الشفاء الالهي في المسيح يسوع

شفاء نازفة الدم

لوقا (8/40- 55)

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

 

ولَمَّا رَجَعَ يسوع، رَحَّبَ بِه الجَمعُ لأَنَّهُم كانوا كُلُّهُم يَنتَظِرونَه. 41 وإذا بِرَجُلٍ اسمُه يائيرس، وهو رَئيسُ المَجمَع، قَد جاءَ فَارتَمَى على قَدَمَيْ يَسوع، وسأَلَهُ أَن يَأتيَ بَيته42 لأَنَّ لَه ابنةً وحيدةً في نَحوِ الثَّانِيَةَ عَشرَةَ مِن عُمرِها، قد أَشرَفَت على المَوت. وبَينَما هُوَ ذاهِب، كانَتِ الجُموعُ تَزحَمُه حتَّى تكادُ أَن تَخنُقَه. 43 وكانَت هُناكَ امرأَةٌ مَنزوفَةٌ مُنذُ اثنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَة، وكانَت قد أَنفَقَت جَميعَ ما عِندَها على الأَطِبَّاء، فلَم يَستَطِعْ أَحَدٌ مِنهُم أَن يَشفِيَها. 44 فدَنَت مِن خَلْفُ ولَمَست هُدْبَ رِدائِه، فوقَفَ نَزْفُ دَمِها مِن وَقتِه. 45 فقالَ يسوع: "مَن لَمَسَني ؟" فلمَّا أَنكَروا كُلُّهم، قالَ بُطرُس: "يا مُعَلِّم، الجُموعُ تَزحَمُكَ وتُضايِقُكَ !"46 فقالَ يسوع: "قد لَمَسَني أَحَدُهم، لأَنِّي شَعَرتُ بِقُوَّةٍ خَرَجَت مِنَّي". 47 فلمَّا رَأَتِ المَرأَةُ أَنَّ أَمرَها لم يَخْفَ علَيه، جاءت زاجِفَةً فارتَمَت على قَدَمَيه، وذَكَرَت أَمامَ الشَّعبِ كُلِّه لِماذا لَمَسَتهُ وكيفَ بَرِئَت مِن وَقتِها. 48 فقالَ لها: "يا ابنَتي، إِيمانُكِ خلَّصَكِ، فاذهَبي بِسَلام".49 وبَينَما هو يَتَكلَّم، جاءَ أَحَدٌ مِن عِندِ رَئيسِ المَجمَعِ فقال: "ماتَتِ ابْنَتُكَ، فلا تُزعِجِ المُعَلِّمِ" 50 فسَمِعَ يسوعُ فأَجابَه: "لا تَخَفْ، آمِنْ تَخلُصِ ابنَتُكَ". 51 ولَمَّا وَصَلَ إِلى البَيت، لم يَدَعْ أحَداً يَدخُلُ معَه إِلاَّ بُطرُسَ ويوحنَّا ويَعقوبَ وأَبا الصَّبِيَّةِ وأُمَّها. 52 وكانَ جَميعُ النَّاسِ يَبكونَ ويَنوحونَ علَيها. فقالَ: "لا تَبْكوا، لم تَمُتْ، إِنَّما هي نائمة". 53 فضَحِكوا مِنه، لِعِلْمِهِم بِأَنَّها ماتَت. 54 أَمَّا هو، فَأَخَذَ بِيَدِها، وصاحَ بِها: "يا صَبِيَّة، قومي! " 55 فرُدَّتِ الرُّوحُ إِلَيها وقامَت مِن وَقتِها. فأَمَر بِأَن تُطعَم. 56 فدَهِشَ أَبَواها، فأَوصاهُما أَلاَّ يُخبِرا أَحَداً بِما جَرَى.

إن العلاقة مع المسيح هي حركة دائمة نحو المرغوب به و تبدأ في هذه الحياة وتستمر للحياة الابدية وهي علاقة لا حدود لها و لازمان انما علاقة مفتوحة ومحرره وتشمل جوانب الأنسان كافةً ولا سيما كل ما يحتاجه الانسان من شفاءات.

إن كل ما نراه في الحياة اليومية المعاشة ما هو إلا مجرد أداة مساعدة لنبني علاقة مع المسيح، لأنه لا حياة لنا خارج المسيح الحاضر دائماً والذي يمنحنا المعني الحقيقي لسبب وجودنا في هذا العالم كمسيحيين أبناء حقيقين لنا. خطأنا هو إننا في كثير من الاحيان نقوم ببناء علاقات وتأسيس مشاريع ووضع خطط وأهداف وغايات وتحقيق نجاحات وكل ما نتصوره من امور هذا العالم وفي معظم هذه الخطوات يبقى هدفنا وغايتنا الحقيقة غائبة عن مقصدنا والنتيجة السقوط في الفشل وفقدان الذات والهوية إنما يجب علينا أن نعرف هذه الحقيقة إن غايتنا وهدفنا في حياتنا قبل مشاريعنا هو وجود المسيح الذي يكلل كل هدف وكل مشروع وحتى كل علاقة تبنى مع الاخرين بالنجاح والتوفيق.

