عقيدة المطهر للاب الدكتور أغسطينوس موريس

عقيدة المطهر أتذكر في يوم من الأيام ذهبت مع صديقٍ لي لزيارة أسرة صديقة له في إيطاليا، وعند وصولنا على باب الشقة، وجدنا على عتبة الباب بمثابة سجادة صنعت خصيصاً لهذه المهمة أُطلق عليها دواسة، وبالتالي كان يحب علينا تنظيف أحذيتنا من القذارة أو التراب قبل دخول الشقة، وبعد أن دخلنا الشقة قمنا بخلع معاطفنا وهذها أو رجها لئلا يكون هناك غباراً أو أمطاراً عالقة بمعاطفنا وتعليقها على شماعات موجودة على مدخل الباب. وهكذا كان يجب علينا الحرص والانتباه بان لا نترك أية شوائب أو أية آثار لها على أرضية شقة معارفنا. فتأملت فيما قمنا به وقلت في نفسي هكذا كان حرص صديقي وحرصي يان نكون على المستوى اللائق بنظافة شقة صديقنا، فكم يكون الأمر بالنسبة للدخول في الحضرة الإلهية، والمستوى اللائق الذي يجب أن نكون عليه في ملاقاته. وهكذا عندما يموت الإنسان يكون أمامه ثلاثة حالات، وهو يحتاج لواحدة منهم: الذهاب للسماء مباشرة، الذهاب إلى الجهنم، والذهاب إلى المطهر.

وجاء في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية الآتي:«الّذين يموتون في نعمة الله وصداقته، ولم يتطهروا بعد تطهيراً كاملاً، وإن كانوا على ثقةٍ من خلاصهم الأبدي، يخضعون من بعد موتهم لتطهير، يحصلون به على القداسة الضرورية لدخول فرح السماء» . نستخلص من النصين السابقين أن المطهر هو حالة تكفير، هذا التكفير يؤدى إلى تطهير النفس تطهيرًا كاملاً، ينقلها إلى القداسة والحياة مع الله إلى الأبد، ويشترك المؤمنون في مساعدة الإنسان الذي بدأ حالة التطهير، بتقديم الصلوات والصدقات لله، حتى يشترك في السعادة الأبدية، ومن هنا نفهم أهمية الصلاة من أجل المنتقل، سواء في الجنازات أو القداسات، وما يصنعه أهل المنتقل من صدقات. هذا التكفير، الذي قد يبدأ على الأرض، يكتمل بعد الانتقال من هذا العالم، وسنرى هذا في كلام القديس أغسطينوس لاحقاً. ويتحدث الأنبا غريغوريوس رداً على سؤالاً جاءه من السيد باسم فوزي اسكندر: "هل يجوز عمل الأربعين أو السنوية لرجل انتقل ولم يكن أرثوذكسياً، وهل يمكن ذكره في القداسات الإلهية؟ … فإذا كان المتوفي قد اعتنق قبل وفاته ديناً آخر، أي مات غير مسيحي، فالكنيسة لا تترحم عليه، لأن الصلاة عن الراقدين هي لطلب الرحمة لهم، عن خطاياهم غير المميتة وهي السهوات والهفوات، والخطايا غير الإرادية والتي لم يقدموا عنها توبة في حياتهم، فقد قال الكتاب المقدس صراحة: "إذا رأي أحد أخاه يرتكب خطيئة لا تؤدي إلى الموت، فليطلب فيمنح الله أخاه الحياة التي يمنحها للذين يرتكبون الخطايا التي لا تؤدي إلى الموت. فمن الخطايا ما يؤدي إلى الموت، ولست أطلب الصلاة من أجلها" (1يو 16:5)" ويتحدث القمص يوحنا سلامة: " لايخفى أن ذبيحة الصليب التي تقدمت مرة واحدة على مذبح الجلجثة كانت للتكفير والاستغفار عن خطايا جميع الناس الأحياء والذين ماتوا على رجاء. وبما أن ذبيحة القداس غير الدموية هي عين ذبيحة الصليب الدموية ولا فرق بينهما الا في كيفية التقدمة كما أثبتنا انفاً فهي إذاً ذبيحة استعطاف عن جميع المؤمنين ولاسيما الذين قدمت من أجلهم. ولهذا ترى أن الكنيسة الجامعة منذ عصر الرسل إلى الآن تقدم الذبيحة الغير الدموية من أجل جميع المؤمنين أحياء وأمواتاً. ولثقتها في مراحم عريسها السموى الرب يسوع تصلى إلى الله وتلتمس صفحه عن هفوات الراقدين في الرب. وليس معنى هذا أنها تقدم الذبيحة عن الذين عاشوا وماتوا في الخطية، فانها إذا كانت تأبى قبول قرابين الزناة والظالمين والخطاة والمجرمين لغير التائبين وهم أحياء ق 44 من 71 للرسل ودسق 14 المجموع الصفوى وجه 25:145 فكيف تقدمها عنهم بعد موتهم انما هي تقدم الذبيحة وتلتمس رحمة الله للراقدين في الإيمان وقد لحقهم توان أو كسل أو تفريط كبشر. لأن لا انسان لا يخطئ 1مل 46:8 ولا صديق في الأرض يعمل صلاحاً ولا يخطئ جا 20:7 ولذا يقول الرسول. فأنى لست اشعر بشئ في ذاتي. ولكننى لست بذلك مبرراً 1كو 4:4. والنبى يقول السهوات من يشعر بها مز 12:19 ولا يخلو انسان عند انتقاله ان يكون عليه شيء من تلك السهوات التي لا يشعر بها والهفوات التي لا يعلم بها لا 17:5" ويتحدث الشماس الدكتور إميل ماهر إسحاق: "ومن أمثلة الخطايا التي يمكن أن تغفر في الدهر الأتى نذكر:

ولأن المطهر هو تجسيم حي وفعال لرحمة الله المقدمة للإنسان إلى أبعد حد حتى بعد الموت من ناحية وقوة مفعول الصليب والدم المسفوك من ناحية أخرى. ومن هنا يأتي السؤال المهم : من هو المستحق المرور بالمطهر؟ والإجابة لا تتوقف على مجرد خطيئة عرضية وهفوات أو عقوبات زمنية لكنها أعمق من ذلك بكثير : فالمطهر هو أساس للذين اشتياقهم لله ليس اشتياقاً كاملاً من ناحية وللذين لم يشتركوا في الخلاص بمعنى تحمل مسئولية الخلاص بدور إيجابي وفعال على مثال القديس بولس الذي قال : "أتمم في جسدي ما ينقص من آلام جسد المسيح الذي هو الكنيسة" هنا تظهر قيمة الخلاص الحقيقية، تتجلى لنا قيمة قبول الخلاص، إذ يجعل الإنسان المخلص إنساناً إيجابياً وفعالاً لا إنساناً كسولاً أو سلبياً . فهنا نسأل بولس هل المسيح كانت تنقصه آلام؟ فما معنى هذا السؤال ؟ حاشى لم تكن تنقص المسيح آلام . ولكن يعني لجسده هنا هو الكنيسة فبولس يشترك مع المسيح في الآلام لأجل خلاص الكنيسة . لأن الخلاص لا يقف عند حد القبول ولكن الاشتراك فيه أيضاً "وإن كنا نتألم معه فلكي نتمجد معه أيضاً" هذا هو الإنسان الذي يدخل المطهر الذي اشتياقه ليس اشتياقاً كاملاً لله. والذي اشتراكه في الخلاص لم يكن كما يجب على الإنسان المخلص والمفدي والمستفيد بالدم .

وهنا يأتي السؤال الثاني والذي يفرض نفسه من واقع السؤال الأول : ماذا يحدث في داخل المطهر؟

والإجابة على هذا السؤال تبنى على الأسباب في السؤال الأول، وهنا نجد فائدتين أو قطبين أو نتيجتين: فائدة سلبية وهي التطهير من الأنانية التي عاقت المشاركة في الخلاص "يقوم تعليم المطهر على المبدأ التالي: ان أردنا ان نتحد بالله في وحدة حياتية، وجب علينا ان نكون كلًنا محبة، كما انه هو كلًه محبة. لا تدخل في الله ذرَّة من الانانية، لأن الانانية هي نقيض الله، فهي تعارض الله. المحبة وحدها تمثَّل بالمحبة. فمن الذي يجرؤ على الاعتقاد في ساعة موته بأنه قائم في حالة المحبة الكاملة وانه تخلًص من كل ذرَّة من الانانية؟ هذا امر مستحيل، باستثناء مريم العذراء" والفائدة الثانية وهي إيجابية هي النمو في الاشتياق للمسيح والحب والحياة." فليس المطهر ألماً يُفرض ويحاول الإنسان ان يقاومه عبثاً، بل يجب ان نفهم أنه ألم يقاسيه الانسان طوعاً، حين يمثل أمام قداسة الله الساطعة فيرتاع من حالته. وهذا الارتياع من النفس أمام المحبة هو الندامة. وهذه الندامة هي شدّة محبة تريد التعويض عن حقارة الماضي. ولا عجب أن تتفتح عفوياً في الانسان، بقدر ما يغمره النور الالهي فيضعه أمام حالته. فكأنها موازنة حيَّة لكلّ حياته ولكل سيرته…حين يرى الانسان نفسه أمام المحبة، لا يسعه إلاَّ ان يرغب فيها. وليس أَلمه إلاَّ الشعور بأنه غير قادر على ذلك تماماً…فالمطهر (او الدينونة الخاصة) هو حضور تام للنفس ومعرفة تامّة للنفس ورؤية تامّة للنفس… كما أنا هو، وهذا أمر لايتمّ إلا إن استنرت بالنور الالهي. وكل ذلك يُلقينا في الله للأبد" "عندما يخلع الأبرار أجسادهم بالموت تزداد حساسية أرواحهم، وتقوى الذاكرة عندهم، فتنكشف أمامهم الخطايا التي فعلوها بمعرفة أو بغير معرفة، وبشعرون بتفصيراتهم مهما كانت درجة الكمال النسبي التي بلغوها وهم على الأرض. فيكونون في مسيس الحاجة إلى تعاطف أعضاء الكنيسة معهم في التوسل إلى المسيح رأس الكنيسة أن يهبهم الرحمة ويؤكد لهم الغفران، وبمسح كل دمعة من عيونهم، فينعمون بالتعزية والراحة. لأن راحة الفردوس وسعادته نسبية فقط ، وهي مجرد عربون لا يكتمل إلا بظهور المسيح ثانية للخلاص للذين ينتظرونه(عبرانيين 27:9-28).

وطالما أن الراقدين لم ينالوا بعد كمال الراحة والسعادة، فالصلوات من أجلهم تستجاب بإعطائهم مزيداً من الراحة والاطمئنان والسعادة" وهنا نجد تشبيه هام جداً يساعدنا على فهم الفائدة الثانية : عروسة في ليلة زفافها. وليلة الزفاف فيها أجمل معاني الفرح، فيها السعادة والاشتياق والرغبة ومع كل هذا فالعريس أبطأ عن المجيء ، فالعروس تزداد اشتياق ورغبة فالمطهر هو ليلة زفاف ولكن فيها العروس لا ترى العريس إلا بعد أن تزداد اشتياق ورغبة منه أو فيه بطريقة أفضل وأكمل . العقيدة في الكتاب المقدس :

الكتاب المقدس مملوء بالشواهد والآيات التي تتحدث عن المطهر سواء مباشرة أو بالاستنتاج ونحن نختار من هذه الآيات حتى لا يظن الآخرين بأن عقيدة المطهر نابعة وناتجة من التفكير البشري المحض وإنما لها شواهد كتابية .

الشاهد الأول : 2 مكا : 42:12-46 "وجمع يهوذا جيشه وسار به إلى مدينة عدلاَّم، وفي اليوم السَّابع تطهروا على ما جرت العادة وقضوا السبت هناك. وفي اليوم التالي أقبل يهوذا ومن معه ليحملوا، كما هو مفروض، جثث القتلى ويدفنوهم مع أقربائهم في مقابر آبائهم. فوجدوا تحت ثياب كلَّ جثة تماثيل صغيرةً من أصنام آلهة يمنياً مما تُحرمه الشريعة على اليهود. فتبين للجميع أن ذلك كان سبب سقوطهم قتلى. فرفعوا كُلُّهم آيات الحمد إلى الرب الديَّان العادل الذي يكشف الخفايا. وأخذوا يصلون ويبتهلون إليه أن يمحوا تلك الخطيئة، وبعد ذلك بدأ يهوذا النبيل يعظ الحاضرين أن يبتعدوا عن الخطايا لأنهم رأوا بعيونهم نتيجتها على الذين قتلوا ثم جمع من كل واحدٍ تبرعاًـ فبلغ مجموع التبرعات ألفي درهم من الفضة، فأرسلها إلى أُورشليم ليقدم بها ذبيحة عن الخطيئة، وكان ذلك خير عملٍ وأتقاه لإيمانه بقيامة الموتى. هؤلاء رَجاؤُهُ بقيامة الذين قتلوا لكانت صلاتُهُ من أجلهم باطلة. ولو لم يعتبر أنَّ الذين ماتوا أتقياء ينالون جزاءً حسناً، وهو رأي مُقدسٌ وتقيُ، لهذا قدَّم الكفارة عن الموتى ليغفر الرب لهم خطاياهم"(2مكا 38:12-45). قصة هذا الشاهد تحكي عن القتلى من المعركة بين يهوذا المكابي وبين عدوه الجبار جورجياس. وكان هؤلاء القتلى يحملون معهم أنواطاً من أصنام والتي تحرمها الشريعة .وهنا نجد التساؤل ما مصير هؤلاء القتلى؟ هل نعتقد أن هؤلاء سيهلكون أم سيخلصون . فهم لديهم غيرة على الشريعة وعلى الأمة اليهودية والدليل قتالهم مع العدو لأجل ديانتهم ووطنهم، وفي الآن ذاته هناك سلبية وهي حمل الأنواط الوثنية والتي كان الطمع وراء اقتنائها كأشياء ثمينة وفنية وحملهم أياها كان نتيجة الجهل ليس إلا. ويهوذا المكابى وكل المكابيين صلوا لأجل الجنود القتلى الذين وجدوا معهم أنواطاً من أصنام يمنياً طالبين لهم المغفرة، ثم أرسلوا إلى أورشليم ألفي درهم من الفضة ليقدم بها ذبيحة تكفيرية عنهم . لقد كانوا إذاً على يقين من أن هم يستطيعون محو خطاياهم بواسطة الصلاة والذبائح. وينهي كاتب الخبر مادحاً هذا الصنيع .

