مشوار الصداقة

فتحت زراعي و قلبي لاستقبال صديقي الأول في مسيرتي القصيرة في هذه الدنيـا ، و لم اكن ادري وقتها إنني وجدت ظلاً لصديق و ليس صديق تصورت انه يبحث عني كما ابحث عنه .
تقابلنا ، تعارفنا ، أخذنا الحوار الهادئ بين طياته كبحر عميق يُخبأ بداخله كل ما هو عجيب و غريب و لكن لم انتبه وقتها أن هذا البحر له صرخاته المفاجئة التي ستفاجئنا في وقتاً ما عاجلاً أم آجلاً و أخذ كل منا يدخل بأعماق الآخر كبذرة تنغرس في الأرض حتى تستطيع ان تستنشق هوائها و هي مغروسة في عمـــــــــق الأرض و حدث ما تناسيناه ان نتقابل في نقطة تكون هي أيضا نقطة مفترق الطرق ، عصفت بنا أمواج أفكارنا كل منا بعيد عن الآخر و كأن البذرة التي نغرسها تختنق بل و تكاد ان تموت . توقف كل شئ ، الحوار .. الغرس .. حتى الصمت هو أيضاً توقف . عندما اختلفنا لم يستطع كل منا أن يُصغي كما كان يفعل في البداية .
علمت وقتها أن في الصداقة نستطيع أن نتكيف سوياً في كل شئ الأفراح .. الأحزان .. الأحلام .. الحواديت و عندما نصل إلى أفكارنا و وجهات نظرنا فأننا نسقط كل الأشياء ، نفقد البصيرة و يبصر كل واحد إلى نفسه فقط . تختلف الأمور لنصبح أربعة و ليس اثنين ، اثنان متفقان و اثنان مختلفان . و تنتهي المسألة في حل من اثنين : الأول أن نُغلق الموضوع بعد أن تكون وجهات نظرنا تركت آثراً سلبياً كل منا في الآخر ، و الثاني أن يكون الحوار اشتد و فقد كل منا إحساسه بالآخر فنصل إلى مفترق الطرق .
أدركت من خبرتي الأولى لمعنى الصداقة إننا إذا أردنا أن نستمر مرتبطين لابد في البداية من الاستعداد لقبول كل منا الآخر بكل ما هو عليه و أن يساعد كل منا الآخر في فهم نفسه و الآخر . هذا هو الشاق و الصعب في صداقة واقعية . إذا استطعنا أن نفعل ذلك سنكمل الطريق سوياً مهما اختلفنا في أي شئ ، ستزهر و تثمر البذرة التي غرسناها بقلوبنا.

كتبته / رشا ارنست
جماعة الدير الخفي – مصر