وأُعتبرت الازدواجيّة الدينية من أكثر مشاكل العبادة الَّتي حاول الأنبياء التصدي لها. وقد ظهرت نتيجة لاحتكاك شعب الله الشعب الكنعاني ودخول عبادة البعل كعبادة ضمن عبادات الشعب الإسرائيلي. ومن أهم الأحداث الَّتي توضح صراع الأنبياء الشديد للتصدي لذلك هو: أيليا الَّذي ذبح كهنة البعل 450 على جبل الكرمل لإثبات أن يهوه هو الإله الحقيقي الَّذي تجب له العبادة.وقد حارب هوشع الازدواجية الدينية القائمة على عبادة يهو وعبادة البعل في ذات الوقت، لدرجة أن الجمع بين العبادتين حتى في داخل الهيكل، أقدس أماكن عبادة يهوه، وممارس البغاء المقدس. ومن الجدير بالذكر أن ومحاربة هوشع كانت ضد عقلية كنعانية تغلغلت في فكر الشعب لدرجة أنها أصبحت تمثل خطراً على عبادة يهوه ذاتها، لأن الشعب بدأ في الاعتقاد بأن يهوه هو إله الماضي، إله الصحراء الَّذي كفَّ عن صنع المعجزات، ولهذا نجد هوشع يؤكد على كون إله الصحراء هو ذاته إله كلّ الأرض، هو الإله دوماً.
2- الأنبياء والهيكل:
الهيكل بناء مخصص لعبادة الإله وموقف الأنبياء من الهيكل هو موقف يدعو إلى الدهشة لما يتسم به من اختلاف، فبعضهم يدعو لأهمية الهيكل القصوى، والى ضرورة إعادة بناءه، وبعضهم يدعو أن لا جدوا منه. فيقول حجاي: “أصعدوا إلى الجبل وأتوا بخشب وعيدوا بناء البيت فأرضى به وأظهر فيه مجدي، قال الرب” (حج1/8). في حين أن أرميا يقول: “أتسرقون وتزنون وتقلون إننا مُنقَذون، أفصار هذا البيت الَّذي دعي اسمي عليه مغارة للصوص أمام أعينكم؟ هذا ما رأيت يقول رب الجنود” (ارم7/1-11). في الحقيقة لا يوجد اختلاف حقيقية بين موقف الأنبياء من الهيكل، فالأنبياء لم يرفضوا الهيكل في ذاته بل رفضوا اعتماد الشعب المطلق على الهيكل وكأن بالهيكل الخلاص، رفضوا ممارسات الشعب الخاطئة في الهيكل، رفضوا ازدواجية موقف الشعب الَّذي من ناحية ينهب ويسرق ومن ناحية أخرى يذهب للهيكل ليصلي ويتعبد، أي أن الأنبياء رفضوا الاعتقاد السائد بأن وجود الهيكل هو الضمان المطلق لحضور الله، وقاوموا اختزال حضور يهوه فقط داخل الهيكل معلنين أن إرادة الله هي التواجد في كلّ العالم.
3- الأنبياء والسياسة:
إن النبي لا يستطيع أن ينغلق على الأمور الأخلاقية أو الدينية فقط، ولا يمكنه الصمت أمام الأوضاع السياسية الخاطئة، ولهذا تحتل السياسة مكانة مهمة في رسالة النبي، لدرجة أنه يبدو أن رسالة النبي تقتضي بشكل أو بأخر أن يكون مسؤولاً عن إعلان رأيه بصراحة وشجاعة في الأمور السياسية. وقد مارس كلّ نبي هذه المهمة بطريقته الخاصة، وحتى إذا كان يصعب علينا أن نفهم معنى تدخلاتهم، إلاَّ أنهم يسهل فهم وإدراك دوافعهم: فالأنبياء يعرفون مدى وطأة الأمور السياسية على إيمان الشعب، ومدى وجوب تأثر الأمور السياسية بإيمان الشعب. فموقف الأنبياء من السياسة هو تأكيد على التواصل الموجود بين الإيمان وكل أبعاد حياة الإنسان الاجتماعية والسياسية… فقد لعب صموئيل دوراً هاماً في بداية الحياة الملكيّة (1صم8-10) كما دعا الله إيليا وإليشع لكي يقلبا ملوك دمشق والسامرية (1صم19: 15-18و2مل9: 10).
وهناك مَنْ اتهم الأنبياء بأنهم أناس سذج يتعاملون مع القوى الأجنبية المحتلة ويعملون لصالحها: إليشع مع دمشق، اشعياء مع أشور، ارميا مع بابل، عاموس مع يهوذا… ويبررون هذه الخيانة باعتبار أن هذه القوى هي أداة عقاب الله نتيجة لمعصية الشعب، ولا فائدة من مقاومتهم، لأن الطريقة الوحيدة هي التوبة والعودة لله… وهم بذلك يعملون على اغتراب الشعب وعلى جعله يحيا في أوهام… إن هذه الاتهامات لرسالة الأنبياء لا تراعى كون الأنبياء لا يستطيعون الصمت أمام الأوضاع الَّتي يحياها الشعب. وأن تدخلهم في السياسة لا ينبع إلاَّ من إيمانهم العميق بأن “إيمان الشعب يجب أن يظهر في سياسته، وأن سياسته يجب أن تعكس إيمانه“، وبالتالي فتدخلاتهم هي إيمانية أكثر من كونها سياسية بالمعنى الدقيق للكلمة، تدخلات تعكس إيمانهم العميق بكون الله هو سيد التاريخ، الحاضر في التاريخ، والمتحكم فيه، فقوة يهوه هي الَّتي تتحكم في كلّ القوى الأخرى.
ثانياً: المسيح والعبادة والهيكل والسياسة
تابع المسيح في العهد الجديد مسيرة أنبياء العهد القديم فكان بالنسبة لمستمعيه نبياً “لقد قام بيننا نبي عظيم، وافتقد الله شعبه” (لو7/46)، واعتبر يسوع نفسه نبياً “ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه و في بيته”، وأيضاً “لا يمكن أن يهلك نبي خارجا عن أورشليم”. وقد مارس يسوع النبوة بأسلوب جديد، وبإبداع جديد، فاستخدم لغة واقعية بسيطة تفضح التباس رؤساء الدين والسياسة في عالمه.
1- يسوع والعبادة:
إن موقف يسوع من العبادة لا يختلف عن موقف أنبياء العهد القديم، فهو يندد بكل أشكال العبادة الظاهرية والخارجية وينادي بعبادة “بالروح والحق”، وبصوم لا يقوم على المظاهر الخارجية. وقد مارس هو ذاته العبادة فكان يذهب إلى الهيكل ليصلي مع تلاميذه، واهتم بطريقة شديدة بالصلاة فنجده في بعض الأحيان يقضي الليل كله في الصلاة “وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله” (لو 6 : 12)، فكان المسيح بحق رجل عبادة، رجل صلاة، فيذكر الكتاب أنه “وبعدما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفردا ليصلي ولما صار المساء كان هناك وحده” (مت 14 : 23). وقد دعى أتباعه إلى ممارسة العبادة الحقيقية “وانتم متى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق أقول لكم انهم قد استوفوا أجرهم وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك و صل إلى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية” (مت 6 : 5- 6). ويقول صراحة أنه “حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم” (مت 6 : 7). وقد انتقد بشدة الكتبة والفريسيين قائلاً: “ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل ولعلة تطيلون صلواتكم لذلك تأخذون دينونة اعظم” (مت 23 : 14). وأيضا “الذين يأكلون بيوت الأرامل ولعلة يطيلون الصلوات هؤلاء يأخذون دينونة اعظم” (مر 12 : 40). وأعلن أن الله يرفض الصلاة الَّتي تنبع من موقف تعالي ويقبل الصلوات النقية النابعة من موقف تواضع (مثل الفريسي والعشار).
وكانت دعوة المسيح لاتباعه بالصلاة واضحة “صلوا لئلا تدخلوا في تجربة” (لو 22 : 46). وبعد صعوده ووعده بإرسال الروح نجد أن الحلول يتمّ في جو عبادة حقيقية “هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة و الطلبة مع النساء و مريم أم يسوع و مع اخوته” (أع 1 : 14). ولأن يسوع أوضح أن العبادة الحقيقية هي بالروح والحق نجد أن التلاميذ والجماعة الجديدة بعد نوالهم يواظبوا على الصلاة وكسر الخبز “وكانوا يواظبون على تعليم الرسل و الشركة و كسر الخبز و الصلوات” (أع 2 : 42)، ونستطيع أن نقول أن الصلاة هي الَّتي وحدت وساعدت على تكوين الجماعة المسيحية.
وخلاصة القول هي أن يسوع دعا إلى العبادة الحقيقية والبعيدة عن المظاهر الشكلية، مكملاً بذلك دعوة أنبياء العهد القديم، ومظهراً أن الله لا يفرح سوى بالعبادة النابعة من قلب طاهر. وقد نهج التلاميذ والجماعة المسيحية الأولى نفس النهج فكانت الصلاة أهم ركائز هذه الجماعة.
