– لذلك فإن كل حركة تعبر بها عن انفعالك لا شعورياً، دون أن تتكلم، وبالأخص لهؤلاء الذين تراهم لأول مرة والذين يكونون عنك انطباعاً أولى، وأهم ما يعطيهم هذا الانطباع هو وجهك وانفعالاتك وليست كلماتك.
– ومن هنا صديقى إن كنت تريد أن يرحب بك الجميع، وأن يشعروا بالفرحة فى لقائك، فعليك أنت أن تعطيهم هذا الانطباع، من خلال عدة نقاط:
1- وجهك يتكلم عنك :
إن الشمس والقمر لا يتكلمان، ولكنهما منذ القدم قد ألهبا خيال الشعراء، وأنت كذلك إن صمت، فإن تعبيرات وجهك تتكلم عنك.
– وقد حدث فى أحد المؤتمرات حينما كان شخص ما يتكلم والجالس أمامه أبدى استياء فقط بتعبيرات وجهه، مما دفع المتكلم لإنهاء كلمته، وتحولت المناقشة كلها حول هذا الموضوع.
– فحاول صديقى أن تكون تعبيرات وجهك، هى الباب المفتوح الذى يدفع الآخرين للدخول إلى نفسك، واسترجع تلك الكلمات التى أعلنها الحكيم سليمان، حينما اكتشف أن وجه الإنسان يعبر عن أعماق قلبه فقال: “القلب الفرحان يجعل الوجه طلقاً” (أم 15:13).
– والابتسامة من أهم معالم الوجه، وكما يقول أحد الكتاب: “أن الابتسامة هى الراية المرفوعة التى تعلن قدوم صديقى”.
– ولكن كل ما أرجوه أن تكون ابتسامتك صادقة، ولا تربط الابتسامة بالأشياء الحسنة التى تراها، بل حاول أن تبتسم لتدفع من هو أمامك ليظهر هذه الأشياء.
– حقيقة أن الابتسامة كالحصاة التى تلقى فى ماء الغدير، فتؤلف من الماء دوائر تتسع، لتجعل كل من حولك يتمنى لقاءك.
2- سلم بحرارة :
– لقد أصبحت الطريقة التى يصفح بها المرء صاحبه فى هذه الأيام، تنم عن شخصية صاحبه، فإذا استطاع أن يضع فى مصافحته الحرارة والعاطفة، دل ذلك على أن قلبه فى موضعه الصحيح، فهو بهذه المصافحة يريد أن يقول لمصافحه: “أننى أحبك، وأن لقائى بك من الأشياء التى تجعل يومى سعيداً”.
– إن سلامك المملوء بالعاطفة والحب، يدفع الذى أمامك للاستمرار فى الوقوف معك، وانبساط وجهك مع سلامك العاطفى يطفئ على شخصيتك جمالاً، ولا نخطئ إذا قلنا: أن الحب يكمن فى راحة يديك.
– وقد اهتمت الكنيسة فى طقوسها بالمصافحة حين ينادى الشماس قائلاً: “قبلوا بعضكم بعضاً…” كتعبير عن السلام والصلح، معلناً حبه له عن طريق القبلة المقدسة.
3- تذكر أسماء الناس :
– أعلم جيداً أن إسم الإنسان هو أعز ما يملك، وأن تذكرك لاسمه هو المفتاح للدخول إلى قلبه، ودليل على أن العلاقة بينكم علاقة صداقة وليست معرفة سطحية.
– وتذكر كيف أن الرب يسوع استطاع أن يملك قلب زكا العشار، حينما ناداه باسمه وهو لم يعرفه.
– وكيف أعطى الرب مثالاً للراعى الصالح الذى يعرف خاصته، ويدعوها بأسمائها، مما يشعر الإنسان بالانتماء والتلاقى مع هذا الذى يناديه باسمه.
– فتذكر الاسم دليل على التخصيص، وأنك تحمل فى قلبك مكاناً خاصاً لهذا الصديق.
– يؤكد الرب نفسه هذه الحقيقة، حينما يؤكد لكل من يحبه على لسان نبيه أشعياء قائلاً: “دعوتك باسمك أنت لى”.
عزيزى… إن هذه المحاولات لكى تملك قلب من حولك بالحب، ليست فقط لكى تزيد من أصدقائك ولكن لكى تشبع رغبات حياتك، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون الآخر، والحياة عجلة لا تسير إلا بدفعة من كثرة الأيادى.
إن كل المسيحية تكمن فى محبة الله ومحبة الآخر.
? هل يمكن أن تعيش وحدك؟ سؤال ربما الإجابة عليه بديهية، وهى أنك لا تقدر أن تعيش وحدك.. وأن الحياة هى أن تعيش مع الآخرين، فالإنسان كما يقول علماء النفس – اجتماعى بطبعه – فعالم النفس ماكدوجال يقول: “إن الغريزة الاجتماعية جزء لا ينفصل عن الإنسان، لذلك فإن تحقيق الفرد لأقصى إمكانياته، لا يكون إلا عن طريق الحياة الجماعية”، من هنا يتضح أن الإنسان لا يستطيع إلا أن يعيش وسط الجماعة، ولكن هذه الفكرة أو هذه الغريزة خلقت للإنسان مشكلة أو صراع بين إحساسه بنفسه وسط الجموع.
