شرح: أول وثيقة مكتوبة لتجديد الخطاب الدينى

 

أصبح الدين مظلوما، كلما حدثت مصيبة أو اشتعلت نار فتنة أو كارثة سواء فى الداخل أو الخارج، ألبسوا ثوبها للدين الإسلامى، رغم أن الكل يعرف أن الدين منها برىء، وأن لعبة التعصب والتطرف لا تنبع من العقيدة الإسلامية أو حتى أى عقيدة سماوية، بل هى لعبة تأويلات وخطابات متخلفة يصل بها علماء دين أصحاب مصالح أو أصحاب فكر رجعى إلى عقول البسطاء من الناس.

الأزمة إذن ليست فى الدين الإسلامى أو تعاليمه، الأزمة تكمن فى ذلك الخطاب الدينى الذى ينشره الدعاة فى مختلف الدول الإسلامية دون النظر إلى روح العصر، أو محاولة تطوير ذلك الخطاب القديم ليتلاءم ويتواكب مع ما يحدث فى عالمنا الآن، الأزمة إذن فى هذا الخطاب الدينى الذى توقف عند سنوات الماضى، ويظهر الإسلام من خلاله دينا متطرفا ورجعيا على عكس حقيقة تعاليم السماحة وتقبل الآخر والعدل والحرية والمساواة التى تشكل أعمدة الإسلام الأساسية، ومع ذلك تعمد مروجو هذا الخطاب على مدار السنوات الماضية، إخفاءها مقابل إعلاء قيم التعصب والتشدد فى خطابهم الدينى الذى جلب على مصر وابلا من الأمراض بدأت بالتطرف وتفتيت الوحدة الوطنية، وانتهت بالتفجيرات وحالة العداء وعدم تقبل الآخر سواء كان مختلفا فى الدين أو فى المذهب أو حتى فى الفكر.

الحل إذن يكمن فى إيجاد خطاب دينى جديد يعيد للإسلام اعتباره فى الداخل والخارج، ويقدم صورة الدين الإسلامى بدون شوائب التعصب والتخلف والرجعية التى التصقت به فى الفترة الزمنية الأخيرة، بسبب الخطاب الدينى الرجعى الذى ساد مع انتشار المد الوهابى السلفى، والمتاجرين بالدين فى الملاعب السياسية، وهو نفس الأمر الذى دعا إليه الرئيس مبارك فى خطابه الأخير و«اليوم السابع» تأخذ هنا المبادرة، وقامت بجمع عدد من أبرز علماء الدين والمفكرين المصريين، لوضع تلك الوثيقة التى ترسم ملامح مشروع أوّلى لخطاب دينى جديد، يحمى مصر من التطرف ونار التعصب، ويرسم صورة الإسلام السمحة..

هذه الوثيقة التى شارك فى وضعها عدد من عقول مصر المحترمة، تصلح لأن تكون دستورا لخطاب دينى متطور يتكون من 22 مادة، تحتاج إلى تضافر الجهود المختلفة لتحويلها من مجرد توصيات أو مواد على الورق إلى واقع. لذلك دعنا نقتبس من الدستور المصرى تلك المقدمة لنبدأ بها هذا الدستور الجديد، أو تلك الوثيقة الجديدة التى سنسعى من خلالها لإيجاد الخطاب الدينى المعتدل الذى نأمله..

نحن جماهير شعب مصر.. تصميماً وعرفاناً بحق الله ورسالاته، وبحق الوطن والأمة، وبحق المبدأ والمسؤولية الإنسانية. وباسم الله وبعون الله.. نعلن فى هذا اليوم، أننا نقبل ونعلن ونمنح لأنفسنا تلك الوثيقة، مؤكدين عزمنا الأكيد على الدفاع عنه، وعلى حمايته، وعلى تأكيد احترامه.

مادة 1
إعادة تنقية وتحقيق كتب الحديث الشريف وكتب التفسير

لابد من تنقية كتب الحديث الشريف وتحقيقها ويتم ذلك عن طريق تحقيق كل كتاب على حدة وكذلك الأمر بالنسبة لكتب السيرة النبوية المشرّفة، بالإضافة إلى كتب تفسير القرآن الكريم، بغرض التخلص مما شاب هذه الكتب الطاهرة من دواخل وإسرائيليات ومغالطات دينية وتاريخية، دخلت ضمن اعتقادات المسلمين وأصبحت جزءا لا يتجزأ من إيمانهم وعقيدتهم، أما الاتجاه الثانى، فهو إخراج الأحاديث الموضوعة فى كتب بمفردها مثلما فعل الألبانى.

