المسيحيّة على مفترق طرق في الشرق الأوسط

مقابلة مع الأب سمير خليل سمير، خبير في العلوم الإسلاميّة والثقافة العربيّة

روما، الخميس 10 مايو 2012 (ZENIT.org).

 

بالتعاون مع عون الكنيسة المتألمة، أجرى مارك ريدمن مقابلة لـوير غود ويبس (حيث يبكي الله) مع الأب سمير خليل سمير، أستاذ في تاريخ الثقافة العربيّة وفي العلوم الإسلاميّة في روما وفي بيروت، وخبير في الحوار بين الأديان.

* * *

أودّ بلمحة عامة معرفة ما هو وضع المسيحيين في الشرق الأوسط. ما هي الأرقام التي نتحدث عنها؟ وما هي التجارب المختلفة التي يعيشها المسيحيون في مختلف البلدان في الشرق الأوسط؟

الأب سمير خليل سمير: من الصعب التحدث عن أرقام محددة. أقول بأنهم حوالي الـ16 مليون نسمة. يوجد العدد الأكبر في مصر، من 8 إلى 10 مليون نسمة تقريبا. وتقول مصادر بطريركيّة بأنهم أكثر بكثير، وتؤكد الحكومة بأنهم أقلّ بكثير. أمّا في لبنان، يسجل المسيحيون على مجموع السكان العدد الأكبر حتى ولو أن العدد قليل إي حوالي الـ2 مليون نسمة. ثمّ المسيحيون في سوريا، الأردن، فلسطين والعراق: وهي المنطقة التي تحتوي على المسيحيين الأصليّن. عدا عن مصر، إن عدد المسيحيين الأكبر موجود في شبه الجزيرة العربية: وهم من الفيليبين، سيرلنكا والهند…

… إذا هم عمّال أجانب.

الأب سيمر خليل سمير: … يعاني العمّال الأجانب كثيرًا إذ يتمّ استيرادهم بسبب الوضع الراهن في هذه البلدان. الوضع في مصر صعب ولكن ليس هناك اضطهاد، فلنقل أكثر أنها حالة تمييز. ومن ثم هناك المناطق التي دمرتها الحروب كالعراق وفلسطين التي عانت أكثر من حوالي الـ60 سنة. وهذان الأمران يجعلان الوجود المسيحي صعب جداً. في فلسطين، فقد المسيحيون الأمل وإذا أتيحت لهم الفرصة هجروا البلاد. لدينا نفس الوضع تقريبا في العراق. يغادر المسيحيون مناطقهم باتجاه الشرق، أي منطقة الأكراد في شمال العراق.

إذا صرفنا النظر عن الحرب، هل ينتقل الوضع من التمييز إلى الاضطهاد المفتوح؟

الأب سمير خليل سمير: بما أن الوضع الأسوأ هو الحرب، لذلك يحتلّ التمييز في مصر المرتبة الثانية. مثلاً: كل يوم وعلى مدار السنة، من الخامسة صباحاً، يتمّ نشر الدعاية الإسلاميّة. يستعملون مكبرات الصوت عندما يصلّون ويعيدون الصلاة خمسة مرّات خلال النهار. وهناك الراديو والتلفزيون: غالبا ما يتابعون هذه البرامج على وحدات عالية. ولا يمكنك الاعتراض لأن جارك يبرر ذلك على أنه كلمات الله. حتى التلفزيون والسينما تغمرهما الدعايات الإسلاميّة. إمّا في المدارس، يبدأ التلاميذ والتلميذات اليوم الدراسي بالتعاليم الإسلاميّة. يبدأ كل هذا بينما لا يزال الطلاب في الخرج، ثم تنهال عليهم موجة الدعايات الإسلاميّة، تحت عنوان الخطبة. وعندما يحين موعد تبديل الأساتذة، يتكرر الطقس ذاته. أمّا بما يتعلق بالوظائف، عندما يبحث أحدهم عن عمل، وبالأخص في القطاع العام، يسألونك عن اسمك، الذي هو أمر طبيعيّ، ولكن في مصر الوضع مختلف: يسألونك عن اسمك، عن اسم والدك، عن اسم جدّك، وإذا لم يجدوا اسم محمّد في تسلسل الأسماء عندها يعلمون أنك مسيحيّ.

في الواقع، تُذكر الديانة على الهويّة.