 الاعتقاد السائد قبل ذلك :

– لم تكن قد وضحت قبل ذلك فكرة الثواب والعقاب، لأن الفكرة السائدة كانت فكرة الجحيم. وفي هذا المكان كان يوجد الأبرار والأشرار معاً ولكن عند موت هؤلاء ظهر السؤال أن هؤلاء ماتوا شهداء فما مصير هؤلاء والأباء قبل ذلك ؟ وهنا رأي يقول عن هذه الآية ويبدأ بالسؤال : ما هي الخطيئة التي تقدمت عنها الذبيحة : أكانت مميتة أم عرضية؟ لابد أنها خطيئة عرضية لأن الخطيئة المميتة لا يمكن حلها بعد الموت بالإجماع، فكانت إذاً خطيئة يمكن حلها بعد الموت وهذه نسميها عرضية. ثم من تعرقل بهذه الخطيئة أين يكون أفي السماء فالأبرار لا يحتاجون إلى حل لأن خطاياهم قد تطهروا منها قبل دخولهم إلى السماء أفي جهنم ولكن الهالكون الذين انتقلوا وهم في الأثام فهم يتعذبون بنار أبدية لا تطفأ فهو إذاً في مكان غير السماء وغير جهنم . حيث يمكن الوفاء عن الخطية وهذا المكان إنما نسميه مطهراً. "قصة من المكابيين: جاء في سفر المكابيين (38:12-45) عن حروب يهوذا المكابي أنه وجد في ثياب جثث القتلى من جبشه بعض التمائم مما تحرمه شريعة اليهود (قارن تثتية 25:7)، فتبين هو وجيشه أنها السبب في قتلهم. ثم أخذوا يصلون ويبتهلون أن تمحى تلك الخطيئة المرتكبة محواً تاماً". "ثم جمع من كل واحد تقدمة فبلغ المجموع ألفي درهم من الفضة. فأرسلها إلى أورشليم لتقدم بها ذبيحة عن الخطيئة. وكان عمله من أحسن الصنيع وأسماه على حسب فكرة قيامة الموتى. لأنه لو لم يكن يرجو قيامة الذين سقطوا لكانت صلاته من أجل الموتى أمراً سخيفاً لا طائل تحته. وإن كان عد أن الذين رقدوا بالتقوى قد أدخر لهم ثواب جميل، وكان في هذا فكر مقدس تقويّ. ولهذا قدم ذبيحة التكفير عن الأموات ليحلوا من الخطيئة". فهذه القصة تدل على الإيمان بقيامة الأموات، وفائدة الصلاة من أجل الراقدين، ووجوب تقديم الذبائح عنهم. كذلك فإنها تدل على أن كنيسة اليهود كانت ترفع الصلاة من أجل الراقدين في القرن الثاني قبل الميلاد ل[باستثناء الصدوقيين الذين ينكرون قيامة الأجساد، ويقولون بموت النفس مع الجسد، ويذكرون وجود الملائكة والأرواح] ففي العهد القديم نقرأ (1) أن بنى إسرائيل والملوك والانبياء اعتادوا أن يصوموا ويصلوا من أجل الراقدين وكان لهذه العبادة اعتبار خاص عندهم فاهل يابيش جلعاد صاموا"وصلوا طبعاً" سبعة أيام على شاول وأبنيه 1صم 31:31 أي 12:10 وكما صام داود ورجاله 2صم 21:1 لما مات أبتير رئيس جيش إسرائيل 2صم 35:3 مع أن والده الذي كان يصلى ويطلب بصوم أن يبقى حياً لم يصم من أجله بعد موته 2صم 10:12و 20 (2) ان شعب الله في ايام يهوذا المكابي قدموا قرابين وصنعوا احسانات من أجل نفوس الراقدين 2مكا 43:12-46 وقد مدح الرجل على ذلك وحسب عمله مقدساً وتقوياً – ولا محل للاعتراض بعدم قانونية هذا السفر فان المسيح نفسه وافق على ما جاء به حيث أنه حضر عيد التجديد الذي كان رسمه يهودا المكابي راجع 1مكا 4، 2مكا 10 مع يو 22:10. وبولس أشار إليه راجع عب 34:11 مع 2مكا 6و7و10. والبروتستانت يستشهدون به"

الشاهد الثاني 1 كورنثوس 10:3-15 "أنا بحسب نعمة الله التي أوتيتها كبناء حكيم وضعت الأساس وآخر يبني عليه فلينظر كل أحد كيف يبني عليه ، إذ لا يستطيع أحد أن يضع أساساً غير الموضوع وهو يسوع المسيح. فإن كان أحد يبني على هذا الأساس ذهباًَ أو فضة أو حجارة ثمينة أو خشباً أو حشيشاً أو تبناً. فإن عمل كل واحد سيكون بيناً لأن يوم الرب سيظهره إذ يعلن بالنار وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو. فمن يبقى عمله الذي بناه على الأساس فسينال أجره. ومن احترق عمله فسيخسر إلا أنه سيخلص ولكن كما يخلص من يمر في النار" كور 10:3-15.

يقول القديس بولس بأن عمل الذي يبشر بالإيمان بانياً على الأساس الذي وصفه الرسول نفسه، والذي هو المسيح، سوف يمتحن بالنار في يوم الدين فإذا أثبت العمل لامتحان النار فسينال العامل مكافأة وإلا فسيخسر أي أنه لا ينال مكافأة. لكن الذي لا يثبت عمله لامتحان النار، أي يكون قد أساء عمله فسيخسر إلا أنه سيخلص، ولكن كما يخلص من يمر في النار . أي أنه سيبلغ الحياة الأبدية إذا ما أظهر امتحانه بالنار أنه أهل للحياة الأبدية. وأغلب المفسرين الكاثوليك يرون في امتحان النار هذا تطهيراً عابراً يقوم على الراجح بمحن شاقة ستحل يوم الدين بالذي أساء البناء، ويستنتجون من ذلك أن الذي يموت وعليه خطايا عرضية، أو في ذمته عقابات زمنية، عليه أن يتحمل بعد الموت عقاباً وقتياً مطهراً.

فما الفرق بين نار المطهر ونار جهنم إذاً؟ «لا فرق بين النار التي تُهلك في جهنم، والنار التي تُطهر في المطهر، والنار التي تُسعد في السماء. نحن الذين نختلف أمام المحبة الثابتة اللامتناهية: فإن كنا مخالفين تماما للمحبة عذبتنا نار الله، وإن كنا قادرين على التطهر، طهرتنا هذه النار، وإن كنا متحدين بالله، أسعدتنا هذه النار» . إذاً النار هي نار المحبة الإلهية التي تطهر، فالمطهر هو محبة مُطَهِرة لابد للإنسان أن يجتازها ليدخل ويشارك الله محبته الكاملة، كالذهب الذي لابد أن يجوز في النار كي يتنقىّ. "لايوجد سوى نار واحدة، هي نار حب الله – نار واحدة هي سعادة للبعض، وللبعض الآخر رعب – نفس النار – ليس ثمة اثنتان – وهي هذه النار التي تسبب آلامهم.. التي تود لو أنها تخترقهم، بقدر لو كان ثمة منفذ تدخل عن طريقه – باتسيكاف في وسط المياه" خلاصة لهذه الآية :- يوم ممات الشخص، يوم مجيء الرب، يوم الدينونة العامة.

ما يحدث في يوم الدين : توجد ثلاث فئات :

 أ – فئة ستنال المكافأة أصحاب الذهب والفضة .

ب – وفئة ستخسر أصحاب القش والعشب .

ج – فئة ستطهر بعد المرور بالنار المطهرة أصحاب المعدن الذي به شوائب – الأول للملكوت، والثانية لجهنم والثالثة للمطهر.

الشاهد الثالث متى 31:12-32 "من أجل هذا أقول لكم إن كل خطيئة وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح القدس فلا يغفر. ومن قال كلمة على بني البشر يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلا يغفر له لا في هذا الدهر ولا في الأتي" مت 31:12-32. في هذه الآية السابقة نستشف منها إمكانية غفران خطايا أخرى لا في هذا الدهر فقط بل في العالم الآخر أيضاً، والحال أن الخطايا المميتة لا يمكن أن تغفر ، فالعرضية هي إذاً التي تغفر. ويعلق القديس غريغوريوس الكبير على هذه الآية فيقول : "أنه يحمل على الاعتقاد بأن هناك خطايا تغفر في هذه الدنيا وخطايا تغفر في العالم الآخر " "المهم أن بعض المفسرين استنتج من كلام المسيح أنه، بالإضافة إلى الخطايا التي تغفر للإنسان في هذا العالم بالتوبة، هنالك بعض الخطايا – وبخاصة خطايا الجهل والسهوات – يمكن أن تغفر في الدهر الأتي. وهي التي أشار إليها الرسول يوحنا على أنها "خطية ليست للموت" (يوحنا الأولى 16:5). وجدير بنا أن نُدخل في اعتبارنا أن المسيح كان يكلم اليهود الذين يقسمون الوصايا إلى صغرى وكبرى (قارن متى 19:5، 36:22-39)، ويعتبرون الوصية الخاصة بأعشاش الطيور (تثنية 6:22-7) من أصغر الوصايا. والخطايا في مفهومهم تنقسم إلى خطايا كبرى لا يرجى غفرانها كالتجديف على الله والارتداد إلى الوثنية، وخطايا صغرى يرجى غفرانها. ولكن حتى الخطايا الخفية التي يفعلها الإنسان بسهو في واحدة من مناهى الرب كانت – وفقاً للشريعة – تحتسب إثماً، ومتى عرف الإنسان بها كان عليه أن يقرّب عنها ذبيحة لإثمه (لاويين 2:4، 14،13، 23،22، 28،27، 2:5-6، 14-19)"

الشاهد الرابع مت 25:5-26ن لو 58:12-59 "بادر إلى موافقة خصمك ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم إلى القاضي ويسلمك القاضي إلى الشرطي فتلقى في السجن. الحق أقول لك أنك لا تخرج من هناك حتى توفي آخر فلس" مت 25:5-26" "إذا ذهبت مع خصمك إلى الحاكم فاجتهد وأنت في الطريق أن تتخلص منه لئلا يجرك إلى القاضي فيسلمك القاضي إلى المستخرج والمستخرج يلقيك في السجن .

أقول لك أنك لا تخرج من هناك حتى توفي آخر فلس" لو 58:12-59 ففي هاتين الآيتين نجد فيهما : وعد بالعقاب العادل من الديان الإلهي للذين لا يتمون الوصية وصية المحبة الأخوية. وبعض المفسرين فهموا هذا على أساس أن يوفي الإنسان الدين الذي عليه ليس فقط في الحياة الأرضية ولكن في الدهر الآتي . تفسير الآيتين كالآتي : إن الطريق هو هذه الحياة الدنيا. والخصم الواجب ترضيته هو العدالة الإلهية، التي تطالب بحقها كاملاً غير منقوص، إن لم يكن في هذه الحياة ، ففي الأخر . أما القاضي فهو الديان العادل. والشرطي المنفذ للحكم هم الملائكة، والسجن هو المطهر.هذا إذا كان الدين طفيفاً. وأما إذا كان الدين أو قل جرم الخطيئة جسيماً، فالشرطي هو الشيطان، والسجن هو جهنم. وعلى ضوء التفسير السابق للمثل نجد المعنى الآتي : يذكر سجن في العالم الآتي لا يخرج منه المديون حتى يوفي ما عليه من الدين إلى أخر فلس. وهذا السجن لا يفهم عن جهنم الأبدية إذ لا وفاء لدين فيها ولا خروج منها أبداً. فلابد إذاً من وجود سجن آخر خلافه، يفي فيه الإنسان للعدل الإلهي ما عليه من ديون الخطايا وبقاياها ، وهذا السجن تسميه الكنيسة المقدسة المطهر.

الشاهد الخامس :- فيلبي 10:2 "لكن تجثوا باسم يسوع كل ركبة ما في السموات وعلى الأرض وتحت الأرض" فيل 10:2. من الواضح بأن الذين يجثو في السماء باسم يسوع هم الملائكة والقديسون. كما أنه من الواضح بأن الذين يجثون باسمه على الأرض هم كل من آمنوا بيسوع المسيح رباًُ ومخلصاً، أي المسيحيون جميعاً. ولكن يأتي سؤالاً مهم جداً وهو : من هم الذين يجثون باسمه تحت الأرض؟ ترى هل هم الهالكون الذين في جهنم؟ بالطبع لا لأنهم بكبرياء رفضوا أن يسجدوا وبكبرياء أيضاً لن يسجد أحد يكون لله سلطان عليهم وعلى الجميع ولكن ليس معنى هذا أن الهالكون سيسجدون له وإلا لم تعد هناك مشكلة . ولكن الذين هم تحت الأرض، هم النفوس المنتقلة إلى حين، في ذلك المكان الواقع في باطن الأرض، والذي أعده الله لتطهير المنتقلون من عالمنا إلى العالم الآخر ، ولا تخلوا نفوسهم من بعض الشوائب والعيوب، التي تحرمها مؤقتاً من دخول السماء . نكتفي بهذا القدر من الآيات الكتابية والتي ليس لها تفسير غير ذلك وهي قاطعة ومقنعة لكل من يقرأها. وعلى المعترض إيجاد تفسير غير الذي نجده لها.

