قــاعــدة حبــة الــخــردل

 

 

للأخت سامية صموئيل

من راهبات القلب المقدس

     أتخذ الله عبر التاريخ  قاعدة معينة، هي قاعدة حبة الخردل. وقد أعلن يسوع ذلك قائلاَ:

« يشبه ملكوت السموات حبة خردل،

أخذها إنسان وزرعها في حقله.

وهي أصغر جميع البذور ولكن متي نمت فهي أكبر البقول.

وتصير شجرة حتي أن طيور السماء تأتي وتتأوي في اغصانها ». ( مت13: 31 – 33).

       وفي كل الظروف يبحث الله حتي يجد إنسانا مستعداَ للعمل فيزرع داخله حبة خردل صغيرة من الإيمان والرجاء الالهي والحق والعدل والقداسة، يزرعها في قلب إنسان ليبدأ ثورة روحية داخلية تنمو في قلبه إلي أن تصير حركة روحية  تغير الناس من حوله والكنائس والمجتمعات والبلدان .

       أن حبة الخردل يزرعها الله في قلب إنسان ، رجلا أو امراة ، يبدأ الله بإنسان واحد.  فقد بدأ الله بآدم ثم أستخدم إنسانا واحدا وهو نوح، وبعدها ابراهيم ، ثم دعا موسي في الصحراء، ودعا إنسان واحدا من بلاد موآب هي راعوث. وأختار إنسان واحدا هي دبورة، امرأة من بين مئات الآلاف  من نساء بني إسرائيل. كما مضي الملاك  جبرائيل إلي إنسان واحد هي مريم العذراء. والكتاب المقدس ملئ بتلك الأمثلة، ، بطرس ، يوحنا ، بولس … الخ ، دائما إنسان واحد سواء رجل أو امرأة.

      وبأستخدام ذلك الانسان الواحد يحرك الله العمل الذي يغيرالمجتمعات، والذي يقدم الحياة والرجاء الي الآخرين. ويمكن أن نضيف إلي هذه القائمة آلاف الأسماء الشهيرة عبر ألفي سنة، إلي جانب ملايين المسيحيين الذين لم يصلوا إلي شهرة عظيمة ولم يقدموا أعمالا خارقة بمقاييس البشر . هؤلاء الذين مضوا ضد التيار وأختاروا أن يعيشوا في الحق والعدل والقداسة والكمال أمام الله وسط البشر.

       فدائما ما يزرع الله حبة خردل وسط الناس والفوضي والخراب، ودائما ما تنمو هذه الحبة لتصير شجرة أكبر من كل بقية الأشجار. رجل واحد يمكن أن يصنع فرقا . إن حبة الخردل المزروعة في قلب بولس الرسول قد نمت إلي شجرة كبيرة أظلت الكثيرين تحتها، ووجدوا في ظلالها الخلاص و الايمان والسلام  والحب الالهي .

والسؤال الآن عزيزي القارئ هو:

        هل يمكنك اليوم أن تكون حبة الخردل التي يمكن لله أن يستخدمها في إكمال رسالته الالهية التي بدأها ابنه يسوع المسيح ؟

        هل تريد أن تقدم جزء من وقتك وجهدك لخدمة اخوتك في البشرية ؟ بدءأ بالمنزل، ثم الكنيسة والمجتمع، بل والعالم ؟

لقد حان الوقت أن يكون لك دورا ايجابيا في بناء العالم من حولك، فالحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون يقول الرب .

        هل تريد أن تكون احد الذين يقول عنهم الرب : « هوذا فتاي الذي أخترته، حبيبي الذي سرت به نفسي ، جعلت روحي عليه، فيخبر الامم بالحق ». ( أش 42:1).

 

عزيزي القارئ يقول الكتاب « إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم » ، أنهض الآن وأبحث عن رسالتك في المحيط الذي أنت فيه،  وليكن لك دورا فعالا وإيجابيا لأعطاء الحياة ونشر الخبر السار للآخرين بأعمالك الحسنة ومثالك الطيب ، اعطي لحياتك معني . أنت مدعو أن تكون :

        نور العالم ، فيحبون ذاك الذي قال أنا هو نور الهالم.

        ملح الأرض ، فيشتاقون إلي من يحفظ حياتهم من الفساد.

        بركة للعالم ، فيسعون نحو مانح العطايا والبركات مرنمين:

       نباركك ، نشكرك ، نحمدك يارب.