عن النهار اللبنانية
عين تراز – من رمزي مشرّفيّة:
حذّر السينودس المقدس لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك من ان "تفويت لبنان استحقاقا دستوريا مصيريا من شأنه تشريع أبواب البلاد على المجهول". وقال: "نريد سلاما ووحدة وعيشا أخويا للبنان، وطن الرسالة والمحبة والأرض التي يعتبرها كل عربي وطنه الثاني"، رافعا الصلاة "كي يبقى كيان لبنان، صامدا موحدا، ومؤسساته الدستورية قائمة قوية وفاعلة، وهي الضمان لاستمرار وجوده ووحدته".
اختتم أمس السينودس أعماله في المقر البطريركي الصيفي في عين تراز (عاليه). وتلا البيان الختامي المعاون البطريركي المطران ميشال ابرص، في حضور بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث والمشاركين في السينودس. وجاء فيه: "إنعقد السينودس المقدس لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في المقر البطريركي الصيفي في عين تراز (عاليه) بين 18 حزيران 2007 و23 منه، برئاسة البطريرك غريغوريوس الثالث، وبمشاركة أساقفة الكنيسة الرومية الملكية الكاثوليكية الوافدين من البلاد العربية، والولايات المتحدة الأميركية، وكندا، ودول أميركا اللاتينية وأوستراليا، والرؤساء العامين للرهبانيات والجمعيات، وعددهم ثلاثون، وهذه أسماؤهم ومراكزهم:
المطران بولس برخش متروبوليت بصرى وحوران وجبل العرب، المطران أندريه حداد رئيس أساقفة الفرزل وزحلة وسائر البقاع، المطران جان عادل إيليا رئيس أساقفة نيوتن والولايات المتحدة الأميركية سابقا، المطران إبرهيم نعمة متروبوليت حمص وحماه ويبرود سابقا، المطران جورج رياشي رئيس أساقفة طرابلس وسائر الشمال، المطران يوحنا حداد متروبوليت صور سابقا، المطران كرللس بسترس رئيس أساقفة نيوتن والولايات المتحدة الأميركية، المطران بطرس المعلم رئيس أساقفة عكا وحيفا وسائر الجليل سابقا، المطران إيسيدور بطيخة متروبوليت حمص وحماه ويبرود، المطران جورج المر رئيس أساقفة بترا وفيلادلفيا وسائر الأردن، المطران يوحنا جنبرت متروبوليت حلب وسلوقية وقورش وتوابعها، المطران فارس معكرون رئيس أساقفة البرازيل، المطران جورج كحالة رئيس أساقفة فنزويلا، المطران عصام درويش رئيس أساقفة أوستراليا، المطران يوسف كلاس متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما، المطران نيقولا صواف متروبوليت اللاذقية وطرطوس وتوابعهما، المطران سليم غزال المعاون البطريركي سابقا، المطران جوزف عبسي النائب البطريركي في دمشق، المطران يوسف – جول زريعي النائب البطريركي في مصر والسودان، المطران جورج حداد متروبوليت بانياس ومرجعيون، المطران إبرهيم إبراهيم رئيس أساقفة كندا، المطران الياس رحال رئيس أساقفة بعلبك، المطران جورج بقعوني متروبوليت صور، المطران الياس شقور رئيس أساقفة عكا وحيفا وسائر الجليل، المطران جورج بكر النائب البطريركي في القدس الشريف، المطران ميشال أبرص المعاون البطريركي، المطران عبده عربش الإكسرخوس الرسولي في الأرجنتين، المطران إيلي بشارة حداد رئيس أساقفة صيدا ودير القمر.
وحضر ايضا الرؤساء العامون الأرشمندريت بولس نزها الرئيس العام للرهبانية الباسيلية الشويرية، الأب العام الياس آغيا الرئيس العام للجمعية البولسية. وقام بأعمال أمانة السر العامة أمين سر السينودس المطران ميشال أبرص، وساعده الإيكونوموس الياس شتوي والأب إيلي قنبر. وتغيب عن السينودس المطران الياس الزغبي رئيس أساقفة بعلبك سابقا، المطران إيلاريون كبوجي النائب البطريركي في القدس سابقا، المطران غريغوار حداد متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما سابقا، المطران بولس أنطاكي النائب البطريركي في مصر والسودان سابقا، المطران جورج كويتر رئيس أساقفة صيدا ودير القمر سابقا، المطران نيقولاوس سمرا معاون رئيس أساقفة نيوتن سابقا، المطران أنطوان حايك متروبوليت بانياس ومرجعيون سابقا، الأرشمندريت غبريال غنوم الإكسرخوس البطريركي في المكسيك، الأرشمندريت سليمان أبو زيد الرئيس العام للرهبانية الباسيلية المخلصية، والأرشمندريت سارفيم قصبجي الرئيس العام للرهبانية الباسيلية الحلبية.
