الصداقة لجبران خليل جبران

فأنت لا تخشى أن تقول له ” كلا ” ، ولا أنت تمسك عنه كلمة “نعم” .


وعندما يكون صامتاً، فقلبك لاينفكّ يصغي إلى قلبه.


لأنه حيثما كانت الصداقة ، فجميع الأفكار والرغبات والآمال


تولَد وتُقتَسَم بفرح يأتي الصديقين دونما سابق إعلان .


وإذا افترقت عن صديقك فلا تحزن،


لأن ما أحببته فيه فوق كل شيء آخر ينجلي لك أكثر فأكثر في بعده عنك .


مثلما ينجلي الجبل من السهل لمن شاء أن يتسلّقه.


ليكن خير ما عندك لصديقك .


وإذا كان لا بد له من أن يعرفك وأنت في حالة الجزر ،


فليعرفك كذلك وأنت في حالة المدّ.


وهل الصديق للتسلية فتسعى إليه في ساعة الضجر لقتل الوقت؟


بل اذهب إليه دائماً لتحيا و إياه ساعات مليئة بالحياة.


لأنه ما كان صديقك ليملأ فراغك، بل ليقضي حاجتك .


وإذا اجتمعت بصديقك فلتكن حلاوة الصداقة مبعثاً للضحك و اقتسام المسرّات.


لأن القلب ينتعش ويجد صباحه في ندى الزهيد والصغير من الأشياء”.

جبران خليل جبران : النبي (1923)، ترجمة ميخائيل نعيمة (1956)، ص 70-71 ، مؤسسة نوفل، بيروت