القداس القبطي حسب أباء الكنيسة (3)

للاب هاني باخوم

سكرتير غبطة بطريرك الأقباط الكاثوليك

روما، الخميس 19 مايو 2011 (ZENIT.org).- في المرة السابقة ذكرنا شهادة اقليمنضوس الأسكندري عن الافخارستيا في مصر بين سنة (193 – 200). من بعده، توجد بعض الشهادات الاخرى التي تتكلم عن الافخارستيا في مصر بين سنة (200 – 250). نذكر على سبيل المثال اوريجانوس الذي يتكلم عن الافخارستيا فيقول:

هناك أيام محددة للاحتفال ولإقامة الليتورجيا: يوم الرب (الأحد)، ويوم السبت كأستعداد ويوم الفصح ويوم العنصرة. في هذه الأيام يقول أوريجانوس: علينا ان نجتهد بقدر استطاعتنا أن نشترك على الدوام في مائدة الرب (أوريجانوس، في الدفاع ضد شيلسوس، 24. 648). فنبدأ بليتورجيا الموعوظين، وفيها الموعوظون مدعوون لسماع كلمة الرب. ويتم فيها عصب جراحاتهم وشفاء انفسهم من الشرور المتولدة بسبب الخطيئة، وكل هذا بواسطة الادوية المستخلصة من "كلمة الرب". في هذه الليتورجيا تكون هناك قراءات من العهدين وبعدها عظة على موضوع القراءات.

بعد العظة هناك العديد من الصلوات التي يتقدم بها الاشخاص الى الله كي يشفي نفوسهم من الامراض المختلفة (أي الخطايا). وبعدها يخرج الموعوظون ويبقى المؤمنون لإكمال الافخارستيا.

تبدأ صلوات المؤمنين من أجل الخيرات الكبرى (العطايا الالهية)، عارفين ان العطايا الاخرى ستعطى لهم. ثم الصلاة من اجل الراقدين، فيقول أوريجانوس: "الصلاة على الأموات تُحطّم قوة الشيطان وتوقف كل خططه التي يدبرها ضد البشر". ثم من اجل الرؤساء، فيقول: "بهذا نحن نقدم اكبر معونة للرؤساء، معونة الهية".

اذا كان احد في حالة الخطيئة فهنا وقت الاعتراف وأخذ الحل، فيؤكد أوريجانوس: "الله الكلمة، اُُرسل الى العالم بالحقيقة طبيباً للخطأة، ومعلماً للأسرار السماوية للذين يتطهرون ولا يعودون يخطئون ولكي تصبح توبة الخاطىء كاملة يتحتّم الاعتراف الى كاهن الله".

وهكذا بعد المصالحة مع الله ومع الكنيسة نبدأ باعطاء قبلة السلام بيننا. ومن بعدها تُقدم القرابين، ويتم التسبيح.

تبدأ صلاة التقديس بجعل كلمات المسيح حية وفعالة، وبعدها صلاة الاستدعاء فتتحول القرابين الى جسد ودم ربنا يسوع المسيح.

ثم بعد ذلك تتم القسمة والتناول، أي توزيع الجسد والدم. ويشدد اوريجانوس على الانتباه الشديد الا يقع أي جزء من القرابين على الارض عندما يأخذه المؤمن على يديه. وبعد ذلك يتناول المؤمن الدم المقدس، فيقول: نأكل الخبز المقدم لنا، الخبز الذي صار بواسطة الصلاة جسداً مقدساً، الذي يُقدس من يتناول منه بإخلاص، ونشرب دم المسيح.

وفي النهاية يختم بالصلاة، صلاة تمجيد وتسبيح، فيقول: "اعطنا يا الله، يا ضابط الكل نصيباً وميراثاً مع انبيائك، مع رسل مسيحك وتفضَّل بقبولنا عند أقدام ابنك الحبيب". وهنا تظهر صورة مريم التي اختارت النصيب الافضل بالجلوس عند قدمي الرب لتسمع كلمته، في حين مارثا كانت منشغلة في امور كثيرة. وكأن الصلاة الختامية تقول: ساعدنا يا رب عندما نخرج من هنا، بعد الافخارستيا، ان لا ننشغل بالعالم واهتمامته، بل ان نستمر في الاستماع لابنك الحبيب في حياتنا.

هكذا يصف أوريجانوس الأفخارستيا في مصر بين سنة (200 – 250). من بعده يذكر ايضا ديونيسيوس الكبير، بابا الأسكندرية بعض الشهادات عن الأفخارستيا (250 – 265).