الأب سمير خليل سمير: بالضبط، لا يسألون عن هويتك، بل فقط عن اسمك، وفي تلك اللحظة تعلم أنه تمّ تأهيلك وقد يكون ذلك سببا لرفض إعطائك هذا العمل وأشياء من هذا القبيل. وتشعر بأنك تعامل بشكل مختلف. فالوضع هو أسلمة المجتمع. وخلال شهر رمضان (شهر الصوم الإسلاميّ) يتغيّر النظام بأكمله. وتتغير الأوقات. تتوقف المواصلات من الساعة الخامسة مساءً حتى الثامنة صباحاً؛ تتركز الحياة على دين الإنسان وبما أن طبيعتها اسلاميّة، لذلك فإن المسيحيّ غير معتبر ومهمّش. انها أمور بسيطة ولكن حتى في الجامعات تمييز. لا يمكن لمسيحيّ ان يكون طبيب نسائياً أو ان يعلّم اللغة العربية لأنهم يعتبرون بأن كونه مسيحيّ لا يمكنه تعليم اللغة العربية التي تستند على القرآن وكيف يمكن أن يعلّم القرآن إذا كان غير مسلم.

… طبعاً، كيف يمكن لطبيب نسائي مسيحي أن ينظر لامرأة مسلمة. يعتبر هذا

الأب سمير خليل سمير: الانتقادات قويّة جداً عندما تخرج فتاة مسيحيّة دون ارتداء الحجاب، لذلك في النهاية من المستحسن اعتناق الإسلام. هذا النوع من الضغط موجود. لا يشكل هذا الأمر مشكلة في المدينة ولكنه في القرى الصغيرة أكثر تأثيرا.

هل يمكننا اعتبار ان هذا الوضع موجود في العديد من بلدان الشرق الأوسط؟

الأب سمير خليل سمير: لا، ليس كثيراً، ولكن دون شك إنه على هذا النحو في شبه الجزيرة العربيّة. أشير بذلك إلى بلدان وجد فيها المسيحيون قبل الإسلام كما في مصر، سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين؛ إن الوضع الأسوأ في مصر. ومن ناحية أخرى هناك لبنان الذي هو بلد غير مسلم. هو بلد عربيّ. وهو البلد الوحيد الذي هو بلد دينيّ وغير مسلم، حيث أن المسيحيين والمسلمين متعادلون. وهذا يعني بأننا نعتبر الدين أساسيّ في المجتمع، في النظام وفي الدولة. أمّا البرلمان اللبناني فهو يتألف من 64 مسيحي و64 مسلم، مسيحيون من مختلف الطوائف ومسلمين من ثلاثة أو حتى أكثر.

إذا أنه نوع من التعايش…

الأب سمير خليل سمير: … من بين هذه الأطراف هناك سوريا وعراق الماضي، يطالبون بجعل البلاد علمانيّ وبأن تحكمهم أحزاب سياسيّة، كحزب البعث، كما هو الوضع حاليا في سوريا. تدرك الحكومة نوع ديانتك ولكنك حرّ ولا تتغير السياسة. رئيس سوريا هو أكيد مسلم، ولكن النظام علمانيّ.

غير أنه لا وجود لحريّة الدين ولكن هناك حريّة العبادة.

 

الأب سمير خليل سمير: نعم، ولكنه ليس بهذه الخطورة. يمكن للمسلم أن يتحوّل ولكن هذا الأمر ليس سهلا بسبب ضغط العائلة والمجتمع وليس بسبب القانون أو لأن الدستور ينصّ عليه: هذا هو الفرق. تعاقب في مصر على ذلك لأن الشريعة هي أساس الدستور المصري. يوجد وضع سوريا ذاته في الأردن. يعامل الملك والمملكة المسيحيين بشكل منفتح ويستقبلونهم باحترام كبير. ينتمي المسيحيون، وأكثرهم لاتين، إلى القبائل العربيّة. يعني أنه لا يمكننا اعتبارهم غربيين. يتكلمون كالبدو، لأنهم في الواقع عرب.

