رسالة بطاركة الشرق إلى الشباب

 

الرأي الأردنية 6\\8\\2007

 

لا أدري كم عدد القراء الذين سمعوا عن مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، فرغم أنه مجلس يدل اسمه عليه أي أن أعضاءه هم البطاركة الكاثوليك في الشرق، لكنه يبقى بالنسبة للإعلام العربي مجهولاً وعمله خافياً على الغالبية من القرّاء والمتابعين العرب.

 

 

 

تأسّس هذا المجلس عام 1990 وهو مرتبط روحياً وإدارياً بالفاتيكان إذ أن الكنائس الكاثوليكية تجد في السلطة البابوية رئاستها الروحية وراعية لتوجهاتها. لكنّ المهمَ هو أن مجلس البطاركة في الشرق هو أعلى سلطة روحية تعمل بتنسيق بين أعضائها وكنائسها، وأهميّتها في أنّها لا تحصر عملها وصوتها بالشأن الروحي فقط، بل تتعدّى ذلك لتخاطب الإنسان المؤمن في بلدان الشرق، وتمد جسوراً من التعاون البناء بينها ككنائس وبين المحيط العربي والإسلامي الذي تعيش في وسطه. سيما أن البلدان التي يمثلها أصحاب الغبطة تمثل مناطق غليان سياسية وبالتالي لا ينفك المجلس يصدر صوت تهدئة ومصالحة وسلام وعدالة، مطالبا باعطاء كل ذي حق حقه من الكرامة والحرية.

وجه المجلس إلى اليوم تسع رسائل رعوية إلى مؤمنيهم في مناطق تواجدهم كافة. حملت كل رسالة جوانب عالية الأهمية في حياة المسيحيين في تفاعلهم مع قضايا مجتمعاتهم، ومن الضروري التذكير بالرسالة الثانية التي تمحورت حول الحضور المسيحي في الشرق. أما الثالثة فلم تقل أهمية أيضاً من حيث العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في البلدان العربية، وقد صدرت مع بداية العام الحالي 2007 الرسالة التاسعة للمجلس وهي تتوجه إلى الشباب بشكل خاص.

ففي غمرة الأصوات التي يصغي إليها الشباب اليوم، تخترق الرسالة هذه الأصوات متوجهة إلى الشباب لمساعدتهم في بلورة حضورهم ورسالتهم في كنائسهم وفي مجتمعاتهم. ليس المجال واسعاً هنا للدخول في تفاصيل الرسالة التي آمل أن يكون لها الصدى الكبير والمأمول، لكنها تضع نصب العين كون الشباب عنصرا أساسيا مكوّنا للجماعة المؤمنة والمنفتحة. فالانغلاق في الدين ليس تديّناً والتقوقع لا يخدم الرسالة الدينية والذوبان والانصهار لا يظهر صورة أو واقع التعددية في الشرق بوجهها الإيجابي. فليست التعدديّة الأثنية أو الدينية دعوة للتناحر والتباعد بل للإغناء المتبادل. إنّها تشكيلة فسيفسائية ينبغي لها أن تساعد على الانفتاح وتكون صانعة الخير والتكامل.

 

ما هي الصورة التي يريدها بطاركة الشرق لأبنائهم الشباب؟ وما هي الرسالة التي يريدون منهم إيصالها؟ وما هي قنوات التواصل التي عليهم أن يبنوها مع مجتمعات اليوم، وبخاصة مجتمعاتهم العربية والإسلامية؟ الشاب المسيحي مواطن عربي أولاً وأخيراً، ليس قادماً من الغرب أو من المريخ، عليه واجبات المواطن الصالحة، وله حقوقه التي يطالب بها بطرق ديمقراطية، وإن لم تكتمل الممارسات الديمقراطية في البلدان العربية. لكنّ كون الشاب العربي المسيحي مواطنا في هذه البلدان، لا يمنعه أبدا أن يكون بذات الوقت مؤمنا مسيحيا لديه إيمانه الخاص، والمسيحية ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب، هي وليدة هذا الشرق، وما هذه الأجيال الجديدة إلاّ حفدة المسيحيين الأوائل ويحملون في صدورهم الإيمان الذي انبثقت شعلته من هذا الشرق مهد الديانات كلها.

ما سبق يمثل السمة الرئيسة للهوية الواحدة الموحدة في شخص الشاب العربي المسيحي، وتأخذ رسالة مجلس البطاركة كلا من البعدين بعين الاعتبار. فتتحدّث عن الهوية، دون مراعاة الجهة أو البعد، دون الآخر، لأنَّ الشخص واحد. فتحاول أن تثبّت الشعور بالهوية من خلال وضع الشاب في صلب الكنيسة كمؤسّسة بشرية وكيان روحي. فالمسيحية لا تقوم على رجال الدين والرهبان الذين يعتبرهم الإنجيل لا متسلطين على الناس بل خداما لهم وغاسلين لأقدامهم.

الرسالة الصادرة عن بطاركة الشرق ، كنز حقيقي . يتوجه إلى الشباب العربي المسيحي، ويدعوه إلى سلوك درب الحوار والتعاون مع المواطنين ، المسيحيين من الكنائس غير الكاثوليكية ، كما مع المجتمع بثقافته العربية والإسلامية . انّها تمثل في جوهرها دعوة الى الشاب المسيحي لكي يبقى في وطنه الأصلي ، ولا يأخذ الهجرة هروبا وانكفاء . بل أن يبقى ليسهم في تنمية مجتمعه، مهما بلغت التحديات التي تواجه المسيحيين في الشرق صعوبة وصعودا مستمرا على درب الجلجلة الطويل والمرير.

 

لقراءة النص الكامل

 

 

لرسالة البطاركة الى الشباب

هناfile.doc