في لبنان والمسيحيين كافة، ولكنه يشمل أيضاً المسلمين والدروز واللبنانيين عامة "لأن إعادة بناء لبنان لا تتحقق إلا بمشاركة ناشطة من قبل الجميع." وقد ذكر اسم لبنان في الإرشاد في المتن والهوامش أكثر من مئتين وخمسين مرة، دلالة على حب قداسته وإيمانه برسالة لبنان. فلبنان بالنسبة إليه بلد حضاري، أرض مقدسة، مجتمعه تعددي وهو أخيراً دعوة خاصة ورسالة حوار.

وأضاف هذه باختصار بعض خطوط من صورة لبنان الوطن الرسالة كما وردت في الإرشاد الرسولي، صورة صاغها الحب والحقيقة معاً: حب الأب القدس وحقيقة لبنان الرسالة، صورة أخرجها قداسته إلى العلن في هذا الإرشاد ، وكأنها نشيد أناشيد لبنان. هذه الصورة إذا قبل بها المحيط دعوة للبنان، يبلغ معها إلى مستوى الرسالة التي عناها البابا يوحنا بولس الثاني.

ثم كانت مداخلة للباحث والكاتب غسان الشامي عن الموارنة تاريخهم وجذورهم ورسالتهم في المشرق ( نقاط بحثية)  جاء فيها: 

للأسف، لا يوجد تاريخ مدوّن للموارنة قبل القرن السابع عشر، ويقصد بالتاريخ هنا كتواريخ تيودوريطس وديونيسيوس التلمحري وغريغوريوس ابن العبري، حيث تجيء أخبار الموارنة الأوَل من مصادر غير مارونية.. وقد كتب البطريرك اسطفان الدويهي تاريخ الطائفة المارونية بالكرشوني في القرن السابع عشر يذكر فيه أن مار مارون من (كورة حلب) ، فيما كتب جبرائيل ابن القلاعي، الباحث الذي عاش بين القرنين السادس عشر والسابع عشر عن "خلقيدونيّة" الموارنة" ، مشيراً إلى أوَّل بطريرك ماروني لأنطاكية ( مارون الطوباني ) ضمن مخطوط بالكرشوني في مكتبة الفاتيكان…

وأضاف: "لكن أوَّل إشارة إلى مار مارون الناسك، وأن مصطلح الموارنة اشتق منه تأتي من مرهج نيرون الباني المتوفى عام 1711 حيث شرح في كتابين باللاتينية اسم وأصل الموارنة قائلاً إنه مشتق من ناسك نهاية القرن الميلادي الرابع ومطلع الخامس، في اتفاق مع السيرة التي كتبها عنه تيودوريطس، لكن هذا لم يرد أيضا في تاريخ المطران الدبس الجامع الذي جاء فيه " لذا نبدأ تاريخ الموارنة بمناقشة القديس مارون الذي يعدّ أباً لهذه الطائفة وشفيعها".

 زمنيا، يمكننا القول أن مار مارون عاصر عهد يوليانوس الجاحد الذي قتل بعد أن حكم سنتين عن في 26 حزيران عام 363م في طيسفون (المدائن) بعد أن أصيب بسهم إثر خلع درعه، فملأ كفه من دماء جرحه ونثره في الفضاء صارخاً " لقد غلبتني أيها الجليلي.. فرِث مع ملك السماء ملك الأرض أيضاً، أوعهد فالنس الذي حكم بين عامي 364-378م وكان آريوسياً، الذي يؤكد تيودوريطس أنه أمر بإغراق مسيحيين في نهر العاصي.

بدأ مار مارون تنسكه وتقشفه وتبشيره حيث" انزوى في جوار هيكل مهيأ في الماضي لخدمة الضلال القديم" و يقول تيودوريطس " قد اتخذ له رابية كانت في الماضي كريمة لدى قوم من الكافرين،حيث كان هيكل للشياطين. فحوّل ما فيه إلى عبادة الله ثم ابتنى لنفسه صومعة حقيرة يلجأ إليها في ظروف نادرة" و"نصب لذاته خيمة من الجلود المكسية بالوبر ليلجأ إليها في أوقات الأمطار والثلوج " و"كان لا يكتفي بممارسة الأتعاب الشاقة ".

وصل مار مارون إلى كفر نبو في جبل نبو الذي صار اسمه فيما بعد جبل سمعان، نسبة للناسك العمودي المتوفى عام 459م، حيث كانت عبادة هذا الإله شعبية ومزدهرة، وقد أطلق عليه البعض اسم جبل ليلون فيما سماه الدويهي جبل أوليمبوس، ونقل كليرمون غانو عن مخطوط عربي في مكتبة لايدن "كان في هذا الجبل المدعو اليوم سمعان والذي عرف سابقاً باسم جبل نبو أو(نابو) صنم يكرّم في المحلة المدعوة اليوم كفر نبو، والمباني الموجودة اليوم في هذا الجبل هي أبنية متروكة من عبّاد هذا الصنم الذين كانوا يقيمون هناك" وفيها تمثال للإله نبو وتماثيل أخرى مقطوعة الرؤوس. وكشف الشامي عن وجود تمثالين سيكشف عنهما في نيسان من ضمن بعثة أثرية.

وذكر ليتمان "كفر نبو بلدة قديمة جداً، انحدر اسمها من الإله البابلي- الآشوري الذي انتشرت عبادته من ما بين النهرين إلى سورية وفلسطين. وفيها اكتشفت الكتابة اليونانية المشهورة  كما جاء اسم كفر نبو في كتابة يونانية وجدت في براد. وتعدّ كنيسة كفر نبو ثاني أقدم كنيسة في جبل سمعان بعد كنيسة فافرتين، بنيت في المكان العالي من البلدة ومحل الهيكل الرئيسي للإله نبو وبحجارته وأعمدته التي قص بعضها واستخدم في الحنية ومنها مداميك الكنيسة، التي لم يبق منها إلا المداميك السفلى من الحنية وباب جنوبي وبعض أجزاء من البيما (المنبر) وسط الكنيسة.

البلدة العظيمة الكثيرة الرجال التي وصفها تيودوريطس والتي أخذ رجالها جثمان مار مارون فهي "على التخوم" أي على حدود كفر نبو مباشرة هي براد ، تبعد عن كالوتا 7 كم وعن كفر نبو أكثر من 3 كم ، اسمها في اشتقاقه السرياني بعود إلى ساعي البريد، وكان اسمها "كفر براد"، أما اللفظ فمتداخل بالآرامية ويدلّ على البرودة، وما يشي بذلك موقعها وقربها نهر عفرين واسمه الأصلي باليونانية "أونيو باراس"، أي عين براد أو عين الباردة أو عين مدينة براد، واسم براد منتشر في بلاد الشام منه نهر بردى والبردوني ونهر البارد وعين الباردة ،وترتفع 588م عن سطح البحر.وهي عاصمة جبل سمعان خلال الفترة البيزنطية بين القرنين الرابع والسابع الميلاديين .

يقول تيودوريطس " وقام نزاع شديد بين القرى المجاورة رغبة من كل منها في الاستيلاء على جثمانه.لكنها كانت على الحدود بلدة كثيرة الرجال أقبلت بأسرها وبددت الآخرين وانتزعت منهم ذلك الكنز المرغوب فيه جداً فشيدوا له مقاماً فخماً. وهم منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا ينعمون بمنافعه، فيكرّمون هذا المظفر العظيم بمهرجان شعبي".

لقد كان سكان بلاد الشام الآراميين مسيحيون في غالبيتهم داخل المدن وفي الأرياف والبادية ومن قبائلهم الكبرى تغلب وغسان وكلب وقبائل قضاعة ولخم وجذام وبكر وطي وغيرها.

وأضاف: "اشترك في مجمع خلقيدونية 451م، 630 أسقفا معظمهم من الشرق، ومنهم 17 أسقفاً من مقاطعة بصرى و10 من مقاطعة البتراء فقط، أي إقليم العربية ومن أنطاكية 130 أسقفا)".

وفي القرن السادس وخلال اجتماع 137 ممثلاً لأديرة إقليم العربية جنوب دمشق وقّع شهادة الإيمان منهم باليونانية 18 فقط، فيما وقعها البقية بالسريانية.

لكن هناك فجوة تاريخية علينا جسرها تمتد بين العام 410 تاريخ وفاة مار مارون وبين العام 452 م تاريخ ظهور دير رهبان بيت مارون ،حيث اعتنى به ثلاثة أباطرة بيزنطيين هم مرقيانوس ويوستنيانس وهرقل، وبقي الموارنة ينتخبون بطريركهم فيه حتى القرن العاشر الميلادي حيث وصفه المسعودي في كتابه "التنبيه " وتحدث عن عظمته وعن وجود 300 قلاية قربه، وخرابه بسبب غزوات البدو.

وأضاف: "إذا تساءلنا عن سبب قبول الدولة العربية ببطريركية جديدة داخل أراضيها ، أي تأسيس بطريركية أنطاكية للموارنة في عهد مار يوحنا مارون (حوالي 686 م) وقد كان  الخليفة  عبد الملك بن مروان(685 -705 م) وهو من أعظم خلفاء بني أمية لقب بـ أب الملوك، حاكما، وصلت الدولة في عهده من المغرب إلى سجستان، لوجدنا أن الموارنة لم تكن علاقتهم جيدة ببيزنطة التي كان يقاتلها خلفاء بني أمية، وأنهم في جذورهم سريان من أصل هذه البلاد. 

واعتبر أن الحملات الصليبية (1096-1291م) لم تقدم للمسيحيين في المشرق سوى المزيد من الأزمات في علاقتهم بالمحيط الإسلامي فعند دخول الصليبيين مدينة أنطاكية (1098م)، التي كانت تاريخيا عاصمة سورية وذات موقع ديني مميز وفتحها العرب سنة (638 م)، كان السلاجقة فيها منذ 14 سنة فقط فقتلوا 100 ألف مواطن ذهب بينهم مسيحيون كثر من المونوفيزيين وحتى الملكيين الخلقيدونيين، لا بل أخذوا الأديرة وحولوها إلى أديرة لاتينية.

