خطاب بندكتس السادس عشر إلى الشبيبة في ساحة سانتا ماريا دلي أنجلي

 

أسيزي، 17 يونيو 2007 (ZENIT.org). –

ننشر في ما يلي الخطاب الذي ألقاه البابا بندكتس السادس عشر لدى لقائه الشبيبة في ساحة بازيليك سانتا ماريا دلي أنجيلي، أثناء زيارة الحج إلى أسيزي على خطى القديس فرنسيس.

* * *

 

أيها الشبان والشابات الأعزاء،

أشكركم لأجل استقبالكم! أشكركم لأجل كلماتكم المفعمة عطفًا ولأجل الأسئلة المشوقة التي وجهها إليّ ممثلاكم. […].

يهب إلى استقبالنا هنا، إلى جانب القديس فرنسيس، قلب الأم، "العذراء الصائرة كنيسة"، كما كان يحب فرنسيس أن يدعوها (راجع: Saluto alla Beata Vergine Maria, 1: FF 259).

كان فرنسيس يخص كنيسة البرتسيونكولا، المحفوظة في داخل بازيليك سانتا ماريا دلي أنجلي، بعطف خاص. فقد كانت الكنيسة الأولى التي هم إلى ترميمها في السنوات الأولى لارتداده، وفيها أصغى إلى إنجيل الرسالة وتأمل به (راجع: 1 Cel I,9,22: FF 356).

بعد الخطوات الأولى في ريفوتورتو، ثبت فرنسيس هنا المركز الرئيسي للرهبنة، حيث يستطيع الإخوة أن يستجمعوا أنفسهم كما في الرحم الأمومي، لكي يتجددوا وينطلقوا من جديد ممتلئين بالزخم الإرسالي.

لقد تلقى هنا لأجل الجميع فيضًا من الرحمة من خلال خبرة "الغفران الكبير". وهنا، أخيرًا، عاش لقاءه مع "الأخ موت".

أيها الشبان الأعزاء، أنتم تعلمون أن الدافع الذي حملني إلى أسيزي كان الرغبة في عيش مسيرة فرنسيس الداخلية من جديد، بمناسبة المئوية الثامنة لارتداده.

ترتدي هذه اللحظة من حجي معنىً خاصًا. لقد أردتها قمةَ اليوم. فرنسيس يتحدث إلى الجميع، لكني أعرف أن له جاذبية خاصة بالنسبة لكم أنتم الشبيبة. وما يؤكد لي ذلك هو حضوركم الوافر، إلى جانب الأسئلة التي طرحتم علي.

لقد أتى ارتداده بينما كان في ريعان الحيوية، وفي ملء خبراته وأحلامه. كان قد قضى 25 سنة دون أن يتوصل إلى إيجاد معنىً لحياته. قبل بضعة أشهر من موته سيذكر هذه الفترة كالزمن الذي "كان فيه منغمسًا في الخطايا" (راجع: 2 Test 1: FF 110).

بما كان فرنسيس يفكر في حديثه عن الخطايا؟ بالركون إلى السِيَر، كل منها يملك طابعًا خاصًا، ولذا ليس من السهل معرفة ما عناه فرنسيس. هنالك عرض جيد لأسلوب عيشه في خبرية الأصدقاء الثلاثة، التي تسرد ما يلي: "كان فرنسيس فرحًا جدًا وسخيًا، وكان مولعًا باللعب والغناء، كان يدور ليلاً ونهارًا في مدينة أسيزي مع أصدقاء يشابهونه، وكان سخيًا لدرجة أنه كان يبذر في الولائم وفي أمور أخرى، كل ما كان يملك وكل ما كان يجني" (3 Comp 1,2: FF 1396).

كم من الشبيبة في أيامنا تنطبق عليها هذه الكلمات؟ في أيامنا من الممكن الذهاب للتسلية حتى خارج المدينة أيضًا. تستقطب مبادرات التسلية في نهاية الأسبوع الكثير من الشبيبة.

من الممكن "الدوران" حتى بطريقة خيالية عبر "الإبحار" في شبكة الانترنت، بحثًا عن المعلومات أو عن اتصالات من كل الأنواع. للأسف، لا ينقص في ذلك – لا بل ما أكثر – الشبان الذين يبحثون عن أماكن موجودة فقط في المخيلة، فارغة ومدمرة، في فردوس المخدرات الاصطناعي.

