إشعاع كلمة الحقّ إطلاق شهر الرسالات العالمي لسنة 2012

مؤتمر في المركز الكاثوليكي للإعلام

 

جل الديب، الثلاثاء 18 سبتمبر 2012 (ZENIT.org).

عقد المدير الوطني للأعمال الرسولية البابوية في لبنان، ومندوب قارة آسيا لدى مجمع تبشير الشعوب في الفاتيكان، الأب بول كرم، ظهر اليوم في المركز الكاثوليكي للإعلام، مؤتمراً صحافياً،  أعلن خلاله عن رسالة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر لليوم العالمي للرسالات السادس والثمانين، تحت عنوان:"مدعوون لجعل كلمة الحق متألقة"، وعن برنامج الاحتفالات الخاصة بهذا اليوم، شارك في المؤتمر: رئيس اللجنة الكاثوليكية للتعليم المسيحي في لبنان المطران ميخائيل أبرص، ورئيس الهيئة الكاثوليكيّة للتعليم المسيحي في الشرق الأوسط، الأب كلود ندرا، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وحضره الأباء: مدير البرامج في إذاعة صوت المحبة الأب جان عقيقي، الأب حنا داغر، الاب جان لويس لانغو، والأب وراطان كزانجيان، والعديد من المهتمين والإعلاميين.

بداية رحب الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بولس مطر، شاكراً الإعلاميين على تغطيتهم للحدث التاريخي الذي تجلى بزيارة قداسة البابا بنديكتس السادس عشر إلى لبنان خصوصاً وأن قداستة رأى أن هذه التغطية مميزة ومحترفة.

وقال "مدعوون لجعل كلمة الحق متألقة" دعوة أطلقها قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر، بمناسبة اليوم العالمي للرسالات السادس والثمانين، ونحن ما زلنا نعيش حالة الفرح الداخلي، والسلام الذي نفحَهُ قداسة البابا على أرضنا، نتأمل وجهه الباحث أبداً عن سلامٍ مفقودٍ في منطقتنا، وباسم يسوع يصرخ: "ثقوا لا تخافوا، أثبتوا على كلمة الحق، عودوا إلى جذوركم، إلى اصالتكم المشرقيّة، كونوا شرفاء في العيش معاً، في افراحكم وأحزانكم، كونوا رواد الفكر والنهضة، انعتقوا من كل ما يعيق طموحكم، أنتم أهل الأرض، مع إخوانكم في الخلق، فلا تستقيلوا من دوركم ومسؤولياتكم".

أضاف: "إن يوم الرسالات العالمي، هو نقطة مفصلية في رسالة الكنيسة والدور الرسالي يجب أن يتفعّل في هذا الشرق".

وختم بالقول: "من خلال الإرشاد الرسولي الذي تركه لنا قداسة الحبر الأعظم وكلنا ثقة أنكم كمسؤولين عن الرسالات، تقومون بهذا الدور بمحبةٍ وخدمةٍ متفانية، وإننا إذ نتمنى لكم النجاح في رسالتكم".

ثم قدم الأب بول كرم رسالة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر لليوم العالمي للرسالات السادس والثمانين، مع الملصق المشترك الذي يوزّع على كافة الأبرشيّات والمدارس والجامعات الكاثوليكيّة من أجل تفعيلها مع المؤمنيين في الرعايا والمدارس والجامعات. وقال:

«مَدعوون لجعل كلمة الحق متالّقة » بهذه العبارة يحثُّنا قداسةُ البابا بنديكتُسُ السادسَ عَشَرَ على الإحتفال باليوم العالمي السادس والثمانين للرسالات الذي يتضمّن مغزى خاص في الذكرى الــــ 50 لإعلان القرار المجْمعي "إلى الأُمَم" (Gentes Ad) للمَجْمَع الفاتيكاني المسكوني الثّاني، وافتتاح سنة الإيمان، مع انعقاد الجمعيّة الخاصّة لسينودس الأساقفة حول الكرازة الجديدة، وللتّأكيد مجدداً على إلتزام الكنيسة بشجاعة وحماسة أكبر في "الرِسالة إلى الأُمَم" لإعلان الإنجيل إلى أقاصي الأرض.

تابع: "تسعى كلُّ الأبرشيَّاتِ والرعايا والمؤسّسات التربويّة والجامعات الكاثوليكيّة في لبنان خلال شهر تشرين الأوّل من كلّ عام، إلى تفعيلِ اليومِ العالَميِّ للرسالاتِ بروحِ المحبَّةِ والعطاءِ والتّضامن الحسّي والعملي عبر جمع الصواني والتبرّعات".

