كلمة البابا قبيل تلاوة التبشير الملائكي

الشفاءات هي استباق لانتصار المسيح على الشر بموته وقيامته

الفاتيكان، الاثنين 6 فبراير2012 (ZENIT.org).

 ننشر في ما يلي الكلمة التي تلاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان نهار الأحد 5 فبراير 2012.  

* * *
إخوتي وأخواتي الأعزّاء،

يتحدث إنجيل هذا الأحد عن يسوع وهو يشفي المرضى. بدأت أولى الشفاءات مع حماة سمعان بطرس التي كانت ملقاة على فراش المرض تتآكلها الحمى، فأمسك يسوع بيدها وأنهضها.
بعدها شفى يسوع جميع مرضى كفرناحوم، سقماء الجسد والعقل والروح. "فشفى كثيراً من المرضى المصابين بمختلف العلل، وطرد كثيراً من الشياطين" (مر 1، 34).
ويُجمع الإنجيليون الأربعة على أنّ الشفاء من الأمراض والعلل المختلفة، يشكّل إلى جانب البشارة، النشاط الأساسي ليسوع في حياته العامة. في الواقع، تشير الأمراض إلى عمل الشر في العالم وفي الإنسان، بينما تدل الشفاءات على اقتراب ملكوت الله. وقد أتى يسوع المسيح إلى العالم ليقتلع الشر من جذوره، وما الشفاءات إلا استباق لهذا الانتصار الذي تحقّق لاحقاً بموت المسيح وقيامته.

قال يسوع يوماً: "ليس الأصحاء بمحتاجين إلى طبيب، بل المرضى" (مر 2، 17). وقد قصد بذلك الخطاة الذين جاء ليدعوهم ويخلصهم. فالمرض حالة إنسانية بحتة نختبر من خلالها كم إننا بحاجة إلى الآخرين. وبهذا المعنى نستطيع القول إن المرض قد يشكل وقتاً مفيداً نختبر بفضله اهتمام الآخرين بنا، ونولي في خلاله اهتماماً للآخرين.
مع ذلك، يبقى المرض محنة قد تصعُب وتطول. فحين لا يتم الشفاء وتستمر المعاناة، نبقى منكسرين ومحطمين ومنعزلين، فيبدأ وجودنا بالتبدد، ويتجرد من الإنسانية. فكيف نتصرف في مواجهة الشر؟  

بفضل العلاجات الملائمة، حقّق الطب خلال العقود الأخيرة خطوات جبارة، ولكنّ كلمة الله تعلمنا أنّ ثمة موقف حاسم وجوهري نتّخذه في مواجهة المرض، وهو الإيمان بالله، بصلاحه. ويكرّر يسوع ذلك على الدوام للأشخاص الذين يشفيهم "إيمانك خلصك" (راجع مر 5، 34-35). وحتى أمام الموت، يستطيع الإيمان أن يجعل ممكناً ما هو غير ممكن إنسانياً. ولكن أيّ إيمان؟ إنّه الإيمان بمحبة الله.هذا هو الجواب الحقيقي الذي يقتلع الشر من جذوره.

وكما واجه يسوع الشرير بقوة المحبة المعطاة له من الآب، نستطيع نحن أيضاً أن نواجه محنة المرض ونتغلّب عليها إذا ما جعلنا قلبنا على الدوام مغموراً بمحبة الله.
نعرف جميعنا أشخاصاً تحملوا آلاماً فظيعة لأنّ الله أعطاهم هدوءاً عميقاً. أفكّر بمثل الطوباوية كيارا بادانو التي أُصيبت وهي في مُقتبل العمر بمرض عضال: جميع الذين عادوها نالوا منها نوراً وثقة! مع ذلك، نحتاج جميعاً خلال المرض إلى الشعور بحرارة الاهتمام الإنساني. فإلى جانب المواساة الكلامية، يحتاج المريض إلى القرب الصادق ليتغلّب على مرضه.

أصدقائي الأعزاء،
يُصادف يوم السبت المقبل 11 فبراير عيد العذراء مريم سيدة لورد ويوم المريض العالمي. لنقُم نحن أيضاً بما قام به الناس أيام المسيح: فلنقدّم للرب روحياً جميع المرضى، بملء الثقة والإيمان بأنّه يملك الإرادة والقدرة على شفائهم. ولنطلب شفاعة أمنا العذراء مريم وخصوصاً في حالات التخلي والآلام الشديدة. يا شفاء المرضى، تضرّعي لأجلنا.

* * *
نقلته من الفرنسية إلى العربية كريستل روحانا – وكالة زينيت العالمية
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية