صلاة الوردية المقدسة

تاريخ الوردية

 

إنّ صلاة المسبحة قديمة العهد كان الرهبان قديماً يردّدون الصلوات باستعمال حبلٍ معقود بمئة وخمسون عقدة.. إلى أن تدخلت السيدة العذراء بظهوراتها على القديس عبد الأحد  فشدّدت على هذه الصلاة واختارتها كصلاة إلهيّة مَرضيّة لدى الله ومحبّبة إليها.

ويظهر ذلك أيضاً من خلال ظهوراتها بلورد وبلدة فاطمة مثلاً. القديس عبد الأحد الذي ولد سنة 1170 في إسبانيا وتوفيَ سنة 1221، "هذه العبادة تكون لك سلاحاً تُقاوم بهِ الأعداء المنظورين وغير المنظورين وتكون عربون محبتي للمسيحييّن"… (السيدة العذراء للقديس عبد الأحد سنة 1213

عمِلَ مع أبٍ آخر على إغناء المسبحة بإدخال الأسرار إليها، كما أوحت له السيدة العذراء للتأمّل بحياة يسوع وحياة مريم أمّه. وسميّاها المسبحة "الورديّة". فقُسِّمت إلى ثلاثة أقسام  وأضاف البابا يوحنا بولس الثاني قسم رابع اعلنه في الرسالة الباباوية التي ظهرت في 16 تشرين الأول من العام 2002 وهي أسرار النور إذاً الأسرار أصبحت : أسرار الفرح، أسرار النور، أسرار الحزن وأسرار المجد.

 

أولاً هناك فرق بين الوردية وبين المسبحة:

صلاة الوردية في أسرارها الأربع (الفرح – النور – الحزن  والمجد) والتأمل فيها، هو الأساس، بينما المسبحة هي الآلة، هي الوسيلة الحسية والمنظورة التي من خلالها أنظم صلاتي.

صلاة الوردية هي ليست صلاة لمريم إنما هي صلاة تأملية مع مريم ليسوع.

 

نتكلم الآن عن صلاة الوردية بحسب ما علمنا إياه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني

الوردية هي التأمل مع مريم في وجه يسوع

مريم هي المثال الأكمل للتأمل كونها أم يسوع، عاشت معه طيلة حياته. ومن فوائد هذا التأمل أنه يقود إلى قلب الحياة المسيحية لأن صلاة الوردية هي موجز ومختصر للإنجيل وهي التذكر الدائم لحياة يسوع بكل مراحلها، تجسده، حياته العلنية، موته وقيامته.

أقول أتأمل مع مريم لأنّه لا أحد أقرب منها ليسوع، هي حظيت بتأمل وجه إبنها منذ البشارة وحتى القيامة.

 

إذا أردت أن أعطي عنواناً لأسرار الوردية فأنها توازي أسرار المسيح. فأسرار المسيح نجدها بأسرار الوردية التي أصبحت أربعة بعد أن أضاف عليها البابا أسرار النور أي حياة يسوع العلنية.

المسيح بالصلاة يحبّ النوعية لا الكمية، يريد قلباً لا عدداً. الوردية هي موجز الإنجيل، هي صلاة إنجيلية ترتكز على حياة يسوع.

 بالمسبحة نصلي الوردية التي هي الوسيلة القانونية. البعض شبهها بالسلسلة التي تربطنا بالله وببعضنا البعض ولكن ليس لها بُعد لاهوتي بل مسيحي. حسب قول البابا هناك وسيلتان لصلاتها:

قراءة  مقطع من الإنجيل، صمت  –   وتأمل والأسرار.

هذا المقال التأملي عن صلاة الوردية للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني. في 16 اكتوبر، 2002 حوّل البابا يوحنا بولس الثاني طريقة تلاوة الوردية باضافته اليها اسرار النور. ومع الاسرار الجديدة اعطانا البابا بعض الاقتراحات المفصلة حول كيفية القيام بصلاة الوردية. لقد قمنا بذكر هذه المقترحات الواحدة تلو الاخرى لتتمكنوا من اخذها كعينات، ودرسها، وتبنيها في وقت الصلاة.

 كيف نصلي صلاة الوردية

اقتراحات بابا يوحنا بولس الثاني لكيفية تلاوة صلاة الوردية:

1.  صل على مهل "بايقاع هاديء ". هذا يساعدنا على التاملفالوردية هي تاملية بطبيعتها، لذا لا ينبغي ان تتم ممارستها على عجل.

2.  اعمل جهدك ان تصبح اكثر فاكثر على مثال المسيح. ففي التأمل علينا ان نركز على: يسوع، واعماله، وكل استحقاقاته وفضائله. فهذا يقودنا لان نصبح "متشبهين" اكثر بالمسيح.  

3. دع مريم تساعد. من خلال اعطاء الثقة الكاملة "بعنايتها الامومية" .

