نصائح روحية بقلم: الأب متى المسكين

2. لا يمكن الانفكاك من الإنسان العتيق إلا إذا بلغ الإنسان اليأس الكامل من الجمع بين الظلمة والنور، حب الذات وحب الله، تمجيد الذات وتمجيد الله، الكذب والصلاة، النجاسة والعبادة، الطمع أو الطموح والتقوى، العالم والله، الذم أو النم والمحبة، محبة الرئاسة والرهبنة أو النسك.

3. بدل أن تباغتنا تأديبات الله فنتوجع منها ونستغربها، علينا أن نسرع ونقدم أنفسنا للتأديب والتوبيخ تحت يد الروح القدس معترفين بأوجاعنا الداخلية أمامه بدون غش أو مواربة، حتى نقبل تهذيب النعمة لكسر كبريائنا افتخارنا وتطهير نجاسات قلبنا بنار تأديباته. عالمين أن وراء تأديبات الله عمليات اختبار وامتحان كلها لضمان خلاص النفس واستيفاء ديونها وإعدادها لملء الروح وتهيئتها للشهادة الصادقة.

4. الابن المطيع العاقل يكشف عيوبه وأمراضه لأبيه وطبيبه ليشفيه منها، كل منهما بطرقه الخاصة.

5. التلميذ الناجح لا يخفى جهله ولا يتظاهر بالعلم كذباً، وإلا فمآله إلى الضياع.

6. الابن يثق في أبيه، وليس له أن يسأله عن كيفية أو منهج تهذيبه.

7. التلميذ لا يسأل مدرسه عن مدى المقررات والمناهج المفروضة.

8. الروح القدس سيعمل فيك عكس ما أنت تعمل مع نفسك تماماً: أنت كنت تغطيها وتسترها بالقوال الروحية والأعمال الريائية المقدسة والصوت المتضع المنخفض، والروح سيكشف ويفضح ويعرى، ليظهر عيوبك أمام عينيك، والناس إذا لزم الأمر. أنت كنت ترى في التظاهر بالقداسة منفعة لنفسك، والروح يرى في فضح قداستك الكاذبة خلاصك. أنت كنت تربى الإنسان العتيق على الكذب والفسق والرياء والكبرياء، والروح القدس لا يربى روحك وينميها إلا بعد وضع حد لكل أعمال الإنسان العتيق.

9.  إذا رفضت وتململت من معاملة الروح القدس لك، تركك ورفع نعمته عنك لتتردى في شهواتك وكبريائك وخطاياك وغشك أكثر فأكثر حتى تتورط جداً، وحينئذ لا تجدي صلاة ولا تجدي دموع أو صوم، وتظل جميع وسائط النعمة بلا ثمر حتى تعترف بمدى عنادك وخطئك، وتعود تنسحق تحت يد الله حتى التراب. لأنه إما أن يسود الروح القدس وتموت الذات فيقود الروح الإنسان كله في النور، وإما أن تسود الذات وينحصر الروح ويسير الإنسان من ظلام لظلام.

10. “فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام” (يوحنا12/ 35) حيث النور يستمر كشف النفس.

11. “الكل إذا توبخ يظهر بالنور، وكل ما أظهر فهو نور” (أفسس 5: 13)

12. “لماذا لا تفهمون كلامي (معاملات الروح القدس) لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي. والذي من الله يسمع كلام الله” (يوحنا 8: 43و47).

13.  “إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له” (رومية 8: 9). أي تمسك ببعض الإنسان العتيق، ببقية من أعمال الظلمة في الخفاء، لا يمكن أن يظل مستوراً، فسوف تظهر في سلوكك عفواً دون أن تدرى، فتعطى لروحياتك طعماً مغشوشاً لا يستسيغه أولاد الله ويكشفونه بعد مدة ويعثرون بك عثرة مميتة، فتكتسب غضب الله “ويل لمن تأتى بواسطته العثرة” (متى 7/ 18) فلا تكن نصف روحاني أو نصف حي أو نصف حار، لئلا يتقيأك الله. لا تمزج كأس الله مع كأس الشيطان، كأس الله هو حياة حسب الروح وكأس الشيطان هو حياة حسب الجسد.إن أردت أن تتخلص تماماً من إنسانك العتيق، سلم نفسك مرة واحدة للروح القدس لتعيش في النور وارفض أعمال الظلمة ووبخها، اقطع بسكين حاد عادات الإنسان العتيق وأهواءه ومزاجه وأفكاره، لا تشفق على من يريد هلاك روحك وحبسك في ظلام الموت إلى الأبد. لا ترحم الإنسان العتيق لأنه لن يرحمك.