كيف يمكننا أن ننكر أن هنالك الكثير من الشبان، وغيرهم، الذين يعيشون تجربة اتباع عن كثب لسيرة فرنسيس الشاب، قبل توبته؟

في ظل نوعية العيش هذه، هناك توق إلى السعادة التي تقيم في قلب كل إنسان. ولكن أكان بمقدور ذلك أن يمنح السعادة الحقة؟

بكل تأكيد فرنسيس لم يجد السعادة هناك. وأنتم أيضًا أيها الشبان الأعزاء، بامكانكم أن تتأكدوا من صحة هذا الأمر بذواتكم انطلاقًا من خبرتكم الشخصية. فالحقيقة هي أن الأمور المحدودة تستطيع أن تعطي مجرد وميض من الفرح، وحده اللامتناهي يستطيع أن يملأ القلب. لقد قال هذا الأمر تائبٌ عظيم آخر، القديس أغسطينوس: "لقد خلقتنا لك يا رب، وسيظل قلبنا قلقًا مضطربًا إلى أن يرتاح فيك" (اعترافات 1، 1).

وفي نص السيرة نفسها، نعلم أن فرنسيس كان متبجحًا. كان يحب أن يلبس الثياب الفخمة، وكان يسعى أن يكون مبتكرًا ومميزًا (راجع: 3 Comp 1, 2: FF 1396 ). كلنا متأثرون بطريقة أو بأخرى بالمجد الباطل وبالسعي إلى الامتياز. ففي أيامنا يجري الحديث عن حسن الصورة و عن السعي إلى الشهرة والظهور.

في سبيل الحصول على القليل من النجاح، نسعى إلى الحصول على استحسان الآخرين عبر شيء جديد ومبتكر.

إلى حد ما، هذا الأمر يمكنه أن يعبّر عن رغبة بريئة في أن نكون مقبولين بشكل جيد. ولكن غالبًا ما يتسلل الكبرياء، والسعي المفرط إلى إحقاق ذواتنا، الأنانية والرغبة في السيطرة. في الواقع، إن جعل الذات محورًا للحياة بأسرها إنما هو فخ مميت: فنحن باستطاعتنا أن نكون أنفسنا فقط إذا ما انفتحنا على الحب، وأحببنا الله والقريب.

كان هناك بعد آخر في حياة فرنسيس يدهش معاصريه، وهو طموحه، وعطشه إلى المجد والمغامرة. فقد كان هذا الدافع الذي حمله إلى ساحة القتال، وأدى به إلى أن يقع أسيرًا ويسجن لسنة في بيروجا.

وكان لهذا العطش نفسه أن يحمله، بعد إطلاق سراحه،  إلى بوليا في حملة عسكرية، ولكن في هذه الظروف بالذات، في سبوليتو، حضر الله في قلبه، وقاده إلى الرجوع عن خطاه وإلى الإصغاء بجدية إلى كلمة الله.

من الأهمية بمكان ملاحظة كيف أن الرب توجه إلى فرنسيس في لغته، أي في رغبته في تحقيق ذاته، لكي يدله على سبيل الطموح المقدس، الذي يتوق إلى اللامتناهي، فكان سؤال الرب الذي تردد صداه في قلبه: "من يستطيع أن يكون أكثر فائدة لك، الرب أو الخادم؟" (3 Comp 2,6: FF 1401). وكأنه يقول: لماذا تكتفي بالتبعية للبشر، بينما هنالك إله يريد أن يقبلك في بيته وفي خدمته الملوكية؟

أيها الشبان الأعزاء، لقد ذكرتموني ببعض مشاكل الشباب، وبالصعوبات التي تواجهون في بناء مستقبلكم، وخصوصًا بتعب تمييز الحقيقة. في سرد آلام المسيح، نجد سؤال بيلاطس: "ما هي الحقيقة؟" (يو 18، 38). إنه سؤال يجوب بشكل واسع ثقافة ومجتمع اليوم.

الإنجيل يشير إلى المسيح كحقيقة: حقيقة الله وفي الوقت عينه حقيقة الإنسان. وكما جرى مع فرنسيس، المسيح يخاطب قلبنا أيضًا. نكاد نقضي العمر كله وآذاننا يعتريها الصمم بسبب ضجيج فارغ، ونخاطر بأن يفلت منا صوته، وهو الصوت الوحيد المهم، لأنه وحده الذي يخلص.

نكتفي بفلذات من الحقيقة، أو ننجر وراء بعض الحقائق التي ما هي إلا مظاهر. هل لنا أن نتعجب والحالة هذه إذا ما وجدنا أنفسنا في عالم متناقض، غالبًا ما يخيب آمالنا بتعابير سفاهته، وظلمه وعنفه، ولو في غمر الكثير من الأشياء الجميلة؟

من دون الله، يضيع العالم ركيزته ووجهة مسيره. لا تخافوا، أيها الأعزاء، من الاقتداء بفرنسيس خصوصًا عبر قدرة الرجوع إلى الذات. هو قد عرف أن يقيم الصمت في داخله، وأن يضع نفسه في موقف إصغاء لكلمة الله. وخطوة تلو الأخرى ترك لله أن يقوده ممسكًا يده نحو اللقاء التام مع يسوع، إلى أن جعل منه كنز ونور حياته.

