نور حدث الــقــيــامــة

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

 

في مناسبة الاحتفال بالميلاد نتبادل التحية " ولد المسيح هللويا" وفي مناسبة الاحتفال بالقيامة نتبادل التهنئة والتحية " المسيح قام حقاً قام، ونحن شهود على ذلك"

بين التحيتين الميلادية والقيامية نجد ذواتنا مغمورين في فرح التهليل والشهادة على أن كلمة الله "صار بشراً" وقد صلب وقبر ثم قام ".

 

في حدث الميلاد :

ابتهج الرعاة ببشارة الملاك "أبشركم بفرحٍ عظيم يعم الشعب – وسبحت الملائكة وتغنت بنشيد المجد والسلام "المجد لله في العُلىّ وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة" وقد أشرق النور على الشعب الجالس في الظلمة وتحققت بشرى الخلاص.

في حدث الصليب:

اهتزت الأرض وتزلزلت الجبال وانشق حجاب الهيكل الى نصفين وخيم الظلام والخوف والفزع والفراغ والموت والهزيمة والانكسار ومع ذلك تحول هذا الحدث إلى مصدر النور والحكمة والتحول من خشبة عار الى علامة حب وانتصار وافتخار ونلنا قوة الله.

في حدث القيامة:

أشرق النور البهي وانهزم الموت وانكسرت شوكته "أين شوكتك يا موت وأين غلبتك يا هاوية" حيث تجلى الرب يسوع بنوره الكامل الذي لا ظلام فيه البتة فهو من قال عن نفسه انا نور العالم ودعانا لأن نكون نحن نور العالم وملح الأرض. أُعلن حدثً القيامة بشكلٍ واضحٍ أنّ يسوع هو نور الحق وربّ الحياة . من القبر انبثقت الحياة وصار قبراً فارغاً. لقد ملأ المسيح الكون .

حقق السلام والمصالحة بين الله والبشر وصار السلام على الارض كعلامة المجد في السماء والفرح بين جميع البشر.

 وصار حدث القيامة حقيقة ايمان مشترك لكل من يؤمن بضرورة الحب والسلام كرئتين يتنفّس بهما الانسان.

القيامة والعلامة الليتورجيّة:

من العلامات الليتورجيّة في احتفالنا هذا، اننا نحمل في ايدينا ايقونة القيامة وشموع مضاءة ونطوف في الكنيسة بين جموع المصلين نؤكد لهم نور قيامة المسيح الحي الحاضر القائم في وسطهم.

فهو قد قام:

1-نوراً ودعانا  أن نسير في النور ما دام لنا النور.

2- حُباً واعطانا أن نحب بعضنا بعضًا وجعل كل شيء جديداً.

3- حياةً  منتصراً على الموت واعطى أن تكون لنا حياة أفضل

4- حقاً فاصلاً بين الحق والباطل" تعرفون الحق والحق يحرركم"

5- سلامًا تركه لنا طمأنينةً وشجاعة."سلامي اعطيكم ، سلامي أترك لكم".

تدعونا حقيقة القيامة الى أن:

1- نحمل النور لمن هم غارقين في ظلامٍ دامس

2- نحمل المعرفة لمن ما زالوا في حياة الجهل

3- نحمل نعمة مغفرة المسيح لمن استُعبدوا للخطيئة.

4- نحمل الحب والمودة وننبذ الكراهية والعنف والقتل.

5- نحمل سراج المسيح عالياً حتى يضيء على جميع الناس.

 

في هذه المناسبة نقول لكل من يحملون  سلاح الارهاب والقتل ويظنون أنهم بذلك يقدمون ذبيحة لله أنتم حقيقةً تعيشون في ظلامٍ دامس ومصيركم الهلاك الابدي في الجحيم المتقد بالنار والكبريت. إعلموا أن باب المغفرة والرحمة ما زال مفتوحاً لتسيروا في طريق النور والنعمة وترفضوا الظلمة والخطيئة. ليضء لكم المسيح دربكم . إهتفوا هتاف الفرح الذي يدخل الرجاء والأمل في عيش حياة أفضل وأوفر ملؤها البهجة والسرور، الأمن والاستقرار، المحبة والسلام، الغنى الكامل والبركة الإلهية التي تملأ بيتكم وتغمر أولادكم وأرزاقكم. نعم قام المسيح ـ حقاً قام! ونحن شهود على ذلك.

 قيامة المسيح حقيقة واقعة نعلنها لكل شخص ما زال يحمل صليبه الذي ينزف دماً حتى الموت ويعاني من الفقر والعوز والاحتياح تحت وطأة الظروف المعيشية الصعبة. صليب الضيق والألم والمشقة والاحتمال. هنا نقول إنّ للصليب وجهين: وجه يعبّر عن الفرح أي كل ما له علاقة بقوة قيامة المسيح، وآخر يعبّر عن الألم أي كل ما يواجهه الانسان من ضيقات ومشقات .. وعلى المؤمن الحقيقي أن يعيش الوجهين ويختبرهما فى حياته… فالصليب بدون قيامة عار وفضيحة والقيامة فخر الصليب ومجده. كان الموت على الصليب لعنة وقصاصًا ولكنه تحوّل، بالقيامة، إلى عربونِ الحياة الأبدية ونصرة على الموت وغلبة وخلاصًا وصعودًا من الهاوية.

صلاة ودعاء:

 فيا أيها المسيح "انت هو سلام العلويين ومجد الارضيين، انت هو الحب الصافي والفرح الحقيقي. هبنا نقاوتك لتملأ قلوبنا فنطهر من كل غش ومكرُ وفعل خبيث ونقبل بعضنا بعضاً قبلة السلام." في هذا اليوم تفرح السماء والارض جميعاً "وتفرح الكنيسة وتبتهج وندخل وليمة العرس الالهي عرس السماء عرس الفرح في الايمان بك والشهادة لك بالرغم من الشدائد والمحن والاضطهادات. نسرّ بفرح داخلي يولد في القلب والضمير المستنير بكلمة الله، بالرجاء الذي يسند قلوبنا ليحررنا من الخوف والارهاب والزوابع والعواصف التي تعصف بنا فأنت، يا يسوع، وحدك قادر على تهدئتها، أنت تطرد من داخلنا القلق والكآبة والتوتر وتزرع الهدوء والاستقرار والامان.

نصلّي من اجل أن يحفظ لنا الله حياة القائمين على رعيتنا الروحية ولا سيما قداسة البابا والآباء البطاركة والاساقفة و المسؤولين الكنسيين كافة والقائمين على رعاية شؤون الوطن ومن يحمل امانة المسؤولية ونطلب من الرب أن يهبهم النور ليكونوا هم بدورهم قبسًا من نوره يضيء على الجميع بالحقّ والخير والسلام والحب. حفظ لنا  الله لبنان ومصر وجعل منهما أرضاً للحب والسلام والتعايش.

وأنتم أيها الشباب الكادحين في سبيل تحقيق مستقبل زاهٍ وعيش كريم، نوصيكم بحق المسيح القائم من بين الاموات أن تحافظوا على حياتكم وعملكم وتكونوا نموذجاً في الامانة والاخلاص ولا تنسوا دائماً أن هناك رب يسدد لكم احتياجاتكم ويمنحكم ما تسألونه فلا تخافوا من أن تأتوا اليه وترفعوا له قلوبكم وهو قادر أن يملأكم بالرضى والغنى والكرامة. المسيح قام حقاً قام ونحن شهود على ذلك