هدم الكنائس واضطهاد المسيحيين أمر قانوني مُلزم حسب المادة الثانية بالدستور

د. سيد القمنى

حتى لا تتحول الثورة المصرية إلى كابوس مرعب يُديره الإسلاميون، لا يصح تجاوز الأحداث التي كانت ومازالت تحدث ضد المسيحيين المصريين، مع وجوب الامتناع عن صرف النظر عن الحقائق الماثلة على الأرض في ثقافة المصريين الوهابية، إلى الأيادي الخفية، بغرض عدم المُعالجة السليمة وعدم الرغبة في هذه المٌعالجة، بإحالتها إلى الأيدي الخفية، ومادامت خفية فمن الصعب تحديدها لإيقاف عملها، ويظل الوضع كما هو عليه، وتظل الألغام مدفونة لتنفجر في وجوهنا كل يوم.

في الأحداث الأخيرة بقرية إطفيح مركز صول بشرقي النيل، حدثت حالة حب بين شاب مسيحي وشابة مسلمة، وهو شأن طبيعي فالحب لا يعرف الأديان والعناصر، فهو حالة وجدانية خاصة بين طرفين بالتراضي بينهما، لكنه في بلادنا يكون كارثة كونية تقوم بسببها الحروب وتُحرَق البلاد، فليس لدى المسلم مانعا من ركوب مسلم لمسيحية بحسبانها سبية، ولأن الإسلام هو الدين الأعلى، يعلو ولا يُعلى عليه، فهو يركب ولا يُركب، وهي ثقافة الفاتح الغازي الذي يستولي على بلاد بكاملها بما عليها، ويحول أهلها إما أتباعا له يعتنقون عقيدته ولا يرتقوا بذلك لمستواه إنما يظلوا موالي، أي درجة من العبودية بين الأحرار وبين العبودية الكاملة، وإما عبيدا بالمعنى الكامل في حال بقائهم على دينهم وثقافتهم المحلية الوطنية، وتكون أموالهم وأعراضهم عُرضة طوال الوقت للاغتصاب بالحكم الشرعي.

ولعل شر أنواع الاستعمار شرا هو الاحتلال الاستيطاني الذي يُوَطن الغزاة سادة ويجعل المواطنين الأُصلاء عبيدا ويمحو ثقافة هذا الوطن بالتمام ويقضي على لغَته الوعاء الثقافي الحامل لتاريخه، ويستبدله بثقافة المستعمر لتُصبح ثقافة للوطن، ليُصبح الاستعمار ليس فقط للأرض أو الناس إنما يصل إلى الروح، وما أبشع الاستعمار الروحي للشعوب بين كل أنواع الاستعمار.

و في أحداث إطفيح جلس العقلاء من قسوس وكبار القرية لحل المشكلة، وانتهت بتطبيق قانون الإذلال للأقلية، بنفي الشاب وأسرته من القرية وإعلان بيع بيتهم لمن يُريد، لكن المتشددين من أهل القرية رأوا أن ذلك أمر لم يرد بالشريعة الإسلامية، فقاموا بقتل وتصفية عناصر الجريمة بما فيهم أب الفتاة الذي وافق على هذا الاتفاق الغير شرعي، وقاموا بتطبيق الشرع بهدم الكنيسة ومطاردة ستة آلاف أسرة مسيحية ونهب بيوتهم وإخراجهم من القرية بعد الاعتداء الوحشي عليهم.

ورغم ما يعلمه المصريون عن أن هذا الشق من الوطن شرقي النيل يتعيش معظمه على تجارة المُخدرات تهريبا وتوزيعا، فمن الغريب أن يقوم هؤلاء بتطبيق الشريعة الإسلامية على المسيحيين من مواطنيهم، ربما لأن المخدرات لا يوجد بشأنها تجريم في الشريعة كتحريم الخمر والخنزير، وهي بذلك ليست مطعنا في صدق الإيمان، وللحق فإن هدم الكنيسة حسب الشريعة هو أمر سليم مئة بالمئة حسب الوثيقة العُمَرية الشهيرة، بهدم ما يُستحدَث من كنائس وعدم تجديد القديم منها حتى يتهاوى ويزول مع الأيام، لكن أهل إطفيح المسلمين الخلصاء رأوا أن يُقدموا للشريعة فضلا زائدا بعمل لم تُقِره الشريعة وهو إخلاء القرية من المسيحيين، لأن هذا الأمر خاص فقط بجزيرة العرب ولا يسري على الأقطار المفتوحة، وبذلك أصبح تُجار المُخدرات يُشرعون للإسلام المزيد من الفضائل، كالذين شرعوا النقاب كفضل زائد زايدوا به على الحجاب.

 

إن الإصرار على استدامة المادة الثانية بالدستور التي تُفرق بين المواطنين على أساس الدين، وترفع شان طائفة من مواطنيها على شأن طائفة أخرى، وتدعم دينا من أديان مواطنيها ضد بقية الأديان، ولا تترك كل دين في الوطن يظهر بقوته الذاتية في منافسة متكافئة، هي مادة ضد كل معاني الحريات، وتغتال أساس معنى الحريات الديمقراطية التي لا تقوم إلا على المساواة المطلقة بين المواطنين، حتى أن عقيدة خاصة لمواطن واحدة تستحق من الوطن كله الدفاع عنها وعنه. إن الإصرار على بقاء هذه المادة هو هدم لكل مطالب الثورة بالحريات، وهدم لأساس أي دستور، وتكريس لعدم المساواة بين المواطنين الذي تنتفي معه فكرة المواطنة والانتماء الوطني وتُغيب لصالح ثقافة الغازي المستوطن والعبد الوطني، وفق القاعدة الأموية الخليفة ردا على الوالي الذي ذهب من مصر إلى دمشق يرجو تخفيف الجباية بعد أن نهكت الرعية وأفلست، أن هؤلاء ليسوا رعية و"إن هم إلا عبيدا لنا نزيد عليهم كيفما شئنا".

(……)

برقية

على المعترضين على تعديل الدستور بغرض وضع دستور جديد ألا يدعوا لمقاطعة التصويت بل أن يصروا على الحشد والذهاب للتصويت بالرفض، لان المقاطعة للاستفتاء ستصب في مصلحة التعديل الذي يُراد به الالتفاف على أهداف الثورة، أو ان يعملوا على جمع كل القوى المعارضة للتعديل معاً لإسقاط تعديل الدستور ووضع دستور جديد يقوم على الشرعية الثورية.

 

الحـــــــــــوار المتمدن

المصدر : منتديات الحق والضلال

 

ملحوظة:

     لقراءة المقال كاملا، اضغط هنا:

http://christian-dogma.com/vb/showthread.php?t=80381

 

     يتّحمّل كاتب هذا المقال المسئولية الكاملة عن كل الأفكار والآراء التي يعبر عنها ونحن ننشره احتراما منا للرأي والرأي الآخر ولحرية كل شخص في أن يعبر عن أفكاره بحرية وشجاعة، وهذا من أهم مكتسبات الثورة.

(……)