مقتطفات من تعليق الأب رانييرو كانتالامسا
على قراءات الأحد السابع من الزمن العادي
ننشر في ما يلي قراءات الأحد السابع من الزمن العادي، يليها مقتطفات من تعليق الأب رانييرو كانتالامسا الكبوشي، واعظ الدار الرسولية.
القراءة الأولى: 1 صموئيل 26، 2. 7- 9. 12 – 13. 22- 23
فقامَ شاوُلُ ونَزَلَ إِلى بَريَّةِ زيف ومعَه ثَلاثَةُ آلافِ رَجُل مِن المُخْتارينَ في إِسْرائيل، لِيَطلُبَ داوُدَ في بَرِّيَّةِ زيف. فأَتى داوُدُ وأَبيشايُ إِلى الشَّعبِ لَيلاً، فإِذا بِشاوُلَ مُضطَجعٌ في وَسَطِ المُعَسكَرِ وهو نائِم وُرمحُه مَغْروزٌ في الأَرضِ عِندَ رأسِه، وأَبْنيرُ والشَّعبُ راقِدونَ حَولَه. فقالَ داوُدُ لأَبيشاي: " لا تَقتُلْه، فمَنِ الَّذي يَمُدُّ يَدَه إِلى مَسيحِ الرَّبِّ ويَكونُ بَريئًا؟ وأَخَذَ داوُدُ الرُّمحَ وجَرَّةَ الماءِ مِن عِندِ رأسِ شاُولَ وانصرَفا، ولم يَكُنْ مِن ناظِرٍ ولا عارِفٍ ولا مُستَيقِظ، لأَنَّهم كانوا جَميعُهم نائِمين، إِذ إِنَّ سُباتَ الرَّبِّ العَميقَ وَقَعَ عَلَيهم. واجْتازَ داوُدُ إِلى الحِبْرِ ووَقَفَ على قِمَّةِ الجَبَلِ مِن بُعدٍ ، والمَسافَةُ بَينَهم بَعيدة. فأَجابَ داوُدُ قائِلاً: "هذا رُمحُ المَلِك، فلْيَعبُرْ أَحَدُ الخُدَّام ويَأخُذْ. سيُكافِئُ الرَّبُّ كُلَّ واحِدٍ بِحَسَبَ بِرَه وأَمانَتِه، فقَد أسلَمَكَ الرَّبُّ اليَومَ إِلى يَدي، ولم أَشأ أَن أَمُدَّ يَدي إِلى مَسيحِ الرَّبّ.
القراءة الثانية: 1 قورنتس 15، 45-49
وَرَدَ في الكِتاب: (كانَ آدمُ الإِنسانُ الأَوَّلُ نَفْسًا حَيَّة) وكانَ آدمُ الآخِرُ رُوحًا مُحْيِيًا. ولكِن لم يَظهَرِ الرُّوحِيُّ أَوَّلا، بلِ البَشَرِيّ، وظَهَرَ الرُّوحِيُّ بَعدَه. الإِنسانُ الأَوَّلُ مِنَ التُّراب فهو أَرْضِيّ، والإِنسانُ الآخَرُ مِنَ السَّماء. فعَلى مِثالِ الأَرضِيِّ يَكونُ الأَرضِيُّون، وعلى مِثالِ السَّماوِيِّ يَكونُ السَّماوِيُّون. وكما حَمَلْنا صُورةَ الأَرضِيّ، فكذلك نَحمِلُ صُورةَ السَّماوِيّ
الإنجيل: لوقا 6، 27-38
وأَمَّا أَنتُم أَيُّها السَّامِعون، فأَقولُ لَكم: أَحِبُّوا أَعداءكم، وأَحسِنوا إِلى مُبغِضيكُم، وبارِكوا لاعِنيكُم، وصلُّوا مِن أَجْلِ المُفتَرينَ الكَذِبَ علَيكُم. مَن ضَرَبَكَ على خَدِّكَ فاعْرِضْ لَه الآخَر. ومَنِ انتَزَعَ مِنكَ رِداءكَ فَلا تَمنَعْه قَميصَكَ. وكُلُّ مَن سَأَلَكَ فأَعطِه، ومَنِ اغتَصَبَ مالَكَ فلا تُطالِبْهُ به. وكَما تُريدونَ أَن يُعامِلَكُمُ النَّاس فكذلِكَ عامِلُوهم. فإِن أَحبَبتُم مَن يُحِبُّكم، فأَيُّ فَضْلٍ لَكُم ؟ لأَنَّ الخَاطِئينَ أَنفُسَهُم يُحِبُّونَ مَن يُحِبُّهُم. وإِن أَحسَنتُم إِلى مَن يُحسِنُ إِليكُم، فأَيُّ فَضْلٍ لَكُم ؟ لأَنَّ الخاطِئينَ أَنفُسَهُم يَفعَلونَ ذلك. وإِن أَقرَضتُم مَن تَرجُونَ أَن تَستَوفوا مِنه، فأَيُّ فَضْلٍ لَكُم ؟ فهُناكَ خاطِئونَ يُقرِضونَ خاطِئينَ لِيَستَوفوا مِثلَ قَرْضِهم. ولكِن أَحِبُّوا أَعداءَكم، وأَحِسِنوا وأَقرِضوا غَيرَ راجينَ عِوَضاً، فيَكونَ أَجرُكم عَظيماً وتكونوا أَبناءَ العَلِيّ، لِأَنَّهُ هو يَلطُفُ بِناكِري الجَميلِ والأَشرار. كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم. لا تَدينوا فَلا تُدانوا. لا تَحكُموا على أَحَدٍ فلا يُحكَمَ علَيكم.أُعْفُوا يُعْفَ عَنكم. أَعطُوا تُعطَوا: سَتُعطَونَ في أَحضانِكُم كَيْلاً حَسَناً مَركوماً مُهَزْهَزاً طافِحاً، لِأنَّه يُكالُ لَكم بِما تَكيلون.