حتى اللقاء مع المتألمين وخدمتهم، كان لقاءً مع يسوع. في هذا الصباح، وأنا أمر بريفوتورتو، أملت الطرف إلى المكان، الذي كان بحسب التقليد مرتع البرص: الآخِرين والمهمشين، الذين كان فرنسيس يشعر تجاههم بالنفور. ولكن عندما لمسته النعمة، فتح لهم قلبه. وقام بذلك، لا عبر عمل رحمة هزيل، بل مقبلاً إياهم وواضعًا نفسه في خدمتهم. وقد اعترف هو نفسه بأن ما كان مريرًا قبلاً أصبح بالنسبة له "حلاوة روحية وجسدية" (2 Test 3: FF 110).

وهكذا بدأت النعمة بصقل فرنسيس. وقد أصبح أكثر فأكثر قادرًا على التحديق بوجه المسيح وعلى الإصغاء لصوته. وفي ذلك الحين، وجه إليه صليب سان داميانو الكلمة داعيًا إياه إلى مهمة عظيمة: "إذهب، يا فرنسيس، وأصلح بيتي، الذي، كما ترى، كله مهدم" (2 Cel I, 6, 10: FF 593).

في وقفتي اليوم في كنيسة سان داميانو، ومن ثم في بازيليك القديسة كلارا، حيث يحفظ الصليب الأصلي الذي خاطب فرنسيس، ركزت ناظريّ أنا أيضًا في ناظريّ المسيح. إنها صورة المصلوب-القائم، حياة الكنيسة، التي تستمر في مخاطبتنا، كما خاطبت الرسل منذ ألفي سنة، ومنذ ثمانمائة سنة خاطبت فرنسيس. إنما الكنيسة تعيش باستمرار من هذا اللقاء.

أجل أيها الشبان الأعزاء: فلنفسح المجال للقائنا بالمسيح! فلنثق به، فلنصغ إلى كلمته. في المسيح لا نجد فقط إنسانًا جذابا. طبعًا هو إنسان حق، مثلنا في كل شيء ما عدا الخطيئة (راجع عبر 4، 15). ولكنه أيضًا أكثر من ذلك بكثير: هو الله الصائر إنسانًا. ولذا هو المخلص الوحيد، كما يقول لنا اسمه نفسه: يسوع، أي "الله يخلص".

ويأتي المرء إلى أسيزي لكي يتعلم من فرنسيس سر التعرف على المسيح واختباره. هذا ما كان يشعر به فرنسيس نحو يسوع، بحسب ما يخبره عنه كاتب سيرته الأول: "كان يحمل يسوع في قلبه دومًا. يسوع على الشفتين، يسوع في الأذنين، يسوع في العينين، يسوع في اليدين، يسوع في كل أعضائه… لا بل أثناء أسفاره كان يتأمل بيسوع ويغنيه، حتى كان ينسى أنه مسافر وكان يتوقف ويدعو الخلائق كلها لكي تسبح يسوع" (1 Cel II, 9, 115: FF 115).

خلاصة القول، كان فرنسيس مغرمًا حقًا بيسوع. كان يلتقي به في كلمة الله، في الإخوة، في الطبيعة، وخصوصًا في حضوره في الافخارستيا. كتب في هذا الصدد في وصيته: "لا أرى شيئًا من ابن الله العالي في هذا العالم، إلا جسده ودمه الأقدسين" (2 Test 10: FF 113).

وفي عيد الميلاد في غريتشو، عبر عن شوقه إلى تأمله في بشريته الرقيقة كطفل (راجع 1 Cel I, 30, 85-86: FF 469-470).

تبين لنا خبرة  "فرنا"، حيث نال جراحات الآلام في جسده، مستوى الحميمية التي توصل إليها في علاقته مع المسيح المصلوب. كان بامكانه القول مع القديس بولس: "حياتي هي المسيح" (فيل 1، 21). ولما تجرد من كل شيء واختار الفقر، كان الدافع لذلك المسيح، والمسيح وحده. يسوع هو كل ما له: وهو وحده يكفيه!

وبما أنه كان خاصة المسيح، كان فرنسيس أيضًا خاصة الكنيسة. فمن مصلوب سان داميانو نال فرنسيس الدعوة لكي يصلح بيت المسيح، الذي هو الكنيسة. بين المسيح والكنيسة هناك علاقة حميمية لا تنفصم. وأن يكون مدعوًا إلى إصلاحها، يعني بالطبع، في رسالة فرنسيس، أمرًا مميزًا وجديدًا. في الوقت عينه، لم تكن تلك المهمة في العمق، إلا المسؤولية التي يوكلها المسيح إلى كل معمد. فالكنيسة تنمو ويجري الإصلاح فيها بمقدار ما يرتد كل منا ويتقدس. كما وتبنى الكنيسة عبر الدعوات المختلفة، من الدعوة العلمانية وبناء العائلة، إلى حياة التكرس الخاص، وإلى الحياة الكهنوتية.

أود أن أكرس في هذا الإطار كلمة حول هذه الدعوة الأخيرة. ففرنسيس، الذي كان شماسًا إنجيليًا ولم يكن كاهنًا (1 Cel I,30,86: FF 470) كان يخص الكهنة بتكريم كبير. رغم علمه بأن هناك الكثير من الفقر والضعف في خدام الله، فقد كان يراهم كخدام جسد المسيح، وكان ذلك يكفي لكي ينبثق في قلبه حس المحبة، والاحترام والطاعة (2 Test 6-10: FF 112-113). إن حبه للكهنة هو دعوة لكي نعيد اكتشاف جمال هذه الدعوة. فهي حيوية في شعب الله.

أيها الشبان الأعزاء، أحيطوا كهنتكم بالمحبة والعرفان. وإذا شاء الرب أن يدعو أحدًا منكم لهذه الخدمة السامية، أو إلى أي من أشكال الحياة المكرسة، لا تترددوا بالجواب: نعم. إنه لأمر جميل أن نكون خدام الرب، إنه لأمر جميل أن نبذل الحياة لأجله!

وكان فرنسيس الشاب يشعر بعطف بنوي حق نحو الأسقف، وبين يديه تعرى من كل شيء، وأعلن أن حياته منذ ذلك الحين فصاعدًا باتت مكرسة للرب (1 Cel I, 6, 15: FF 344).

وشعر بشكل خاص بمهمة خليفة المسيح، وإليه أخضع قانونه وأوكل رهبنته. إذا كان البابوات قد عبروا طول العصور عن عطفهم نحو أسيزي، فهذا بشكل ما، إنما هو مبادلة لعواطف فرنسيس تجاه البابا.

أنا سعيد، أيها الشبان الأعزاء، لكوني هنا على خطى أسلافي، وبشكل خاص البابا يوحنا بولس الثاني.

إن محبة فرنسيس ليسوع تتوسع كدوائر متراكزة، لا نحو الكنيسة وحسب، بل نحو كل الأشياء، إذ كان يراها  في المسيح وللمسيح. ومن هنا نشأ نشيد المخلوقات، الذي فيه تستريح العين في تألق الخلق: من الأخت شمس، إلى الأخ قمر، من الماء إلى النار. لقد أصبح النظر الداخلي صافيًا وصائبًا فتمكن من رؤية جمال الخالق في جمال المخلوقات. إن نشيد الأخت شمس، قبل أن يكون نشيدًا شعريًا بليغًا ونداءً إلى احترام الخليقة، هو صلاة، وتسبيح موجه إلى الرب.

وفي إطار هذه الصلاة، يمكننا أن نرى التزام فرنسيس لأجل السلام. إن هذا البعد من حياته هو بالغ الآنية، في عالم يحتاج كثيرًا إلى السلام ولا يمكنه أن يجد السبيل إليه.

كان فرنسيس رجل سلام وصانع سلام. وقد بين ذلك في الوداعة التي كان يعيشها، دون أن يسكت بذلك عن إيمانه، أمام رجال من أديان أخرى كما يبين ذلك لقاءه مع السلطان (راجع 1 Cel I, 20, 57: FF 422).

إذا كان الحوار بين الأديان اليوم، وخصوصًا بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، قد أصبح إرثًا مشتركًا ولا غنى عنه في الحس المسيحي، ففرنسيس يستطيع أن يساعدنا على الحوار بأصالة، دون الوقوع في موقف لامبالاة تجاه الحقيقة أو مراوغة على إعلاننا المسيحي.

كونه رجل سلام ومسامحة وحوار يتولد من خبرته لله-المحبة.

فسلامه – ليس من باب الصدفة – صلاة: "ليمنحك الرب السلام" (2 Test 23: FF 121).

