انتصبوا وارفعوا رؤوسكم

 (لوقا 28:21)

الاخت سامية صموئيل

من راهبات القلب المقدس

 

       قام المسيح من بين الاموات، ولم يكن للموت سلطان عليه، وهو يدعونا اليوم أن نـــقوم معه، يعاتــبنا لمــاذا نــحــن منحنــيين أمام المشــاكل والــــظروف المعاكسة، أنه يدعونا الــيوم أن نــرفع رؤوسنا وننـــتصب رغــم كل شــــئ.  ففي هذه الظروف العصيبة  التي تمر بها بلادنا في هذه الايام وعــدم وضوح الرؤية، لا نعلم كيف سيكون المســتقبل حيث نفاجأ كل يوم بجديد، مما يجعلنا مضطربين وقلقين، لنسمع صوت المسيح القائم " ما بالكم مضطربين  يا قليلي الايمان ، ثقوا أنا قد غلبت العالم، وها أنا معكم كل الايام وإلي إنقضاء الدهر".

      وفي هذه الأيام، التي ينبغي أن نرفع حياتنا وانظارنا إلي رب القيامة، ترانا نعيش منحنين في كثير من الأحيان…انحناء أمام متاعب الحياة ومتطلباتها الكثيرة… انحناء تحت أحمال الظروف الصعبة والقاهرة… انحناء بسبب الخوف والقلق والاضطراب، لأننا نسمع كل يوم ما يحزن القلب ويحبط العزيمة …  ، فما عشناه بعد هذه الثورة التي كانت تعطي الامل في مستقبل أفضل يجعلنا نتساءل ما الصح وما الخطأ، هل كانت الثورة حقا من اجل حرية وسعادة الانسان المصري أم انها مؤامرة نجهل أبعادها ومعالمها، لا نعلم حتي الان الي اين نحن ذاهبون … من أحداث العمرانية الي كنيسة القديسين بالاسكندرية .. الي أطفيح والمقطم وأخيرا الي قنا وابو قرقاص ، ولا نعلم اين الاحداث القادمة ستكون ، أنحنا أمام التهديدات السلفية لأديرتنا وكنائسنا … أنحنا أمام عجزنا عن حماية بناتنا التي تخطف و ممتلكاتنا التي تنهب وتهدم  ….  الخ . انحناء لأن الظلم، والجور، والحسد، والبغضة تخيم على حياة الأفراد والجماعات.

انحناء لأن الأزمنة أصبحت صعبة جداً، وكما وصف الكتاب هذه الأزمنة هكذا نرى ونلاحظ الأنانية، ومحبة الذات، وعبادة المال والمادة.. جنون وراء الشهوات الشريرة..  كبرياء وانتفاخ…انحناء لأن تيار العالم يجرف الكثيرين والكثيرات وراء مغرياته وأباطيله.…. انحناء لأن محبة الله ومحبة الأمور الروحية لم تعد تحتل مركزها اللائق على عروش القلوب. لكن هل سيدوم هذا الانحناء؟…

إن كان العالم يثقلنا بالضيقات، فحتى متى؟ إن كان الرعب يسيطر مع الخوف والاضطراب، فإلى أي وقت؟ وكما يصف الرسول بولس مظهر حياة الإيمان وليس حقيقتها… " إن كنا نظهر كفقراء، وكأن لا شيء لنا، كحزانى وكمجهولين، وإن كنا نظهر كمائتين وكمؤدبين… فحتى متى يا ترى سنبقى على هذه الحالة؟؟.

ولكن هذه الهجمات من الاضطرابات والأحزان والمخاوف، عوضاً عن أن تزيد الهم هماً، والحزن حزناً، والانزعاج انزعاجاً، فإنها، مجتمعة، تفيض بكلمات القوة والتشجيع والتعزية: ”ومتى ابتدأت هذه تكون، فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب“.

ارفعوا رؤوسكم إلى السماوات… التي منها ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح. انتصبوا من الانحناء، حتى لا تتأثروا بالظروف، مؤاتية كانت، أم غير مؤاتية. لننتصب ونرفع رؤوسنا ولنعش بنعمة الرب فوق كل مؤثرات الانحناء ومسبباته. وبفضل هذا الرجاء، وتمسكنا بوعد الرب الأكيد أنه معنا كل الايام وإلي انقضاء الدهر، نتغلّب على كل ما يعيق سلامنا وفرحنا بالمسيح القائم في حياتنا. ولنعاتب نفوسنا مستعينين بكلام النبي داود قائلين:

”لماذا أنت منحنية يا نفسي، ولماذا تئنين فيّ،

ترجّي الله، لأني بعد أحمده، خلاص وجهي وإلهي“.