مادة 2
ضبط المصطلحات السياسية المتعلقة بالدين مثل الجزية والخلافة

الحديث عن تجديد الخطاب الدينى فى الوقت الحالى، يتطلب تجديدا للخطاب السياسى، يتبعه بطبيعة الحال تجديد جميع الخطابات الأخرى المتعلقة سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية، ومن غير اللائق الحديث عن أهل الذمة الآن، ودفعهم للجزية وكل الممارسات التى كانت تتم فى عهد الخلافة الإسلامية قبل قيام الدولة الإسلامية التى تؤيد مثل هذه المسميات، أما الآن فإن الخلافة الإسلامية لم تتأسس، ومن ثم فإن دفع الجزية لحماية الأقباط، يصبح من الأمور التى لا تستحق المناقشة أو الذكر، وكذلك أيضا فإن تعبير «أهل الذمة» لا ينبغى استخدامه فى ظل الوقت الراهن، دون وجود للدولة الإسلامية التى يتطلب وجودها تلك الحالة، وظهور تلك المصطلحات واستخدامها على هذا النحو.

مادة 3
إيجاد صيغة جديدة لمفهوم الاختلاط وعلاقة الرجل بالمرأة فى الإسلام

عندما يتحدث العلماء دائما يراعون مسألتين: فقه الزمان، وشريعة الله، وتبنى الشريعة على الاحتياج، فإذا كنا محتاجين لهذا التعامل فلا جناح، أما العكس فلا نحبذ ذلك بسبب عامل الفتنة، وبعد انتشار الانفتاح الأخلاقى فى هذا العصر، وما يظهر فى وسائل الإعلام، نشدد على ضرورة وجود سبب للاختلاط مثل مشروع فرضته عليهم الجامعة، أو عمل واحد به رجال ونساء، وكذلك فإن العلاقة بين الطرفين يحكمها العرف والعادات والتقاليد، وهناك نهى صريح عن الخلوة، وعن اللمس، والتقارب بين الرجل والمرأة وعدم المزاح بدون داع، وغض البصر ما استطاعوا، لأنه يحرك القلب تجاه الطرف الآخر، والإسلام لا يمنع التعامل، ولا يفتحه بدون احتياج.

مادة 4
ضبط الرؤية الإسلامية للمرأة وتوفيق أوضاع قوانين الأحوال الشخصية

هناك العديد من الأحكام الشرعية المنبثقة عن ميثاق النكاح، وهو الميثاق الغليظ الذى اختص الله نفسه بتوطيده، ومجرد التفكير فيه والإقدام عليه، وحتى استمراره، أو انقضائه بالموت، أو بتره بالطلاق، وحتى هذا الانتهاء ينظمه الله تعالى تنظيما شرعيا، لا يجوز تأويله ولا التحايل فى شكل أحكامه، ولقد ابتلينا بمن يغير أحكام الشرع وفقا للهوى، أو إرضاء لاتجاه من الاتجاهات، وأشد ما قابلناه هو الجمود الفقهى، وأصبحوا يتعبدون بهذه الآراء مع فصلها عن سنة الله، وكل ما بنى عليه قوانين الأحوال الشخصية يجب اقتلاعها لأنها تتناقض مع الشرع، وتلتقى مع أحكام اليهود وقوانين بونابرت، ولابد من صياغته وفقا لشرع الله، أما الآراء الاجتهادية وفقا للمذهب الحنبلى فلا ينبغى النظر إليها لأننا تركنا الأصل، لذا وجدت عندنا مجموعة من الأحكام المتنافرة والمتناقضة مع سنة رسول الله، فلابد أن نجدد فى قوانين الأحوال الشخصية بعيدا عن جمود الأزهر، ونحتاج إلى ثورة تقتلع الجذور الفقهية التى أفسدت علينا الدين، وعلينا أن نقطع ألسنة من يرى أن المرأة متاع للزوج ومجرد متعة؛ لأن الإسلام جعل للمرأة كيانا.

