تأمل في الرجاء . . .

 

قال البابا يوحنا بولس الثاني: "نحن أبناء الرجاء ، نحن دهشة الله !" وما هو الرجاء ؟

يجيب دانتي الشهير قائلاً : "هو انتظار واثق". لم يكن إبراهيم يعلم قصد الله من طلبه إليه ذبح ابنه الوحيد ، لم يكن يفهم كيف سيحصل على الذرية الوافرة التي وعده بها ، في حالة موت لأسحق ، ومع ذلك فقد انتظر واثقاً .

          عندما تتلو المزامير مصلياً، ألم تشعر أنك تحولت إلى إنسان ينتظر، واثقاً؟ "الرب نوري وخلاصي، فممن أخاف؟

          كم يخطأ الذين لا يرجون! لأنه مهما كان الشر كبيراً فيهم، فهو محدود، ورحمة الله اللامحدودة تقدر أن تستره، فهو أبونا يحن علينا ويسرع نحونا ويلقي بنفسها على عنقنا ويقبلنا بحنانه، كما فعل مع الأبن الضال . .  فمهما كان ماضينا عاصفاً ، لا يبغى أن يوقفنا ، فالعواطف التي كانت في الماضي شراً، إذا أدت إلى الإصلاح والتغيير ، وقد تصبح ذات قيمة إذا قدمناها لله.

          ويوجد أيضاً نوع آخر من الأنتظار وهو " الأنتظار الواثق للمجد العتيد " كما يقول دانتي . هذا الأنتظار هو ثقة مقترنة بالمستقبل ، أى البعيد الغامض . . وهو حال انتظار كل الذين يعيشون في الرجاء ، وقد وصف يوحنا الحبيب هذا الأنتظار قائلاً : " منذ الآن نحن أبناء الله ، لكن ما سنكون عليه ليس ظاهراً بعد " .

وقال أيضاً دانتي  : " إنه نور وحب وسعادة " ، إن عقلنا سيرى هناك (في السماء) بكل وضوح ما أستشفه بصعوبة هنا : الله ، حب الخير الحقيقي ، الخير المطلق . . لأن الخيرات التي نحبها هنا هى حب نسبي ، فتات خير. . أما هناك فسعادة تفوق كل عذوبة " ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر . . " .

          فليكن انتظارنا اليومي واثقاُ ، حتى نكون " أبناء الرجاء ، دهشة الله ! " .

الأب/ يوسف المصري