4.  اعلن كل سر بصوت عال، واستعمل الصور لكي تساعدك على التركيز. اننا بحاجة الى ذلك كي يزيد تركيزنا على السر اثناء الصلاة. فمن الطبيعي ان يكون مدى انتباهنا قصيرا، لذا فاننا نحتاج الى المساعدة.

5.  استمع الى كلمة اللـه التي لها علاقة بالسر. هذا يسمح للـه ان يتكلم مع كل واحد منا شخصيا، ويجعل من تلاوة الوردية كل مرة ان تكون حيوية وجديدة.

6.  خصص وقتا للصمت بعد اعلان السر ومناداة كلمة اللـه. فهذا يعطينا الوقت الكافي لنتحسس رسالة اللـه الشخصية لنا.

7.  ان نجعل من "ابانا الذي" اساسا  لصلاتنا. فعلينا ان نتوجه اولا الى الآب لانه مصدر جميع النعم.

8.     في "السلام عليك" انتبه على ان يكون اسم يسوع هو مركز الجاذبية. توقف مع الوقفات ولا تستعجل للوصول الى النهاية.

9. رتل "المجد للاب". يقول البابا ان "تسبحة الثالوث هي هدف كل تأمل مسيحي". التركيز على حضور الثالوث وخاصة عند تلاوة المجدلة يعتبر احسن طريقة للوصول الى هذا الهدف النهائي.

10. صل لاجل ثمار السر. فاننا مدعوون لان نصلي لاجل ثمار السر لانها تبرز العلاقة بين صلاتنا من جهة وحياتنا المسيحية اليومية من جهة اخرى.

11. علينا ان نعلم بان للحبات معنىً رمزيا لانها كلها تقود الى المصلوب (الذي هو المسيح). وترمز الحبات ايضا الى السلسلة التي تربطنا باللـه وبالاخرين ايضا، كاشفة العلاقات والاواصر التي توحدنا كجماعة.

12.  صلِّ "السلام عليك ايتها الملكة ام الرحمة" مادحا افضال مريم وطالباً لشفاعتها. اعتبر وقت الصلاة جديا "كما لو انه موعد مهم" ان تكون مع مريم الام والمعلمة والمرشدة. انه وقت رائع لاختبار امومتها في حياتنا.

13. في الخاتمة، صل لاجل البابا. لان هذا يساعدنا على توسيع نظرتنا ويجعلنا ندرك باننا نصلي للكنيسة باكملها.

14. صل اسرار النور في يوم الخميس بدل من اسرار الفرح التي بالامكان نقلها الى يوم السبت بسبب موضوعها المريمي القوي (لان السبت هو يوم مريم). "قبل 2002 كان يوجد ثلاثة اسرار اضاف البابا يوحنا بولس الثاني اسرار النور"

15.  اجعل من صلاتك صلاة لاجل السلام. فاننا نتامل بامير السلام، لذا فمن الطبيعي ان نكون اكثر متفهمين للسلام الحقيقي كلما تاملنا حياة يسوع. كما ان صلاة الوردية تجعلنا اكثر: هادئين ومسالمين ومتاملين

16.  اجعلها صلاة العائلة. رغم ان الوردية ليست حلا لكل المشاكل فانها العون الروحي الذي لا يجب ان يقل قدرة. تعيين وقت للصلاة يعتبر طريقة جيدة للم شمل العائلة مع بعض، وخاصة في ايامنا، كون ان الهوة بين الاجيال بدات تتسع بسبب التقنية، ونمط الحياة السريع.

17.  على الشباب ان يتشجعوا ليجعلوا من الوردية صلاتهم الذاتية بهذا يمكنهم ان يجلبوا الحيوية والانتعاش اليها لانهم الوحيدين القادرين على فعل ذلك.

 

قصة عن صلاة المسبحة

شاب فرنسي ذكي يدرس مادّة العلوم في الجامعة، لكنه لا يؤمن بالله ولا بأي نوع من أنواع الصلاة. دخل يوما ما كنيسة من كنائس باريس ليتفرّج على اللوحات الفنّية والرسومات، وراح يتجوّل في مختلف جوانب الكنيسة. سمع أثناء تجواله همسًا ضعيفًا يأتي من بعيد. فاتجه صوب الصوت يريد أن يتعرّف على مصدره. فتبيّن ظلّ إنسان في الظلمة مختبئًا وراء أحد الأعمدة. فسار إليه على طرف أصابعه، حتى إذا وصل إليه وحدّق فيه جمد في مكانه متعجباً… رأى معلّمه الكبير في مادة العلوم، العالم أمبير Ampère راكعا يتلو المسبحة الوردية.

كانت هذه الحادثة بداية تغيير حياة عند الشاب، وأصبح اليوم طوباويّا وهو أوزانام Ozanam مؤسس جمعية مار منصور مع القديس منصور دي بول. كان يقول: "إن مسبحة أستاذي أمبير أثّرت فيّ أكثر من كل الكتب والمواعظ".

 

الاسرار في صلاة الوردية

أسرار الفرح، ليومَي الأثنين والسبت.

