تحية البابا الى الشباب في كواترو فيينتوس

 

لم يلقها بسبب المطر

كواترو فينتوس، الأحد 21 أغسطس 2011 (Zenit.org)

 ننش في ما يلي تحية البابا للشباب بلغات مختلفة و التي لم يستطع أن يلقها بسبب العاصفة غير المتوقعة في كواتروا فينتوس في مدريد.

تحيّة بالفرنسية

أيّها الشباب الأعزّاء الناطقين بالفرنسية، كونوا فخورين لتقبلكم نعمة الإيمان، فهي التي ستنيرُ حياتكم في كلّ لحظة. اتّكلوا على إيمان أحبّائكم وعلى إيمان الكنيسة! فمن خلال الإيمان نُبنى في المسيح. وعمّقوه سويةً مع الآخرين وداوموا على الافخارستيا، سرّ الإيمان الأول. فالمسيحُ وحده قادرٌ على الاستجابة لطموحاتكم التي تحملونها في دواخلكم. اسمحوا لله أن يقودكم كي يعطي حضورُكم للكنيسة زخمًا جديدًا!

تحيّة بالانكليزية

أيّها الشباب الأعزّاء، في لحظات الصمت هذه أمام القربان المقدس، فلنرفعْ عقولنا وقلوبنا إلى يسوع المسيح، ربّ حياتنا والمستقبل. فليرسل روحه لنا وللكنيسة جمعاء لنكون منارةً للحريّة والمصالحة والسلام للعالم كلّه.

تحيّة بالألمانية

أيّها الشباب المسيحي الناطق باللغة الألمانية! في عمق قلوبنا نرغبُ بما هو عظيم وجميل في الحياة. لا تجعلوا رغباتكم وأشواقكم تسقطُ في الفراغ، بل ثبّتوها في يسوع المسيح. فهو الأساسُ الذي يسندُ، ونقطةُ مرجعٍ أمينة لحياةٍ مليئة.

تحيّة بالإيطالية

أتوجّه الآن إلى الشباب الناطقين باللغة الإيطالية. أيّها الأصدقاء الأعزّاء، هذه السهرة ستبقى كخبرةٍ لا تُنسى في حياتكم. حافظوا على الشعلة التي أوقدها الله في قلوبكم هذه الليلة مضاءة، وأجتهدوا بألاّ تُطفأ، بل زوّدوها كلّ يوم وتقاسموها مع أقرانكم الذين يعيشون في الظلمة ويبحثون عن نورٍ لمسيرتهم. شكرًا!

تحيّة بالبرتغالية

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، أدعو كلّ واحدٍ منكم لإقامة حوار شخصي مع المسيح، أعرضوا عليه شكوككم وقبل كلّ شيء اصغوا إليه. الربّ هنا وهو يدعوكم! أيّها الشباب الأصدقاء، يجدرُ بالفعل سماع كلمة يسوع في قلوبكم واتّباع خطاه. اسألوا الربّ أن يساعدكم على اكتشاف دعوتكم في الحياة والكنيسة، وأن تكونوا مثابرين في هذه الدعوة بفرحٍ وأمانة عارفين بأنّه لن يترككم ولن يخونكم أبدًا، فهو معنا حتّى انتهاء العالم.

تحيّة بالبولندية

أيّها الشباب الأصدقاء الآتين من بولندا! سهرة الصلاة هذه تخللها حضورُ المسيح. واثقين بحبّه، اقتربوا منه بشعلة إيمانكم، فهو سيملأكم بحياته. ابنوا حياتكم على المسيح وعلى إنجيله. أبارككم من كلّ القلب

  يلقها بسبب المطر

كواترو فينتوس، الأحد 21 أغسطس 2011 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي نص كلمة البابا التي لم يستطع أن يلقها مساء أمس بسبب العاصفة غير المتوقعة، خلال الأمسية مع الشباب في كواتروا فينتوس في مدريد.

أيّها الشباب الأعزّاء،

أحييكم جميعًا وعلى الخصوص الشباب الذين طرحوا عليّ أسألتهم، وأشكرهم على الصدق الذي عبّروا به عن همومهم التي تمثّلُ نوعًا ما توقَ جميعكم لتحقيق شيء عظيم في الحياة، شيء يمنحكم الملء والسعادة.

ولكن، كيف يمكنُ للشاب أن يكون أمينًا للإيمان المسيحي ويبقى يتطلّع إلى المُثل العليا في المجتمع الحالي؟ في الإنجيل الذي سمعناه، يعطينا يسوعُ جوابًا لهذه المسألة المهمة: "كما أحبّني الآب، هكذا أنا أحببتكم، اثبتوا في محبتي" (يوحنّا 15، 9).