صحيح نعيش في العالم نأكل ونشرب ،نعمل ونجاهد ،نحزن ونفرح، نمرض ونصح ولكن كمسحيين لنا ميزة خاصة في كل هذه الامور وهى وجود المسيح وحضوره معنا دائماً لأننا منذ البدء نلنا مسحة منه بالروح القدس الذي أُفيض في قلوبنا عندما قلبنا نعمة التبني له في المعمودية وأمتداداً الى عيش الاسرار ال احد الشبان الكاهن "كيف وأنا كمسيحي متزوج أعيش في العالم"؟ فأجابه: "إفعل كل شيء كما يرضي المسيح". فإن كان عملنا وحياتنا لا يرضيان المسيح فهما بلا معنى تقول الليتورجيا البيزانطية "لنستودع كل حياتنا للمسيح الإله".

الخطيئة هي عندما نجزىء حياتنا بين المسيح والعالم، بين أن نكون للمسيح أو للعالم، نحن نفصِّل ونقسِّم المسيح في حياتنا في الخطيئة والعبادة الوثنية بمعنى أن يحيا الإنسان من نفسه لنفسه أي بحياة لا مسيح فيها .وهكذا نبقى مرضى في عالمٍ مريض مليئ بالخطيئة يقول داود النبي بأن الخطيئة هي ثقل عندما قال: "لقد ثقلت آثامي فوق رأسي كحمل ثقيل". أما عندما نقول مع بولس الرسول " لست أنا أحيا بل المسيح يحيا فيَّ" يُطرح عنا كل مرض، وخوف وقلق وانزعاج لأن المسيح هو طبيب شافي لكل الامراض ومخلص حقيقي لكل العاهات والعادات الرديئة وفادي لنفوسنا ومحيها "تعالوا إلي يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم". يقول القديس يوحنا الذهبي الفم" إن نهاية الطب هو العافية" لا راحة بدون الله. الله هو راحتنا. كل القلق في حياة الإنسان يعود الى أن الله غير موجود في حياته.

احبائي الهدف والغاية الحقيقية في حياتنا هي أن نكون فعلاً استمرار لحياة المسيح فينا ورسالته رسالة شفاء ومن هنا تصبح الكنيسة وتصير العائلة بمثابة هي المستشفى العاملة على تغيير الإنسان من إنسان مزيف الى الإنسان الحقيقي، يقول احد الاشخاص: "بأن الله صار إنسانا ليس فقط ليصير الإنسان إلهاً بل ليصير الإنسان إنساناً حقيقياً". لا إنسانية بدون المسيح. ليس سوى الموت والجحيم أي إنسانية مريضة ممزقة تحتاج الى من يشفيها في العمق. من العبودية والخطيئة والموت شفاء الانسان الحقيقي يتم بحريته التي دُعيّ إليها " لا أسميكم عبيداً بل احرار" وخارج هذه الدعوة لا معنى لحياتنا. إنما الارادة الحرة والسعي الحر للإنسان نحو الشفاء يجعله يتحقق يقول القديس أفرام السرياني: "إن الإرادة هي الطريق الى الكمال المسيحي.

لا يجوز أن نشفى داخل الكنيسة ونمرض في العالم. إنما يجب أن نتحول من مرضى في الكنيسة الى أطباء في العالم. المسيح هو نور العالم وكلامه روح وحياة والعالم يحتاج للمسيح وبدونه يموت .

أكبر مرض في العالم اليوم هو أننا لا نحب أن نتوب أي أن نشفى. التوبة هي الدواء في المسيحية. ولهذا يقول القديس سلوان الآثوسي: "ليس الشر هو إرتكابنا الخطيئة بل إصرارنا على إرتكاب الخطيئة". نحن لا نريد أن نتوب، نحن نريد أن نبقى مرضى. والأعجوبة هي أن نشفى من مرض الخطيئة.

العالم كله يحب الأعجوبة ويريد أن يرى أعاجيباً لكن المسيحية تقول ان لا أعجوبة إلا أعجوبة واحدة وهي الشفاء في المسيح. هذه هي الأعجوبة لأنها غير منظورة، لهذا لا تجذب العالم لكنها واقع. فهل من فالأعجوبة الحقيقة هي التى حولت مريم المصرية واغسطينوس وموسى الأسود من مرضى بحب الزنى والافعال الشريرة الى اشخاص غيروا بنعمة المسيح حياتهم وصاروا معلمين في الكنيسة وقدوة للمؤمنين فالأعجوبة في المسيحية هي كيف نتغير أو كيف نتوب، وكيف نصير نحن أعجوبة. لا أن نصنع أعجوبة.