 

السر الأول: "البشارة" ثمرة هذا السرّ التواضعمراجعة لوقا 1/ 26-38

مرّة أبانا وعشر مرات السلام وثم المجد وثم صلاة الأطفال في فاطمة، وهكذا في كل بيت من المسبحة

  السرّ الثاني: الزيارةثمرة هذا السرّ محبّة القريب. مراجعة لوقا 1/ 39-45

  السرّ الثالث: الولادةثمرة هذا السرّ الفقر والتواضع. مراجعة لوقا2/ 1-7

  السرّ الرابع: التقدمة. ثمرة هذا السرّ الطهارة وتتميم الوصايا. مراجعة لوقا 2/ 21-40

  السرّ الخامس: وجود يسوع في الهيكل. ثمرة هذا السرّ الطاعة والحكمة. مراجعة لوقا 2/ 41-50

     

 

أسرار النّور  ليوم الخميس

في السرّ الأول  : نتأمّل بمعموديّة يسوع على يد يوحنّا، وإعلان الآب عنه بأنّه إبنه الحبيب. الثمرة الروحيّة: البنوّة للآب.

في السرّ الثاني  : نتأمّل بيسوع يستجيب طلب أمّه ويجترح أولى معجزاته في قانا، ويُظهر مجده، فيؤمنَ به تلاميذه.                        الثمرة الروحيّة: التجدّد بالروح القدس.

في السرّ الثالث  : نتأمّل بيسوع يُعلن مجيء ملكوت الله، ويدعو إلى التوبة ومغفرة الخطايا للذين يؤمنون به

الثمرة الروحيّة: التوق إلى الملكوت.

في السرّ الرابعنتأمّل بصورة الآب تتلألأ على وجه إبنه على الجبل، ونُصغي إلى صوته يدعونا "إسمعوا له".         

الثمرة الروحيّة: اتّباع تعاليم يسوع.

في السرّ الخامس: نتأمّل بيسوع يقدّم ذاته طعاماً لنا في مسيرتنا على الأرض حتى لقائنا به في مجيئه الثاني.           

الثمرة الروحيّة: المشاركة في الذبيحة الإلهيّة

 

أسرار الحزن .. ليومَي الثلاثاء والجمعة.

 السرّ الأول: صلاة يسوع في بستان الزيتون. ثمرة هذا السرّ الندامة. لوقا 22/ 39-46

السرّ الثاني: الجلد. ثمرة هذا السرّ إماتة الحواس والجسد. يوحنا 19/ 1

السرّ الثالث: إكليل الشوك. ثمرة هذا السرّ إحتقار المجد العالمي. متى 27/ 27-31

السرّ الرابع: يسوع يحمل صليبُه. ثمرة هذا السرّ الشجاعة الصبر في حمل صليبنا. يوحنا 19/ 17-22

السرّ الخامس: الموت على الصليب. ثمرة هذا السرّ إماتة الذات والمحبة والمغفرة للأعداءلوقا 23/ 44-49

 

أسرار المجد…  ليومي الأربعاء والأحد.

 السرّ الأول: القيامة. ثمرة هذا السرّ الإيمان والنهوض من الخطيئة. يوحنا 20/ 1-18

السرّ الثاني: الصعود. ثمرة هذا السرّ الرجاء والشوق ألى السماء. لوقا 24/ 50-53

السر الثالث: حلول الروح القدس. ثمرة هذا السر الغيرة الرسولية. والإصغاء لإلهامات الروح القدس. رسل 2/ 1-13

السرّ الرابع: الإنتقال. ثمرة هذا السرّ طلب شفاعة العذراء والميته الصالحة.

" من إعلان عقيدة انتقال السيدة العذراء البابا بيوس 12 – 1950 "

السر الخامس: إكليل المجد. ثمرة هذا السرّ تكريم السيدة العذراء والثبات في محبة اللهرؤيا 12/ 1  

 

قوة صلاة الوردية

عندما اُلقت القنبلة النوويه على هيروشيما عام 1945، كان هناك مجموعة من الرهبان اليسوعيين وعددهم 8 يسكنون في بيت الكنيسة على بعد اقل من نصف كيلومتر واحد من موقع انفجار القنبلة. لم يتاثر البيت جراء ذلك ولم يصيب باي اذى اي واحد من هولاء الثمانية رهبان. مع العلم ان ذلك الانفجار العنيف  حطم كل شيء واودى بحياة جميع سكان المنطقة الواقعة على بعد 1.5 كيلومتر من موقع الانفجار دون استثناء.

شُكلت لجنة تكونت من 200 مختص علمي لبحث  ومعرفة اسباب عدم حدوث اي ضرر للبيت ولاهله الرهبان الثمانيه. فلم يوفقوا في ايجاد اي سبب علمي في ذلك. لان سبب ذلك لم يكون له اساسا علميا وانما لان في ذلك البيت كانت تتلى صلاة الوردية مساء كل يوم وكانوا يتأملون باسرار المسيح بعمق وايمان.

 الخوري نسيم قسطون