مادة 5
الإسلام دين الإبداع.. دين الجمال لا القبح.. والرحمة لا الغلظة

الإسلام دين الإبداع ويدعو لإبداع العقل الذى يثرى الحياة بما أودعه الله فيها من مقومات وتجميل لمراحلها، فالذى يخترع لعبة لطفل يتعلم بها الصبر مبدع، والذى يقول كلمة جيدة مبدع والذى يدعو الناس أن يجتنبوا كبائر ما نهى الله عنه ويستجيب الناس له مبدع أيضا، ومن الإبداع أن نغرس فى نفوس الناس أن هذا الدين دين الجمال لا القبح، والرحمة لا الغلظة، وينهى عن العدوان، فيقول رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا»، وكل دعوة تنهى عن إسالة الدماء، هى دعوة إبداع لأنها تصب فى حياة سوية بها معالم الأخوة واضحة الأمر الذى يخلق تعايشا بين الناس، فالله جميل يحب الجمال.

مادة 6
ضبط مفهوم الجهاد فى الإسلام وصياغة أحكامه وشرائعه

الجهاد فى الإسلام يوجه ضد المحتلين فى بلاد المسلمين، ويقول سبحانه «قاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا»، وفى تفسيرها قيل يحرم قتل الناس والأطفال والشيوخ والقسيسين والرهبان ودور العبادة، وهو ما فسره القانون الدولى الحديث بحرمة قتل المدنيين، أى أن الإسلام حرم ذلك قبل 1400 عام من الآن، فعلينا أن نحارب الذين يحاربوننا ويعتدون علينا ويحرموننا حقوقنا. وكان للإسلام دستور فى الحرب سبق جميع القوانين الوضعية، والناس تنسى أن الجهاد كأى حكم من أحكام الإسلام له أحكام وشرائع، وبه موانع، وهناك خطباء يحثون على الجهاد دون قياس المصالح فيه والمنافع، والمشكلة أن غالبية المسلمين يجاهدون فى المكان والزمان الخطأ، وعلينا أن نجيب عن أسئلة ثلاث متى أجاهد؟ ومن أجاهد؟ وأين أجاهد؟، إجابات الأسئلة الثلاث تكفل صحة الجهاد.

مادة 7
صد هجمات تدين الظاهر والطقوس الغريبة القادمة من دول الجوار

فى الثلاثين سنة الأخيرة، أصبنا بمرض التدين الظاهرى الذى ينصب على الشكل سواء للرجل أو المرأة, وبالنسبة للرجل، أخذ هذا الشكل الذى لم نكن نعرفه فى مصر فى الماضى إلا من خلال علماء الدين وشيوخ الأزهر وقساوسة الكنيسة الأرثوذكسية، أما فى الآونة الأخيرة فبدأنا نقلد ملابس دول الجوار فى هذه اللحى الكثيفة التى تصل إلى تحت الصدر، والجلباب الذى لم يكن متداولا إلا لدى أهل الريف، وأهل الصعيد، وزحفت ثقافة الجوار عن طريق الفضائيات التى عممت هذا الشكل، وأصبح الكلام عن المرأة التى ارتدت النقاب بشكل فيه تزيد وإسراف، ونسيت المرأة أن الإسلام وضع روشتة للمرأة والرجل، وهى غض البصر، وقال تعالى«قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم»، ووضع جميع المفسرين لباسا للمرأة لا يصف ولا يشف ولا يلفت النظر بما يتناسب مع روح العصر، ولكن بكل أسف أصبح المظهر هو الدين، هو التدين ونموذج الإنسان المؤمن صاحب الهيبة، دون تناول نقاء الجوهر وعفة العين التى لا يحجبها النقاب، ونقاء القلب بين الإنسان وأخيه الإنسان، وأقاموا شقاقا داخل الأسرة الواحدة، وانتشرت الغربة بسبب هذا الشكل وأصبح الجسد المصرى عليلا دون الجوهر، نحن أصبحنا أمة غطاء الظاهر وخواء الداخل والمنظر.