أودّ العودة بالحديث إلى هجرة المسيحيين بسبب التمييز والإضطهاد. ما هي الأرقام التي نتحدّث عنها؟

الأب سمير خليل سمير: من الصعب تحديدها. لأنها تختلف من بلاد إلى أخرى، ولكن ما هو مؤكد أن الهجرة تزداد سنة بعد سنة وان عدد المسيحيين يقلّ في كل مكان. لقد تحدثت لتوّي مع أسقف صور في لبنان، حيث لا وجود للتمييز وقد قال لي: "عندما كنت طفلاً، في الخمسينات، كان يسكن صور 10.000 نسمة، 5000منهم مسيحيّ والـ5.000 مسلم. أمّا اليوم فالمسيحيين هم 3.000 على مجموع 80.000".

يمكننا القول بأنها مسألة اقتصادية بما أنك أكدت بأنه لا وجود للتمييز.

سمير خليل سمير: بالتأكيد. لا وجود للتمييز وأكرر أن الإنخفاض بالعدد لا تسببه دوماً الأديان؛ هاجرت عائلتي نحو الولايات المتحدة الأمريكيّة ونحو كندا. ولا يزال إخوتي هناك حتى ولو لم يجبرهم أحد على الهجرة؛ ولكن ببساطة لا يشعرون ولا حتى أنا بأنه وطننا. تتغير الأجواء: إنه واقع نفسيّ. نشعر وكأنه لم يعد هناك وجود للحرية التي كانت تسود في الماضي. ولذلك، إذا سنحت الفرصة أمام المسيحيين بالهجرة من أجل أسباب ثقافية، سياسيّة واجتماعية فلا يترددون. أو لأنهم يملكون أقارب هاجروا في القرن التاسع عشر أو أوائل العشرين أو يتكلمون اللغات الغربية بطلاقة. أما عائلتي فلم تجد صعوبة في التأقلم والاندماج الثقافي في الولايات المتحدة الأمريكيّة بسبب إتقانها الفرنسية والقليل من الإنجليزيّة. في بلدان أخرى، قد يكون السبب دينيّا.

قولك هذا يؤدي إلى تشاؤم قويّ: إنه تيّار باتجاه التزايد. إنه أمر لا رجوع عنه؟

الأب سمير خليل سمير: إذا ما تركنا الأمور على طبيعتها، عندها يكون لا رجوع عنه، لأن الوضع لن يتغيّر بغضون 20 عاماً. ولن تهبط الديمقراطية فجأة من السماء. علينا بناء الأجيال المقبلة على حب الحريّة لأن الحرية هي عنصر مهمّ. تنمو هذه الحركة الإسلاميّة التي تحاول أسلمة المجتمع، ولن تتوقف خلال حياتنا.  وإذا تابعت النمو إلى حدّ ما، كما حصل بتركيا بالتحديد،  حيث عدد المسيحيين في أوائل القرن العشرين كان %20 والـ %24، واليوم أصبح %0.2، 100 مرّة أقل بالنسبة إلى القرن الماضي، لذلك فإن وصوله لحد ما يعني %1.1 أو %2 …

إنها حلقة مفرغة تتغذى بذاتها.

الأب سمير خليل سمير: نعم. لذلك ينبغي إيقافها فوراً وربما طلب العودة من الذين هاجروا. ولكن هذا صعب.

إنه أمر مستحيل. أعني، أنه بالوقت ذاته الذي نسجل به ميل "طبيعيّ" إلى هجر البلاد، يشجّع العنف الهجرة، كالحرب في العراق، والوضع في فلسطين، والتي تسبب المزيد من التطرّف بين المسلمين وبالتالي المزيد من الضغط على المسيحيين؟

الأب سمير خليل سمير: سأعطيك مثالا لأظهر لك أنه من الممكن إيقافه. لبنان على سبيل المثال. أذكر أنه من حوالي الـ 10-15 عاماً كان حزب الله (الذي هو حزب الشيعة في لبنان) يحاول جعل المجتمع مسلماً على الشكل الإيرانيّ. وكانوا يقولون بأنهم ينتمون لإيران أكثر من لبنان. وكان آنذاك أكبر ممثل للمسلمين إسلام الشيعة في لبنان الإمام شمس الدين (الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين)، الذي توفي منذ ثلاث سنوات. أعلن شمس الدين في سيرته الذاتيّة التي نصّها قبل أسبوع من وفاته: "كنت واثقا بأن المجتمع المثاليّ هو إسلاميّ، ولكن الآن، وبعد مرور 10 و-15 عاماً، أعترف بأن المجتمع كما هو اليوم في لبنان، هو الأفضل، لأن المسيحيين يساهمون في تقديم نهج لطريقة تعايشنا". ولأسباب أخرى، يقول حزب الله الشيء ذاته، أي لا يريدون المجتمع إسلاميّ. وهذه هي أول وجهة نظر لي: يمكن إيقاف هذا التيار في العالم العربي والإظهار للمسلمين، بأن المسيحيين يشكلون لهم الفرصة من أجل التقدم في مجتمع منفتح. وإذا ارادوا، يمكننا العمل معهم.