 

المرأة المنزوفة تقول شهادة حياتها

أنا امرأة مريضة بمرض نزف الدم المستمر مدة اثنتى عشرة سنة . معه استنزفت كل طاقتي للتخلص و انفقت كل ما املكه من مال وممتلكات فدفعني هذا المرض الى هوة اليأس والظلام والتعاسة والشقاء كم تعذبت وتمررت نفسي منه جعلني امرأة مكسورة الخاطر من دون رفيق أو صديق يواسني في محنتي هذه ولم أجد في الشريعة وقوانينها ما يسندني ويعطني ولو بصيصًا من الأمل في الشفاء أو أقله في التعامل مع الناس بشكل طبيعي. ولكن مع الأسف الشديد وجدت نفسي انطلاقاً من حكم الشريعة أنني امرأة نجسة يتنجس كل من يلمسني وكل من ألمسه عشت منفردة منبوذة دينياً واجتماعياً مستعبدة مقيدة ومكبلة بسلاسل حديدية حاولت التخلص منها عند الاطباء والدجالين والسحرة والمشعوذين حتى استنزفت كل ما لديّ وهم كانوا يحاولون مداواتي باساليبهم المشعوذة أكثر من لجوئهم إلى الطب

ذات يوم وانا جالسة على قارعة الطريق سمعت بقدوم يسوع الى مدينتا كفر ناحوم كم كان هذا اليوم فريداً بالنسبة إلي لأني رأيت الجموع المحتشدة والمستعدة للقائه كم كانوا ينتظرونه بشوق لا يوصف رأيت احد الوجهاء كان رئيس المجمع المحلّي هو أيضًا كان في انتظاره بلهفة مرتسمة على وجهه ملامح الاضطراب كان اسم هذا الرجل يائيرس اي الوجه المضيء أو المنير وله ابنة وحيدة في الثانية عشرة من عمرهاً تنازع نزاع الموت وقد وقف هو منتظرًا وصول يسوع ليطلب منه أن يذهب معه إلى بيته فيمدّ يده ويلمس ابنته فتشفى. بالرغم من أنّ بعض وجهاء اليهود وكبارهم كانوا يعارضون المسيح يسوع على ما يصنعه أو يقوله ولكن كان البعض الآخر منهم يلجأ اليه في وقت الشدة بدافع من ايمان دفين لديهم بان ليسوع القدرة على صنع المعجزات والآيات وقد أعلن رئيس المجمع يائيرس بكل ما له من سلطة ايمانه بيسوع لدرجة انه قال يكفي أن يمد يسوع يده الى ابنتي فتشفى. يا له من مشهدٍ يسوع آتٍ والجموع تزدحم من حوله ولا أحد يمكنه الوصول اليه لكثرة الزحام رأيت هذا القائد رئيس المجمع يسرعٌ اليه وقد شهد ولمس من يسوع المعجزات التي قام بها في المدن والقرى من شفاءات لكافة الامراض والاوجاوع والاكثر من هذا قدرته على اعادة الحياة لمن فقدوها واعادة البصر للعميان " فالمحتاجون الى شفاء شفاهم " أولم يقل هو لتلاميذ يوحنا المعمدان الذين جاؤوا اليه يسألون هل هو الآتي أم ننتظر آخر فقال لهم "اذهبوا وقولوا المساكين يبشَّرون والعرج يمشون والمرضى يشفون والبرص يطهرون والموتى يقومون". زرعت هذه المعطيات واعمال يسوع في قلب رئيس المجمع الثقة بأن لو جاء يسوع الى منزله ولمس ابنته لشفيت في الحال وانا ايضاً حملت هذا الايمان وهذه الثقة فيه وقلت بصدق مع ذاتي ورغبة قوية في التحرر من قيودي والتخلص من أوجاعي "يكفي أن ألمس طرف ثيابه" هذا كان طموحي ومطلبي. انتهزت فرصة الازدحام الشديد حوله وشققت طريقي نحوه متحدية الحواجز كلّها لا سيما حاجز الشريعة الذي وضع علي وصمة وكأنها وصمة عار بأني نجسة" جاهدت كثيراً حتى وصلت اليه ومن الخلف لمست ثوبه خلسة بطريقة لم يشعر بها أحد ولم يلحظها احد وعندما لمسته شعرت في الحال بحرارة الشفاء وقدرة يسوع تملأ كياني. أقول بصدقٍ ما أحسست به لمّا لمست ثوبه، عندها شعرت وكأني انسانة جديدة تدب في داخلها حركة الحياة المتجددة الزاخرة بالقوة والعافية. اما ما لم اتوقعه فهو سؤال يسوع للجموع من منكم لمسني فقد شعرت بقوة قد خرجت مني " سؤال من لمسني؟ بدا غريبًا على مسامع المحيطين به فردّوا بمعظمهم بجواب واحد ولا سيما تلاميذه هناك المئات من البشر يزدحمون حولك. قصد يسوع بسؤاله هذا أن يوضح لهم بأن هناك شخص تقدم نحوه وفي قلبه رغبة شديدة في أن ينال مطلبه سأل يسوع عن لمسة خاصة لمسة استغاثة .جئت أنا من لمسته وارتميت تحت قدميه واعترفت له بأني أنا من تجرأت أن اتقدم نحوك لألمس طرف ثوبك جئت اليك وقلبي كله ايمان وثقة ورجاء في أن اعود الى كرامتي الى حياتي الى انوثتي الى صحتى الجسدية والروحية والاحتماعية كان لدىّ الايمان فيك بأن اعود الى هويتي وكياني اعود الى الهيكل والمجتمع واعيش حياتي بشكل طبيعي لذا تجرّات ولمست ثوبك وكم شعرت يا سيدي بالقوة التي ملأتني والنعمة التي حلت فيّ والتوقف السريع للنزيف والمرض والوجع وهنا أعلن امامك ربي يسوع وأقول لك أنا أؤمن بك الايمان الكامل ولديّ الثقة بأنك إلهٌ قادرٌ على كل شيء وقد ازداد ايماني ونمى لأني لمست هذا شخصياً.

ابنتي الغالية أنا يسوع ربك جئت اليك امنحكِ الشفاء انت يا من تعذبت كثيراً وعانيت الاوجاع والآلام والفقر والعوز والاحتياج والتعب. أناديك اليوم وأقول لك " تعالي إلي أنت أيتها المتعبة والمنهكة والفاقدة لكرامتك وعزتك فتجدين الراحة والشفاء والنعمة والكمال والخلاص . أنظر إليك اليوم بنظرة الحب والعطاء المجاني وأعيد اليك الثقة في نفسك وفي مجتمعك وبيتك ومعبدك فاطمئني وأذهبي بسلام الى حياةٍ جديدة معافاةٍ ومزدهرةٍ إنطلقيِ نحو آفاقٍ جديدة ولا تقفي عند حد الشريعة المكبل سيري نحو النور باتجاه شريعة الحب شريعة الحركة والنشاط المستمر وعيشي حياتك بفرحٍ وحماسةٍ وتجدد وصدقٍ ووفاءٍ"

اخي الحبيب:

اليوم وبعد أن سمعت شهادة المرأة المنزوفة وعمل المسيح في حياتها ماذا يجب عليك أن تفعل؟ هل تثق في يسوع بايمانٍ متلهّفٍ كإيمان رئيس المجمع؟هل تؤمن بيسوع بأنه قادر ان يشعر بك عندما تأتي اليه وتلمسه كما فعلت المرأة؟ الايمان اخي الحبيب هو أن تمد يدك لتلمس يسوع، وأن تدعه يلمس حياتك فبدون هذه اللمسة لا شفاء ولا حياة .ثق بأن لا شيء في هذا العالم يمكنه مقاومة قدرة يسوع لا العواصف ولا تلاطم الامواج ولا الأمراض المستعصية ولا حتّى الموت وردد مع بولس الرسول "من يستطيع أن يفصلني عن حب المسيح الشدة أم الجوع أم الخطر أم السيف أم العري لا شيء يمكنه أن يبعدني عن المسيح" ولا تنسَ أن يكون لك الايمان الكامل فيه فهو شرط اساسي لنوال ما تريده ألم يقل هو "كل ما تطلبونه من الآب باسمي إياه تنالونه".يسوع وحده هو من مات وقام وهو من هزم الموت وكسر شوكته " اين شوكتك يا موت واين غلبتك ياهاوية" وهو من علمنا أن الموت عبور وطريق الى الحياة الابدية وعلمنا بأن الموت لم يكن هو نهاية بل عتبة بداية لحياة جديدة فهيا اخواتي لنقم معاً الى الحياة الحقة في الرب يسوع المسيح القائل عن نفسه انا الطريق والحق والحياة.ان كان لك هذا الايمان فسوف تسمع صوته العذب يقول لك "ايمانك خلصك

الرب يبارك حياتكم وتنالون نعمة شفاء المسيح

الاب انطونيوس مقار ابراهيم

سهرة انجيلية مع فريق الحركة الرسولية المريمية

في منزل السيدة سعاد

جديدة المتن مساء الثلاثاء 6أزار 2012