دراسة حول الرسائل البابوية

فالرسائل البابوية، هي رد الكنيسة الواضع والصريح، أمام كل القضايا التي تمس الإنسان من قريب أو بعيد وأيضاً رد الكنيسة على كل الذين يريدون أن يكون للعلم الكلمة النهائية دون النظر إلى طبيعة الإنسان التي رفعها الله حينما تجسد آخذ صورة البشر .


أخيراً الرسائل البابوية هي امتداد وتوسيع لتعاليم المجامع، وخصوصاً المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني .


 


قبل أن نتطرق إلى دور الكنيسة وموقفها في عالمنا المعاصر، من خلال الرسائل البابوية، لابد أن نلقي نظرة سريعة على شكل هذا العالم وسماته، ومتغيراته، حتى يظهر لنا هذا الدور واضحاً .


 ما هي سمات عالم اليوم؟


1 –  تطورات عميقة وسريعة .


:أدى هذا التطور إلى أثارت بعض الصعوبات، منها على سبيل المثال التوتر الناجم عن سيطرة العلوم وهيمنة العقلية التكنولوجية وظهور تيارات تنادي بضرورة تحديد القواعد الأخلاقية على أسس علمية وبيولوجية فحسب وكل تطور علمي يتبعه تغير في المبادئ الأخلاقية . ومن أنصار هذا التيار العالم والفيلسوف البريطاني Herbert Spencer   .


         ولكن هل يعقل أن نسلم بهذا التيار كمقياس نهائي لقيمنا الأخلاقية ؟


         هل تعود كلمة الفصل في تقويم هذه الحالة أو تلك إلى العالم البيولوجي ( الطبيب ) ؟


          وهل نُخضِع الإنسان لحكم التطور في خياراته فحسب ؟


هذه الأسئلة سوف نجد الإجابة عليها في ( تألق الحقيقة 1993 إنجيل الحياة 1995 الإنسان والجنس حقيقته ومدلوله 1995 الحياة هبة الله  ) .


 


 2 – تغيرات في النظام الاجتماعي .


         تخبرنا رسالة مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك  ( الحضور المسيحي في الشرق  1992، البند 21 )


” من الملاحظ أن الإيمان يواجه اليوم تحديات حقيقية ناجمة عن متغيرات مهمة في الأطر الاجتماعية التقليدية التي لم تعد، كسابق عهدها، تسند إيماننا . وعليه فأن الإيمان الذي يعتمد فقط على الوراثة من غير أن يتحول، بنعمة الله واستجابتنا، قناعة شخصية عميقة، لم يعد كافياً لمواجهة التحديات الحاضرة “  .


         نقص الحماية الاجتماعية .


         تقلص دور العائلة التقليدي .


ويقول البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته  ( رسالة إلى الأسرة  1994، البند 2 )


” عندما تُفتقد الأسرة ينشأ في الشخص الآتي إلى العالم نقصٌ مُقلِق وأليم، يكون ثقلاً على حياته كلها في ما بعد . والكنيسة تحدبُ باهتمامٍ عطوف على الذين يعيشون في مثل هذه الحالة، لأنها تدرك إدراكاً صحيحاً الدور الأساسي الذي من شأن الأسرة أن تقوم به ” .


 


3 –  تحولات عميقة اجتماعية  ودينية .


         لقد فتح النظام الحديث للاتصالات العالم كله، فلم يبقى شئ يمكن أن نخفيه على الآخرين، وبتالي لم يبقى شي يمكن الآخرين أن يخفوه عنا، وهذا قد أحدث هزة عنيفة في النظام التقليدي للقيم المتوارثة ، وطريقة التفكير .


نقرأ في وثيقة الكنيسة في العالم المعاصر  البند 7 ما نصه ” إن الظروف الحديثة تؤثر أخيراً على الحياة الدينية نفسها فمن جهة نلاحظ أن الفكر النقدي يطهر الدين من النظرة السحرية للعالم ومن رواسب الخرافة ويطالب الإيمان بانتماء يصدر أكثر عن شخصية واعية ……. ومن جهة أخرى فالأعداد الغفيرة أيضاً تبتعد عملياً وباستمرار عن الديانة إن رفض الدين أو عدم المبالاة لم يعد كما في الماضي ظاهرة استثنائية تخص الأفراد، فأن هذا السلوك يقدم اليوم . على أنه من مقتضيات التقدم العلمي ويلاحظ أن النفي ……. لا يخص الصعيد الفلسفي بل يؤثر . في ميادين الأدب والفن وتفسير العلوم الإنسانية والتاريخ وحتى التشريع


         الحاجة إلى ممارسة الحرية اجتماعياً وفردياً .


         جهود زمنية كثيرة لا يقابلها نمو روحي متكافئ أدى ذلك إلى عجز في التوفيق بين القيم الدائمة والاكتشافات الحديثة .


          قلق أمام التطورات الاجتماعية والرغبة في الاشتراك فيها بأسرع وقت .


          عبودية سياسية . ( تنافر بين الأجناس والفئات الاجتماعية ) .


” وفي أعماق الإنسان تتصارع عوامل كثيرة إذ انه، من جهة بوصفه مخلوقاً يدرك أنه محدود في الكثير من إمكانياته، ومن جهة أخرى يشعر بان رغبته لا حد لها وبأنه مدعو إلى حياة أسمى، فهو بين هذه العوامل المتصارعة، مضطر بأستمرار أن يختار بين هذا وذاك وأن يتخلى عن هذا وذاك ”


( الكنيسة في العالم المعاصر )


 


* ما هو رد الكنيسة على عالم اليوم ؟


هذا ما سنتعرف عليه من خلال الرسائل البابوية .