أضاف: "أما ميزة هذه السنة فتتجلّى بتجسيد روح التعاون مع اللجان الأسقفيّة خاصة الهيئة الكاثوليكيّة للتعليم المسيحي في الشرق الأوسط بشخص رئيسها حضرة الأب كلود ندره، الراهب اللبناني الماروني.  والميزة الثانية لهذا العام والتي تُصادف نهار الأحد 21 تشرين الأوّل 2012، فهي تتطويب سبعة قدّيسين جُدُد من قِبَل قداسة البابا، تزامناً مع انعقاد الجمعيّة الخاصّة لسينودوس الأساقفة حول موضوع "التبشير الجديد" (7-28 تشرين الأوّل 2012). هؤلاء القدّيسون الجُدُد، سيكونون باكورة قدّيسي "سنة الإيمان" (11 تشرين الأوّل 2012 – 24 تشرين الثّاني 2013)".

وختم بالقول: "إننا بعد الزيارة التاريخيّة لقداسة البابا إلى لبنان منذ أيّام، نسأل الله أن يساعدنا ويقوّينا جميعاً على استثمار مضمون الإرشاد الرسولي: "الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة" من أجل خير المسيحيّين في هذا الشرق".

ثم كانت كلمة الأب بول ندره جاء فيها: "الكرازة الجديدة بالإنجيل" تشكّلُ دعوة هامّة للمسيحيّين ولغير المسيحيّين. فللمسيحيّين تهدفُ هذه الدعوة إلى تثبيتهم في الأيمان ودعوتهم لعدم التراجع، ولعدمِ الوقوعِ في شَرَكِ الإحباطِ المُنافي للرّجاء؛ وإلى التعمّق في إيمانهم معلنينَ الربّ يسوع مخلّصًا وفاديا، عبر أساليب وطرق تحاكي واقع مجتمعاتنا اليوم.

تابع: "ولغير المسيحيين لكي يدخلوا في حوارٍ أساسه القيم والشركة والوحدةُ في حريّة البنوة لله الواحد، لأنّنا جميعنا قد خُلقنا على صورةِ الله، فيلتقوا بالذي قال: "جئت لتكون لهم الحياة وتكون لهم أوفر" (يو 10:10).

أضاف: رسالة "الكرازة بالإنجيل" هي عمل الكنيسة، وبصورة خاصة عملكم أنتم أيّها الإخوة والأخوات معلّمي ومعلّمات التعليم المسيحي وقد تقلّدتم هذه المهمّة من الكنيسة لكي تُبشّروا باسم المسيح وتُعلنوا ملكوت الله الحاضر والآتي في آنٍ معًا".

وختم الأب ندرة "الكرازة بالإنجيل" لها اساليبها ووسائلها الخاصة لكي تكون فعاّلة وجذابة ومنتجة. قبل كلّ شيء تقوم على الانقياد لنعمة الرّوح القدس، الذي ينوّر الأنسان، ليفهم ويميّز ما يريده الله منه وليس ما يُريده هو نفسه.

ثم كانت كلمة المطران ميخائيل أبرص جاء فيها:

"بهذه المناسبة، أود أن أنبّه الجميع أن التعليم المسيحي ليس هو تلقين معلومات الديانة فقط، بل هو أعمق من ذلك بكثير، هو عيش نمط حياةٍ مسيحية، مرتكزٍ على الإيمان والأخلاقيات، وعلى معلميه، أن يحيوا هذا النمط ويكونوا بذلك مثالاً حيّاً لطلابهم ولكافة من حولهم في المدرسة والمجتمع. وكل واحدٍ منا، حتى ,إن لم يكن معلماً للتعليم المسيحي، مدعو إلى عيش هذه الحياة وتعليم الآخرين، طلاباً أو غير طلاب، عن طريق المثل، لتبدو كلمة الحق أكثر تالقاً".

"وتمنى سيادته على أكبر عدد ممكن من المسيحيين وخصوصاً الذين يهتمون بالتعليم المسيحي، المشاركة بقداس الإرسال، لرفع الصلاة معاً، طالباً منه "أن يبارك هذه السنة المدرسية الجديدة وأن يساعد معلمي التعليم المسيحي ليقوموا بواجبهم على أكمل وجه وأن يفتح أذهان التلاميذ ليستوعبوا أكثر ويفهموا عقائد ديانتهم وأخلاقياتها ويعيشوا بموجبها وأن  يهب المرسلين القوة والعزيمة والصبر لمتابعة دورهم الرسولي في كافة البلاد التي يخدمونها وأن يُظهر دورهم الفعّال".