العقيدة في التقليد الآبائي :

– تقليد الأباء مليء بالأقوال التي تؤيد عقيدة المطهر والتي لم تكن غريبة عليهم لأنهم كانوا على مستوى وعي بما فيه الكفاية أقله فيما كانوا يمارسوه من طقوس أو ما يقولوه من أقوال وهذه بعض الأقوال :- "إن أوريجانوس مثلاً الذي عاش في القرن الثالث وضح تماماً في تقريره أن الراقدين يصلّون من أجل الأجيال اللاحقة (تفسيره على رسالة رومية 4:2). فهو يقول في تفسيره على نشيد الأناشيد (75:3 = PG. xiii,160): "إن جميع أولئك الناس الذين غادروا هذه الحياة يحتفظون بمحبتهم لأولئك الذين تركوهم تحت، ويكونون مشغولي البال على سلامتهم، ويساعدونهم بصلواتهم وتشفعاتهم إلى الله" القديس كبريانوس أسقف قرطاجة : يقول بأن التائبين الذين ماتوا بعد أن غفرت خطاياهم، يجب عليهم أن يؤدوا في الحياة الأخرى ما تبقى عليهم من التعويض المفروض، بينما الشهادة هي بمثابة تعويض كامل وواف. "ليس بيان غسل النفس من الخطايا عذاب أليم طويل والتطهير بالنار وغسل النفس من الخطايا بشهادة الدم" "وفي سنة 252م يكتب القديس كبريانوس (الرسالة 5:56) إلى البابا الروماني كورنيليوس في منفاه ثائلاً: "فلنتذكر بعضنا بعضاً، ولنصل دائماً من أجل بعضنا البعض… إن كان أي واحد منا – عن طريق سرعة التفضل الإلهي – ينتقل من هنا في الأول، فلتستمر محبتنا أمام الرب، فلا تتوقف صلواتنا من أجل إخوتنا وأخواتنا في حضرة رحمة الله"

القديس أغسطينوس :- يميز بين العذابات الزمنية التي يجب أن تعانيها في هذه الحياة والعذابات الزمنية التي يجب أن تعانيها بعد الموت فيقول : بعض الناس لا يعانون العذابات الزمنية إلا في هذه الحياة، وبعضهم بعد الموت فقط، وغيرهم في هذه الحياة وبعد الموت. إلا أنهم جميعاً يقفون بين يدي هذه المحكمة الصارمة "مدينة الله 13:21 القديس أغسطينوس 354-430 " إنه لا ينبغي أن نرتاب أبداً في أن صلوات الكنيسة المقدسة والذبيحة الإلهية، والصداقات تسعف المنتقلين الذين تقدم لأجلهم، لكي يكسر لهم الرب رحمته، غير ناظر إلى ما استحقته خطاياهم هذا ما سلمه إلينا الأباء وتحفظه الكنيسة عموماً خطاب 72 اعر 12"

القديس غريغوريوس الثاؤلوغس يقول : "إن المؤمنين يعمدن بناره الثانية أي العماد الأخير الذي ليس هو فقط أقسى وأشد بل أنه أطول مدة إذ أنه يأكل في الإنسان ما يصادفه من المادة الكثيفة الشبيهة بالحديد ويزيل الخطايا الخفية " وهنا القديس غريغوريوس يشبه المطهر بالعماد الثاني مع الفارق أنه ليس بالماء ولكن بالنار وبأنه أشد وأطول من العماد الأول لأنه يأكل ويزيل الخطايا الموجودة في المؤمن ليتطهر ويتنق ويصبح مستحق للرؤية الطوباوية. القديس أمبروسيوس أسقف ميلانو بإيطاليا يقول "كما يخلص من يمر في النار". نفهم منه أن هذا الإنسان سيخلص ولكن بعد أن يقاسي ألم النار . فعندما يتطهر بهذه النار يخلص ولا يعذب مع الكافرين في النيران الأبدية. القديس يوحنا فم الذهب 347 –407 يقول بأن إقامة الذبيحة الإلهية من أجل الموتى المؤمنين شريعة تلقتها الكنيسة مباشرة عن الرسل يقول "ليس من العبث أن الرسل أحلوا وجوب مباشرة الأسرار الرهيبة تذكاراً للذين انتقلوا من هذه الحياة محل الشريعة " "ميمر 3 في الرسالة إلى أهل فيلبي"

القديس كيرلس الأورشليمي315  386 يقول: أننا نصلي لأجل جميع الذين كانوا معنا أحياء اعتقاداً منا أن لذلك فائدة عظيمة لتلك النفوس التي تُقدم الابتهالات لأجلها، إذ تقام الذبيحة المقدسة الرهيبة".

أوزابيوس، أوسابيوس القيصري المؤرخ الكنسي 265 – 340 يقول في كتابه سيرة الملك قسطنطين بأن الذبيحة قد قدمت من أجل راحة نفس هذا الملك، في كنيسة الرسل كتاب الأعمال الرسولية : يخبرنا بأن الصلوات والذبائح والتقادم التقادم التي تصنع لأجل الموتى تفيدهم لنيل ومغفرة خطاياهم ودخول السعادة الأبدية فيقول موصياً: "لنصلّ من أجل أخوتنا الذين رقدوا في المسيح، لكي يغفر الرب، الكثير الرحمة، للميت الذي استلم نفسه كل خطاياه، ويسكنه بصلواتنا في ديار الأحياء إلى الأبد"

الخلاصة :- عقيدة المطهر واضحة في أقوال الآباء بل وفي ممارستهم العملية للذبيحة وللصلوات التي في اعتقادهم وإيمانهم تفيد المنتقل الذي لا يحمل في ذاته خطيئة الموت لجهنم بل الذي هو بار ولكنه مثقل ببعض الهفوات والشوائب.

عقيدة المطهر في الطقس:

"- ونحن نعلم أن الكنيسة الكاثوليكية غنية جداً بالطقوس المتنوعة والمختلفة ويرجع ذلك لانتشارها في بلدان العالم المختلفة فهناك الطقس اللاتيني الغربي، والماروني، السرياني، الكلداني، الموارنة، والإغريقي أو اليوناني، والقبطي وكذلك أيضاً الكنيسة الأرثوذكسية بطقوسها بينها الروم الأرثوذكس ، السريان، الكلدان، الأحباش، الروس الأرثوذكس ولكن بما أنا أقباط ونفخر بطقسنا القبطي وكنيستنا القبطية فنكتفي بأن نتبع في طقسنا القبطي وجود المطهر.

فالطقس القبطي الذي يعبر عنا نحن الأقباط والذي نمارسه يعبر عن اعتقادنا وحتى إذا لم نجاهر بهذا الاعتقاد جهراً أو لم نعترف به رسمياً، فيكفي أننا نمارسه ونعيشه ونقربه في صلاتنا وهذا هو الأهم والأعمق من مجرد إعلان الاعتراف به بالفم دون القلب أو المعايشة . وسوف نستشهد بأجزاء بسيطة أو مختارات طقسية تؤيد العقيدة أو تظهر لنا بأننا نعيش العقيدة ونمارسها طقسياً. أولاً أوشية الراقدين والتي تقول "…. أذكر يا رب نفوس عبيدك آبائنا وأخواتنا الذين رقدوا" فما معنى أن نطلب من الله أن يذكر الراقدين؟ فإذا كنا نصلي وصلاتنا لا تفيدهم فلماذا نصلي؟ والحقيقة أننا نصلي لأننا لدينا ثقة كبيرة بأن صلاتنا تستجاب، فنحن نطلب ونصلي. "تفضل يارب نيح نفوسهم جميعاً في أحضان آبائنا القديسين اللهم تفضل عبيدك المسيحيين الأرثوذكسيين الذين في المسكونة كلها من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب كل واحد باسمه وكل واحدة باسمها ، يارب نيحهم واغفر لهم …" ص 15،16 الخولاجي المقدس مكتبة المحبة. ما معنى هذه الصلاة لموتى لا تفيدهم صلاتنا ؟ ما معنى أن نطلب من الله أن ينيحهم ويغفر لهم خطاياهم في كل المناسبات .

في ساعة صلاة الجناز، والثالث ، والأربعين، والذكرى السنوية أليس هذا لاقتناع الكنيسة بأن هذه الصلاة فعالة وتنتج ما تقوله. في صلاة القنديل (مسحة المرضى) ص 149 كتاب صلوات الخدمات في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مكتبة المحبة في عهد البابا كيرلس السادس يقول النص: "كل الأنفس المتضايقة أو المقبوض عليها أعطها يارب رحمة، أعطها نياحاً، أعطها برودة أعطها نعمة، أعطها معونة، أعطها خلاصاً أعطها غفران خطاياها وأثامها. نسأل الآتي: ما معنى هذا النص؟ وماذا يقصد بالأنفس المتضايقة أو المقبوض عليه؟ هل المأسورين في الحروب أم مأسورين للشيطان أم للمرض؟ ربما فعلاً يكون هذا ولكن ما معنى "أعطها نياحاً"، "أعطها برودة". فهل الواقعين تحت المرض أو السبي للشيطان أو في ضيق ما نطلب لهم النياح والبرودة عوضاً أن نطلب لهم الخلاص والإنقاذ. وهنا نرى المتضايقين والمقبوض عليهم هم الأنفس المقبوض عليها في المطهر، وهذا يتفق مع ما جاء في (مت 25:5، 26 ولو 58:12و59) وخصوصاً بالتعبير: فتُلقى في السجن. الحق أقول لك إنك لن تخرج منه، حتى تؤدي آخر فلس. فالمطهر في هذا التشبيه هو بمثابة السجن والأنفس المطهرية تعتبر سجنة ولذلك فهي متألمة ومتضايقة.. وإن كان هذا التفسير غير مقبول فهل نجد معنى آخر لهذا الجزء!!

صلاة الترحيم: يعلق نيافة الخوري أبسكوبس الأنبا متاؤس على صلاة الترحيم بعد أن ينتهي الشماس من مرد القارئون فليقولوا… يبدأ الشعب المرد كالآتي: المجد لك يارب يارب ارحم. يارب ارحم يارب باركنا يارب نيحهم آمين (الخولاجي الكبير طبعة القمص عطالله المحرقي ص274) فيقول نيافة الخوري أبسكوبس الآتي "وهذا المرد كما نرى خاص بالترحيم على الراقدين وليس خاصاً بقديسين المجمع كما يفهم البعض. هو مرد للترحيم وليس مرداً لمجمع القديسين" ص134، 135. وبالتحليل المنطقي لهذا المرد نستطيع أن نقول: "لو كان هذا المرد خاصاً بقديسين المجمع لما قلنا في آخره عبارة "يارب ارحم" لأنه كيف نقول هذا عن قديسين اعترفت الكنيسة بقداستهم ووصولهم إلى أعلى مراتب النياح والراحة والسعادة في فردوس النعيم أسماؤهم في مجمع القديسين لتشفع فيهم" وهنا نلاحظ أن هناك قديسين اعتمدت الكنيسة قداستهم، فعلى أي أساس أعلنت واعتمدت قداستهم إن لم تكن السماء أعلنت ذلك بدينونة خاصة وفي الآن ذاته نفهم أن هناك نفوس راقدين مازالت الكنيسة تصلي من أجلهم ولم يحدد موقفهم بعد. وهذا ما نعرفه من المقطع الآتي: "

ثانياً لو كان هذا المرد خاصاً بالمتنيحين حديثاً فلا تقول في أوله "بركتهم المقدسة فلتكن معنا آمين" لأنه كيف نطلب بركة إنسان تنيح حديثاً لم تعرف الكنيسة مصيره بعد، ولم تعترف الكنيسة رسمياً بقداسته، ثم كيف نعمل له الترحيم طالبين له النياح ثم نطلب بركته وصلواته في نفس الوقت، وهنا يظهر التناقض، وتكون النتيجة الصحيحة كالآتي: أن هذا المرد خاص بالمراحم على المتنيحين حديثاً بدليل وروده في الخولاجيات بعد الترحيم وليس بعد المجمع مباشرة، والدليل الآخر هو عدم وجود عبارة "بركتهم المقدسة فلتكن معنا آمين" في الخولاجيات القديمة مخطوطة ومطبوعة. في هذا القول لصاحب النيافة الخوري ابسكوبوس يعني أنه توجد إمكانية معرفة مصير الإنسان الذي رقد وتستطيع الكنيسة تحديد مصيره، كما أنه من الصعب تحديد مصير المنتقل حديث الانتقال… ولكن تستطيع الكنيسة معرفة مصيره وهنا السؤال من الذي يقوم بتحديد مصير هذا الراقد أو ذاك؟ وكيف تحدد الكنيسة قداسة قديس بطريقة رسمية؟ كل هذه أسئلة تحتاج لإجابة. وهل يمكن للكنيسة إدانة شخص أو تحديد قداسة شخص دون أن يكون تحدد مصيره من قبل العرش السمائي؟ هل من سلطة الكنيسة أن تدين شخص انتقل وتحدد قداسته دون علم الله؟ ومن هنا الرد الطبيعي والمفروض أن يحدث هو أنه لابد من دينونة خاصة لهذا الإنسان أمام الله وبناءً عليه يُوحى للكنيسة سواء عن طريق الله أو من القديس ذاته بعد تفويض الله له بذلك ويقول أبينا الأنبا متاؤس الاسقف العام في كتابه روحانية طقس القداسة في الكنسية القبطية الأرثوذكسية، الطبعة الثالثة مايو سنة 1987 ص 44-45 الآتي: والصلاة على الراقدين وطلب النياح لهم عقيدة ثابتة وراسخة في الكنيسة القبطية : ويذكر عدة أسباب ومنها الآتي " لأجل تحقيق الدينونة العامة، فبصلاتنا على الراقدين نعترف جهاراً بالدينونة العتيدة أن تكون، فيذكرها العارفون، ويتعلمها الذين لم يعرفونها من الأحياء" فيكفي أن سيدي الاسقف يعترف أولاً بوجود كلمة دينونة عامة حتى نستنتج من كلامه وجود دينونة خاصة. لأنه لكي تصبح هناك دينونة عامة فلابد من وجود دينونة خاصة. ومن ناحية أخرى فالصلاة للمتنيح بين الدينونة الخاصة والعامة مهمة جداً للمتنيح لاستمرار رحمة الله على هذا المتنيح وهذا ما نفهمه أيضاً عندما يقول : لوفاء الدين الذي علينا نحو الراقدين، إذ أن الله يأمرنا أن نصلي لأجل بعض" وهل يا سيدي الحبر الجليل هيفيدهم وفاء هذا الدين ؟ ربما كان يفيدهم وهم أحياء ولكن هل هذا يفيدهم بعد الرحيل؟ وهذا السؤال يعطينا إجابة عنه أبونا الاسقف عندما يستشهد بقول القديس ديونسييوس "إن صلوات القديسين تنفع الراقدين إن كانت خطايا المتوفي حقيرة فقد تجد منفعة بما يعمل بعده . وإن كانت باهظة ثقيلة فقد أغلق الله الباب في معناه" وفي هذا القول نجد إجابة واضحة جداً عن أهمية الصلاة لأجل الراقدين إذا كانت خطاياهم عادية أو بسيطة. ولكنها لا تفيد إذا كانت خطاياهم ثقيلة للموت. وهذا ما تقوله الكنيسة الكاثوليكية عن المطهر. ونجد في كلام أبينا الاسقف ثلاث نقاط أو محاور لعقيدة المطهر وهي :

