الملخّص الرسمي لرسالة سينودس الأساقفة الأخيرة

 

الفاتيكان، الثلاثاء 30 أكتوبر 2012 (ZENIT.org).

ننقل لكم فيما يلي ترجمة الملخّص الذي نشرته دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي عن رسالة سينودس الأساقفة الأخيرة بعنوان "رسالة إلى شعب الله" وذلك بمناسبة التبشير الجديد لنقل الإيمان المسيحي.

***

استهلّ الأساقفة الرسالة بمقطع من إنجيل يوحنا والذي يتناول موضوع لقاء يسوع مع المرأة السامرية عند البئر: إنّها الصورة التي تجسّد الإنسان المعاصر الذي يحمل وعاءً فارغاً ويحسّ بتعطّش وحنين إلى الله ومن واجب الكنيسة هنا أن تلتفت إليه وتجعل الله حاضراً فيه. وكما المرأة السامرية التي لاقت الله، لا يمكن للإنسان إلّا أن يصبح شاهداً على إعلان خلاص الإنجيل ورجائه.

بالنظر إلى محتوى التبشير الجديد، يذكّر السينودس بضرورة إحياء الإيمان الذي يضمحلّ في الثقافات الحالية والذي يواجه ضعف الإيمان عند أشخاص معمّدين كثر. إنّ اللقاء مع الرب الذي يبيّن الله على أنّه المحبة يمكنه أن يحصل فقط في الكنيسة على شكل الجماعة المتقبلة وخبرة الشراكة. من هنا، يصبح المسيحيون شهوداً له في أماكن أخرى. كما وتؤكّد الكنيسة بأنّ التبشير يتطلبّ أن يكون الفرد قد بُشّر بدوره وتبعث بنداء للارتداد يبدأ منها لأنّ ضعف تلامذة يسوع يثقل مصداقية هذه المهمّة. وعند إدراك أنّ الرب هو دليل التاريخ وبالتالي لن يستطيع الشرّ التفوه بالكلمة الأخيرة، يدعو الأساقفة المسيحيين إلى تخطّي الخوف بإيمان وإلى النظر إلى العالم بشجاعة ساكنة لأنّه يبقى العالم الذي يحبّه الله على الرغم من أنّ المناقضات والتحديات تهيمن عليه. وبذلك، فلا ضرورة للتشاؤم إذ لا بدّ من اعتبار العولمة والعلمنة وسيناريوهات المجتمع والهجرة، وحتى الصعوبات والمعاناة التي تستتبعها، كفرص للتبشير. إنّ المسألة هنا لا تتعلّق بإيجاد استراتيجيات جديدة وكأن الإنجيل ينشر كمنتج تجاري، بل يجب اكتشاف طرق تقرّب الفرد من يسوع.

إنّ الرسالة تنظر إلى العائلة على أنّها المكان الطبيعي للتبشير وتؤكّد على ضرورة أن تدعمها الكنيسة والسياسة والمجتمع. ويتمّ التركيز على دور المرأة المميّز في العائلة والتحدّث عن الحالات المؤلمة التي تواجهها النساء المطلقات والمتزوجات مرّة ثانية: ففي حين تأكيد الانضباط بالنظر إلى الوصول للأسرار المقدّسة، من المؤكّد أنّ الرب لم يتخلّ عنهنّ والكنيسة هي المنزل الذي يفتح لهنّ بابه. تتطرّأ الرسالة أيضاً إلى الحياة المكرّسة  والشهادة على المعنى غير الأرضي لوجود الإنسان بالإضافة إلى الرعايا كمراكز للتبشير. وتذكّر الرسالة أيضاً بأهمّية التنشئة المستمرّة للكهنة والرهبان والراهبات وتدعو العلمانيين (الحركات والوقائع الكنسية الجديدة) إلى التبشير وإبقاء الشراكة مع الكنيسة. إنّ التبشير الجديد يجد تعاوناً ملحوظاً من الكنائس الأخرى والجماعات الكنيسة إذ حرّكتها أيضاً روح إعلان الإنجيل. كما ويتمّ التركيز على الشباب من منظور الإصغاء والحوار لاستعادة حماسهم وعدم كبحه.

تنظر الرسالة أيضاً إلى حوار بطرق مختلفة: مع الثقافة، التي تحتاج إلى حلف جديد بين الإيمان والمنطق، مع التعليم، مع العلم فعندما لا يحصر الإنسان في الماديات يصبح حليفاً لأنسنة الحياة، مع الفن، مع عالم الاقتصاد والعمل، مع المريض والمتألم، مع السياسة حيث يطلب تدخّل غير بدون مصلحة وشفاف في الخير العام، ومع الديانات الأخرى. كما يشدّد السينودس على وجه الخصوص على أن يساهم الحوار بين الأديان في إرساء السلام ورفض التعصّب واستنكار أيّ عنف ضدّ المؤمنين. علاوة على ذلك، تذكّر الرسالة بالإمكانيات المعروضة من سنة الإيمان ومن ذكرى المجمع الفاتيكاني الثاني وتعليم الكنيسة الكاثوليكية. وأخيراً، تشير الرسالة إلى تجربتين في حياة متديّنة تعنيان الكثير للنبشير الجديد ألا وهما التأمّل حيث يسمح السكون باستقبال أفضل لكلمة الله، وخدمة الفقير حيث نرى المسيح في وجوههم.

تنظر الرسالة في قسمها الأخير إلى الكنيسة في مختلف مناطف العالم وتوجّه كلمة تشجيع في التبشير بالإنجيل إلى كلّ منها. تتوجّه إلى الكنائس التي تأمل أن  تمارس الإيمان بسلام وحرية دينية، وإلى الكنيسة الإفريقية التي تطلب بتبشير متطوّر يواجه الثقافات القديمة والجديدة والتي تدعو السلطات إلى وضع حدّ للصراعات وأعمال العنف. على المسيحيين في شمال إفريقيا الّذين يعيشون في ثقافة مع الكثير من التعابير البعيدة عن الإنجيل، أن يطمحوا إلى الارتداد والقدرة على استقبال المهاجرين واللاجئين. كما أنّ أمريكا اللاتينية مدعوّة لعيش المهمّة الدائمة لمواجهة تحديات اليوم كالفقر والعنف ومواجهة شروط التعددية الدينية الجديدة. إنّ الكنيسة في آسيا وعلى الرغم من كونها أقلية توضع غالباً على حافة المجتمع وتضطهد، تشجّع وترافق إلى الترسّخ في الإيمان. كما أنّ أوروبا المدموغة بعلمنة قويّة والتي تأثّرت بأنظمة الحكم القديمة، قد خلقت ثقافة إنسانية كفيلة بمنح وجه لكرامة الإنسان وببناء الخير العام، وبالتالي فصعوبات اليوم لا يجب أن تحبط عزيمة مسيحيي أوروبا بل يجب أن ينظروا إليها وكأنّها تحدّي. بالإضافة إلى ذلك، يطلب من أوقيانيا أنّ تشعر من جديد باندماجها في التبشير بالإنجيل. وأخيراً، يختتم الأساقفة الرسالة مبينين ثقتهم في مريم العذراء، نجمة التبشير الجديد.

* * *

نقلته إلى العربية ريتا قرقماز – وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية