كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

نير المسيح

"قوة الحقيقة… هي التي تضمن مستقبلاً جديراً بالإنسان"

الفاتيكان، الاثنين 04 يوليو 2011 (Zenit.org) 

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي مع المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

في إنجيل اليوم، يكرر لنا الرب يسوع هذه الكلمات التي نعرفها جيداً، وإنما التي تؤثر فينا على الدوام: "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والرازحين تحت الأحمال الثقيلة، وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم، وتتلمذوا على يديّ، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا الراحة لنفوسكم. فإن نيري هين، وحملي خفيف!" (مت 11: 28، 30). عندما كان يسوع يجوب في شوارع الجليل معلناً ملكوت الله وشافياً العديد من المرضى، أشفق على الجموع "إذ كانوا معذبين ومشردين كغنم لا راعي لها" (مت 9: 35، 36).

نظرة يسوع هذه يبدو أنها تطول حتى اليوم، حتى عالمنا. إلى اليوم، تُلقى على عدد وافر من المضايَقين بفعل ظروف حياتية صعبة، وإنما أيضاً المحرومين من مرجعيات مناسبة لإيجاد معنى وهدف لوجودهم. كثيرون من الضعفاء يتواجدون في البلدان الأكثر فقراً في ظل معاناة من الفقر؛ وحتى في أغنى البلدان، هناك العديد من الرجال والنساء غير الراضين، المعانين في الحقيقة من الاكتئاب. ونفكر أيضاً باللاجئين والمهجرين الكثيرين، وبجميع الذين يهاجرون معرضين حياتهم للخطر. إن نظرة المسيح تُلقى على جميع هؤلاء، بالأحرى على كل واحد من أبناء الآب الذي في السماوات ويكرر: "تعالوا إلي، أنتم جميعاً…".

يعد يسوع بإعطاء "الراحة" لكنه يضع شرطاً: "احملوا نيري عليكم، وتتلمذوا على يديّ، لأني وديع ومتواضع القلب". ما هو هذا "النير" الذي يريح بدل أن يُتعِب، ويرفع بدل أن يسحق؟ إن "نير" المسيح هو شريعة المحبة، إنه وصيته التي تركها لتلاميذه (يوحنا 13، 34؛ 15، 12). الدواء الفعلي لجراح البشرية – سواء كانت مادية كالجوع والظلم، أم نفسية ومعنوية ناتجة عن شعور خاطئ بالرفاهية – هو قاعدة حياة قائمة على المحبة الأخوية النابعة من محبة الله.

لذلك، من الضروري التخلي عن درب الكبرياء والعنف المستخدمة للحصول على مراكز سلطة أكبر، لضمان النجاح بأي ثمن. كذلك، من باب احترام البيئة، لا بد من العدول عن أسلوب الحياة العدائي الذي أصبح مهيمناً خلال القرون الأخيرة واعتماد "وداعة" حكيمة. وإنما بخاصة في العلاقات البشرية، القائمة بين الأشخاص، والاجتماعية، قاعدة الاحترام واللاعنف أي قوة الحقيقة في وجه أي إساءة، هي التي تضمن مستقبلاً جديراً بالإنسان.

أيها الأحباء، لقد احتفلنا يوم أمس بالذكرى الليتورجية الخاصة لمريم الكلية القداسة مسبحين الله على قلبها الطاهر. فلتساعدنا العذراء لكي"نتعلم" من تواضع يسوع الحقيقي، ونحمل نيره بعزم، ونختبر السلام الروحي ونصبح قادرين بدورنا على تعزية إخوتنا وأخواتنا الذين يستمرون في التقدم بمشقة على درب الحياة. 

***

نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2011