مادة 8
الفصل بين الدين والدولة

العلمانية مذهب يقوم على فكرة الفصل بين الدين والدولة، ويعتبر أن الدين لا شأن له بالدولة، العلمانية لا يجب النظر إليها كمضاد للدين، وإنما ننظر إليها على أنها لا تريد استخدام الدين فى شؤون السياسة والمتاجرة بالدين، ومن ثم إبعاد الدين عن الرقابة والمساءلة وفى هذا السياق، العلمانية تتفق مع الإسلام، فيما يتعلق بمشاركة الشعب مع النظام السياسى، وهذا تؤكد عليه العلمانية وهو مقبول شرعا، وكذلك الرقابة على أعمال الدولة، فهذا مقبول فى الإسلام، أما إبعاد الدين عن الحياة العامة فهذا لا يقبله الإسلام، لأن الدين المعاملة وليس عبادة فقط، وفى تقسيمات الشريعة الإسلامية، هناك حق الله وحق العباد ويعنى حقوق الإنسان، وهذه النقطة يشوبها عدم التوافق بين العلمانية والإسلام وتنظر العلمانية للدين على أنه قيد، وهى تنطلق نحو الحرية المطلقة، فى حين أن الإسلام يضع لذلك ضوابط معينة ومن يختار عقيدة لا بد أن يختارها عن بينة وعن اقتناع، ولا يجوز له أن يتلاعب بها، أما العلمانية فلا تضع قيودا على ذلك.

مادة 9
تنقية التراث السلفى والقضاء على ما به من خرافات واجتراء على الدين

الحرية، والمساواة، والمعرفة، والعدل، والعلم هى أهم القيم التى أكد عليها القرآن الكريم عند نزوله منذ 14 قرنا، وهى نفس القيم التى قام عليها المجتمع الذى أسسه الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة، كما أنها قيم واضحة لا خلاف عليها، ولا يجوز الالتفاف حولها وتمييعها كما نرى فى الوقت الحالى، فنحن فى حاجة لها الآن أكثر من أى وقت مضى، لأن المجتمعات لا تنهض إلا بها وبانتهاء التراث السلفى الذى يعد عبئا على المجتمع المسلم بما فيه من خرافات ترقيع واجتراء على الدين.

مادة 10
الإعداد الجيد للدعاة وفتح الباب لغير الدارسين بالأزهر وفق شروط محددة

دعم مشروع شيخ الأزهر الذى أنشأ شعبة للدراسات الإسلامية لإعداد أئمة الأوقاف، تعتمد على ثلاثة مستويات وهى، أولا مرحلة التدريب التأهيلى والتى يلتحق بها الداعية بمجرد تخرجه من الأزهر، ثم مرحلة التدريب التخصصى التى يمكن الالتحاق بها من 3 إلى 7 سنوات تالية بعد تعيينه بوزارة الأوقاف، وأخيرا مرحلة التدريب التثقيفى والتى تعادل درجة الدكتوراه، حيث إن هذا التدريب يعتمد على إيصال المعلومة الصحيحة للمتلقى عن طريق الحوار، والتأثير فيه باستخدام جوانبه الإنسانية بما يشبه علم التنمية البشرية، أما بالنسبة لمن يرغب فى العمل بمجال الدعوة دون أن يكون دارسا بالأزهر، فيمكنه الالتحاق بمراكز الثقافة الإسلامية التى أنشأتها الأوقاف، بشرط الحصول على مؤهل عال وأن تكون لديه موهبة الخطابة، وفى جميع الأحوال، لا يمكن صنع داعية خلال فترة قصيرة، فالتأهيل للدعوة يتطلب وجود خلفية دينية، بالإضافة إلى رغبته فى تطوير وتثقيف نفسه بشكل مستمر.

مادة 11
صياغة الفضائل المشتركة بين الأديان السماوية وإثبات أساسها الواحد

إن جميع الأديان السماوية ترتكز على نفس الأسس، فهى تدعو إلى عبادة الله الواحد والتمسك بالقيم الحميدة، ونبذ الرذائل، ولا توجد بالإسلام أو المسيحية أو اليهودية نصوص تدعو إلى السرقة، أو الكذب، أو القتل، والدعوة إلى تلك الفضائل المشتركة بين الأديان، ستؤدى بالضرورة إلى تحقيق الاستقرار بين جميع فئات المجتمع، كذلك تحقيق مزيد من التفاهم بين أصحاب الأديان المختلفة، ومن ناحية أخرى فإن تجديد الخطاب الدينى بشكل عام، لا يعنى تجديد الدين الإسلامى، بل تجديد طرق الدعوة بما يتناسب مع روح العصر والمشاكل والأحداث التى تمر بها الأمة الإسلامية.

