جنيف، 21 سبتمبر 2007 (zenit.org).
ننشر في ما يلي مداخلة المونسنيور سيلفانو تومازي، مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، التي ألقاها خلال الجلسة السادسة لمجلس حقوق الإنسان في 14 سبتمبر في قصر الامم في جنيف.
السيد الرئيس،
1. تشير النقاشات الحالية إلى أن المجتمع الدولي يواجه مهمة صعبة تقضي بإيجاد التوازن بين حرية المعتقد وحرية التعبير واحترام المعتقدات الدينية وغير الدينية وتشويه صورة الأديان والمؤمنين. وقد أظهر المقررون الذي يضطلعون بمراقبة الأشكال العصرية للعنصرية والتمييز العرقي وكره الأجانب وعدم التسامح هذه الصعاب بوضوح. كيف يمكننا المضي قدماً في هذه الحالة؟
2. أظهر لنا تطور حماية كافة الحقوق الأساسية وتعزيزها الذي بدأ مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) أن حرية المعتقد يمكن أن تشكل عنصر تلاقي وجسراً بين مختلف فئات حقوق الإنسان. إن ممارسة المعتقد في العلن أو في الحياة الخاصة هي حرية لا تنتمي إلى مجال الحقوق المدنية والسياسية وحسب – وبالتالي ترتبط بحرية التفكير والتعبير والعبادة – بل هي تنتمي أيضاً إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وتتضح هذه الصلة في قدرة الأديان على التنظيم الذاتي وفي العمل الخيري للأفراد المؤمنين في المجتمعات وفي أشكال التضامن التي تبديها المؤسسات الدينية، من بين غيرها، وفي مجالات الصحة والتربية والتدريب. إلى ذلك، لطالما كان وجود الأديان الرئيسية في العالم وتأثيرها وسيلة فعلية لتخطي الحدود الذاتية للنظام القانوني اليقيني ذي المعايير الأخلاقية الموضوعية التي تخدم خير البشرية جمعاء.
3. إن الاعتراف بأن حرية المعتقد تضمن العلاقة المتبادلة بين مختلف الحقوق الأساسية يعني أن القوى العامة يجب أن تعمل بجد لكي لا تؤدي ممارسة أي معتقد إلى الحد من الحقوق المدنية أو السياسية والمشاركة المؤسسية ولكي لا تستعمل في إنكار الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأفراد أو المجتمعات.
4. بذل مجلس حقوق الإنسان جهوداً حثيثة لتأمين آليات وإجراءات منصفة ولاعتماد مبادئ وقواعد لحماية الحقوق الأساسية التي أصبحت تشكل تراث المجتمع الدولي والعديد من البلدان. وهذا خير دليل على أنه لا يوجد تناقض بين حرية المعتقد وحرية التعبير، فهما تنتميان إلى القدرات الفكرية التي يتمتع بها الكائن البشري خلال تحركاته في الأوساط العامة والخاصة.
5. فالتحدي الذي يواجهه المجلس اليوم يقضي بالنظر في الطلبات التي تدعو إلى تنظيم الظاهرة الدينية لمنع تزايد حالات التمييز والتشويه الحقيقي لصورة الأديان والمؤمنين. لكن هذه الطلبات تظهر ضرورة العمل الدولي، إلى جانب المبادرات الداخلية، من أجل ضمان توازن عاجل في ممارسة هذين الحقين مع الاعتراف بأن حرية ممارسة المعتقد تحمل في طياتها وظيفة عامة عندما تكون حقيقية: فهي تساهم في التماسك الاجتماعي وبالتالي في عيش الشعوب بسلام معاً، سواء أكانوا من الأغلبية أم الأقلية، من المؤمنين أم غير المؤمنين، في البلد الواحد.
6. السيد الرئيس،
ختاماً، إن السياق الاجتماعي والسياسي المناسب حيث يتم تعزيز كل حقوق الإنسان وحمايتها، بما في ذلك ممارسة المعتقد أو تغييره أو رفضه، يعني ضمنياً أن حقوق الإنسان مترابطة وأنه يجب ترجمة المعايير الدولية عبر أحكام وطنية قانونية لصالح كل إنسان وحمايته وحريته.
شكراً السيد الرئيس