وختم بالقول: "ميزة قداس هذه السنة، تتجلى بإحتفال صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، والذي خلاله يسّم غبطته معلّمي التعليم المسيحي والعاملين في الحقل الرسالي والرسولي، مهمة التكليف  الرسمي للإنطلاق برسالة التعليم". ودعا "الرئيسات والرؤساء ومديرات ومدراء المدارس الرسمية والخاصّة والآباء والراهبات ومعلّمي ومنشطي التعلّيم المسيحي والأساتذة وطلاب المدارس الكاثوليكيّة ووسائل الإعلام إلى قداس اقتتاح شهر الرسالات، الجمعة 28 أيلول 2012، السادسة مساءً في الصرح البطريركي – بكركي، وقد أعطي هذا القداس شعاراً "مدعوون لجعل كلمة الحق متألقة".

بعد هذا توجد حياة المعلّم الصادقة والمملوءة من الحياة الالهية "القداسة" لكي تستطيع أن تُؤثر إيجابياً بالتلميذ لتكون مطابقة حقيقية بين القول والفعل، بين الكلام والحياة "… تعلّموا مني فأني وديع ومتواضع القلب…" (مت 11: 29). كان الرب يسوع يعمل ويعلّم: "… أما الذي يعمل ويعلم فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات" (مت 5: 19؛ مر6: 30).

هناك ضرورة لندخل إلى ذواتنا ونقوم بفحص ضمير جدّي وتأمل عميق لأننا كلّنا قد ضللنا وابتعدنا عن ربنا وعن تعاليمه وخاصة عن وصيته الجديدة التي أعطاها دستوراً للذين يتبعونه: "احبوا بعظكم بعضاً…؛ بهذا يعرفون أنكم تلاميذي إذا كنتم تحبون بعضكم بعضاً". أين تواضعنا؟ أين وحدتنا؟ أين محبتنا الصميمة والشاملة لألهنا الذي أحبنا وبذل إبنه الوحيد من أجلنا؟ اين محبتنا لبعضنا البعض؟ (يو3: 16؛ 13: 1؛1بطر1: 22؛ يو 13: 34). هذه المحبة المتبادلة ، اساس التبشير، كانت تجلب الناس إلى المسيح وإلى الله (يو13: 35).

كان السينودس السابق عن كلمة الله وهذا مهم جداً للأنجلة الجديدة: عيش الكلمة قبل التبشير بها، لتكن هذه الكلمة نوراً لعيوننا ولعقولنا وتصبح برنامجاً لمسيرتنا وهي ستنور المعلم والتلميذ وتكون واقعية و عملية تقود الكنيسة ورعاتها. إنها كلمة الحياة تُحيي من يتعلق بها، تجعل حضور المسيح بيننا حقيقة تلده في كنائسنا، ما عدا الأفخارستيا، لأننا باسمه نجتمع فهو حاضر بيننا يقوينا ويقودنا… المهم أن نتعلق به.

هناك انتشار مستمر لعقلية تُنقّص من أهمية الدين معتبرة إياه من الزمن الغابر، يجب أن يُهمل لأن لا فائدة منه ولكونه عائق للتقدم الأجتماعي والعلمي في العالم.. وهناك اللامبالاة القتالة وعدم الأهتمام الصامت مقابل متطلبات الأيمان، هذا هو الألحاد المقنّع. إنه إلحاد عملي، إن هذا الألحاد المعاصر قد انتشر في كل المجتمعات، هناك شعور منتشر للشك في القيم الدينية، وعدم التديّن الناتج من الأكتشافات العلمية ومن التقدم المادّي ومن المشاكل والأختلافات التي نشأت في الكنيسة.. كل هذا أثّر سلبياً على إيمان المسيحيين البسطاء وعلى الذين كان لهم إيماناً سطحياً، ومحيطياً وتقليدياً.

عدم الأهتمام لفقدان الأيمان. إنه التراجع عن المسيحية ولهذا على الكنيسة أن تدرس الواقع والأسباب لهذه الحالة لكي تحمل الرسالة الأنجيلية ثانية إلى هؤلاء الأشخاص وهذا هو التبشير الجديد للمؤمنين الذين فقدوا إيمانهم، وبعده أن تُعلن البشرى السارة لجميع البشر.

هناك أسباب كثيرة ومتنوعة حملت كثيراً من المؤمنين إلى التراجع في الأيمان. ومن بين هذه الأسباب الجمود والرتابة التي كانت تتسم بها حياة المسيحيين في الكنيسة، والبعد الذي كان موجوداً بين الكنيسة والمجتمع الذي هو في حالة التقدم المادي والعلمي.