أ – وجود الدينونة الخاصة والعامة والفترة بينهما هي فترة صلاة الكنيسة لأجل المتنيح.

ب – وجود تفاوت بين الخطايا العرضية والثقيلة أو المميتة.

ج – الصلة والترابط بين الكنيسة المجاهدة على الأرض، والمتآلمة في المطهر وهذا ما يقوله من خلال هذه الأقوال الآتية: "لتأكيد أن المكافأة الكاملة لم ينالها أحد بعد، وأن الراقدين لا يكملون بدوننا" عبر 40:11. والقول الثاني أيضاً هو "لنتذكر على الدوام أن الراقدين هم أعضاؤنا وأخوتنا وأنه من الواجب علينا أن نذكرهم عملاً بقوله "الصديق يقون لذكرى أبدي" مز 6:112 ولكننا نرى في هذا القول أيضاً ما هو أعمق من مجرد ذكرى الصديق وهو الترابط والصلة بين المجاهدين والمتألمين المجاهدين في الأرض والمتألمين في المطهر بشركة تسمى كتابياً شركة القديسين وهذا من خلال الكلمتين أعضاؤنا وأخوتنا الموجودتين في القول السابق . ولنقرأ لأبينا الأسقف ما يذكره عن أسباب الصلاة على الراقدين "لإيضاح أن أنفس الراقدين حية وليست كالحيوانات العديمة النطق والتي تفنى بانحلال جسدها لأن الله قال : "أنا إله أحياء وليس إله أموات ". ويجب علينا أنه كلما أقمنا صلاة على الراقدين نتذكر خلود أرواحهم وأرواحنا . فيجب أن نبذل الجهد فيما يجعلها تحصل على السعادة الدائمة ." وهذا جميل لا عيب فيه ولكننا هلُم نكمل السبب الآخر وهو "لتصديق القيامة .. فنطلب من الله أن يقيم أجسادهم في اليوم الأخير ويقيمنا معهم. ويغفر لنا ولهم ما نكون قد اقترفناه من الزلات الخفيفة التي لم نكن قد اعترفنا بها وتبنا عنها قبل الرحيل " وهنا توجد إمكانية المغفرة بعد الانتقال من هذا العالم ومغفرة الخطايا والزلات الخفيفة وهذا ما رأيناه في الآية التي تقول : "لا مغفرة له لا في هذا الدهر ولا في الآتي ".

كما أن هناك صلاة ترفع لأجل المتنيح ولأجل مغفرة هذه الخطايا فهل بعد كل هذا إذا سألنا ما هو المطهر على ضوء ما شرحه أبينا الأسقف الأنبا متاؤوس الأسقف العام فلا نجد للمطهر تعريف أو أبعاد أو محاور بعيدة عن هذه الأشياء التي ذكرها والتي عبر عنها .. الخلاصة : صلاة الترحيم هي الصلاة التي يطلب فيها الكاهن الرحمة لمن فارقوا الحياة من المؤمنين، سواء كانوا من الإكليروس أو من الشعب . وفي صلاة الترحيم يذكر الكاهن الكنيسة المعذبة في المطهر ، وهي جماعة المؤمنين الذين فارقوا الحياة الدنيا، وهي في حالة النعمة إلا أنه لا يزال عليهم للعدل الإلهي بعض الديون لم يوفوا عنها بعد ، بنوع كاف . لا يمكن لليأٍس أن يتطرق بحال إلى النفوس المطهرية، لأنها على رجاء وطيد من أمر خلاصها . إلا أن ذلك لا يمنعها من الشعور بالحنين، بل بالشوق المذيب إلى مشاهدة الله والاتحاد به الاتحاد الكامل الذي تنشده وتتمناه بكل قواها، الأمر الذي يسبب لها آلاماً مبرحة. وما نجده من صلوات ومصطلحات في كتاب الجنانيز أو كتاب السجدة التي تتلى في ختام الخمسين والتي تعبر عن عقيدة المطهر مثل "نياحاً وراحة لأنفس الراقدين" هذه العبارة مع وضع البخور . المحاور الرئيسية التي يبنى عليها المطهر : حقيقة المطهر تبنى على ثلاث حقائق رئيسية وهي :-

 أ – التمييز بين إثم الخطيئة أو وصمة الخطيئة وبين عقابها وقصاصها : قد يبدو لنا لأول وهلة أن هذا الأمر غريب أن يكون هناك فارق بين الإثم والخطيئة ، وعقابها أو قصاصها.أو بمعنى آخر وصمة الخطيئة شيء وعقابها شيء آخر . فإذا كانت الخطيئة مميتة وتاب عنها صاحبها توبة صادقة، غفرت له الخطيئة ، وأزيلت وبالتالي وصمتها ، وما ترتب عليها من عقاب أبدي. "إن المنافق إذا تاب عن جميع خطاياه التي صنعها ، وحفظ جميع رسومي وأجرى الحكم والعدل ، فإنه يحيا حياة ولا يموت وجميع معاصيه التي صنعها لا تذكر له، وببره الذي صنعه يحيا" حز 21:18-22 "لا تذكر له معاصيه" من حيث وصمة الخطيئة وعقابها الأبدي ، وأما العقاب الزمني ، وهو بمثابة تأديب فلا مفر للتائب من احتماله، كتعويض عن الخطيئة ولدينا مثلين من العهد القديم يوضحا لنا ما نريد أن نقوله :

– المثل الأول : 2 مل أو 2صم 10:12- 13 لما ارتكب داود الإثم في عيني الرب بأن قتل أوريا الحثي بالسيف وأخذ زوجته زوجة له أتاه ناثان النبي من قبل الرب ووبخه على ما صنع من الشر وناداه وأخبره بالقصاصات التي استحقتها خطيئته الفظيعة . وبعد أن سمع داود كلام الرب وتحقق من القصاصات المتوقعة عليه. "والآن فلا يفارق السيف بيتك إلى الآن جزاء إنك ازدريتني وأخذت زوجة أوريا الحثي لتكون زوجة لك. هكذا قال الرب إني مثير عليك الشر من بيتك وسآخذ أزواجك وأدفعهن إلى غيرك فيُدخل على أزواجك في عين هذه الشمس . أنت فعلت ذلك سراً وأنا أفعل هذا الأمر في عيون جميع إسرائيل وأمام الشمس " 2 مل 10:12-12 فقال داود لناثان بعد أن بكى وندم على خطيئته أشد الندم وقال معترفاً : "قد أخطأت إلى الرب. فقال ناثان لداود إن الرب أيضاً قد نقل خطيئتك عنك فلا تموت أنت " 2 مل 13:12 . فهل يا ترى بعدما غفر الله لداود ما عليه من الذنوب قد عفاه من العقاب الذي وقع عليه؟ كلا بل علاوة على قصاص الحرب وفضح نسائه أضاف عقاباً ثالثاً قائلاً : "فقال أحيتوفل لأبشالوم أدخل على سراري أبيك اللائى تركهن فيسمع إسرائيل جميعهم أنك قد صرت مكروهاً من أبيك فتشتد أيدي جميع الذي معك" 2 مل 21:16.

المثل الثاني :- عندما أراد داود الملك أن يعمل إحصاء لشعبه بدافع من الكبرياء فجأة شعر الملك داود بالندامة وبعذاب الضمير على ما صنعه هو ضد الرب أو كبرياء على الله "فخفق قلب داود من بعد إحصاء الشعب وقال داود للرب قد أخطأت جداً فيما صنعت والآن يارب أنقل إثم عبدك لأني لجماعة عظيمة فعلت" 2 مل 10:24 .ورغم كل هذا جاءت رسالة الله على لسان النبي جاد لداود الملك تقول : "أمضي وقل لداود هكذا يقول الرب إني عارض عليك ثلاثاً فاختار لنفسك واحدة منها أنزلها بك. فأتي جاد داود وأخبره وقال له أتأتي عليك سبع سني جوع في أرضك أم تهرب أمام أعداءك ثلاثة أشهر وهم في أثرك أم يكون ثلاثة أيام وباء في أرضك . ففكر الآن وانظر فيما أجيب به مرسلي من الكلام ". 2 مل 12:24-13 . وجاء بالفعل الوباء على إسرائيل ومات منهم سبع وسبعين ألف رجل … لقد ندم داود على ما ارتكبه من حماقة وكبرياء بإحصاء الشعب ومع ذلك لم يعفه العقاب الزمني .

هذان المثلان السابقان هم من العهد القديم ولكن نحن في العهد الجديد عهد النعمة ، عهد الفداء والخلاص، عهد حمل الله الذي يكفر عن جميع خطايانا. في كل هذا لا نستطيع أن نقول شيئاً ، ولكن نحن نخشى من شيء مهم جداً وهو كون المسيح كفر عن خطايانا تكفيراً مطلقاً هذا لا يمنع أبداً من المشاركة ولو بالقليل كعلامة قبول واستفادة وكعلامة قصد صالح ونيه حسنة، وكعلامة تعويض منا نحن عن ما يحدث منا من إهانات ضد شخص يسوع المسيح . حقيقة لا نستطيع أن ننكرها وهي مهما نحن عوضنا عن خطايانا لا نستطيع أن نفي ، ولكن هذا لا يمنعنا على الإطلاق من التعويض أليس القديس بولس يدعو أبناء العهد الجديد هذه الدعوة قائلاً : "إننا إنما نشارك المسيح في آلامه، لنشاركه في مجده". وهذا يعني إن لم نشارك المسيح في عملية التكفير، رو 17:8 قلما يكون عن خطايانا فلن نشاركه في مجده . ملحوظة هامة جداً :- في العهد الجديد قد لا يستخدم كثيراً كلمتى العقاب والتعويض ولا يكون هذا العمل يُسمى ويُطلق عليه عقاب على خطيئة أو تعويض على خطيئة كما نجدها في العهد القديم ولكن نستطيع أن نقول لا كعقاب أو تعويض وإنما هي ثمار للتوبة ومشاركة للمسيح في الآلام .

في افتتاحية العهد الجديد ونهاية العهد القديم كانت الرسالة على لسان المعمدان وهي : "قال لهم يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي . فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة ، ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أباً . لأني أقول لكم أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم …. ” مت 7:3-9 في هذا المقطع نجد أن يوحنا المعمدان في حالة غضب من هؤلاء والدليل على ذلك هو إطلاقه لقب أولاد الأفاعي عليهم والتي كانت ترمز للشيطان والهرب من الخوف أو أفعالهم السيئة والتي أثارت غضب ليس النبي فقط ولكن الله أيضاً فيوحنا يقول لهم لا تهربوا من غضب الله القادم عليكم بقدوم المسيح ليدين الخطيئة يطلب يوحنا ثمراً من هؤلاء كعلامة كصدق عن توبة حقيقية . يوحنا لم يدع لهم فرصة للاحتجاج على أساس أنهم أولاد إبراهيم لأنها كفرصة للهرب أو للافتخار لا داعي لذلك.

ونجد يوحنا في لو 10:3-14 عن ماذا يصنع الإنسان التائب توبة حقيقية وكثمرة صالحة لشجرة صالحة. والسيد المسيح نفسه عندما بدأ رسالته بدأها على منوال يوحنا المعمدان فنادى بأعلى صوته قائلاً "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات " مت 17:4. والحدث الأهم أيضاً والواضح أع 13:9-16 قصة اهتداء شاول الطرسوسي الذي اصبح القديس بولس ونأتي في الجزء الذي فيه يعترض حنانيا على هذا الأساس "فأجاب حنانيا يارب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم الشرور فعل بقديسيك في أورشليم ، وها هنا له سلطان من قبل الكهنة أن يوثق جميع الذين يدعون باسمك فقال له الرب أذهب لأن هذا لي أناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل . لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من اجل اسمي " أعمال الرسل 13:9-16. حنانيا يعترض على بولس على أنه رجل ماكر وصنع الشر وخاصة بالرسل وتلاميذ الرب ولكن جواب الرب عليه كأنه يقول له بمقدار ما تسبب في آلام الكنيسة بهذا المقدار وأكثر سيتحمل لأجل الكنيسة كتعويض ، كتكفير، كمشاركة، كثمرة وهذا ما جعل بولس الرسول يقول فيما بعد "أتمم في جسدي ما ينقص من آلام المسيح في جسده الذي هو الكنيسة " وجعله يقول إن لم نشاركه الآلام لم نشاركه المجد " وهذا الحدث يأخذ قيمته لأنه حدث بعد صعود المسيح إلى السموات يعني لم في بدأ رسالته ولا أثناء التبشير ولا قبل موته وقيامته ولكن بعد صعوده قال هذا الكلام لتلميذه حنانيا.