وافتتح البطريرك لحام السينودس بكلمة رحب فيها بالمشاركين في اللقاء، "الآتين إلى عنصرة جديدة يجمعهم فيها الروح القدس بالمحبة والوحدة. وركز بألم على هذا العالم المنقسم، عالمنا العربي المنقسم، لبنان المنقسم والمدمر، وفلسطين المهشمة، والعراق المضرج بالدماء". وقال: "أن تكون وحدة كنيستنا نموذجا للوحدة في هذا العالم المنقسم. فكل بيت ينقسم على ذاته يخرب. وحدتنا، اكليروسا وشعبا، دعم لجميع أبنائنا في إيمانهم، ودعم لبقاء مؤمنينا في الشرق العربي. لذلك، نطلب من رعايانا في كل مكان أن يرفعوا الصلاة من أجل لبنان خصوصا، ومن أجل البلاد العربية التي تمر في مرحلة مصيرية من تاريخها، بخاصة فلسطين والعراق وسوريا، لإحلال المودة والتسامح واحترام الحياة عطية الله لكل البشر".
وفي اليوم الأول من أعمال السينودس المقدس، أرسل رئيس مجلس النواب نبيه بري برقية تهنئة وشكر للبطريرك والسادة الأساقفة، مثنيا على ما جاء في الخطاب الافتتاحي من "تركيز على الشأن اللبناني والاهتمام بالأمور السياسية والاقتصادية والأمنية". ورد البطريرك لحام، باسمه وباسم السادة الأساقفة، ببرقية شكر.
وضمن خطة عمل لتنظيم المحاكم الكنسية والدوائر البطريركية لتكون مؤهلة لخدمة المصالح الروحية للعائلات والمجتمع، تم انتخاب مجموعة من السادة الأساقفة لملء المراكز الآتية لمدة خمس سنوات:
1- للإشراف على العدالة في جميع محاكم البطريركية الأنطاكية الكاثوليكية: المطران جورج حداد متروبوليت بانياس ومرجعيون، يعاونه كعضوين في المحكمة السينودسية، المطرانان جوزف عبسي النائب البطريركي في دمشق، والمطران يوحنا حداد متروبوليت صور سابقا. كذلك، انتخب المطران إيلي حداد رئيس أساقفة صيدا ودير القمر محاميا للعدل، والمطران جورج بقعوني متروبوليت صور محاميا للوثاق في المحكمة المذكورة.
2- انتخاب المطران إيلي حداد رئيس أساقفة صيدا ودير القمر رئيسا لمحكمة الاستئناف البطريركية العادية الموزعة غرفا على امتداد رقعة البطريركية الأنطاكية.
3- انتخاب المطران ميشال أبرص، من الدائرة البطريركية، أمين سر للسينودس المقدس، ومعه في أمانة السر المطرانان إبرهيم نعمة متروبوليت حمص وحماه ويبرود سابقا، وعصام درويش رئيس أساقفة أوستراليا ونيوزيلندا.
4- تعيين البطريرك المطران ميشال أبرص نائبا بطريركيا في لبنان، يمثله لدى المراجع والسلطات وفي المناسبات الرسمية.
5- انتخاب المطران إيلي حداد رئيسا للجنة القانونية السينودسية، ومعه المطرانان جورج حداد ويوحنا حداد.
وبغية تفعيل دور السينودس في خدمة الكنيسة الملكية وجماعة المؤمنين، إنكبّ الآباء خلال جلسات متتالية على إعادة درس مجموعة أنظمة لمؤسسات إدارية وتربوية وإنسانية وإقرارها. وهي النظام الداخلي للسينودس المقدس، النظام التربوي للاكليريكية البطريركية، مشروع تقاعد الأساقفة ومشروع تقسيم أبرشية بيروت وجبيل. وانتخبت لدرس هذا المشروع لجنة سينودسية من ثلاثة أساقفة، ومهمتها درس فائدة تقسيم الأبرشية لناحية تأمين الخدمة الأفضل للرعايا والاهتمام المباشر بأبناء الطائفة في هذه الظروف المستجدة التي تجعلهم يهجرون قراهم إلى المدينة.