مادة 12
تصفية العادات الخاطئة وترشيد الاقتباس من العادات الغربية

المشكلة ليست فى نظرة الإسلام للمرأة بل فى المسلمين المعاصرين، فالإسلام كرم المرأة وحفظ لها جميع حقوقها الاجتماعية والنفسية والبدنية والمادية، إلا أن ما نراه حاليا من تهميش لدور المرأة، يرجع إلى تراكمات من العادات والتقاليد البالية مثل حرمانها من الميراث، وتفضيل الرجل عليها، وهى الأمور الخاطئة التى يرفضها الإسلام من جهة، ويتخذها الغرب كصورة مشوهة عنه من ناحية أخرى، ولا يمكن إغفال أن كل ثقافة لديها خصوصية فى التعامل مع المرأة وفقا لمرجعيتها الخاصة، فعلى سبيل المثال، تميل الثقافة الغربية إلى التمركز نحو الأنثى، بما يعنى استقلالها عن الأسرة والرجل، فى حين تميل الثقافة الإسلامية إلى الإعلاء من شأن الأسرة، إلا أننا بجميع الأحوال فى حاجة ماسة إلى عملية تصفية للعادات الخاطئة لمجتمعاتنا مع الأخذ من العادات الغربية بما يتفق مع ديننا.

مادة 13
صياغة العلاقة بين أتباع الديانات من خلال المدرسة والمسجد والكنيسة

صورة العلاقة التى حددها الإسلام مع أتباع الديانات الأخرى، تعد نموذجا للتسامح والود والعدل، فالإسلام لم يعرف العنصرية يوما ما، وهذا ما يظهر فى علاقة النبى مع يهود المدينة المنورة، كذلك هجرة المسلمين الأوائل إلى ملك الحبشة والتى كان يحكمها النجاشى، وهو ملك مسيحى، أما ما نراه فى وقتنا الحالى من تعصب وتشدد بين أتباع الديانات المختلفة، فيرجع للفهم الخاطئ للدين من جميع الأطراف، وذلك لأن جميع الأديان ترفض التعصب، وتدعو للتسامح، مما يؤكد ضرورة أن يعمل جميع الأطراف فى المجتمع، والممثلة فى المسجد والكنيسة والمدرسة والأسرة معا فى وقت واحد، لإنهاء حالة التعصب.

مادة 14
إعادة تقديم السيرة النبوية للغرب بصورة مختلفة

هناك فارق بين إعادة كتابة كتب السيرة النبوية وبين صياغتها، فإعادة الكتابة تعنى تغيير المضمون، وهو أمر مرفوض، أما إعادة صياغة السيرة النبوية بالشكل الذى يتفهمه المجتمع الغربى وبلغتهم، فهو الأمر الذى نطالب به، خاصة أن جميع الكتب الموجودة حاليا موجهة بشكل أساسى للمجتمعات العربية والإسلامية، مما يستدعى وجود كتب تجمع بين الأصالة والتجديد، لمخاطبة العقلية الغربية، بما يساعد فى إيصال الصورة الحقيقية عن الإسلام إليهم، وهو ما يتطلب أيضا دراسة متأنية لطبيعة تلك المجتمعات، ومعرفة كيف ينظرون للإسلام حتى يتم الرد عليهم وفقا لمعتقداتهم.

مادة 15
عدم تنفير الناس من النظم الاقتصادية بتحريم التعامل مع البنوك

حسب طبيعة البنوك، إذا كان القصد من وضع الوديعة الاستثمار المباح أو المضاربة او المشاركة أو المرابحة، ويعطيك العائد من خلال ذلك الربح، هذا جائز ليس فيه أى شبهة حرمانية، أما إذا وضعت الوديعة ويعلم مسبقا نسبة محددة على تلك الوديعة سواء ربحت أو خسرت، وفى نفس الوقت أيضا أن يقدم البنك قرضا لرجال الأعمال بفائدة ثابتة، وتلك الفائدة ليست لها علاقة بالمكسب أو الخسارة، فلا شك أنها حرام، لأن الأموال يجب أن تستثمر استثمارا بحسب الربح أو الخسارة، هناك بنوك تسير على الشرع الإسلامى، وهناك رقابة شرعية على تلك البنوك، تضبط وتحكم بحسب النظام الإسلامى وعلى الشخص أن يضع وديعته، ويعلم بأى نظام سيعامل.