كلمة الاب كانتالاميسا
إنجيل هذا الأحد يتحدث عن الميزة الاخلاقية التي على كلّ تلميذ للمسيح أن يتحلّى بها. الكلّ يتلخّص في "القاعدة الذهبية" في العمل الأخلاقي: "إفعلوا للناس ما تريدون أن يفعله الناس لكم". قاعدة، إذا ما تمّ الالتزام بها، تكفي بمفردها لتغيير وجه العائلة والمجتمع الذي نعيش فيه. كان العهد القديم يعرفها بالشكل السلبي: "كُلُّ ما تَكرَهُه لا تَفعَلْه بِأَحَدٍ مِنَ النَّاس" (طوبيا 4، 15)؛ أما يسوع فيطرحها بشكلها الإيجابي المتطلِّب: " أن نفعل للآخرين ما نريد أن يفعله الآخرون لنا".
ولكن المقطع الإنجيلي يطرح أيضاً بعض التساؤلات. "من يصفعك على خدّك أدر له الآخر؛ ومن انتزع منك رداءك فلا تمنعه قميصك؛ كلّ من سألك فأعطه، ومن اغتصب مالك فلا تطالبه به… ". ولكن هل يطلب يسوع من التلاميذ عدم الاعتراض للشر، والسماح بالعنف؟ كيف يمكن الدمج بين ضرورة محاربة الإجرام، والتصدي له بشجاعة، وإن كان في الأمر خطورة؟ كيف يمكن أن نتعامل مع "عدم التسامح"، الذي يُطالَب به اليوم أمام انتشار الإجرام؟ الإنجيل، ليس فقط لا يدين الأحكام القانونية، وإنما يدعمه.
هناك حالات تقتضي أن ترفض المحبة فيها أن تدير خدّها الآخر، وأن تواجه ما يحصل. القاعدة الذهبية التي تعمل في كلّ الحالات هي أن نفعل للآخرين ما نريد أن يفعله الآخرون لنا. وهنا تكمن أهمية الشهادة ضدّ الإجرام، وإلا لاستمر الإجرام وتطور. ولكن كلمات إنجيل الغد هي نوعاً ما أكثر خطورة: "لا تدينوا لئلا تدانوا، ولا تحكموا على لئلا يُحكم عليكم".
هل هذا يعني إعطاء الضوء الأخضر للإجرام؟ وماذا نقول عن المدعين العامين الذين يعملون كقضاة طوال الوقت؟ هل يدينهم الانجيل؟ ليس الإنجيل بهذه السذاجة كما يظهر في الوهلة الاولى. فهو لا يأمر بإلغاء الحكم من حياتنا وإنما يأمر بإلغاء السم الذي يسيطر على أحكامنا! كل ما هو رفض، وكل ما هو ثأر. فالعبارة التي استعملها يسوع: "لا تدينوا لئلا تدانوا" تبعتها عبارة ثانية تشرحها وهي: "لا تحكموا لئلا يحكم عليكم" (لوقا 6، 37).الأحكام دون رحمة، هي الأحكام التي ترفضها كلمة الله. أولئك الذين بالخطيئة يحكمون على الخاطىء. من هذا المنطلق هناك إجماع في المجتمع المدني على رفض الحكم بالإعدام.ففي هذه الحلات قد يُقتل شخص آخر غير الذي اقترف الجريمة، لأنه ربما قد يكون تاب وتغيّر جذرياً.