وأعار الآباء اهتماما خاصا للمجمع البطريركي الذي ينعقد في 24 أيلول المقبل في الربوة. واطلعوا على الدراسات المتنوعة المحضرة لهذا اللقاء التاريخي. ووضعوا الأسس الكفيلة بنجاحه، ووجهوا دعوة ملحة إلى كل أبناء الكنيسة الملكية، كهنة ورهبانا وراهبات وعلمانيين، الى المشاركة في هذا المجمع في شكل فاعل ومفيد.
ولتهيئة رعاة صالحين لكل الرعايا في الأبرشيات، درس الآباء وضع التنشئة في الإكليريكية البطريركية القائمة في الربوة. وقرروا اعتماد مبادئ عدة وسبلٍ تربوية من شأنها تطوير الأداء التربوي. ولهذه الغاية، انتخبت لجنة سينودسية جديدة مسؤولة مباشرة عن مخطط التنشئة في الإكليريكية البطريركية، وقوامها االمطارنة ميشال أبرص، إبرهيم نعمة، وإيلي حداد.
وعلى هامش اجتماعات السينودس العادية، تلاقى مطارنة الاغتراب وتداولوا شؤون أبرشياتهم. وقرروا عقد مؤتمرهم السادس بعنوان: "إدخال الكتاب المقدس إلى حياة العائلات وبخاصة إلى حياة الأطفال والشباب"، من 2 تشرين الثاني 2008 إلى 9 منه في المكسيك. كذلك، اجتمعوا بلجنة الاغتراب في المجلس الأعلى لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك، في حضور الوزير ميشال فرعون. وقرروا تكليف المطران عصام درويش رئيس أساقفة أوستراليا ونيو زيلندا، توقيع بروتوكول تعاون بين المجلس الأعلى والمؤسسة العالمية للملكيين (GMA) التي مركزها أوستراليا في تموز 2007.
وزار السفير البابوي المونسنيور لويجي غاتي آباء السينودس كعادته كل سنة. فرحب به البطريرك لحام بكلمة أخوية. ورد غاتي بكلمة حيّا فيها الآباء المجتمعين، ودعاهم إلى التفكير في الوضع المسيحي في أبرشياتهم وفي كل الشرق، وتقديم اقتراحاتهم ونقل إليهم بركة البابا بينيديكتوس السادس عشر. وتناول معهم طعام الغداء.
كذلك، انتخب السينودس المقدس الأب ياسر عياش من الأردن مطرانا على أبرشية بترا وفيلادلفيا وسائر شرق الأردن، خلفا للمطران جورج المر الذي تنحى عن المنصب لبلوغه السن القانونية. وشكر البطريرك لحام والآباء للمطران المر جهوده الجبارة في خدمة الأبرشية وإعمارها طيلة 14 عاما، وتمنوا للمطران الجديد التوفيق، وللمملكة الأردنية الهاشمية دوام السلام والازدهار وحمايتها من كل الأخطار.
واستمع ايضا الآباء الى شروح قدمها المطران عصام درويش رئيس أساقفة أوستراليا حول "الأيام العالمية للشباب" التي تعقد في مدينة سيدني، في حضور البابا بينيديكتوس السادس عشر من 15 تموز 2008 الى 20 منه، وبخاصة لجهة التسهيلات المتعددة التي ستقدمها الدولة الأوسترالية والأبرشيات عموما، وأبرشية الروم الكاثوليك خصوصا. وحض المطران عصام درويش "الآباء على تحفيز أبنائهم على المشاركة الكثيفة في هذا الحدث التاريخي".
ونوّه الآباء بالجهد الكبير الذي بذلته اللجنة الإعلامية في الدائرة البطريركية في تغطية كل جلسات السينودس وأعماله. وشكروا بخاصة محطة "تيلي لوميار" التي حضرت يوميا وأقامت لقاءات مع العديد من الأساقفة ونقلت الصورة إلى المشاهدين في كل العالم، وإذاعة "صوت المحبة" التي نقلت أخبار السينودس ووقائع القداس الإلهي الختامي. ونشكر كل ممثلي وسائل الاعلام الذين واكبوا السينودس هذه السنة.
وبما أن مهمة الأسقف لا تقتصر على خدمة النفوس وتنمية الحياة الروحية، بل تتعداها إلى التحسس بأوضاع الناس وحمل آلامهم وتضحياتهم ومعالجتها بما يتوافر لديهم من إمكانات، فقد أمعن الآباء في التفكير ومتابعة ما يصيب جزءا كبيرا من أوطاننا العربية من آلام ومضايقات وقتل وتهجير تصيب المسيحيين منهم، وتدفع بالشباب إلى الهجرة طلبا للأمن ولقمة العيش والمستقبل الأفضل. وعلى كون المسيحيين قلة باقية، إلا أنهم من السكان الأصليين لهذه الأرض المقدسة، ولهم رسالتهم الثابتة والفريدة. وأذاع الآباء النداء الآتي: نريد سلاما ووحدة وعيشا أخويا للبنان، وطن الرسالة والمحبة والأرض التي يعتبرها كل عربي وطنه الثاني. لبنان على عتبة استحقاق دستوري مصيري، ومن شأن تفويته أن يشرع أبواب البلد على المجهول. لذلك، نصلي كي يبقى كيان لبنان، صامدا موحدا، ومؤسساته الدستورية قائمة قوية وفاعلة، وهي الضمان لاستمرار وجوده ووحدته.
