بكركي، 30 سبتمبر 2007 (zenit.org).
تابع البطريرك البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير تعليمه عن الزواج المختلط، خلال عظته التي ألقاها في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي.
وتحدث غبطته عن "الزواج الذي ينعقد بين مسيحي ومسلمة، أو بين مسلم ومسيحية، ونظرة الكنيسة الى مثل هذه الزواجات"، فقال بأن كثرة الأسفار واختلاط الشعوب المختلفي الأديان الذي يشهده العالم منذ عشرات السنين بخاصة في أوروبا، يثير، في العديد من بلدان العالم، مشاكل تتعلق بالزواجات المختلطة بين كاثوليك ومسلمين، وبخاصة بين رجال مسلمين ونساء مسيحيات وهذه مشاكل تشغل البال".
وأضاف بأن الزواج بين مسلمين ومسيحيين يتزايد مع تزايد عدد المسلمين في الغرب وخاصة في أوروبا، كما وتتزايد المصاعب التي تنشأ عن هذه الزواجات لاختلاف النظرة الى الزواج.
وانتقل البطريرك الماروني ليتحدث عن وضع المرأة الذي "يختلف تماما بحسب اختلاف الاديان"، وقال بأن القرآن يقول بتفوق الرجل على المرأة وسلطته عليها، بحسب ما أوردته إحدى السور، وأن للرجل سلطة على المرأة. وهذا التفوق له طابع إلهي، وليس اقتصاديا وحسب، وان كان ذلك لا يزال مجهولا في غالب الاحيان لدى رجال القانون".
وتابع صفير شارحاً وضع الزواج في الإسلام قائلاً بأن "هناك اختلاف بين الرجل والمرأة في ما خص عقد الزواج. أولاً: إن للرجل حقاً في أن يكون له اربع نساء، فيما ان هذا الحق لا تتمتع به المرأة.
ثانياً: لا يسمح للمرأة أن تتزوج رجلاً من دين مختلف، إلا إذا ارتد هذا الرجل الى الاسلام. وكل زواج مختلط مستحيل، لأن غير المسلم يجب أن يعتنق الاسلام ليسمح له بالزواج من مسلم او مسلمة. وعلاوة على ذلك، إن الاولاد المولودين من أم مسيحية يجب أن يصبحوا حتماً مسلمين ولو كانوا معمدين. ثالثاً: إن الزوج باستطاعته أن يطلق زوجته بقوله له ثلاث مرات: أنت طالق. وعلى العكس من ذلك، ليس للمرأة الحق في أن تفعل ذلك. ولا يسمح بالطلاق إلا بناء على طلب الرجل، وحراسة الأولاد تعود حتما الى الأب، باعتبار أنه هو الوحيد الذي بامكانه أن يشرف على تربيتهم وتعليمهم. فللأب وحده السلطة الوالدية. "
"وفي ما خص الميراث، لا يمكن المرأة أن ترث إلا نصف ما يرثه الرجل. وهناك فرق آخر كبير، وهو ان شهادة رجل تساوي شهادتين بالنسبة الى شهادة المرأة. وللرجل سلطة مطلقة على امرأته، ومن واجبه أن يؤدبها لتخضع له كل الخضوع".
"إن المسلم في استطاعته أن يتزوج غير مسلمة, فيما المسلمة لا يمكنها أن تتزوج غير المسلم, الا إذا اعتنق الإسلام."
وانصرف الكاردينال الماروني الى شرح الفروقات بين الزواج المسيحي والزواج الإسلامي مشيراً الى أن "زواج المسيحي والمسلمة قد لا يلقى النجاح المأمول" الأمر الذي يؤدي الى توالي "المآسي العائلية… والصعوبات التي يلقاها الزوجان المختلطا الدين إذا كان أحدهما مسلماً والآخر مسيحياً التي يمكنها أن تتعاظم عندما تكون الزوجة أوروبية تجهل ثقافة البلد الاسلامية حيث تجبر على الإقامة بدافع من المحبة أو الضغط".
"وأما حالات الزواج بين المسلمين والمسيحيين, يجب التوقف عند كل منها لرؤية ما اذا كانت الشروط مستوفاة لمنح التفسيح المطلوب لعقد مثل هذا الزواج. ولا بأس في أن نذكر بالحرية الدينية التي نص عليها المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني حيث يقول: "إن الكنيسة تظهر احتراماً كبيراً للمسلمين الذين يعبدون الله الواحد, الحي, الأبدي, الرحيم, القدير خالق السماء والأرض, والذي يخاطب الناس (الكرامة الانسانية عد 4), دون أن ننسى ما بين الديانتين من فوارق كبرى تضع, من وجوه كثيرة, من الناحية اللاهوتية والقانونية, الديانة المسيحية".
وقال صفير بأن "الكنيسة تجيز الزواج بين مسلمين ومسيحيين ضمن شروط معروفة, وذلك محافظة على سلامة إيمان الجهة المسيحية, وعلى تعميد الأولاد وتربيتهم تربية مسيحية, وهناك في لبنان زواجات بين مسلمين ومسيحيين تمت وتتم ضمن الشروط المطلوبة, وذلك حفاظا على إيمان الفريقين".