وكان السؤال الملح على الإنسان هو كيف أستطيع أن أعيش وسط هذه الجماعات من الناس التى تختلف عنى، بل وأحياناً تناقضنى.. كيف أعيش وسطهم بلا منازع ولا صدام، بين شخص كفرد وبينهم؟!
? أعتقد “ستائر” مؤسس الوجودية الحديثة أن الحل هو الحياة “وحدى”، والمحافظة على “فرديتى” فقال فى إحدى مسرحياته الشهيرة: (إن الجحيم هو الحياة مع الآخرين)، ولكن هذه النظرية لم يزيد الإنسان إلا غربة عن الآخرين، وكراهية لكل من حوله، وحب لذاته فقط.
? بينما هناك عبارة ذهبية بسيطة فى معناها، ولكن لها قوة السحر فى تطبيقها، فقد قال رب المجد يسوع المسيح عن العلاقة مع الآخرين: “أحب قريبك كنفسك”.. وأحب لقريبك ما تحبه لنفسك.
? صديقى إن الحل فى حياتك مع الآخرين يكمن فى تلك الكلمات، كيف تحب الآخرين، وكيف يمكن للآخرين أن يحبوك وهذا أهم، وهناك عدة نقاط تساعدك أن تكون محبوباً وأن تملك فى يديك قلوب كل من حولك.
أولاً: الحب الصامت ليس حباً :
– ما أسهل أن تقول وما أصعب أن تفعل ما تقول، هذه الحقيقة كثيراً ما تتوه من أمامنا.. فنحن نعلن أمام الكثيرين اننا نحبهم ومكانتهم فى قلوبنا، ولكن… هل يمكن ان يكون الكلام والشعارات هى كل شئ عن الحب.
– إن صوت الرسول الحبيب يوحنا يهمس فى آذاننا: “يا أولادى لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق” (1يو 18:3).
فأنت يا من تقول لكل أحد أنى أحبك، ماذا فعلت من أجل من تحبهم؟ فالحب يا صديقى وحده لا يكفى، يجب أن تعبر عنه.
– فإن عجلة الحياة لا تمضى، ما لم يساهم فى دفعها كثير من الأيادى، ولكن الكلام لا يحرك شيئاً.
? إن الله حينما أحب الإنسان عبر عن هذا الحب فى صور كثيرة، فيقول قداسة البابا شنوده: “إن الإنسان كان فى عقل الله فكرة وفى قلبه مسرة” ومن أجل هذه المسرة خلق له كل شئ رآه أنه حسن.. ثم خلق الإنسان على صورته ومثاله، ووضعه فى الجنة وأعطاه السيادة، وحينما أخطأ، مات لأجله لكى ينقذه، فكان حقيقياً يحب الإنسان لأنه “ليس حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه”.
? أخى فى اللحظة التى تستطيع فيها أن تعبر عن حبك.. أن تمد يدك لكل من يتاح إليك.. أن تسرع لمن يدعوك.. إن استطعت أن تجيب كل من يسألك… فأنت على الطريق نحو جذب قلوب الآخرين.. وستكون بلا شك محبوباً جداً.
1- لا تنسى التقدير :
يقول عالم النفس ألفريد أدلر: “إن تلهف الفرد على التقدير والاحترام هو المحرك الأول للحياة”، فإن الحياة تأخذ معناها من قيمة من يعيشوها، لذلك فكل إنسان لابد أن يكون شيئاً يذكر فى هذه الحياة، وعليك أنت يا صديقى أن تطبع هذه الفكرة على كل من تقابله، إن كلمات التقدير هى الوقود الذى يدفع الإنسان للاستمرار رغم صعوبات الحياة، فإحساس الإنسان بالأهمية يشدد من عزيمته للمضى قدماً فى خضم الحياة – فلماذا تنسى أن تقدر من حولك فى كلماتك وفى مشاعرك أيضاً، إن اهتمامك بقيمة الآخرين يرفع من قيمتك أيضاً.
إن المسيحية تهدف إلى رفع قيمة الإنسان، وليس هناك مثل على ذلك أعظم من نزول رب المجد ليأخذ جسداً ويعايش الإنسان، صديقى مهما يكن تقديرك للآخرين ضئيلاً، فهو كعود الثقاب الصغير الذى يستطيع أن يشعل كومة القش الكبرى، فتلهب حياة الإنسان. وكما يقول فرويد” “إن فى داخل كل إنسان فائض عاطفى يجب أن يعطيه للآخرين” فأنت إذاً مدفوع دفعاً، لتقدير الآخرين فلماذا تنساهم؟!
2- أخرج من الجافة حلاوة :
إنك أحياناً كثيرة تقول ربما أستطيع أن أحب وأقدر؛ ولكن ليس كل أحد، فأنا لا أرى فى الجميع أنهم صالحون لهذا، ولكن أقول لك أنه مهما كان الظلام حالكاً فهناك توجد النجوم.. ولكن كل ما نريده منك أن تحاول أن ترى هذه الصفات الطيبة فى كل أحد، وتظهرها وتحبه من خلالها.