ونرسل تحية خالصة إلى الجيش اللبناني البطل. فهو ضامن الوجود والاستقلال. ونقدم تعازينا بشهدائه الأبرار الى قائد الجيش وذويهم، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى المتألمين. نريد سلاما ووحدة للعراق، مهد الحضارات ومنبت أبي المؤمنين إبرهيم. نريد سلاما ووحدة للأراضي المقدسة، وهي أرض البشارة والميلاد والجلجلة والقيامة. نريد سلاما لمصر والسودان، لأنهما أرض الخير والعطاء لكل إنسان. نريد سلاما لسوريا ومنها، وهي البوابة إلى البلاد العربية والطريق إلى كل ازدهار واستقرار.
نريد سلاما ووحدة لكل بلادنا المشرقية، وهي أرض الإيمان والسلام.
ألا كفوا عن الاقتتال والتخاصم والتشرذم، عودوا إلى المحبة، عودوا إلى الحياة. إننا جميعا أبناء إله واحد، منه أتينا وإليه نعود. فلنحمل له أغمار شكرنا سلاما وأخوة وعطاءات من كل نوع، لبناء بشرية سعيدة ومستقبل زاهر لأجيالنا الطالعة.
وفي الختام، تكلم البطريرك غريغوريوس الثالث: "كان اجتماعنا مسيرة، ونحن مجتمعون نصمم، نرى، ونفتح آفاق ومشاريع، ونتأمل في ما نفعله. لذلك المسيرة لا تنتهي، انما تبدأ. كل سنة نقيم هذا السينودس ونبدأ بالتالي مسيرة جديدة في كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكية، وفي مجتمعنا في البلاد العربية. وفي جو منقسم، متشائم، ملّ فيه الناس الاخبار المزعجة، ونحن لا نحمل الاخبار السارة فحسب، انما كل مطران في ابرشيته هو بذاته الخبر السار، ودافع بايمان ورجاء ومحبة، لان المحبة لا تسقط ابدا. وان شاء الله، كل ما فكرنا فيه وصممنا له ووضعناه من افكار وورشات العمل، كل هذا ينطلق من عين تراز، كما انطلق ايضا هذا الدير، بعدما كان خربا، مهدما، محروقا على مدى 21 عاما، وانطلق كي يقول لكل انسان، وللبنانيين، لك رجاء يا لبنان، ولك يا بلادي العربية قيامة ومستقبل زاهر. هذه امانينا، والمخلّص يباركها، ومريم العذراء شفيعة هذا الدير، سيدة البشارة، واليوم هذه زيارتها، وان شاء الله ان تزورنا، وتحمل لنا ايضا بشرى وكلمات وحكايات حب الله".
وردا على سؤال عن فشل المبادرة العربية، قال لحام: "ليس ثمة فشل. كلمة فشل ممنوعة من الصرف. الفشل يعني انك انت المحاور، ورئيس الجمهورية (اميل لحود)، و رئيس مجلس النواب (نبيه بري)، ورئيس مجلس الوزراء (فؤاد السنيورة)، اذا قالوا فشلنا، او (الامين العام لجامعة الدول العربية) عمرو موسى قال فشلنا، فمعنى هذا انك انت لا تعرف ما عندك من طاقات يمكن ان تسخرها من اجل الحوار. اذا فشلت او قلت انك تفشل، فذلك يعني انك لا تعرف الطاقات القوية لمن تحاوره، اي ان الرئيس السنيورة لا يعرف مدى الطاقات الموجودة لدى الرئيس بري، والرئيس بري لا يعرف طاقات رئيس الجمهورية والرئيس السنيورة. الفشل يعني اننا لا نعرف الى اي مدى يريد الله ان يضع في قلوبنا من طاقات لئلا نفشل. والصعوبات كالتلال، ليس كي تعيقنا عن السير، انما كي نتسلقها ونبلغ الهدف. وبالتالي، ينتصر لبنان اذا كان واحدا ومحبا، والمحبة لا تسقط ابدا. لا تخافوا ايها اللبنانيون، فالله معنا".