“جهل الكتب المقدسة هو جهل المسيح”


كياتي ، 20 فبراير 2007 (ZENIT.org). –

 ننشر في ما يلي تأملاً من الرسالة الرعوية لسنة 2006- 2007 لرئيس أساقفة كياتي-فاستو، اللاهوتي برونو فورتي، عضو اللجنة اللاهوتية العالمية، حول موضوع: "الكلمة للحياة: الكتاب المقدس وجمال الله" (La Parola per vivere: La Sacra Scrittura e la bellezza di Dio).

الكلمة يصبح جسدًا

"والكلمة صار جسدًا وأقام مسكنه بيننا" (يو 1، 14). إن اكتمال الوحي، عطية الحب الإلهي الكبرى، هو يسوع المسيح، ابن الله الصائر إنسانًا لأجلنا، كلمة الآب الوحيدة، الكاملة والنهائية: به الآب يقول كل شيء ويهبنا كل شيء. " اللهَ، بَعدَما كَلَّمَ الآباءَ قَديمًا بِالأَنبِياءَ مَرَّاتٍ كَثيرةً بِوُجوهٍ كَثيرة، كَلَّمَنا في آخِرِ الأَيَّام هذِه بِابْنٍ جَعَلَه وارِثًا لِكُلِّ شيء وبِه أَنشَأَ العالَمِين" (عب 1، 1- 2).

في يسوع تنال نصوص العهد القديم معناها الكامل وتظهره: "النصوص المقدسة جميعها كتاب واحد، وهذا الكتاب هو المسيح" (Ugo da San Vittore, L’arca di Noè, II, 8). أن نتغذى من الكتاب المقدس يعني أن نتغذى من المسيح: "فجهل الكتب المقدسة – يقول القديس إيرونيموس – هو جهل المسيح" (Commento al Profeta Isaia, PL 24,17).

من أراد أن يعيش من حياة المسيح، عليه أن يصغي باستمرار إلى الكتب المقدسة جميعها، دون استثناء. ففيها يظهر وجه الحبيب، في هذا اليوم الذي يمضي، وفي نهار الحب الذي لا ينتهي: "وجهك يا رب ألتمس: يجب أن يكون البحث عن وجه المسيح توق جميعنا نحن المسيحيين… فإذا ما ثابرنا في البحث عن وجه الرب، عند نهاية حجنا الأرضي، سيكون هو، يسوع، فرحنا الابدي، أجرنا ومجدنا إلى الأبد" (بندكتس السادس عشر في 1 سبتمبر 2006، في مزار الوجه الأقدس في مانوبلّو).

. الروح مفسر الكلمة

كيف السبيل إلى لقاء "الحي" في حقل الأسفار المقدسة، كما جرى اللقاء في حقل القبر؟ لكي نعيش الخبرة التي عاشتها المرأة التي انفتحت عيناها وتعرفت على الرب القائم من الموت، بعد أن كانت قد ظنته حارس الحقل (يو 20، 15..)، يجب أن يدعونا المحبوب، وأن تمسنا نار روحه: "المعزي، الروح القدس الذي يرسله الآب باسمي، هو يعلمكم كل شيء ويذكركم بما قلته لكم" (يو 14، 26).

الروح القدس الذي قاد الشعب المختار، مانحًا الوحي إلى كُتّاب الأسفار المقدسة، يفتح قلب المؤمنين على فهم ما هو مكنون فيها. وهكذا، "تنمو الكتب المقدسة مع من يقرأها" (القديس غريغوريوس الكبير، عظات حول حزقيال، 1، 7، 8).

لهذا، لا يجب أن نعيش أي لقاء مع الكلمة قبل أن ندعو الروح الذي يفتح الكتاب المغلق، محركًا القلب وموجهًا إياه إلى الله، وفاتحًا عيون الفكر، ومانحًا العذوبة لقبول الحقيقة وللإيمان بها (المجمع الفاتيكاني الثاني، دستور حول الوحي الإلهي، كلمة الله، 5).

الروح القدس هو الذي يوصلنا إلى "الحقيقة" الكاملة من خلال بوابة "الكلمة" الإلهية، جاعلاً منا عاملين وشهود للقوة المحررة التي تتضمنها الكلمة، والتي هي غاية في الضرورة في عالم غالبًا ما يبدو أنه فقد حس الحقيقة والولع بها.

قبل أن تقرأ الكتاب المقدس، استدع دومًا مانح المواهب، نور القلوب: الروح القدس!

. الكنيسة خليقة وبيت الكلمة

لكي نتمكن من قبول كلمة الله بأمانة، أراد الرب يسوع أن يترك لنا – مع عطية الروح القدس – عطية الكنيسة المبنية على أساس الرسل. فهم الذين تلقوا كلمة الخلاص وسلموها إلى خلفائهم كجوهرة ثمينة، محفوظة في علبة جواهر أمينة هي شعب الله الحاج عبر التاريخ. الكنيسة هي بيت الكلمة، وجماعة التفسير، بضمانة هداية رعاة أراد الله أن يسلمهم قطيعه.

فالقراءة الأمينة للكتاب المقدس ليست قراءة البحار المنعزل، بل قراءة تتم في سفينة بطرس: الإعلان، التعليم، الاحتفال الليتورجي، دراسة اللاهوت، التأمل الشخصي والجماعي، المعاش أيضًا في العائلة، الفهم الروحي الذي ينضج في حياة إيمان: هذه جميعها قنوات تجعلنا ندماء للكتاب المقدس في حياة الكنيسة.

ولهو أمر جميل ومثمر أن نتأمل الكلمة بحسب التوزيع الذي تقوم به الليتورجية يوميًا، سامحين لها أن تمسكنا بيدنا لتقودنا في غابة الأسفار الكتابية الزاهرة.

فعبر مرافقة الكنيسة، لا يجب على أي معمّد أن يقف غير مبالٍ أمام الكلمة الإلهية: فالإصغاء إلى الكلمة وإعلانها، والاستنارة بها لتنوير الآخرين، كل هذه هي واجبات تتعلق بجميع المؤمنين، كل بحسب العطية التي وهبت له، عبر الولع الإرسالي الذي يطلبه يسوع من تلاميذه، دون استثناء (انظر مر 16، 15: لذا أردت في أبرشيتنا مدرسة للكلمة مفتوحة للجميع!).

من الكهنة إلى الشمامسة، من الأهل إلى معلمي التعليم المسيحي، من المكرسين إلى المكرسات، من اللاهوتيين إلى المعلمين، من أعضاء الجماعات والحركات إلى كل فرد معمد، أكان شابًا أو عجوزًا: الجميع مدعوون إلى أن يكونوا "كنيسة" مولودة من "الكلمة" ومعلنة "للكلمة": وأنت أيضًا!