مادة 16
الاعتراف بحق المرأة فى رئاسة الجمهورية وقيادة الأمة

ينبغى على الخبراء والأمراء والنبهاء ألا يعلنوا رأيهم، لأن الفقه أعلن رأيه حتى لا نؤثر على العامة، وأن يكون اختيار العامة اختيارا بغير تأثير، ورئاسة الجمهورية مردها إلى صناديق الانتخاب، واختيار الناس، فهل يصح أن نؤثر على الناس أن يختاروا أنثى أو ذكرا، أو أن يختاروا حزبا معينا دون الآخر، أم أن الديمقراطية تتحقق بالاختيار المطلق، وعلى كل مرشح أن يبرز محاسنه بما يقنع به الجمهور، وهو يختار من بين المرشحين من يرتضي، أما الجانب الفقهى فيتسع للاتجاهين، بمعنى وجود قول فقهى يمنع المرأة، وسندهم: لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة، واتجاه فقهى آخر صحيح يرى مشروعية تولية المرأة نظام الحكم، ويتزعمه كبار المفكرين والفقهاء المعاصرين، منهم الشيخ محمد الغزالى والدكتور يوسف القرضاوى، والدكتور سليم العوا وعدد كبير من الفقهاء، ودليلهم أقوى بأن الحديث المذكور كان لمناسبة خاصة فى بنت كسرى، وأن المرأة لها حق الولاية فى شؤون الحياة، وأن الشرع لم يمنع المرأة ولايتها على مالها وولايتها على غيرها فى الحضانة وولايتها على الغير فى الحسبة وأما الاختيار فيجب أن يكون اختيارا مطلقا صادقا من المواطنين دون تأثير فلا نختار المرأة لأنها امرأة، ولا نختار الرجل لأنه رجل، وإنما نختار المرشح لأنه الأصلح فى نظر من يرشحه.

مادة 17
محاربة دعاوى المذهبية لأن راية الإسلام واحدة

لا تحتاج تفصيلا وتأصيلا فقهيا، لأن الفقه واضح، والدعوة الإسلامية إذا كانت تدعو إلى ثقافة السلام بين البشر جميعا، فأولى أن تجلب هذا بين أبنائها، فكل المذاهب تستقى من القرآن والسنة النبوية الشريفة، والجميع مسلمون يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتحت هذه الراية يجتمع الجميع، إلا أن أصحاب المذاهب الذين تفصلهم بعض المذاهب الاقتصادية أو المصالح السياسية الذين يحاولون أن يرتقوا بمذهبهم على مذهب آخر، ويفضلون مذهبهم على مذهب آخر، ويملكون القوة الاقتصادية للدعوة إلى هذا المذهب، وينشرون وينفقون المال لجذب أكثر عدد ممن يؤمنون بهذا المذهب، فتلك هى الطامة الكبرى التى أتت على المسلمين جميعا، وابتلى الإسلام بها، وهى استغلال نعمة المال فى تفريق المسلمين بالدعوة إلى إحياء مذاهب، والمفاضلة بين مذهب ومذهب، وتلك هى المشكلة ولابد لأصحاب المال أن يخافوا الله، ويعلموا أنهم مسؤولون أمام الله عن هذه النعمة، وأنهم بهذا التفريق وهذا التأصيل الذى يفرق بين المسلمين سيحاسبون على هذا، فيبتعدون عن الدعوة إلى التعصب، لأن التعصب جهل ويضرب على يدهم بيد من حديد.
الدعوة إلى المذهبية فى غير صالح الإسلام

مادة 18
الدعوة إلى الله بالمعروف والحكمة لا بالترهيب والتفجير

ينظر المسلمون لغيرهم على أنهم ملحدون، وإذا كان المسلمون أقوياء، يعرضون عليهم الإسلام وإذا لم يكونوا أقوياء فيعرضون الإسلام بالسلوك والعمل بأوامر الإسلام، والابتعاد عن نواهيه لكى يكونوا قدوة لغيرهم «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا»، فهؤلاء الملحدون، عن طريق الدعوة العملية، أستطيع أن أكسبهم مكسبا عظيما فيجب أن تكون نظرة الإسلام إلى الملحدين دعوة إلى الإسلام بالطريقة العملية أي بالحكمة لا بالتهرب والتفجير.