وأثناء حياة المسيح أيضاً يذكر لنا القديس يوحنا 1:8-11 قصة المرأة التي أمسكت في ذات الفعل ووجدت عذاباً من الكنيسة والفريسين، وعندما جاءت إلى يسوع ولم يرد أن يدينها ولم يتركها لهم ليرجموها ولكن في نهاية كل شيء قال لها تعبيراً وهو " … أذهبي ولا تخطيئي أيضاً" يو11:8. وكأنه يقول لها كل ما حدث لك من عذاب إنما هو نتيجة الخطيئة فلا تعودي إليها مرة ثانية. وكثيراً ما كان يقول المسيح لأشخاص مرضى أو معذبين بأرواح شريرة : "لا ترجع وتعمل الخطيئة بعد" كأنه يقول أن كل هذا هو نتيجة أو عقاب زمني لما تصنعه من الخطايا. أليس هذا أيضاً موجود في ضمير أبناء الكنيسة في عصرنا الحالي .

إذ بعد أن يتوبوا عن خطاياهم وينالوا نعمة الحياة الجديدة وتصادفهم حادثة أو موقف غير مرضي تسمع منهم هذا القول أنا مبسوط وسعيد جداً وشاعر بسلام رغم كل ما يحدث الآن بل وأكثر من ذلك لأنه يساعدني على التفكير في التعويض عما فعلته.

الخلاصة :

– يقول القديس بولس "الآن افرح في آلامي لأجلكم وأكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذي هو الكنيسة" كو 24:1. ليظهر لنا اشتراكنا في كفارة السيد المسيح فإذا كان الإنسان لم يستطع أن يكفر عن خطاياه المغفورة أو عن هفواته قبل موته بالصلاة والصوم وممارسة الأسرار والأعمال الصالحة واحتمال آلام الحياة فلابد من معاناة ومقاساة عذابات المطهر ليفي إيفاء كاملاً عن خطاياه قبل دخوله السماء.

ب – المحور الثاني في بناء المطهر هو وجود تفاوت بين الخطايا : ليست كل الخطايا متساوية على نفس المستوى وإن كانت تشترك كل الخطايا في لفظ عام وهو هذا الإنسان خاطئ ، مثلما نقول عن إنسان داخل المحكمة دون أن نعرف نوعية جريمته هل هي مخالفة أو جنحة أو جنايات هذا الإنسان مذنب هكذا المصطلح العام هو أن هذا الإنسان خاطئ وفي الآن ذاته يوجد فارق أو تفاوت بين الخطية الثقيلة والخفيفة المميتة والزمنية ، كما أنه يوجد تفاوت بين من يرتكب مخالفة أو جنايات في القانون المدني وفي العهد القديم نجد هذا التفاوت في الخطايا ونستطيع استنتاجه من الذبائح التي كانت تقدم فهناك ذبيحة الإثم والإثم هذا هو الخطية الموجهة ضد الله كما أنه توجد ذبيحة الخطية أو هي الذنب وهي الذنب الذي كان يرتكب من الإنسان لأخيه الإنسان. وفي صلاة الآبانا التي علمنا إياها المسيح نجد واغفر لنا آثامنا أو خطايانا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا وهذا في بعض الترجمات ليظهر الفارق بين الإثم الجسيم الذي يرتكب ضد الله والذنب أيضاً الذي لا يقل خطورة وإنما ضد الإنسان من الإنسان . كما أن المسيح ذاته أظهر لنا هذا التفاوت في الخطايا من خلال تعاليمه وعظاته وهنا ما نجده في هذه الآيات :

– ما بالك تنظر القذى الذي في عين أخيك، ولا تفطن للخشبة التي في عينك أم كيف تقول لأخيك أخرج القذى من عينك، وها إن الخشبة في عينك يا مرائي، أخرج أولاً الخشبة من عينك وحينئذ تنظر كيف تخرج القذى من عين أخيك مت 3:37—5 يرمز القذى إلى العيوب الصغيرة، وترمز الخشبة إلى العيوب الكبيرة فكأن بالسيد المسيح يقول يا مرائي، كيف تريد أن تصلح أخاك من عيوبه الصغيرة وتغض الطرف عن عيوبك أنت الكبيرة فإن كنت محقاً حقاً في دعواك فاصلح نفسك أولاً من عيوبها الكبيرة ثم ترى بعد ذلك كيف تصلح أخاك من عيوبه الصغيرة . – ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون تعشرون النعنع والشبت والكمون وتركتم أنتم الناموس الحق والرحمة والإيمان كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا ذلك أيها القادة العميان الذين يُصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تنقون خارج الكأس والصحفة وهما من داخل مملوءتان اختطافاً ودعارة" مت 23:23-28

ويظهر من خلال توبيخ المسيح للفريسين الذين كانوا يرتكبون ابشع الجرائم ويحفظون صغائر الوصايا وهنا واضح جداً التفاوت بين الخطايا من خلال هذا التوبيخ.

– قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم وأما أنا فأقول لكم أن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم ومن قال لأخيه رقاً يكون مستوجب المجمع ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" مت 21:5-22 يعلمنا الرب أنه يوجد اختلاف بين الخطايا بطريقة المحاكمة عليها لقد ضرب السيد المسيح مثل يظهر لنا أن هناك تفاوت أيضاً وهذا المثل نجده عند القديس متى 23:18-35 عندما سامح السيد عبد كان له عنده عشرة آلاف وزنة ولكن هذا العبد لم يسامح عبد آخر كان له عنده مائة دينار وسمع السيد بخبر هذا العبد فاستدعاه وقال له : "فدعاه حينئذ سيده وقال له أيها العبد الشرير كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت إليّ أفما كان ينبغي أنك أنت أيضاً ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا" مت 32:18-33 وهذا المثل يوضح التفاوت بين الخطايا من خلال المديونية الكبيرة والمديونية الصغيرة .

والقديس متى يذكر لنا الفارق بين الوصايا الكبيرة والوصايا الصغيرة فالوصايا الكبرى كالعدل والرحمة والإيمان ووصايا صغيرة مخالفاتها لا تحرم صاحبها من دخول الملكوت وإن حرمته من مجد عظيم. "الحق أقول لكم من خالف وصية من تلك الوصايا الصغار وعلم الناس أن يفعلوا مثله عُد صغيراً جداً في ملكوت السموات وأما الذي يعمل بها ويعلمها فذاك يُعد كبيراً في ملكوت السموات" مت 19:5. لا تحرم مخالفة الوصايا الصغرى من دخول ملكوت السموات ولكن مخالفاتها تجعله صغيراً بمعنى غير جدير بها لهذا يحرم من الدخول بصفة مؤقتة حتى يصبح على مستوى الدخول أو يكون جدير بهذا الملكوت والمطهر يساعده في ذلك لأنه لا يوجد في السماء صغير وكبير لأنه أحجام بشرية لا تطبق على أبناء السماء الذين في الروح وبالروح يسلكون بعيداً عن كل ما هو مادي . وأخيراً نجد عن القديس يوحنا هذه الآية التي تقول :- "من الخطيئة ما هو للموت .. ومن الخطيئة ما ليست للموت" 1يو 16:5-17.

هناك الخطيئة الثقيلة وهي المميتة أي التي أجرتها موت والتي لا مغفرة لها في المطهر أو وغيره ولكن هناك خطيئة ليست للموت هذه هي الهفوات والشوائب والتي تغفر في المطهر . ولا يوجد بعد ذلك وضوح في وجود التفاوت بين الخطايا.

المحور الثالث من بناء المطهر وهو حقيقة الدينونة الخاصة بعد الموت : هذا المحور الثالث في بناء المطهر أو عقيدة المطهر ولا يقل أهمية عن المحورين السابقين وهذه الحقيقية موجودة طقسياً كما رأينا وكما سنرى فنجد في رسالة العبرانيين الآتي :- "وكما وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" عبر 27:9 ففي هذه الآية نجد أن الموت طبيعي لكل البشر ولكن بعد الموت مباشرة توجد دينونة للنفس المتنيحة ولنفس المتنيح. والكنيسة المقدسة تعتقد بوجود قديسين في السماء وتحتفل بأعيادهم وهذا يدل على أنهم وجدوا أبراراً صالحين بعد الموت وهذه البرارة لم تقرر إلا بعد حكم الدينونة وإلا فكيف دخلوا ملكوت السموات؟ على أي أساس تبني الكنيسة حكمها هذا على أن فلان قديس ويجب إكرامه في العبادة ؟ هل هو حكم الكنيسة من نفسها ؟ أم أنه وُجد هكذا قدام الله عن طريق الدينونة وهل نحن نقدس أشخاص الآن وبعد ذلك نجد أنهم ليسوا قديسون فماذا هذا التشويه فلابد إذاً من وجود دينونة خاصة للنفس وفيها يعلن الله أو السماء أو عن طريق القديس ذاته قداسته.

والكتاب المقدس يعلمنا أن أبراراً نالوا السعادة والأشرار ذهبوا إلى العذاب الأبدي قبل الدينونة العامة فلابد أن تكون هناك دينونة خاصة وهذا ما نجده في مثل الغني ولعازر والكل يعرف هذه القصة ولكن الشيء الذي يصفه الوحي أمام أعيننا حتى لا ننسى هذه العقيدة وهي الدينونة الخاصة هو : "فمات المسكين فحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم ومات الغني أيضاً ودفن ورفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه فنادى وقال يا أبي إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء فيبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب فقال إبراهيم يا ابني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن وهو يتعزى وأنت تتعذب …فقال أسألك يا أبت أن ترسله إلى بيت أبي لأن لي خمسة أخوة حتى يشهد لهم لكي لا يأتوا هم أيضاً إلى موضع العذاب هذا" لو 22:16-31.

في هذا النص نجد الآتي :- شخص غني عاش في غناه ومات وذهب إلى جهنم لأنه كان أنانياً ومحباً لذاته. ونجد أيضاً شخص فقير ورغم فقره ومعيشة فقره فهو حافظ على إيمانه وثقته بالله رغم العذاب والشقاء فذهب إلى السماء. نجد إبراهيم أبو كل المؤمنين شاهداً على كل ما يحدث أو يبدو أن الحوار كان مع اليهود للذين كانوا يفتخرون بأنهم أبناء إبراهيم فإبراهيم نفسه شاهداً عليهم في يوم الدينونة ونجد أيضاً أخوة الغني الذي يخاف عليهم أخوهم وهو في الجحيم أو جهنم فيريد أن يرسل لهم رسول من السماء حتى يسلكوا بما يرضي الله. ومن هنا نفهم أن هناك دينونة خاصة لكل إنسان بعد مماته فالغني في الجحيم والفقير في السماء والأخوة في الأرض عائشين في الدينونة الخاصة لكل إنسان بعد رحيله من هذا العالم والدينونة العامة بعد رحيل كل الناس وجميع الناس لهذا فهي عامة وفي الدينونة الخاصة يتقرر مصير كل إنسان فوراً ويجازا أو يدان حسب أعماله. والمثل الآخر : مت 45:24-51 مثل ولي الأمر الأمين فإذا جاء سيده وجده في حالة سكر الخطيئة وفي حالة نوم من الكسل والتراخي فسمع الكتاب يقول عنه: "فإن سيد ذلك العبد يأتي في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعلمها ويفصله ويجعل نصيبه مع المرائين هناك يكون البكاء وصرير الأسنان " مت 51:24 فبمجيء سيده يوم سيده يوم الرب ويقصد به يوم الدينونة العامة ولكن هنا يقصد به يوم أن ينتقل الإنسان من هذا العالم فيكون حسابه مع الأبرار أو مع الأشرار كما يقول هذا : "طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل الحق أقول لكم أنه يقيمه على جميع أمواله" رو 46:24-47.

إن مصير الإنسان الصالح والشرير يتقرر بعد الموت فوراً دون ما حاجة إلى يوم الدينونة العامة معنى ذلك أن هناك دينونة خاصة غير الدينونة العامة تتبع الموت مباشرة . والمثل الثالث هو في مر 34:13-37 في هذا المثل يشبه يسوع نفسه بمجيء رب البيت الفجائي فيقول : "كمثل رجل سافر وترك بيته وأعطى عبيده حق التصرف كل واحد في عمله وأوصى البواب بالسهر فاسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت في المساء أم في منتصف الليل أم في الصباح لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً وما أقوله لكم أقوله للجميع اسهروا " مر 34:13-37. الهجعات ترمز إلى مراحل عمر الإنسان المختلفة من طفولة، صبا، شباب، كهولة. كما أنها ترمز في الآن ذاته عن الأزمنة المختلفة في الفجر أو الصباح أو المساء أو في منتصف الليل ومجيء المسيح هذا بطريقة شخصية مجيء يطلب الحساب لأنه يقول اعطني حساب وكالتك كما جاء في لو2:16 وأما أن تكون أمين في حياتك لتنال الإكليل وتعطي أو ترفع المسؤولية أكبر. "لأنه الأمين في القليل أمين أيضاً في الكثير" وإما أن تكون غير أمين وتصبح حقير ترفع وتجرد من كل مسؤولية وتلقى في جهنم. "لأنه الغير أمين في القليل غير أمين في الكثير" وهذه الأمانة أو عدم الأمانة تحدد بالدينونة والحساب بطريقة شخصية وفي هذا المثل يدعو السيد المسيح الجميع للسهر والاستعداد لأنه غير معروف من الذي يأتي عليه الدور أو بمعنى أو بمعنى آخر يطلب من الجميع السهر والاستعداد حتى لا تكون هناك وصرير الأسنان .

