التجمع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين العرب

 

رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري

وكالة الأنباء الأردنية – بترا

أعلن سياسيون ورجال دين ومثقفون وإعلاميون اليوم في عمان عن إشهار التجمع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين العرب من الدول العربية.

 

وقال رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري إن تصاعد حدة هجرة المسيحيين العرب خاصة خلال العقود الخمسة الأخيرة يشكل قضية حساسة تصل إلى ما يشبه المؤامرة، مضيفاً بأن النسيج الاجتماعي العربي القائم على التعددية الايجابية في مجال الفكر والعقيدة يتعرض منذ زمن لحملة ممنهجة تستهدف اجتثاث روح التعايش والتسامح التي قامت عليها علاقة العربي باخيه العربي منذ فجر الإسلام.

 

وأضاف بان المعتقد الديني لم يكن في أي يوم من الأيام سبباً لنزاع بين العربي وأخيه العربي وان حرية الأديان ظلت حقاً مصوناً للجميع وهذا الواقع لم يرق لأعداء الأمة المتربصين بها والمحتلين لأرضها.

 

وأشار المصري إلى أن ارتفاع منسوب هجرة المسيحيين العرب مرتبط بعوامل عديدة من أبرزها الممارسات السيئة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وفي القدس بالذات لكي تصبح المدينة المقدسة مدينة لا يسكنها إلا اليهود وذلك في إطار منهجية التهجير والتهويد، إلى جانب ممارسات أخرى غير عربية أو إسلامية سعت ولا تزال إلى تشويه العلاقة الوجدانية الراسخة القائمة في العديد من البلدان العربية بين المسيحيين وإخوانهم المسلمين.

 

ودعا المصري المؤسسات الرسمية والأهلية العربية والهيئات المدنية إلى التصدي لهذه المؤامرة والعمل على منع الاحتكاك بينهم في بعض البلدان العربية والتوعية من مخاطر تزايد هجرة المسيحيين العرب والعمل على معالجة أسبابها.

 

وقال العين فايز الطراونة بان المسيحيين العرب هم جزء من الشعوب العربية يعيشون إلى جانب إخوانهم المسلمين منذ فجر التاريخ وان الدساتير والقوانين الوطنية والدولية لا تجيز التمييز بين الناس على أساس الدين والعرق. وأشار إلى محاولات إسرائيل الهادفة إلى تفريغ الأرض العربية من الفلسطينيين وخاصة المسيحيين منهم لإقناع العالم بان الصراع في المنطقة هو بين اليهودية والإسلام، مؤكداً حقيقة أنهم ساهموا في تأسيس حركات الاستقلال العربية ويمتلكون حسا قوميا عربيا.

 

من ناحيته قال مدير مركز التعايش الديني الأب نبيل حداد نطلق معاً مبادرة أردنية عروبية إسلامية مسيحية للحفاظ على مكون أساسي من مكونات هذه الأمة، مشيراً إلى أنها مبادرة انتماء للدين والوطن. وأضاف بأن ما يؤكد قيمة المبادرة وأهميتها أنها انطلقت من عاصمة الدولة الأردنية المجسدة للهاشمية مبدأ ورسالة ومن دولة عربية عصرية اتخذت خطاً واضحاً نبيلاً حكيماً يجمع بين الفكر السياسي والنظام القيمي الحضاري المتجاوز للدولة الدينية التقليدية دون تجاوز القيم الدينية الواضحة وغير الملتبسة.

 

وقال أستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة الأردنية الدكتور وائل عربيات أن العرب المسيحيون أسهموا في بناء حضارتهم العربية الإسلامية بشكل فاعل ودافعوا عن بيت المقدس مع صلاح الدين الأيوبي ليسجلوا شرف البطولة وعراقة الأصل ونبل الرسالة وصدق المواطنة. وأضاف بأننا نعيش اليوم معاً كما كنا دائماً نتقاسم لقمة العيش وندافع عن قضايانا بحرية وبسالة، داعياً الجميع للوقوف ضد الهجمات الشرسة التي لا تفرق بين المسلمين والمسيحيين في الشرق والمساهمة في المحافظة على الوطن والأمة، مشيراً إلى أن التعددية والانفتاح تحمي الهوية وتجعل الجميع يستبسل دفاعاً عن الوطن والقيادة.

 

وأكد مدير الإعلام في البطريركية اللاتينية الأب رفعت بدر بأن الرسالة الختامية للسينودس في الشرق الأوسط اهتمت بهجرة المسيحيين في كل الدول العربية ودعتهم ليكونوا شركاء مع إخوانهم المسلمين في بناء أوطانهم ومجتمعاتهم، كما حثت المهاجرين على إبقاء التواصل مع إخوانهم في البلدان العربية لدعم الوجود المسيحي في الأرض العربية المقدسة.

 

بدورها قالت الباحثة هند أبو الشعر بان إشهار هذا التجمع يبعث على التفاؤل وذلك لوقف تزايدها وتحولها إلى حالة مقلقة كونها أصبحت حالياً هجرة عربية شاملة وخطيرة في مصر والعراق للمسيحيين العرب وكذلك اتساع هجرة العرب المسلمين على المذهب المالكي في المغرب. وأضافت بأنه لا يمكن دراسة الظاهرة بعيداً عن الإطار السياسي للدول الطاردة أو المستقبلة لهم وهي ليست واحدة في كل المراحل التاريخية أو في البلدان العربية ويجب عدم التعميم بخصوص ذلك. وأكدت أبو الشعر على خصوصية حالة القدس وضرورة تحفيز المال العربي لتأمين المقادسة العرب من مسلمين ومسيحيين وتثبيتهم في أراضيهم وبيوتهم كون الأوضاع الاقتصادية دافع أساسي في تزايد حالة الهجرة، إضافة إلى الضغوطات الصهيونية الخبيثة التي تمحو هوية المكان العربي مدعومة برأسمال وخطط توطين.

 

وقال الناطق الإعلامي للتجمع الدكتور تيسير عماري أن نسبة المسيحيين العرب في فلسطين أصبحت 1 بالمئة بعد أن كانت 25 بالمئة قبل حرب 1967 وثلث الواحد بالمئة مهيئون الآن للهجرة مما يعني بأن الأماكن المسيحية في فلسطين وبيت لحم ستصبح متاحف بلا مؤمنين. كما تطرق إلى هجرة أكثر من مليون ونصف مسيحي عراقي وظهور القضية القبطية في مصر مما دفع الدول الكبرى وإسرائيل بالتحدث عنها، إضافة إلى ما يجري في بعض الدول العربية مثل لبنان، مشيراً إلى التجربة الأردنية التي أصبحت نموذجاً فريداً بالتعايش السلمي بين مكونات الشعب الأردني بغض النظر عن العرق والدين والطائفة بفضل القيادة الهاشمية.

 

وقال المحامي فيصل البطاينة بان التهجير القسري للمسيحيين والسنة في العراق يهدف إلى تقطيع أوصاله خدمة لإسرائيل التي بدأت تدعي بان الأقليات في المجتمع العربي في خطر نظراً لوجودها في محيط إسلامي متشدد لا يقبل التعددية الدينية، داعياً إلى المحافظة على مسيحيي الشرق للتأكيد على أنهم وإخوانهم المسلمين يشكلون النسيج الأساسي لمواطني هذه المنطقة.