مادة 19
تطوير التعليم الأزهرى وحماية المساجد من الدخلاء

الحركات الإسلامية شاركت العقود الأخيرة فى البعد عن الوسطية والاعتدال الذى كانت تتميز به المدرسة الفقهية المصرية، مما ترك المجال للخطاب الوهابى فى الانتشار، مما أدى إلى ترك الطبقات الدنيا من الشعب نهبا للتيار السلفى، لهذا مطلوب أن تدعم الدولة وفى مقدمتها الأزهر الدعاة والرموز الوسطيين أمثال د.يوسف القرضاوى والمستشار طارق البشرى ود.محمد سليم العوا، وإشراكهم فى التعبير عن رؤيتهم ومشاركتهم خاصة أن لهم تأثيرا وجمهورا كبيرا.
فالأصل فى المدرسة الفقهية المصرية فى قراءة الإسلام أنها تميزت لقرون بالوسطية والاعتدال من خلال الأزهر وخطابه، لكن تجاهل الدولة لمطالب تطوير ودعم الأزهر خاصة التعليم فى معاهده وجامعته، أدى لتآكل الخطاب المعتدل بداية من السبعينيات، لذا أول أولويات المرحلة المقبلة دعم الجامع الأزهر وجامعته والتعليم فيه، وتوفير كل الإمكانيات لتدريب شيوخه من حيث اللغات والفقه والعلوم الشرعية والاجتهاد المتوافق مع الواقع. المؤسسات الإعلامية خاصة الرسمية مطالبة هى الأخرى بإفساح المجال للدعاة الوسطيين لمواجهة أصحاب المدرسة الوهابية التى بدأت تتغلغل فى المساجد والفضائيات، وكذا فى بعض كليات الأزهر.

مادة 20
الاعتراف بحق المسيحى فى المناصب الهامة ورئاسة الجمهورية

وضع الإسلام أول نموذج للمواطنة، والذى ظهر فى ميثاق المدينة الذى وضعه النبى صلى الله عليه وسلم عند إنشاء مجتمع المدينة المنورة، حيث يعد هذا الميثاق هو أول دستور فى التاريخ قام بكفالة جميع حقوق المواطنين بالمدينة بغض النظر عن دينهم، بل إن الإسلام يسمى لغير المسلم بتولى المناصب الهامة فى الدولة كالحكم والقضاء، على العكس مما أكدته الاجتهادات القديمة بعدم جواز ذلك، لأن تولى تلك المناصب فى الوقت الحالى قائم على قواعد مؤسسية وقوانين لا على مدى المعرفة الدينية، مما جعل الاجتهادات الدينية الحديثة تؤكد جواز تولى غير المسلم تلك المناصب.

مادة 21
فصل الخطاب الدينى عن السلطة وإعادة ربطه بحاجات المجتمع وتغيراته

الأصل فى الدعوة الإسلامية هو التركيز على الجانب الدعوى والتربوى وضبط السلوكيات، لكن الأحداث العامة التى يمر بها المجتمع، مثل الفقر والبطالة والتغيير والمشاركة فى الانتخابات، تدفع الداعية إلى تضمينها فى دعوته حتى لا يكون فى «واد والناس فى واد آخر»، لكن ذلك يجب أن يتم وفقا لشروط محددة مثل ألا يكون خطابا تبريريا للسلطة، فكلما التحق الخطاب بالسلطة فقد قدرته على الإقناع وإحداث التغيير المطلوب بالمجتمع، كذلك أن يعد الداعية إعدادا جيدا بحيث يتمتع بدرجة كبيرة من الفهم والتأهيل العلمى لمناقشة مثل هذه القضايا، كذلك الاستجابة لحاجات المجتمع كما تفرضها ظروف العصر الحالى، وأفضل مثال على هذا النوع من الدعاة هما الشيخ محمد الغزالى والشيخ محمد كشك رحمهما الله.