14. إذا قوى عليك الإنسان العتيق استخدم الحيلة: عندما دخل بعض الأشرار كنيسة القيامة في زمن أنبا باخوم، واحتلوها وبدأوا يقيمون فيها عباداتهم بالنجاسة والزنا، استغاث أسقفها بأنبا باخوم، فهذا أرسل له نجدة من السواح الذين لهم قدرة على الدخول إلى الأماكن المغلقة دون أن يراهم أحد، فدخلوا داخل الهيكل ومعهم القرابين الطاهرة وبدأوا فجأة في إقامة القداس، فانزعج الأشرار وخرجوا بخوف ورعبة وتركوا الكنيسة لأسقفها.هكذا إذا كان الشيطان قد احتال على جسدك العتيق وأقام منه هيكلاً لنجاساته وقفل على الروح في داخلك، استخدم الصلاة المسكينة والمنسحقة جداً لتكون هي بمثابة السواح، فتدخل الصلاة داخل روحك وتنعشها وتبدأ روحك تقدم القرابين الطاهرة من الداخل، أي تقدمة الدموع والتوبة والتوسل واللجاجة، وحينئذ تقوى الروح وتنتعش وتضغط على الجسد العتيق فتشل حركته وتبطل شهوته وتأسره، استمر في الصلاة بدون انقطاع ليل نهار بعناد وإصرار حتى تتحرر كنيسة القيامة داخل حياتك.

15. “لأننا نحن الختان الذين نعبد الله بالروح ونفتخر في المسيح يسوع ولا نتكل على الجسد” (فيلبى 3/3)

16. “ن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون” (رومية 8/13)

17. “كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء” (1 كورنثوس 9/25).

18. أقمع جسدي وأستعبده” (1 كورنثوس 9: 27).

19. حينما يظهر لك النور داخل قلبك ويكشف لك إنسانك العتيق بقبحه وشناعته وفجوره، سوف لا تطيق نفسك. لأنك ستراه أقبح مما كنت تظن أو تتصور ألف بل آلاف المرات.

20.  سوف يأتي يوم تتأكد فيه تماماً أن كل معاملات الله القاسية معك وكل تأديبات الروح القدس بما فيها من تخلية وإهمال ونسيان، وإخفاق متعمد، وفشل ينادى فشلاً، وترك الشهوات عليك لإهانة نفسك وجسدك أمام عينيك، نعم، ترى أن كل هذه كانت هي الرحمة بعينها حتى تتيقظ من نوم الموت وغفلة الهلاك الأبدي، وكانت هي هي الحب الصادق المخلص ومنتهى الشفقة الأبوية، لأن بهذه الأمور كان يجذبك للخلاص، ويشهد ضدك كل يوم أنك لست حسب قلبه!! ويقنعك بالواقع العملي أنك لا تزال مرفوضاً!! أنت تهمل وتتغافل وتنسى الصلاة، أما هو فلن يهمل تأديبك حتى تعود!!

21.  “كل من يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله” (عبرانيين 12: 6)، فلا ترفض تأديب الرب.

22. “هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها.حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك” (إشعياء 15/49)، بالتهذيب اليومي حتى تكمل قامتنا الروحية.

23. “عيني عليك لا أهملك ولا أتركك” (عبرانيين 13: 5)، حتى تصير ابناً صالحاً كاملاً.

24. “أنادى للمأسورين بالإطلاق” (لوقا 4: 18)، من سجنوا إنسانهم العتيق في دائرة خطايا وعادات وشهوات واهتمامات باطلة.

25. قال هذا مشيراً إلى أية ميتة كان مزمعاً أن يمجد الله بها. ولما قال هذا قال له اتبعني” (يوحنا 21: 19).

 

بقلم: الأب متى المسكين