نعم، أيّها الأصدقاء الأعزّاء، إنّ اللهَ يحبّنا. هذه هي حقيقةُ حياتنا الكبرى والتي تعطي معنىً لكلّ الباقي. لسنا ثمرة الصدفة أو اللامنطق، بل يوجدُ في أساس كياننا مشروعُ حبّ الله. فالبقاء أمينين لحبّه يعني عندها العيشَ متأصلين في الإيمان، لأنّ الإيمان ليس مجرّد القبول ببعض الحقائق المجرّدة، بل هو علاقة حميمية مع المسيح الذي يدفعنا لنفتح قلوبنا لسرّ الحبّ هذا، وللعيش كأشخاصٍ يشعرون بأنّهم محبوبون من الله.

إذا بقيتم أمينين لمحبّة المسيح، ثابتين في الإيمان، ستجدون حتّى في وسط التناقضات والآلام مصدرَ الفرح والسعادة. إنّ الإيمان لا يتضاددُ مع مُثلكم العُليا، بالعكس، فهو يرفعها ويقودها إلى الكمال. أيّها الشباب الأعزّاء، لا تتوافقوا مع ما هو أقلّ من الحقيقة والحبّ، ولا تتوافقوا مع أحدٍ غير المسيح.

اليوم بالتحديد، حيث تسودُ ثقافة النسبية التي ترفضُ البحث عن الحقيقة وتحتقرُه مع أنه أسمى ما تطمحُ إليه روحُ الإنسان، علينا أن نعيش بشجاعةٍ وتواضع القيم الشاملة للمسيح، مخلّص جميع البشر ومصدر رجاء حياتنا. فهو الذي أخذ على عاتقه آلامنا، يعرفُ جيدًا سرّ الألم البشري ويكشفُ عن حضوره المليء بالحبّ من خلال جميع من يعانون. وهؤلاء بدورهم، متّحدين بآلام المسيح، يشاركون عن كثب في عمله الخلاصي. كما أنّ اهتمامنا النزيه بالمرضى والمحتاجين سيكونُ دومًا شهادةً متواضعة وصامتة لوجه الله الرحوم.

أيّها الأصدقاء، أملُ ألاّ تشلّكم أيّة محنة! لا تخافوا من العالم ولا من المستقبل ولا من ضعفكم. فالربّ وهبَكم عيشَ هذه اللحظة من التأريخ، لكي ينتشرَ بإيمانكم صدى اسمه في كلّ أنحاء الأرض.

في أمسية الصلاة هذه، أدعوكم لتطلبوا من الله أن يساعدكم على اكتشاف دعوتكم في المجتمع والكنيسة، وأن تكونوا مثابرين في عيشها بسعادةٍ وأمانة. فجديرٌ بالاستحقاق قبولُ دعوة المسيح في قلوبنا واتّباعُ المسيرة التي يعرضها علينا بشجاعة وسخاء!

يدعو الربّ كثيرين للزواج، حيث يصيرُ الرجلُ والمرأة جسدًا واحدًا (راجع تكوين 2، 24)، فيحققون ذواتهم في حياةٍ عميقة من الشِركة. إنّه أفقٌ مشرق وطلاّب في الوقت ذاته، مشروعُ حبٍّ حقيقي يتجددُ ويتعمّق كلّ يوم من خلال تقاسم الأفراح والصعوبات، ويتّسم بكونه تضحية بكامل الشخص البشري. لهذا فالإقرارُ بجمال وخير الزواج يعني الوعي بأنّ جوّ الأمانة وعدم الانحلال، وكذلك الانفتاح على نعمة الحياة الإلهية، وحده فقط يستطيعُ التوافق مع عظمة وكرامة الحبّ الزواجي.

من جانبٍ آخر، يدعو المسيحُ آخرين لاتّباعه أكثر عن قرب من خلال الكهنوت والحياة المكرّسة. كم هو جميلٌ معرفة أنّ يسوع يبحثُ عنك، ينظرُ إليك، وبصوته الذي لا شكّ فيه يقولُ لك أيضًا: "اتبعني!" (راجع مرقس 2، 14).

أيّها الشباب الأعزّاء، من أجل اكتشاف واتّباع صيغة الحياة التي يدعو الربُّ كلّ واحدٍ منّا إليها ومن أجل عيشها وبأمانة، من المحتّم البقاء أمينين لحبّه كأصدقاء. وكيف يمكنُ الحفاظ على الصداقة إن لم يكن من خلال التواصل المستمر والحوار والبقاء متّحدين بواسطة تقاسم الآمال والمشاكل؟ كانت القدّيسة تريزا يسوع تقولُ إنّ الصلاة "حوارُ صداقة، البقاءُ في كثيرٍ من الأحيان في اتّصالٍ شخصي مع ذلك الذي نعرفُ بأنّه يحبّنا" (راجع كتاب حياة، 8).

أدعوكم إذًا أن تحافظوا على عبادتكم للمسيح الحاضر حقًا في الافخارستيا، وأن تتحاوروا معه وتطرحوا عليه أسئلتكم وتصغوا إليه. أيّها الأصدقاء الأعزّاء، أصلّي من أجلكم من كلّ القلب، وأطلبُ منكم أن تصلّوا أنتم أيضًا من أجلي. فلنطلبْ من الربّ في هذه الليلة، ونحنُ منجذبون بجمال حبّه، أن نعيش دومًا أمينين على مثال تلاميذه. آمين!