2- يسوع والهيكل:
علاقة يسوع بالهيكل هي علاقة فريدة، فالروح يقود أبواه ليقدماه في الهيكل وهو صغيراً “فآتى بالروح إلى الهيكل و عندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس” (لو 2 : 27). وعندما بلغ الثانية عشر قد ترك أمه ويوسف ثلاثة أيام ليمكث في الهيكل معتبراً أن عليه أن يكون فيما لأبيه (لو2/47). وقد أتخذ الهيكل مادة لبعض أمثاله (الفريسي والعشار)، ومكاناً لكثير من معجزاته (شفاء الرجل ذي اليد اليابسة)، وموضعا لكثير من تعاليمه (“كان يعلم كل يوم في الهيكل وكان رؤساء الكهنة والكتبة مع وجوه الشعب يطلبون أن يهلكوه “(لو19: 47))… وقد اتخذ موقفا عنيفا أمام تعديات الشعب في الهيكل فيطرد الباعة “ودخل يسوع إلى هيكل الله واخرج جميع الذين كانوا يبيعون و يشترون في الهيكل و قلب موائد الصيارفة و كراسي باعة الحمام، و قال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى و انتم جعلتموه مغارة لصوص”. (مت21 :12-13)، ويضيف مرقس “ولم يدع أحدا يجتاز الهيكل بمتاع” (11 : 16)، وهذا لأن يسوع يعلن صراحة أن الهيكل هو بيت أبيه.
وساعة القبض عليه أبدى استعجابه من الطريقة الَّتي أتوا بها إليه “في تلك الساعة قال يسوع للجموع كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني كل يوم كنت اجلس معكم اعلم في الهيكل ولم تمسكوني” (مت26 : 55)، وأمام حنان يجيب “يسوع أنا كلمت العالم علانية أنا علمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائما وفي الخفاء لم أتكلم بشيء” (يو 18 : 20)، وأيضا ( مت 26 : 59 – 66 ، مر 14 : 55 – 64، لو 22 : 66 – 71 ). وكانت إحدى الاتهامات الموجه إليه هي أنه “و قالا هذا قال إني اقدر أن انقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام ابنيه” (مت 26 : 61)، ولهذا “كان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، أنقذ نفسك” (مر 15 : 29). والغريب أن حجاب الهيكل ينشق عند موته على الصليب “انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى اسفل” (مر 15 : 38).
ومن كلّ ما سبق يتضح لنا أن علاقة المسيح بالهيكل كانت علاقة فريدة بدأت حين قدماه والديه وهو طفل صغير واستمرت طيلة حياته ورسالته وحتى لحظة موته على الصليب. علاقة تميزت بالارتباط الشديد بالهيكل، “ولكن أقول لكم إن ههنا اعظم من الهيكل” (مت 12 : 6)، وذلك لأن الهيكل كرمز لحضور الرب وسط شعبه أصبح في المسيح حقيقة “عمانوئيل”. إلاَّ أن المسيح في ذات الوقت انتقاد بشدة كلّ ممارسات الشعب الخاطئة في الهيكل. فاصبح المسيح بذلك هو التحقيق الكامل للهيكل الحقيقي.
وقد أثرت علاقة المسيح بالهيكل على التلاميذ فنجدهم بعد صعوده يذهبون إلى الهيكل ليصبح الهيكل هو مكان عبادة الشعب الجديد “وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج و بساطة قلب” (أع 2 : 46)، واستمر ذلك إلى أن بدأت الجماعة المسيحية الأولى في الاستقلال.
ومن الجدير بالذكر أن بولس الرسول كمال على نهج المسيح، ففي حين أعلن يسوع أنه هو ذاته الهيكل، بل وأعظم من الهيكل “لكن أقول لكم أن ههنا اعظم من الهيكل” (مت12 :6). نجد بولس يعلن قائلاً: “أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم” (1كو 3 : 16)، و”أن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لان هيكل الله مقدس الذي انتم هو” (1كو 3 : 17)، “أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وإنكم لستم لأنفسكم” (1كو 6 : 19). كذلك نجد أن أحداث سفر الرؤيا تتم أغلبه في الهيكل، إلاَّ أن سفر الرؤيا يعلن عن هيكل الجديد وارض الجديد والسماء الجديدة فيقول: “ولم أر فيها هيكلا لان الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف هيكلها” (رؤ21 :22).