كثير من المسيحيين بقوا مغلقين في أنظمة وصيغ خارجية وقاسية ونظرية ومعقدة، هكذا استمرت حياتهم القاحلة والبعيدة عن العالم الذي يعيشون فيه، هكذا وُلد فيهم رد فعل سلبي دفعهم إلى التحرر من كل شيء وإلى عدم الأهتمام في الدين والأيمان، فعوض أن يكونوا شهوداً للمسيح ولأنجيله لكي يحملونه حيثما يعيشون، اصبحوا حجر عثرة وعلامة الشك والتديّن الفارغ وهكذا اظهروا عدم اخلاصهم وعدم مطابقة حياتهم لما يكرزون به. هناك، خاصة، تفشّي للاّ أخلاقيات التي تُحطم القيم الأنسانية وتوصل بكرامة الأنسان إلى الحضيض.

اسباب أخرى لهذا التدنّي الديني تستحق الذكر وهي التمدن السلبي وزيادة الهجرة والضياع المستمر وتغيير العمل والمحيط وزيادة الحاجات الجسدية بحيث يتشتت فكر الأنسان ويتعلّق بالماديات، ثم وسائل الأعلام التي تعمل سلباً لمحو كل ما يتعلق بالأيمان وزرع كثير من الأمور المضرة بالأيمان للمراهقين والشباب.

إن الشاهدة الأولى لهذه الأنجلة هي العائلة ولهذا يجب أن تُبشّر ويزرع فيها الايمان القوي وبكل قناعة لكي توصل هذا الأيمان لأولادها. ثم يأتي دور الكنيسة التي تحقق هذه الرسالة بواسطة كهنتها ورهبانها وراهباتها ومكرسيها ومكرساتها ومعلمو ومعلمات التعليم المسيحي فيها. على شرط أن يتهيّأوا جيداً لهذه الرسالة المهمة جداً في حقل الأنجلة الجديدة. وبعد ذلك يأتي دور المدرسة التي تبني فوق ما أُسّس سابقاً من العائلة والكنيسة.

إنه واجب الكنيسة أن تكرز بالأنجيل ليس فقط للذين لا يعرفون المسيح ولكن خاصة للذين عرفوه ثم فقدوه، أو إنهم على وشك أن يفقدوه. إن أعضاء المسيح الحقيقيين يجب أن يعيشوا في حالة الرسالة المستمرة والتي لا يمكن أن تتحقق بدون معرفة عميقة للمسيح ولوصاياه، هكذا فقط يمكن أن يكونوا متناسقين متفقين مع الأسم الذي يحملونه. "أن يعملوا ويحفظوا كلما أمرهم المسيح" (مت28: 20) وبهذا سيتّضح بأن تبّاع المسيح ليسوا من هذا العالم، وان كانوا يعيشون فيه.

إن المحيط العالمي في خطر جسيم بأن يفرغ من القدسية، من المبادئ والقيم الدينية، ولهذا على الكنيسة بأسرها بأن تأخذ وعياً بذاتها وتقدم نفسها كعلامة الخلاص الحقيقية بين البشر، فعليها أن تحمل البشرى السارة لأبنائها وغيرهم من الذين لا يمارسون الأيمان.

إن مسؤول الأنجلة الجديدة هي الجماعة المسيحية بأسرها، كما كان المسيحيون الأوائل. إنهم جميعاً ومعاً، يزرعون الأنجيل بين البشر في حياتهم اليومية. إن الجماعة الخورنية بجميع تنظيماتها وبمختلف وسائل الرسالة، كقوة واحدة مجدَّدة وديناميكية يمكنها أن تخلق محيطاً جديداً وتحقق تكريس الجماعة وتنمية إيمانها وتحريك افرادها للبحث عن المسيح.

هذا هو واجب الأساقفة، كما يقول المجمع الفاتيكاني الثاني في الدستور حول: "عمل الأساقفة الراعوي" (عدد13).

إن حالة الأنجلة الجديدة عندنا، مع محاولات الكنيسة المستمرة، لا تُبشر بالخير، هناك ضعف وتقهقر مستمر بسبب الظروف الأمنية والهجرة وعدم ثبات المؤمنين والأكليروس، وأحياناً ما يُسبب هذا هو مثلنا الغير الصالح للمؤمنين، وعدم تماسكنا ولكوننا لا نعمل معاً وتباعدنا وزيادة الأنقسامات بيننا.

الرب يحفظ الكنيسة ويُرجعها إلى قوّتها السابقة وحياتها الأيمانية الحارة لتصبح شعلة ومثالاً ونوراً للجميع