ديانا والأم تيريزا والمرارات

بعد عشر سنين على رحيل الأميرة ديانا والأم تيريزا، لا تزال صورتهما الحقيقية وشخصيتهما النادرة موضع اهتمام كبير لدى كثيرين حول العالم، مع الإختلاف الشاسع في نوعية الحياة التي عاشتها كل منهما والأهداف التي عملتا من أجلها. وإذا كانت سيرة حياة ديانا وتأرجحها بين بريق الشهرة والجمال والأضواء، وتعاستها الزوجية ونهايتها المأسوية، باتت مكشوفة كلها تقريباً في الكتب التي نشرت عنها، فإن كتاباً جديداً عنها يشرف عليه ابنها الأمير وليم، سيلقى إقبالاً كبيراً متوقعاً لأن أنصارها لا يزالون كثراً في بريطانيا والعالم، وصورها البراقة الشهيرة ترسخت كأيقونات جمالية يبدو انها ستستمر الى وقت طويل، وقد تحولت كلها مادة للدراسة الإجتماعية والنفسية في اتجاهات الرأي العام والإنجراف الجماعي.  
أما الجديد عن الأم تيريزا فسيشكل صدمة قوية لمؤمنين وغير مؤمنين من أتباعها أو المعجبين بأعمالها الإنسانية الجبارة وبشخصيتها الدينية المميزة. ففي اليومين المقبلين سيصدر كتاب عنها نشرت مقتطفات منه مجلة "تايم" الأميركية في عدد 3 أيلول الجاري.
ويأتي كتاب: "الأم تيريزا: "تعال، كن نوري" الذي ينزل الى الأسواق العالمية بالإنكليزية الثلثاء 4 أيلول الجاري، صرخة قوية بين الشك واليقين في الإيمان الديني المسيحي. ويضم الكتاب 40 رسالة بخط يد هذه الراهبة الكاثوليكية الألبانية الأصل التي نذرت حياتها للبؤساء والمحتضرين في مدينة كالكوتا الهندية، كتبتها مدى 66 سنة. وقد وجّهت هذه الرسائل الى زملائها ورؤسائها الروحيين في مراحل مختلفة من حياتها الإنسانية الدينية المميزة، وفيها قدر كبير من العذاب النفسي في مواجهة "خواء" روحي و"ظلمة" و"شكوك" عرفتها. وكانت تطلب من المرسل اليهم إتلاف خطاباتها، إلا ان هذه الرسائل حُفظت، وهي الى جانب شهادات رؤسائها ومعرّفيها في الكتاب، جزء من ملف دعوى رفعها الى رتبة القداسة بعدما تم تطويبها عام 2003. وقد جمعها المسؤول عن ملف التقديس لدى الفاتيكان الأب بريان كولوديجشوك الذي قال ان غضب الأم تيريزا الروحي الواضح والمتعلق بإيمانها يساعدها في مسألة التطويب، موضحاً: "لدينا الآن هذا المفهوم الجديد، هذه النافذة الجديدة الى حياتها الداخلية. وبالنسبة اليّ، تبدو هذه الواقعية الأكثر قدسية وبطولة".
ومن بين ما كتبته: "لو كان ثمة إله – أغفر لي من فضلك – عندما أحاول أن أتجه نحو الفردوس ـ ثمة فراغ مؤلم… أدعو، أتشبث، أريد ـ ولا أحد يجيب ـ لا أحد أتشبث به، كلا، لا أحد، وحدي".
الأم تيريزا التي جابت دول العالم بالطول والعرض لجمع المال للفقراء والمعذبين، ونشرت مؤسستها "مرسلات المحبة" في كل مكان يوجد فيه أكثر البؤساء بؤساً، وحصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1979 عن أعمالها الإنسانية الجبّارة، ستستمر بعد رحيلها بعشر سنين، بل وعشرين ومئة وأكثر، محركاً ضميرياً أساسياً في توق البشرية الى الخلاص من العذاب الجسدي والروحي، والإنتقال النهائي من الشك الى اليقين.
نقلاً عن "النهار" 2/9/2007