3- يسوع والسياسة:
واجه يسوع بشدة رغبة الشعب في مسيا سياسي، ورفض هذا التصور الخاطئ للمخلص المنتظر، فالشعب الَّذي كان يحلم بمخلص سياسي يخلصه من وطأة الاستعمار الروماني حاول بمختلف الطرق دفع يسوع إلى دائرة السياسة. ولهذا فقد كانت هذه الرغبة من قبل الشعب من أكثر الأمور الَّتي قاومها يسوع. وعندما أراد الفريسيون أن يصطادوه بكلمة.وسألوه: ماذا تظن أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا. فعلم يسوع خبثهم و قال لماذا تجربونني يا مراؤون. اروني معاملة الجزية فقدموا له دينارا. فقال لهم لمن هذه الصورة و الكتابة. قالوا له لقيصر فقال لهم أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله” (مت21/21-24). وبهذه العبارة الموجزة يوضح أنه يجب التمييز بين ما هو سياسي وما هو ديني، فأخطر تجارب الدين هي اعتبار الدين سياسة والسياسة دين “دين ودولة”، فصحيح أنه لا يمكن الفصل الكامل بينهما إلاَّ أنه يلزم التمييز الدائم بينهما. فيسوع نفسه أنتقد هيرودس ووصفه بالثعلب “في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج و اذهب من ههنا لان هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم امضوا و قولوا لهذا الثعلب ها أنا اخرج شياطين و اشفي اليوم و غدا و في اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي أن أسير اليوم و غدا و ما يليه لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجا عن أورشليم” (لو13/32//). وذلك لأن النبي كما سبق واشرنا لا يستطيع أن يتخذ موقف اللامبالي أمام الأحداث…
ثالثاً: نحن والعبادة والهيكل والسياسة
أسس المسيح الكنيسة لتكون صدى لصوته النبوي في كلّ العصور وفي كلّ العالم. وهذا هو هدف ورسالة الكنيسة. فمن الصعب أن نتصور كنيسة خالية من كلّ طابع نبوي، وإلاَّ تخون الإنجيل، فالإيمان المسيحي، بهذا المعنى، هو تأكيد على أن في المسيح تمام البشرى النبوية، من حيث إنه هو الكاهن والنبي والملك، وبأن المسيحيون بنوالهم المعمودية يشتركون في وظائف المسيح الثلاث: الكاهن (الهيكل)، والنبي (العبادة)، والملك (السياسة)، وبالتالي لا يمكن الفصل بين الدعوة المسيحية وبين الهيكل (الكهنوت) أو العبادة (النبوة) أو السياسة (الملك)، فكل مسيحي بالمعمودية يشترك في كهنوت المسيح العام. هذا ما شدد عليه المجمع الفاتيكاني الثاني الَّذي أبرز من جديد دور المسيح ككاهن ونبي وملك، مؤكدا أن ذلك هو ذاته دور كلّ المؤمنين بالمسيح، فشعب المسيح يشارك المسيح في وظائفه.
وخلاصة القول هي أن الكنيسة (جماعة المؤمنين) هي مشاركة للأنبياء وللمسيح في رسالتهم النبوية، وبالتالي فهي مدعوة لتكون دائما ضمير المجتمع اليقظ، وصوت الحق الصارخ، وصوت كلّ من لا صوت له.فالمسيح قد أودع المؤمنين به رسالته ذاتها، فلا يسقطوا في تجربة “العبادة الظاهرية”، أو تجربة “الاعتماد على الهيكل الخارجي”، أو تجربة “الدين والدولة”. فالمسيح كسائر الأنبياء يدعو إلى المستحيل. ومستحيل يسوع هو المحبة، وهو الالتزام الحرّ بعيش العبادة بروح الأنبياء، والى عيش الإيمان بجرأتهم، والى الدفاع عن الحق بنفس جسارتهم. وبعبارة أخرى يمكننا القول بأن المسيح لم يضع بمجيئه حداً لزمن الأنبياء، ولم تنته الحركة النبوية. وكونه كمال رسالة الأنبياء يعني أنه ختم حلقة أنبياء إسرائيل، لكن الله ما برح يختار أنبياء لكنيسته يواصلون مهمة ابنه النبوية. ألم يردد بطرس الرسول بعد العنصرة كلام النبي يؤيل “وفي تلك الأيام أُفيض روحي على كلّ ذي بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم. ويرى شبانكم رؤى وشيوخكم أحلاماً” (راجع: أع 2: 17-21، يؤ3: 1-5)، وبالتالي فكل مسيحي بفضل عماده وتثبيته هو خليفة للأنبياء، وعليه متابعة دور المسيح النبوي أي شاهداً للمسيح ولسان حال الله الآب والروح بين جميع البشر.
الأب/ يوأنس لحظي جيد