وقد كلت رغبة القديس بولس الرسول الحارَّة وشوق قلبه في مشاهدة يسوع في السماء فنسمعه يقول : "فإني محصور من الاثنين لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً ولكن أن أبقى في الجسد الذي من أجلكم" روفيل 23:1-24. فالقديس بولس بهذا المعنى محصور بين رغبتين الرغبة الأولى هي السعادة الأبدية والرغبة الثانية هي أن يبقى في الجسد لأجل منفعة الكنيسة فرغبته الأولى هي التمتع في السماء بمجد الله وهذا أفضل من البقاء في الجسد والرغبة الثانية هي لأجل منفعة المؤمنين الروحية. وهذا يعبر عن أن نفوس الأبرار البريئة من كل دنس بعد خروجها من الجسد تفوز بالسعادة الأبدية وتتحد بالمسيح ولهذا أو لذا رغب القديس بولس في الموت ليتمتع بيسوع فإذا كانت لدى القديس بولس فكرة إنه لا يتمتع برؤية يسوع مباشرة بعد الموت في الدينونة العامة ما كانت تصبح فكرة الموت رغبة لديه ورغبة قوية لأجل التمتع بشخص المسيح وهذا ما تعرفه فنحن نصل إليه من خلال الدينونة الخاصة . فهل كان يعرف القديس بولس أن بعد انتقاله من هذا العالم لم يدخل الملكوت ليتمتع بالمسيح لأنه لم يحن الوقت لهذا؟ ولكن كانت معرفة القديس بولس معرفة يقينية في شخص يسوع المسيح بأنه في حالة انتقاله من هذا العالم إنما ينتقل للمجد وللسماء ولهذا عبر عنها بالشوق والرغبة الكيانية ويقول سفر الرؤيا هذه الآية عن الأبرار : "وسمعت صوتاً من السماء قائلاًَ لي أكتب طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم" رؤ 13:14 الشيء المؤثر والمشجع بالفعل هو في هذه الآية هي كلمة "الآن" بعد الموت المؤمنين يستريحوا من أتعابهم وأوجاعهم ويشتركون مع أخواتهم الذين سبقوهم في التمجيد والتسبيح أمام الجالس على العرش .

كل هذه الآيات وهذه الأمثلة إنما تخرج منها بفكرة واحدة ومنظمة وهي حقيقة الدينونة الخاصة للإنسان المتنيح مباشرة بعد موته ويدان حسب أعماله ويحدد مصيره بطريقة شخصية أو فردية إما جهنم إما السماء إما المطهر وكما قال القديس توما الأكوينى : الإنسان يحيا حياته بطريقتين :- الأولى شخصية فردية والأخرى جماعية أمام الناس والمجتمع وهكذا تكون دينونته فردية وجماعية.

المطهر والعقل :

– لا نظن أن عقيدة المطهر تخالف العقل البشري على الإطلاق وإنما هي في قمة العقلانية وإلا ما كان توصل إليها أو استنتجها العقل البشري وعبر عنها وعقيدة المطهر هي قراءة كتابية بطريقة عقلية. الفكرة هي :- في الكتاب المقدس نجد هذه الآية عن السماء. "ولن يدخلها شيء دنس ولا ما يصنع رجساً وكذباً إلا المكتوبين في سفر حياة الخروف" رؤ27:21. السماء لا يدخلها على الإطلاق شيء دنس أو رجس أو به أي شائبة وهنا يأتي السؤال لماذا؟ هذا السؤال بسيط جداً وهو لأن الله قدوس ولذلك يدعو الكتاب المقدس المؤمنين قائلاً : "كونوا قديسين كما أن أباكم السماوي هو قدوس" 1 بط 16:1 "أو كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل هو" فعدل الله لا يقتضي أن لا يدخل السماء إلا النفوس النقية كل النقاء والحال كما نقول في أوشية الراقدين في الطقس القبطي. "فإنه ليس أحد طاهراً من دنس ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض" وكما يقول سفر الأمثال "الصديق يسقط سبع مرات" أم 16:24 فهل معنى هذا لا يدخل أحد السماء ؟ وهل معنى هذا يوجد تساوي بين الإنسان الذي رفض الإيمان وبين الإنسان المؤمن الذي لا يخلو من هفوات أو شوائب ؟ ماذا نقول ؟ أهذا عدل !! فالمنطق يقول :-

أ – الإنسان البار القديس له الحق في الدخول والتمتع بالمشاهدة الطوباوية لله وهذا مثل القديس بولس الذي اشتهى أن ينطلق فلا غبار على مثل هذا البار والقديس فله هذه المكافأة.

ب. الإنسان الشرير والذي رفض نعمة الإيمان والتجاوب مع الروح القدس فلا مفر له من الجحيم أو جهنم حيث الندم وصرير الأسنان.

ج. الإنسان المؤمن الذي لا يخلو من شوائب أو هفوات أو بعض الدنس هل يدخل السماء مع الإنسان القديس فهذا لا يعقل فهل يدخل مثل هذا الإنسان إلى جهنم مع الأشرار والخطاة فهذا أيضاً لا يطاق ولا يعقل لما يحويه من ظلم… فماذا يكون المصير لهؤلاء؟ هل نقف عند هؤلاء ونتركهم دون أن نحدد لهم لا مكافأة أو ربح أو خسران وعتاب. ما مصير مثل هؤلاء؟

د. المنطق هنا يقول بوجود حالة ثالثة يطلق عليها المطهر فيها تتطهر النفس البشرية من كل الأدناس والشوائب حتى يصبح عليها الملابس اللائقة بالوليمة والعرس والاحتفال ومع المنتصرين في السماء. ويقول الأنبا غريغوريوس: "وليست الصلوات والقداسات وشتى القرابين والصدقات التى تقدم الآن عن أرواح الموتى تكفيراً ولا تطهيراً، وإنما هي مجموعها ابتهالات إلى الله وإستغاثات إلى استحقاقاته الخلاصية ليتفضل فيرحم الميت ويحكم له بالبراءة والمغفرة في يوم الدينونة العام. وكأنها جهود يبذلها الأحياء عن موتاهم طالما أن القاضى لم ينطق بالحكم بعد. وليست الصلوات والقرابين بملزمة لله، وإنما هي محاولات يتوقف نجاحها على موافقتها لإرادة الله، وإن كان لنا وعد من الوحى أنها نافعة إذا كانت خطايا المتوفى غير مميتة (راجع 1يو 16:5). ومن الاستهتار بقداسة الله وعدالته، أن نظن أن الخطايا غير المميتة لا تستحق من الأحياء كل هذه العناية، أو أن الله لا يكترث للأخطاء غير المميتة، ونحن نعلم "أنه بدون القداسة لن يرى أحد الرب" "وأن السموات ليست بطاهرة أمام عينيه وإلى الملائكة ينسب حماقة، وأن السماء لن يدخلها شيء دنس، ولا ما يصنع رجساً وكذباً". ولما كنا جميعاً غير كاملين كما أن أبانا الذي في السموات هو كامل، فلابد لنا من أن نطلب المغفرة للموتى، وإلا فلن يستحقوا الحياة السعيدة حتى ولو كانوا أبراراً وصديقين " لأنه ليس أحد طاهراً من دنس الخطيئة ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض". وفي هذا الاسترحام ما فيه من الاحساس العميق بقداسة الله التى لا تحتمل أن ترى بين سكان السماء شراً أو شبه شر، وبعدالة الله التى تقضي على الإنسان جسبما يكون عمله، فضلاً عما في الاسترحام أيضاً من فضائل المحبة لأخوتنا، والاهتمام بمصيرهم، بل وفيه اعتراف ضمنى وإيمان وثيق بالحياة الأخرى، وبالثواب والعقاب، وإلا فلا معنى للصلاة عن الموتى وطلب المغفرة؟!! ونحن في غنى عن البيان بأن قول الكنيسة "وليس أحداً طاهراً من دنس الخطية ولو كانت حياته يوماً واحداً على الآرض" إشارة إلى الخطيئة الأصلية التي يولد الطفل وارثاً لحالة آدم فيها، وأنه لا سبيل إلى غفرانها إلا بموته مع المسيح في المعمودية المقدسة، التى أسسها الرب لينال بها المؤمنون استحقاقات الفداء بفعالية الروح القدس الذي يكسب المياه الطبيعية هذه الخاصية الروحية. ومن هذا كله نرى أن التطهير بدم المسيح وحده، وأن الصلوات عن الراقدين لا قوة لها في ذاتها إلا من حيث استنادها إلى دم المسيح وعمل المسيح"

قصة قصيرة للتوضيح: كان من عادة أحد الملوك أن يصنع وليمة سنوية وكانت هذه الوليمة تضم نوعين من البشر النوع الأول من الأمراء أو الوزراء بالملابس الرسمية واللائقة بالحضور أمام الملك والوليمة والنوع الثاني من الفقراء والبؤساء بملابسهم الرثة والغير نظيفة فحدث أن أحد الوزراء وجد بعض البقع السوداء على ملابسه البيضاء فحزن حزناً شديداً لأنه لا يستطيع المثول أمام الملك لأن الملابس التي يرتديها لا تليق بالحضرة الملكية ففكر كثيراً وأخيراً هداه الفكر بأن يجلس مع الفقراء. هذه القصة قد تبدو خيالية أو واقعية ولكن نجد فيها ما يقبله عقلياً ومنطقياً:

أ- الوزير رفض المثول أمام الملك لأن ملابسه بها بعض البقع السوداء وهذا ملك زمني أو أرضي فهل يليق بالله أو بملك الملوك أن نقف أمامه ونحن نرتدي ثياب بها بقع سوداء هل فقدنا هذا التمييز؟

ب- الوليمة كانت في دار زمنية وعلى يد ملك أرضي لهذا كان فيها نوعان من البشر ولكن هذا لم ولن يحدث في السماء مملكة الله أو الثالوث أن يكون الأبرار والأشرار جنباً إلى جنب مما يدعنا نقول أنه لا فرصة لمشاهدة الملك أو حضور الوليمة بدون الملابس الرسمية واللائقة بهذا المكان وصاحبه وهي الملابس البيضاء الناصعة ولكن رحمة الله حتى لا تحرمنا من الوليمة السماوية أرادت أن تمنحنا فرصة أخرى عن طريق المطهر لنطهر من الأدناس والشوائب ونطهر ملابسنا من البقع السوداء حتى نصبح أو نكون في المستوى اللائق بأبناء الملكوت أليس هذا منطقياً وعقلياً مقبول من حيث وجود المطهر كمكان ومن حيث تلاقي الرحمة والعدل في خدمة الإنسان الغالي والمشترى بدم ثمين وليس رخيص. تابع المطهر عقلياً لأنه موجود عند العلماء وسائر الأديان: الفكر البشري نابع من العقل والعقل ومصدر العقل الأساسي هو الله، وتستطيع الثقافة والبيئة تشكيل العقل بالطريقة المنتشرة ولكن العقل يظل محتفظاً بشيء ثابت يرجعه إلى المصدر كما أن العقل البشري يستطيع الوصول إلى بعض الأشياء الأساسية والتي يظن البعض أنها غير ممكنة بدون وحي وذلك لأن الله يستطيع أن يوحي للعقل بأشياء يستوعبها ويدركها في حدوده وهذه قضية ظاهرة في رسالة أهل رومية: "إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهر لهم لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مدركه بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى أنهم بلا عذر" رو 19:1-20. هذا الكلام قاله القديس بولس عن الأمم والوثنيين وحتى نفهم نحن أيضاً بأن تصرفات وأفكار الشعوب الوثنية والأمية أو الغير مسيحية عامة قد تحمل وحياً من الله عن طريق العقل وحسب تفكيرهم وهذا ما سنحاول إظهاره أيضاً من خلال شرح عقيدة المطهر عن الشعوب والأمم وفي الحضارات والأديان الغير مسيحية أو بمعنى آخر هو فكرة المطهر في التراث الإنساني. المطهر في فكر الشعوب والحضارات المختلفة لا نريد أن نثبت عقيدة المطهر من خلال هذه حضارات الشعوب وثقافتها، ولم نلتجئ إلى هذه الحضارات والثقافات بسبب عجزنا وفشلنا في إقناع البعض، ولذا ألتجأنا إليها. ولا يعني أننا نقبل كل ما في هذه الحضارات والثقافات من أراء، ولكنن هذا لا يمنع احترامنا وتقديرنا لكل فكر إنساني، ولكل حضارة أو ثقافة بشرية.ولا يظن البعض بأنني ألتجأ إلى هذه الحضارات والثقافات لإثبات العقيدة، ولكننى لكي أقول كلمة بأن جميع الحضارات والشعوب لديها فكراً ما يعبر عن المطهر بطريقة أو بأخري. وهذا يعبر عن أن الفكر البشري الذي يستمد بعض الأنوار من العقل المطلق الذي هو الله.