إن جذور الكنيسة المارونية ضاربة في سريانيتها ، وطقسها الرئيس دلالة على ذلك، لذلك هي من يجب أن يكون حافظا لهذا التراث العظيم ،ولهذا بحث آخر.

 ودعا الشامي الجامعات إلى إقامة الأبحاث لأنه لأ يجوز أن تبقى هذه الكنوز في العراء  كما هي الحال في براد ونحن علينا اكتشافها.

وختم بالقول: "الموارنة كنيسة، الكنيسة الأم الجامعة وهذه الكنيسة هي ذات جذور عريقة ضاربة في التاريخ، ومار مارون مغاير لكل النساك، لم يرى في عبادة الشياطين إلا مهاجمتها بالمحية وطريقة الحوار. وفي اعتقاد الشامي: إن لم أكن قوياً في جذوري فلست قوياً في أي مكان، وقد انطلقت في بحثي في المسيحية المشرقية تحديداً وفي الموارنة خصوصاً، مضيفاً : "أنني لست حاجاً إلى القدس ولست جالية من الجوالي، أنني أحمل 2000 عام من تراث المحبة والسلام المسيحي في هذه المنطقة وأنا رسولها هنا أنا أبن بار والتقي مع مفهوم "الرسالة" الذي قاله قداسة البابا يوحنا بولس الثاني ".

ثم كانت كلمة للخوري عبده أبو كسم جاء فيها:

يأتي الحديث عن الموارنة وجذورهم وتاريخهم وعن علاقتهم بمحيطهم والتمسك بهويتهم وارتباطهم بالكرسي الرسولي والتشبث بإيمانهم رغم الإضطهادات التي عانوها وما يزالون، يأتي في إطار الاحتفالات بيوبيل 1600 سنة على انتقال إبينا القديس مارون إلى الآب السماوي.

وأضاف: "لقد ارتبط تاريخ الموارنة بالوجود المسيحي في هذا الشرق ارتباطاً وثيقاً بحيث كانوا هم المدافعين عن هذا الوجود إن في تراثهم الروحي الرهباني أم في تراثهم الفكري الحضاري، أم في شهادتهم واستشهادهم في سبيل الرسالة المسيحيّة التي أئتمنوا عليها من شفيع طائفتهم القديس مارون، فكان منهم القادة والبطاركة الذين حضنوا طائفتهم بروح المحبة المسيحيّة ممزوجةً بالتواضع وروح الخدمة، فأضحوا القادة الروحيين والزمنيين لرعيتهم في آن".

أما اليوم في ظل الظروف التي نعيشها في لبنان والمنطقة، حيث عدد المسيحيين يتضاءل  والهجرة تضرب مبدأ التمسك بالأرض والجذور، وفي ظل المتغيرات السياسية التي تبدّل معالم منطقة الشرق الأوسط، نتطلع إلى المسيرة اليوبيلية التي تواكب المسيرة السينودسية، لكي يلعب المسيحيون دورهم  الريادي والحضاري الممزوج بروح السلام والمحبّة حيثما وجدوا، هذا الدور مطلوب أن يقوموا به ولا يبقوا متفرجين وكأنهم غرباء في أرضهم فهم أهل الأرض، وهم تاريخ هذا الشرق.

نسأل الله بشفاعة القديس مارون أن يلهمنا روح الحكمة ويثبت خطانا في طريق الرسالة.

وفي ختام الندوة  دار نقاش تحدث فيه الأب يوسف مونس فقال: " أنا في اعتقادي الكبير انه في دعوة خاصة عند هذا الشعب أن يكون في عمل التأسيس: الأول في طريقة وحياة مار مارون، والثاني كان في إنشاء البطريركية وهي لم تزل حتى اليوم جبهة الرفض للحرية والكرامة والاستقلال، التأسيس الثالث المطبعة التي أتوا بها على ظهر "البغال" ووضعوها في قزحيا وعملوا هذه النهضة العربية (نذكر منهم الحقلاني، السمعاني، والصهيوني).

أضاف: "التاسيس المهم هو تحرير المرأة وإعطائها حق التصويت وإنشاء المدارس وهذا عمل الشيء الكثير. والتأسيس الأخير هو لبنان "بلد الرسالة " لكن تأسيس القداسة، غير معقول كيف (عم بيفرخوا) في هذه المسافة 150 كلم ، كيف الله أعطى هذه النعمة للموارنة وللجذور واتى بالإجتماع مع أبونا يعقوب، بعدم العلم مع الأخ اسطفان، بالعلم مع نعمة الله الحرديني، بالألم مع رفقا، بالنسك مع شربل، صفحات مهمة نضيفها إلى تاريخ الموارنة وما ذكرتموه.