 

السؤال الآن هو التالي: هل يريدون ذلك؟ ظهرت في غضون المجتمع الإسلامي عبارة جديدة، وهي "الإسلاميّة". ما هو الفرق بين مسلم و"إسلاميّ"؟

الأب سمير خليل سمير: كانت هذه العبارة مجهولة منذ عشرين سنة. نميز في اللغة العربيّة بوضوح بين مسلم، إي من الديانة المسلمة،وإسلاميّ الذي هو تعبير جديد لواقع جديد. إسلاميّ، أي بالجمع إسلاميّون والمقصود الذين يعتزمون أسلمة المجتمع، والمرتبط بالسلفيّة. تأتي العبارة من سلف، أي الأسلاف: يريدون العودة إلى أسلافهم، أي إلى أوائل الإسلام، الذي لا يعلم أحد كيف كان… ولكن يمكننا أن نتخيّله.

هل للإسلاميين والإسلاميّات مظهر خارجي خاص؟

الأب سمير خليل سمير: نعم، يقولون بأن النبيّ كان له لحية. لذلك لهم لحية. للجميع لحية وإذا تمكنوا من عدم قصّها يكون ذلك أفضل. بنظرهم هذا الأمر هو أكثر إسلامية. لا يرتدون السروال بل الثوب الأبيض الطويل. يمكنك التعرف عليهم حتى عبر أسنانهم. يمضغون جذور الشجر، المسواك، لأنهم يعتقدون أن النبي كان يقوم بذلك لغسل أسنانه. مؤكد بأنه لم يكن يملك مسواك صنع اليابان. كان يستعمل ما يجده، وللنساءالحجاب. في لبنان، حيث هناك العديد من الفئات الإسلاميّة، ويمكن معرفة إلى أيّة فئة ينتمون. ومع القليل من التمرس يمكن معرفة إلى من ينتمون إلى الشيعة، إلى السنّة أم إلى العلويّين.  في الواقع، إنها علامة سياسيّة، وليست دينيّة، التي تظهر إلى أيّة فئة ينتمون. مثلاً، إذا كنت من أتباع حزب الله ترتدي الأصفر، وإذا كنت من أتباع الحريري ترتدي الأزرق وهكذا دواليك. قد تلبس هذه الألوان ليس بسبب دينيّ بل سياسيّ. لذلك أقول لأوروبا والغرب، بالأخص عندما يتعلّق الموضوع بلبنان: صحيح أن الجميع يتمتعون بالحريّة الدينيّة ولكن هذه سياسة وليس دين لأن السياسة والدين متشابكتين في اللاوعي عند الإسلام.

ولا حتى في ميدان الدين المسلم حرّ في الممارسة؟

الأب سيمر خليل سمير: في الواقع، وبالاخص بين هؤلاءالإسلاميين،  ومثالهم الأعلى ووجهة نظرهم هي: نحن نحترم الناس ونحضّهم على أن يكونوا مسلمين. يجب على المسلم الصالح الصلاة خمسة مرّات في اليوم وإذا عملت خلال ساعة الصلاة تعاقب حتى تتعلم أن تصبح مسلما صالحاً. تصل الشرطة الدينيّة وتقفل المحلّ. إذا أكلت خلال رمضان، تعاقب، بالحبس وسوء المعاملة، هكذا تتعلم بأن تصبح مسلم أفضل، ولمصلحتك الخاصة. لا يمكنهم فهم الحريّة، بأني حرّ في صنع شيء قد تعتبره خطأ ولكنه قد لا يكون خطأً، بل عاديّا. وهنا لدينا للمجتمع نظرتين. المجتمعالمثاليّ، الذي هو بالنسبة لهم إلهيّ. علينا تعلّم الحريّة الداخليّة، وهنا من جديد، لا يعود الفضل لنا نحن المسيحيين. لأنه جزء من تقاليدنا، إمّا لأننا نتعلمه من الإنجيل وإمّا لأننا نتعلمه من أصدقائنا المسيحيين الغربيين. وهذه نقطة أساسيّة.