ولنأخذ مثلاً على ذلك: فالحضارة الفرعونية تتحدث عن عقيدة الثالوث، فهل معنى هذا أن المسيحية أخذت عقيدة الثالوث من الفراعنة؟ بل نقول ولا يوجد تشابه بين العقيدتين، ولكن فكرة الثالوث الموجودة عند الفراعنة تكشف لنا بأن الحضارة البشرية يمكن أن تكون بمثابة الاعداد لما جاء به الوحي المقدس. حيث يُعد الله البشرية لفهم عقيدة الثالوث، عن طريق الأنوار البسيطة التي يستطيع العقل البشري أن يفهمها ويعبر عنها. المطهر عند القدماء المصريين: نجد فكرة الميزان لأعمال البشر عند الموت ماثلة في ديانة المصريين القدماء فعندهم أوزوريس الذي يزن أعمال الناس ويدفع كلاً منهم إلى الجزاء العادل. عند الفرس: في ديانة الفرس جسر الحساب أو جسر المزق الذي عبر هاوية الجحيم بين الأرض والسماء ويتسع للنفوس الصالحة ويضيق للنفوس الشريرة حتى يصبح أدق من الشعرة وأحدّ من الموس وتعذب به الأرواح من مقامات متعددة حتى تتطهر من آثامها وتصبح جديرة بالصعود إلى السماء. وعند اليونان: نجد فيثاغورس 6 ق.م يقول بتطهر الروح في أثناء الحياة بالدراسة والتأمل. أفلاطون 4 ق.م: في محاورته يقول بضرورة العقاب للتخلص من الشر. الرواقيون 3 ق.م: مذهبهم ينادي بضرورة تطهر النفس من الخطايا بعد الموت حتى تنال السعادة في الحياة الأخرى. والملحوظة هنا هي فكرة التطهير بعد الموت ولأجل السعادة الأبدية وكأن الرواقيون يؤمنون بالفعل بعقيدة المطهر ونادوا بها في القرن 3 ق.م. القديس أغوسطينوس 5 ق.م: في مدينة الله يقول أن المطهر امتداد للتطهير الذي ينال الروح في أثناء الحياة وبأن التطهر يحدث في أثناء الحياة أو بعدها أو في كلتا المرحلتين وبأنه يتم قبل يوم البعث (الدينونة- القيامة العامة). القديس سيداريوس الأرليس 6ب.م: ميز بين الكبائر التي تؤدي بالروح إلى الجحيم وبين الصغائر التي يمكن للإنسان أن يتطهر منها بأداء الأعمال الصالحة في الحياة والدنيا.

 

خلاصة: هذه أقوال وأفكار وخواطر وممارسات في داخل التراث الإنساني وسوف أتركه دون تعليق أكثر من هذا لأنه يعبر عما نريد بدون تعليق.

الاعتراضات حول عقيدة المطهر والتساؤلات:

الاعتراض الأول هو: دم المسيح طهرنا من كل خطية وباستحقاقات دم المسيح أعطانا عربون وتذكرة سماوية. فلماذا المطهر؟

مناقشة الاعتراض: هذا الاعتراض يظهر المعنى العميق لعقيدة المطهر وهو ربط المطهر بسر موت وقيامة المسيح وهنا تبرز ثلاث حقائق وهي:

أ- المسيح خلصنا من الخطيئة والموت: والموت هنا لا يقصد به الموت الجسدي ولكن الموت الأدبي والروحي وبموت المسيح استحق لنا الحياة الأبدية لأنه إن لم يمت المسيح لكنا ذهبنا إلى الجحيم ولكن الفضل لموت وقيامة المسيح لينقذنا نحن من الموت (الموت الأدبي أو الروحي) الذي هو رفض الإنسان لله فيصبح الإنسان حياً وميتاً حياً جسدياً ولكنه ميتاً روحياً لأنه يفقد علاقته مع الله وبمعنى آخر تصبح حياة الإنسان بدون الله بلا معنى وهذا معنى الآية أجرة الخطيئة هي الموت. والخلاص هو أن يسوع المسيح أنقذنا من هذا الوضع وضع الخطيئة وجعل لنا إمكانية العودة والقبول لله رغم أننا خطأة والخطيئة هي رفض لله ومعنى رفض الله عند اليهود هو موت الإنسان لأن الإنسان إذا ابتعد عن مصدر حياته ومنبعها الذي هو الله يصبح ميتاً. فقضية الخلاص والدم تمت بطريقة عامة على عود الصليب لجميع البشر وفي الآن ذاته أعطت إمكانية القبول الشخصي لهذا الخلاص، وصار لكل شخص وبشكل فردي أن يقبل خلاصه على مستوى شخصي وفردي وتظل قضية الخلاص متوقفة على القرار الفردي للشخص دون تدخل من الله أو فرض منه لأن الله يمنح النعمة وينتظر الإنسان أن يتجاوب على هذه النعمة دون أن يفرض عليه شيء.

ب- لا يكفي أن يتجاوب الإنسان مع نعمة الله وينال نعمة الخلاص ولكن يجب عليه أن يشترك في الخلاص بمعنى يأخذ مسئولية الخلاص لا لنفسه فقط بل بالآخرين وهذه المسئولية إنما تمتزج بالألم وهذا ما اختبره القديس بولس في حياته إذ قال: "أفرح في آلامي لأجلكم وأكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذي هو الكنيسة" (كو 24:1). هل كانت آلام المسيح ناقصة كلا بل القديس بولس يشترك اشتراك فعلي وإيجابي في الخلاص لأنه لا يكتفي بالقبول فقط وإلا يصبح في وضع سلبي ولكنه يشترك واشتراكه فعلي وإيجابي وحي حتى إنه استطاع ينصح المؤمنين ويقول: "نحن نتألم معه لكي نمجد معه أو إذا تألمنا معه فلكي نمجد معه" (رو 17:8). هل نحن نظن أن قبولنا الخلاص المجاني واستفادتنا من دم المسيح مجاناً لا يلقي علينا بأية مسئولية ويعلمنا السلبية فهذا شيء لا يطاق لأن دم المسيح إنما يغسلنا وينقينا نحن حتى نكمل مسيرة وطريق المسيح وعلى عاتقنا نحمل الصليب على مثال القديس بولس. إن للدم قوة تخلقنا من جديد وتدعنا أو تجعلنا فعالين ومشاركين في قضية موت وقيامة المسيح لأجل خلاص العالم هذا هو معنى قبول الخلاص ولا معنى آخر غير ذلك.

ج- إذا جاءت ساعة الموت وكان هناك نقص في الاتحاد بالله وحب الله أو بمعنى آخر لم تكن هناك مشاركة أو اشتراك فعلي أو اشتراكاً كافياً وإنما يعبر عن محبة ناقصة لله. النتيجة: لمثل هؤلاء الذين محبتهم ناقصة لله بالتالي اشتراكهم يكون ناقصاً في الخلاص لمثل هؤلاء: هم الذين يستفيدون من المطهر ، لأنه يزيد من محبتهم لله ويجعل محبة الإنسان لله كاملة وعن طريق الألم تكتمل المشاركة. ينفع الدم لمن يستفيد منه ومفعوله مطلق ولا ينفع شيئاً للذين لم يريدوا الاستفادة منه وبفضل الدم وجد المطهر لتكون آخر فرصة تتجسم فيها الرحمة بواسطة دم المسيح لمن كانت محبتهم ناقصة أو اشتراكهم في الخلاص ناقصاً.

الاعتراض الثاني هو: بهذه الطريقة الإنسان يعمل ما يريد من الخطايا بحجة وجود المطهر الذي يغفر في الدهر الآتي.

مناقشة الاعتراض: هذا الاعتراض يذكرني بالاعتراض الذي يقال الإنسان يعمل ما يعمل من خطايا ويحتمي في دم المسيح فهل هذا منطق مقبول؟ ولكن نجد الرد في آية للقديس بولس في رسالته إلى أهل رومية وهي: "أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تزخر لنفسك غضباً في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة" رو 4:2-5.

فالإنسان الذي يتعمد ارتكاب الخطيئة بحجة رحمة الله ولطفه التي تتجسم في قوة الدم والتي تتجسم في المطهر فهو مثل هذا الإنسان الذي يستهين بلطف ورحمة الله ويجلب على نفسه غضباً في يوم الدينونة لا رحمة.

الاعتراض الثالث هو: قول السيد له المجد للص اليمين "اليوم تكون معي في الفردوس" لماذا لم يقل له شيئاً عن المطهر؟

مناقشة الاعتراض: اللص اليمين آمن بالمسيح في ظروف وموقف المسيح كان فيه في قمة الضعف مما يظهر قوة إيمان هذا اللص ومحبته لله. لأن اللص لم يؤمن بالمسيح وهو يصنع المعجزات ويقيم الموتى ولكنه آمن بالمسيح المعلق على عود الصليب والذي يواجه الإذلال والألم. فلماذا لا يكون وضع اللص بهذه الحالة وضع استثناء له كما أن اللص كان هو أيضاً على عود الصليب يتألم فلماذا ألا تعتبر أن هذه الآلام هي مطهر بالنسبة له. يقال أن اللص طلب من المسيح أن يكون في الملكوت "أذكرني يارب متى جئت في ملكوتك" ولكن يسوع قال له "اليوم تكون معي في الفردوس". وهذا يطرح سؤال لماذا قال المسيح الفردوس وليس الملكوت؟ رغم أن اللص طلب الملكوت فيقول رئيس طائفة ما أن الملكوت هو حيث مُلك الآب وابنه وحيث المشاهدة الطوباوية ولا يدخله أحد إلا بعد القيامة النهائية أو يوم القيامة ولكن الفردوس هو مكان انتظار الأبرار والقديسين وعلى ما يظهر من خلال هذا الكلام أن صاحب الفكرة رجل يعتقد بوجود مكان للانتظار في حين الكتاب المقدس كما رأينا لا يتحدث عن مكان للانتظار بل عن دينونة خاصة بعد الموت مباشرة وفي موقف اللص اليمين لا يظهر أنه اعتراض على المطهر لأنه إذا أردنا أن ندخله المطهر فنجد في تفسيره معنى اليوم والفردوس ما يؤيدنا ولا يعارضنا على الإطلاق وإذا أردنا أن ندخل السماء فنجد في موقف إيمان الرجل أو اللص بشخص المسيح وهو في أحرج الظروف وفي آلامه هو شخصياً وهو مصلوباً أيضاً وفي كلمة المسيح "تكون معي" ما يبرر دخوله السماء ففي موقف اللص اليمين لا يعارض ولا يؤيد لأننا إذا أردنا أن نستخدمه للمعارضة استطعنا وإذا أردنا أن نستخدمه للتأييد استخدمناه أيضاً فهو لا يحسب لا لهذا أو لذاك.

الاعتراض الرابع: إنه يضاد العدل الإلهي لأن افتراض وجوده ينسب لله تعالى الظلم لأنه بما أن الإنسان مركب من نفس وجسد متحدين فبموجب العدل الإلهي يعذب ويطهر كلاهما معاً في هذه النار المطهرية ولكنهم ينسبون هذا العذاب وهذا التطهير للنفس وحددها دون الجسد الذي تمتع بالذات والشهوات وهو أحوج إلى التطهير منه إلى النفس.

مناقشة الاعتراض: نحن لا نريد أن نناقش التهكم الموجود في الجزء الأول من الاعتراض ولكن نناقش الشيء المهم والمفيد في السؤال وهو الظلم في عقاب النفس وترك الجسد بدون عقاب المطهر رغم أنه هو السبب في هذا البلاء. ما معنى الجسد بدون نفس؟ يكون الجسد عبارة عن كتلة من اللحم التي لا حس فيها ولا دم وتدريجياً هذه الكتلة تصبح هيكل عظمي لأنها تتحلل وتتآكل فليس لها معنى بدون النفس كما أن النفس هي العنصر الذي فيه الحركة والانفعال داخل الإنسان وعلى هذا الأساس فالجسد لا يشتهي ولكن النفس هي التي تشتهي وليس الجسد لأن كما قلنا الجسد بدون النفس هو بلا حركة ولا شعور فالذي يخطئ ويفعل الخطيئة أو يشتهي ليس الجسد بل هي النفس ودور الجسد هو الوسيلة لتحقيق الرغبات أو الاشتهاء النابع من النفس وعندما يقول الكتاب المقدس هذه العبارة أو الآية " أن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد" (غلا 17:5) إنما المقصود بها ليس الجسد كجسد ولكن الجسد يعبر عن الإنسان ككل بعيداً عن الله، والروح يعبر عن الإنسان ككل قريباً من الله. كما أنه علاوة على ذلك كانت هذه الآية أو غيرها تعبر عن فلسفة يونانية، حيث تبرز الصراع داخل الإنسان على أساس مكوناته بما أنه مكون من جسد وروح. بالتالي ينسبون ويعطون للجسد أهمية وطاقة وقدرة ليست موجودة فيه، لأن النفس هي كل شيء ووراء كل شيء، والجسد إلا ما هو منفذ لأوامر تمليها عليه النفس. ولتظهر أهمية هذا الحوار تذكر شخصاً كان موجوداً معك بالنفس والجسد وتذكره أيضاً بعد خروج النفس فماذا تجد؟ هل تجد جسداً يسعى نحو اللذة والشهوة؟ هل تجد جسداً يتحرك كسابق عهده؟ والنفس هي صاحبة الشهوات والرغبات وهي التي يجب أن تحرر من أثقالها وتتطهر من أدناسها. فهل يوجد اعتراض على هذا الكلام المنطقي؟ فلا أظن أن هذا الكلام يستوجب اعتراضات أخرى.