مادة 22
ربط الدعوة بالتكنولوجيا الحديثة والفضائيات وسوق الكاسيت الإسلامى

نستطيع أن نقول إنه حتى الآن لم نستفد فى مجال الدعوة بالتقنية الحديثة، أولا: الفضائيات خرجت بخطاب دينى لا يصلح لمواكبة الواقع ولا لمعاصرة هموم الأمة ولا لإيجاد الحلول الحضارية للتحديات التى تواجهها الأمة فى وقتها الحالى، لدرجة أن الخطاب الدينى الذى قدمته كل الفضائيات بكل أسف خطاب متخلف لا يمت للواقع بصلة بالتمسك بالنصوص التى لها ظرف تاريخى من الواجب أن تتجاوزه بتقنية حديثة ومعاصرة، وهذا ما سعينا لأجله جاهدين فى قناة «أزهرى» فنحاول تقديم الوجبة التراثية على مائدة المعاصرة والحداثة ولا تتوقف عند الحدث التاريخى فى مهمة سردية لا يكتسب منها الواقع أى فائدة.
ثانيا: الإنترنت ما زال الكمبيوتر بالنسبة للمسلم المعاصر أداة ترفيه وتسلية وثرثرة وإضاعة للوقت وليس أداة لتقديم المعلومات ومحاولة الإفادة منها، وللأسف لا يمثل النت عند المسلم المعاصر سوى ساحة للتراشق اللفظى والدينى والمذهبى والعرقى، وليس وسيلة للتواصل والتعارف مع الآخر، وليس أدل على ذلك من غرف الشات التى تمتلئ بالصراخ والعويل والسباب، وقد تمكنا ببراعة من الاختلاف فى كل شىء اختلفنا فى الدين وفى الجنس وفى الرياضة والسياسية والاقتصاد والشعر، كل شىء يحمل سمات العصبية ويدل على ضيق الأفق، مما أكد أن الإنترنت الذى كان فتحا للعالم كان وبالا علينا.
ثالثا: وسائل الاتصال والتواصل مثل الهواتف النقالة والتى كانت وسيلة فعالة للتواصل بين الأفراد والشعوب بقدرة قادر حولناها نحن العرب إلى وسيلة لسرعة نقل الشائعة أسرع من البرق مما جعل السيطرة عليها من ضروب المحال وقد حاولت الإفادة من تطور الخدمات الهاتفية بدلا من أخبار الكرة والطبيخ وآخر نكتة، فحاولت أن أجعلها أداة فعالة للتواصل مع العلماء عبر الهاتف الإسلامى ومكثت عشر سنوات إلى الآن لتقديم وجبة دعوية متكاملة من الفتاوى والتفسير القرآنى والتواصل مع العلماء حتى إن دار الإفتاء قامت بتقليدنا فيه بكل فخر واعتزاز.
رابعا: ما زالت سوق الكاسيت والسى دى فى مصر محصورة أو قاصرة على أصحاب التيار السلفى دونه مع غياب ملحوظ لعلماء الأزهر عن هذه السوق التى أجهز عليها آخرون حتى القرآن الكريم لم يسلم من هذه المنافسة غير المحسوبة فلم نعد نسمع الحصرى والمنشاوى وعبدالباسط والبنا إنما نسمع الشريم والحذيفى والعبادى ولهم جميعا كل الاحترام والتقدير.
خامسا: هل يستطيع أحد فى مجال الأغنية الدينية أن يدعى أن هناك أغنية لمطرب معاصر حملت معايير التقدم يتغنى بها الشباب بدلا من استيراد مطربين من الخارج للقيام بهذا الدور رغم النقابات الموسيقية والفنية والأدبية المتوافرة عندنا للأسف.

شارك فى إعداد هذه الوثيقة من شيوخ ومفكرى مصر
الشيخ خالد الجندى
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
فهمى هويدى
الكاتب والمفكر الإسلامى
الشيخ صفوت حجازى
داعية إسلامى
د. نصر فريد واصل
مفتى الديار الأسبق
محمود عاشور
وكيل الأزهر السابق
جمال البنا
مفكر إسلامى
محمد هداية
داعية اسلامى
مصطفى حسنى
داعية اسلامى
د. ملكة زرار
أستاذ – جامعة الأزهر
مبروك عطية
داعية إسلامى
د. آمنة نصير
أستاذ – جامعة الأزهر
محمد الشحات الجندى
داعية إسلامى
د.سالم عبدالجليل
وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة
د.فوزى الزفزاف
عضو مجمع البحوث الإسلامية
د.محمد داود
أستاذ الدراسات اللغوية والإسلامية
عبد الفتاح علام
عضو مجمع البحوث الإسلامية
د. سعد الدين الهلالى
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
على عبدالباقى
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
د. محمود مهنى
عضو مجمع البحوث الإسلامية
ثروت الخرباوى
قيادى سابق بالإخوان المسلمين
أبوالعلا ماضى
وكيل مؤسسى حزب الوسط
كمال حبيب
القيادى السابق بتنظيم الجهاد
ناجح إبراهيم
قيادى- بالجماعة الإسلامية

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=344880

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=343151

 

تتكون من 22 مادة وشارك فى وضعها عدد كبير من المفكرين ورجال الدين المصريين