 * *

السؤال الآن هو التالي: هل يريدون ذلك؟ ظهرت في غضون المجتمع الإسلامي عبارة جديدة، وهي "الإسلاميّة". ما هو الفرق بين مسلم و"إسلاميّ"؟

الأب سمير خليل سمير: كانت هذه العبارة مجهولة منذ عشرين سنة. نميز في اللغة العربيّة بوضوح بين مسلم، إي من الديانة المسلمة،وإسلاميّ الذي هو تعبير جديد لواقع جديد. إسلاميّ، أي بالجمع إسلاميّون والمقصود الذين يعتزمون أسلمة المجتمع، والمرتبط بالسلفيّة. تأتي العبارة من سلف، أي الأسلاف: يريدون العودة إلى أسلافهم، أي إلى أوائل الإسلام، الذي لا يعلم أحد كيف كان… ولكن يمكننا أن نتخيّله.

هل للإسلاميين والإسلاميّات مظهر خارجي خاص؟

الأب سمير خليل سمير: نعم، يقولون بأن النبيّ كان له لحية. لذلك لهم لحية. للجميع لحية وإذا تمكنوا من عدم قصّها يكون ذلك أفضل. بنظرهم هذا الأمر هو أكثر إسلامية. لا يرتدون السروال بل الثوب الأبيض الطويل. يمكنك التعرف عليهم حتى عبر أسنانهم. يمضغون جذور الشجر، المسواك، لأنهم يعتقدون أن النبي كان يقوم بذلك لغسل أسنانه. مؤكد بأنه لم يكن يملك مسواك صنع اليابان. كان يستعمل ما يجده، وللنساءالحجاب. في لبنان، حيث هناك العديد من الفئات الإسلاميّة، ويمكن معرفة إلى أيّة فئة ينتمون. ومع القليل من التمرس يمكن معرفة إلى من ينتمون إلى الشيعة، إلى السنّة أم إلى العلويّين.  في الواقع، إنها علامة سياسيّة، وليست دينيّة، التي تظهر إلى أيّة فئة ينتمون. مثلاً، إذا كنت من أتباع حزب الله ترتدي الأصفر، وإذا كنت من أتباع الحريري ترتدي الأزرق وهكذا دواليك. قد تلبس هذه الألوان ليس بسبب دينيّ بل سياسيّ. لذلك أقول لأوروبا والغرب، بالأخص عندما يتعلّق الموضوع بلبنان: صحيح أن الجميع يتمتعون بالحريّة الدينيّة ولكن هذه سياسة وليس دين لأن السياسة والدين متشابكتين في اللاوعي عند الإسلام.

ولا حتى في ميدان الدين المسلم حرّ في الممارسة؟

الأب سيمر خليل سمير: في الواقع، وبالاخص بين هؤلاءالإسلاميين،  ومثالهم الأعلى ووجهة نظرهم هي: نحن نحترم الناس ونحضّهم على أن يكونوا مسلمين. يجب على المسلم الصالح الصلاة خمسة مرّات في اليوم وإذا عملت خلال ساعة الصلاة تعاقب حتى تتعلم أن تصبح مسلما صالحاً. تصل الشرطة الدينيّة وتقفل المحلّ. إذا أكلت خلال رمضان، تعاقب، بالحبس وسوء المعاملة، هكذا تتعلم بأن تصبح مسلم أفضل، ولمصلحتك الخاصة. لا يمكنهم فهم الحريّة، بأني حرّ في صنع شيء قد تعتبره خطأ ولكنه قد لا يكون خطأً، بل عاديّا. وهنا لدينا للمجتمع نظرتين. المجتمعالمثاليّ، الذي هو بالنسبة لهم إلهيّ. علينا تعلّم الحريّة الداخليّة، وهنا من جديد، لا يعود الفضل لنا نحن المسيحيين. لأنه جزء من تقاليدنا، إمّا لأننا نتعلمه من الإنجيل وإمّا لأننا نتعلمه من أصدقائنا المسيحيين الغربيين. وهذه نقطة أساسيّة.

*** نقلته إلى العربيّة م.ي.