الاعتراض الخامس: إذا كان المطهر يطهر النفوس فما هي حاجتنا إلى سر الاعتراف أو التناول؟ فيستطيع الإنسان أن يخطأ كما يشاء وهناك المطهر يطهره من كل الخطايا. إن المادة التي تستوجب الحكم فيها بالمطهر هي الخطايا العرضية والهفوات سواء المنسية في الاعتراف أو التي لم يعترف بها الإنسان والمادة الأخرى هي العقوبات الزمنية التي تفرضها الكنيسة أو التعويض الزمني عن الخطيئة وهذا ما يفرضه الكاهن بحكم سلطان المفاتيح داخل الاعتراف كناحية تربوية ولاهوتية. فلابد للمؤمن أو للتائب أو المعترف أن يشعر بأنه أخطأ وليس فقط الشعور بالخطأ ولكن أيضاً المحاولة الجادة في إصلاح الخطأ والتعويض عنه وهنا لا نقول بالشعور بالذنب وتجسيم الأمور ولكن لابد من الشعور بأنه خاطئ وأنه أخطأ في حق المسيح والآخر والذات وبتكليفه بعمل نوعاً ما شيء من التعويض أو المشاركة القليلة والبسيطة فهذا يدخل في إطار التأديب حتى لا يرجع للخطيئة مرة اخرى وإن سميناها فهذا أسلوب تربوي ليكون الإنسان اكثر شفافية وأكثر مشاركة وأكثر نضجاً وأكثر مسئولية. ويعد التقصير في هذا التعويض مادة تستوجب المطهر ولكننا لا ننكر أن التوبة الصادقة مع التعويض بإماتة والنابع من الاعتراف لا تستوجب المطهر كما أننا لا نرغب في إدخال النفوس للمطهر لأننا نعتقد بوجود المطهر ولكن لا يدخل المطهر إلا من يستوجب المطهر فقط ونقول أن داود النبي رغم ندامته وتوبته الحقيقية ونقل الله عنه خطيئته غير أنه كان لابد له من التعويض وهذا ما رأيناه في وجود خطيئة ووجود لها عقاب راجع امثلة داود النبي (2صم 10:12-13، 10:24). تغفر التوبة العقاب الأبدي وتزيله كما أنها لا تترك الإنسان بدون مسئولية أو مشاركة أو تعويض حتى تكون التوبة صادقة لابد من إثبات ذلك عملياً والتقصير في ذلك يستوجب المطهر.

استفسار وتساؤل وهو: ما هي عقوبة المطهر وموضوع التطهير مدة المطهر.

الاستفسار والمناقشة: هذا الاستفسار هو تكملة لموضوع المطهر .

ما هي عقوبة المطهر : بدون شك المبالغة في الحديث عن عقوبات المطهر وتصويرها جعل بعض الطوائف الأخرى ترفض المطهر لأنه يعتمد على التخيلات والتصورات ولكن الآن نشرح عقوبة المطهر في نظر الكنيسة الكاثوليكية.

عقوبة الخسران هي: تقوم بالحرمان المؤقت من الرؤية الطوباوية إلا أن هذه العقوبة تقترن دائماً بسبب الدينونة الخاصة التي سبقتها بالثقة الوطيدة في السعادة الأخيرة لأن الموتى في المطهر يعرفون أنهم أبناء الله وأصدقاؤه ويتوقون إلى الاتحاد به اتحاداً صميماً فيزيدهم شعورهم هذا ألماً بهذا الفراق المؤقت.

مدة المطهر: لن يدوم المطهر إلى ما بعد الدينونة العامة لأنه بعد أن يصدر الديان حكمه كما جاء في ( مت 24:25، 41) لن يكون غير السماء والجحيم. القديس أغسطينوس يقول: لا تحسبن للآلام المطهرة حساباً إلا قبل يوم الدين المخيف أما المدة المحددة للامتحان المطهر فلا سبيل إلى معرفتها لكل نفس بمفردها يدوم المطهر لكل نفس إلى أن تُطهر.

بعض النقاط للحوار مع الكنائس التي ترفض المطهر: –

– إن كلمة المطهر غير مستساغة أو غير مفهومة نفسياً وتربوياً، فلابد من إيجاد مصطلح أخر يعبر عن العقيدة، وخاصة أن هناك تشابه في المضمون بما يطلقون عليه الأرثوذكس الفردوس وما يطلقون عليه الكاثوليك بالمطهر. فلماذا لا تتم مناقشة هذه العقيدة في لجنة مشتركة من الكنائس المختلفة لتوضيح المفهوم والمضمون والمصطلح، وخاصة أنه سبق وتم الحوار فيما يخص الطبيعة والطبيعتين في شخص المسيح، وتم الاتفاق على مصلح وتعبير يُرضي جميع الأطراف مثل لاهوته لم يفارق ناسوته.

– يجب أن يتم التمييز في التعليم المسيحي بين ما يتصل بالعقيدة والإيمان وبين ما يأتي من التقاليد التقوية التي تتسرب وتؤخذ كأنها عقيدة.

– تتحدث بعض الكتب عن عقيدة المطهر بشكل يميل إلى الآساطير والخرافات واحياناً التصورات التقوية النابعة من نفوس تقية والتي تأخذ الإنسان بعيداً عن الفكر المسيحي الحقيقي، فهناك تصورات عن الآلام والعذابات المطهرية التي تخيف والتي تمتاز بالخيال.

– يجب علينا مراعاة العصر والزمان والمكان والثقافة لأنه لكل عصر وزمن ومكان طريقة وأسلوب ولغة للتعبير، لكي تكون مناسبة لعقلية وحياة مجموعة البشر في هذا العصر والزمان والمكان، وقد لا يتلائم هذا الاسلوب وهذه اللغة وهذا التعبير عضراً أو زماناً أو مكاناً آخر. ومن هنا نلاحظ التطور والتغيير والتجديد في الطريقة والأسلوب واللغة والمصطلحات المستخدمة، وهذا ما نلاحظه مثلاً في عقيدة المطهر. ولذا أري أن الحوار مهماً للتقارب والتفاهم بين الكنائس ولإيجاد لغة مشتركة للتعبير عن إيمانها وتعاليمها وعقائدها. فالإيمان واحد ولكن العقيدة هي التعبير عن الإيمان، ولذا فالإيمان واحد، ولكن التعبير عنه يتعدد ويتنوع، وعلينا أن لا نخلط بين الإيمان والعقيدة، [نهما لا يتطايقا/ فالإيمان أكبر بكثير من العقيدة.

– تصلى الكنيسة من أجل الراقدين وفق ما يؤكده الكتاب المقدس وما تثبته الممارسات الطقسية عبر القرون. هلى هذه الصلوات والقداسات واعطاء الحسنات على أرواح الموتى التماساً لرحمة الله عليهم أموراً مسنحسنة أو أنها غير واجبة ولا مقدسة وتصبح مثل هذه الأشياء في هذه الحالة لاستدرار الربح الخسيس وتجارة بالدين، وتلاعب بعقول ومشاعر الناس. لأن جوهر هذه الصلاة من أجل الراقدين موجود في صميم إيماننا في شركة القديسين. إن الأحياء والأموات هم معاً يكونون الجسد الواحد السري لسيدنا يسوع المسيح. إن الصلاة من أجل الراقدين، بخاصة في ذبيحة القداس التي تقدم من اجلهم، تلتمس من الله أن يمنحهم الراحة والعزاء وأن يرحمهم يوم الدينونة.

– إن مخلصنا يسوع المسيح، رأس هذا الجسد، قد افتدى بدمه جميع البشر من خطاياهم، فمنه – وحده – يأتى الخلاص، وكل ما تقوم به الكنيسة واعضاؤها من أجل الراقدين يستمد قيمته من العمل الخلاصي وحده الذي أتمه يسوع المسيح. – كل مغفرة للخطايا لاتنال إلا بذبيحة الفادي سيدنا يسوع المسيح الذي يحيا من خلال الكلمة والأسرار المقدسة في حياة الكنيسة لكي تتم المغفرة لكل اعضائها.

– بدون توبة لا مغفرة. ولا توجد أية امكانية للتوبة بعد الموت. وصلاة الكنيسة ليس لها مفعولها إلا للراقدين الذين قبل موتهم قد تابوا بصورة ما عن خطاياهم. والله وحده يعلم ويحكم على هذه التوبة – وكانوا قد انتموا إلى شركة القديسين.

– إن نفوس الراقدين تنتظر قيامة الأجساد والدينونة العامة التي يقيمها المسيح الأتي في مجده، ولن تكمل المشاهدة الطوباوية إلا بعد هذه الدينونة، كما سينال كل المخلصين مع قيامة الجسد مجدهم الكامل الذي يمنحهم ميراث الملكوت.

– بعد الموت، سينعم القديسون بالمشاهدة الطوباوية لله مثلث الأقانيم، بينما يحرم الذين رقدوا في غير توبة من هذه المشاهدة الطوباوية، فهذا الانعام المباشر يسمى بالدينونة الخاصة. إلا أنه ليس كالدينونة العامة ولكنه اكتشاف النفس لذاتها في النور الإلهي. وتسمى المشاهدة الطوباوية لله مثلث الأقانيم بالفردوس أو السماء أو ملكوت السماوات. وقد تظل سعادة القديسين غير مكتملة حتى تتحد النفس بالجسد القائم من الموت في ملء مجد جسد المسيح.

– عندما تشير الكنيسة إلى الآلام المطهرة لا تعنى مطلقاً انها عقاب الله للخاطئ، لأن الله "هكذا أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 16:3) "والله لا يناقض ذاته" (2تى 13:2). فان كان للتائب آلام بعد الموت، فمصدر ذلك هو التشوق لرؤية الله والنمو في حبه والاتحاد بألام المسيح الذي فتح لنا بصليبه باب القيامة والملكوت. إن تعليم الكنيسة عن المطهر يعنى أن النفس الذي رقد في التوبة ومحبة الله وعدالته لا يزال يحمل نتائج الخطايا المرتكبة. هذه النفس تطهر بعد الموت من كل هذه النتائج بواسطة الآلام المطهرة. إن الآلام المطهرة وصلوات الكنيسة من أجل الراقدين والغفرانات التي تمنحها الكنيسة، ذلك كله لا يمكن أن يعتبر أيفاء للدين لله لكي ينقل الموتى إلى الحياة الطوباوية السماوية. ان دين كل خاطئ في نظر الله قد تم أيفاؤه اماماً بذبيحة المسيح في آلام المسيح التى تحملها مرة واحدة على الصليب، كما أن صلوات الكنيسة والغفرانات ليست إلا توسلات ترفعها الكنيسة من أجل أعضائها في شركة القديسين.

– كانت نفوس الأموات تذهب إلى الجحيم، لأنها جميعاً أخطأت بخطيئة آدم، فأدركها الحكم بالموت الذي أدرك آدم "بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رومية 12:5). ويتحدث الآنبا غريغوريوس في هذا الصدد قائلاً: وهذا هو السر في حاجة البشرية إلى الفادي، لأنه بدونه لا يمكنهم أن يخلصوا من حكم الموت الأبدي، وبدونه لا يستطيعون أن يدخلوا ملكوت السموات. ولا أن يعاينوها (يو 3:3-5)…لهذا صلب المسيح ومات فداءاً عن المسبيين الذين سباهم الشيطان إلى مملكته ومضي بهم إلى الججيم، فأنطلق المسيح إلى ذات الجحيم لينفذ الخراف من فم الذئب "وأما أنه صعد فما هو إلا أنه نزل أيضاً أولاً إلى أقسام الأرض السفلى" (أف 9:4) ورد الذين اختطفهم إبليس، ونقلهم من الجحيم إلى الفردوس "سبي سبياً وأعطى الناس عطايا" (أف 8:4). أجل "نزل المسيح إلى الجحيم، كما جاء في القداس طبقاً للنصوص السابقة، وطبقاً لقول الرسول أيضاً "ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط 19:3) وبهذا هتف روح النبوءة "بدم عهدك قد أطلقت أسراك من الجب الذي فيه ماء. إرجعوا إلى الحصن يا أسرى الرجاء" (زك 11:9-12) نعم، رجع الذين "نظروا المواعيد من بعيد، وصدقوها وحيوها" (عب 13:11) رجعوا إلى الحصن الذي يركض إليه الصديق ويتمنع (أم 10:18)، رجعوا إلى الفردوس الذي كان مغلقاً في وجه البشرية منذ سقطة آدم الأول (تك 24:3)، ولم يفتحه إلا المسيح بالصليب (لو 43:23) . ومن هنا يجب أن نستفسر عن عمل المسيح بعد نزوله إلى الجحيم وتحرير النفوس من هذا السجن، هل وضعهم المسيح في سجن أخر اسمه الفردوس؟ ماذا فعل المسيح بعد قيامته: ألم يفتح باب النعيم أمام البشرية بعد أن أُغلق بعد الخطيئة؟ يجب تحديد معنى الفردوس والحياة الأبدية؟ هل حمل المسيح النفوس من مكان إنتظار إلى مكان إنتظار آخر؟

خاتمة: المطهر عقيدة إيمانية حية وتناسب عدل الله وقداسته ورحمته ومقبولة لدى العقل البشري وفترة المطهر هي فترة الاستعداد لمقابلة العريس وهي فترة اشتياق أو اكتمال الاشتياق وفي المطهر يتم الوصول إلى الكمال عن طريق صلوات الآخرين وبعد التطهير في المطهر يستطيع الإنسان مقابلة المسيح وبعض اللاهوتيين يشبهون المطهر بالزواج المتأخر أو المؤخر حيث نجد العروس موجودة ولكن في حالة انتظار فانظر العذاب عذاب هذا الانتظار ومن اختبره. المطهر لا يجد له معنى بعيداً عن دم المسيح المسفوك على عود الصليب فالمطهر هو نابع من فاعلية دم المسيح وقوته التي تمتد حتى ما لا نهاية لأن دم المسيح قمة الرحمة والحب والعدل أيضاً. فليس المطهر تيار آخر يضارب في تيار دم المسيح كما يرغب البعض أو يظن لأن المطهر أساساً مبني على فاعلية هذا الدم وبدون قوة مفعول الدم لا يوجد مطهر.

 للاب الدكتور أغسطينوس موريس

 

أنظر ايضا: عقيدة المطهر للأب د. يوأنس لحظي