أيها الشبان الأعزاء، إن حضوركم بهذا العدد الكبير يعبر عن أن فرنسيس يخاطب قلوبكم كثيرًا. وأنا أوكل إليكم برضا رسالته، ولكن بالأخص حياته وشهادته. لقد أتت الساعة لكي يكون هنالك شبانًا يعيشون بجدية كفرنسيس ويعرفوا أن يدخلوا في علاقة شخصية مع يسوع.

أتت الساعة لكي ننظر إلى تاريخ هذه الألفية الثالثة التي بدأت منذ قليل كتاريخ يحتاج أكثر من أي وقت مضى لخميرة الإنجيل.

أوجه إليكم من جديد النداء الذي وجهه سلفي الحبيب، يوحنا بولس الثاني، الذي كان يحب أن يقول للشبيبة: "افتحوا الأبواب للمسيح". افتحوها كما فعل فرنسيس، دون خوف ودون حساب. كونوا أيها الشبان الأعزاء فرحي، كما كنتم فرح يوحنا بولس الثاني. من هذه البازيليك المكرسة لسيدة الملائكة أعطيكم موعدًا للقاء في لوريتو، في أوائل سبتمبر، لأجل لقاء الشبيبة الإيطاليين.

 

ترجمة وكالة زينيت العالمية (ZENIT.org)

حقوق الطبع محفوظة: دار النشر الفاتيكانية – 2007.

 

 

 

 

 

البابا في عظته بمدينة أسيزي: فرنسيس هام بالمسيح حتى أضحت مسيرته جهدا يوميا لمحاكاته

عن إذاعة الفاتيكان –

ألقى الأب الأقدس عظة أثناء القداس الإلهي في الباحة السفلى لبازيليك القديس فرنسيس في أسيزي حيا في مستهلها راعي أبرشية أسيزي نوشيرا أومبرا وغوالدو تادينو وكل أبنائها ومؤمنيها ومندوبه الخاص إلى البازيليكتين البابويتين في المدينة الكاردينال أتّيليو نيكورا كما حيا الرهبان الفرنسيسكان سليلي القديس العظيم والحضور الرسمي الحكومي والمدني.

تكلم البابا على الاهتداء كونه العودة إلى صلب الرسالة المسيحية وإلى جذور الإنسان الوجودية وعدّد وجوها ثلاث تميزت باهتدائها وهي داود النبي وفرنسيس الأسيزي وبولس الرسول وقال إن داود حلقةٌ في تاريخ سلسلة اهتمام الله الدائم بشعبه اختير في وقت عصيب ليقود الشعب إلى الخلاص. شخصية داود مزيج من عظمة تاريخية ودينية في الآن معا كون الإنسان يحمل في قسماته صورة الله وهو موضوع حبه ولكنه شقي لأنه يستغل حريته لصنع الشر. وأشار البابا إلى أن هداية فرنسيس الأسيزي دفعته إلى أعمال الرحمة وأكسبته رحمة فلم يكن تقبيلُه للبرص تصرفَ من يحب البشر أم اهتداءً اجتماعيا بل اختبار ديني حق دفعه إليه حب ونعمة الله. وقال إن الإنسان هو الإنسان ويبلغ نضوجه بقدر ما يحيا مع الله وفي الله في وجوه الإخوة البشر. وانتقل البابا ليتكلم على مسيرة بولس الرسول الاهتدائية التي تمحورت حول خدمة يسوع المسيح مصلوبا لأن علامة الصليب التي طبعت حياته بالآلام هي فخرُه وتكريسُه خادما حقا وأمينا ليسوع بحمى حب الرب.

بالعودة إلى القديس فرنسيس قال الأب الأقدس إنه هام بالمسيح حتى أضحت مسيرته جهدا يوميا لمحاكاة يسوع الرب. فحياة فرنسيس المهتدي إلى المسيح هي عملُ حب ورغبةٌ دائمة في التغيير ليصير صورة محّقَّقة فيه: لقد برع فرنسيس في هذه الأمور لأنه انطلق من يسوع المسيح السلامِ الحق. وما إنجيل اليوم عن دموع الخاطئة التي سكبت الطيب على قدمي يسوع إلا مثال على نعمة المسيح المنقّية للعيون والمطهّرة القلوب التي تهدي إلى الله المحبة. ونوه البابا ببادرة السعيد الذكر يوحنا بولس الثاني للقاء الصلاة من أجل السلام عام 1986 حين اختار أسيزي مكانا له وشهادة فرنسيس خيرَ مثال للحوار والتلاقي باسم الأخوة والإنسانية. وختم عظته طالبا من القديس فرنسيس نعمة اهتداء أصيل وكامل إلى محبة المسيح.