نص العظة كاملا
عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير
ننشر في ما يلي عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير التي ألقاها في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي.
"أما نحن فمدينتنا في السماوات، ومنها ننتظر الرب يسوع"
ان بولس الرسول يجعل نفسه مثالا في التمسك بالقضايا الدينية والمسلك المسيحي المستقيم، لذلك يقول في رسالته التي وجهها الى اهل فيليبي، وهي مدينة كبرى من مدن ولاية مقدونية. وكانت مدينة غنية، ذات طابع روماني، يقطنها قواد وجيوش رومانية مستعمرون. وكان معظم الناس في تلك المدينة من اصل وثني، غير أنه كان فيها أساقفة وشمامسة يسهرون على سلامة التعليم الديني المسيحي، وذلك تحت اشراف الرسل، وبخاصة تحت اشراف بولس الرسول الذي أسس هذه الكنيسة. وقد شدد بولس في رسالته هذه على ثلاثة مواضيع وهي:
الشكر لله وخطر الانقسام بين المسيحيين، وخطر المتهودين أي الذين اعتنقوا اليهودية.وحذر خاصة من الذين جعلوا آلهتهم بطونهم، ومجدهم في عارهم، وقصروا نظرهم على الارض، دون أن يرفعوه الى السماء. لذلك يقول: "أما نحن فمدينتنا في السماوات، ومنه ننتظر الرب يسوع المسيح مخلصا الذي سيغير جسدنا فيجعله على صورة جسد المسيح مجيدا". وهذه هي أمنية كل مؤمن بالمسيح.
وننتقل الى حديث عن الزواج الذي ينعقد بين مسيحي ومسلمة، أو بين مسلم ومسيحية، ونظرة الكنيسة الى مثل هذه الزواجات.
1- الزواج بين كاثوليك ومسلمين
ان كثرة الاسفار واختلاط الشعوب المختلفي الاديان الذي يشهده العالم منذ عشرات السنين بخاصة في أوروبا، يثير، في العديد من بلدان العالم، مشاكل تتعلق بالزواجات المختلطة بين كاثوليك ومسلمين، وبخاصة بين رجال مسلمين ونساء مسيحيات وهذه مشاكل تشغل البال. والاحصاءات تدل على انتشار الاسلام في كل العالم، وخاصة في بلدان أوروبا. وهناك احصاء أجري منذ خمس سنوات يشير الى أن الدين الاسلامي في أوروبا قد اصبح في المرتبة الثانية بعد الدين المسيحي، وفي فرنسا مثلا بلغ عدد المسلمين ما فوق الاربعة ملايين، وفي المانيا مليونين ونصفا، وفي ايطاليا حوالي المليون، وفي بريطانيا ما فوق المليون والنصف، وفي اسبانيا ما فوق النصف مليون. أن الوجود الاسلامي في أميركا يشابه وجوده في العديد من البلدان الافريقية حيث يشكل أتباعه اول مجموعة دينية. واذا كان من الصعب اعطاء أرقام عن الانتشار الاسلامي في العالم المعاصر، فانه موجود دونما شك في بلدان عديدة.في اوروبا وحدها يعتقد ان هناك نحو اثني عشر مليونا مسلما منهم اربعون بالمائة مغاربة، وثلاثون بالمائة اتراك بمن فيهم الاكراد، وعشرة بالمائة من الاسيويين، والباقون آتون من نواح مختلفة.
فالزواج بين مسلمين ومسيحيين يتزايد اذن، وتتزايد المصاعب التي تنشأ عن هذه الزواجات لاختلاف النظرة الى الزواج. وهذه مشكلة دقيقة يقتضي لها من السلطات المختصة مقاربة جدية واعية. والتفكير الرصين وحده بامكانه مواجهة هذه المشكلة على اتساعها وتبني راعوية لها مناسبة. ونكتفي هنا بالاشارة الى جوهر المشكلة المطروحة
.
2- وضع المرأة في الاسلام
اذا شئنا ان ننظر الى الزواج بين المسلمين والمسيحيين نظرة جدية، دقيقة، يجب قبل كل ان نتبين وضع المرأة القانوني في الاسلام، وهو مختلف تماما بحسب اختلاف الاديان. ان القرآن يقول بتفوق الرجل على المرأة وسلطته عليها، بحسب ما اوردته احدى السور، وان للرجل سلطة على المرأة. وهذا التفوق له طابع الهي، وليس اقتصاديا وحسب، وان كان ذلك لا يزال مجهولا في غالب الاحيان لدى رجال القانون.
وهذا الوضع الدوني للمرأة يجد تطبيقه العملي في الحق العائلي. وهناك اختلاف بين الرجل والمرأة في ما خص عقد الزواج. اولا: ان للرجل حقا في ان يكون له اربع نساء، فيما ان هذا الحق لا تتمتع به المرأة.
ثانيا: لا يسمح للمرأة ان تتزوج رجلا من دين مختلف، الا اذا ارتد هذا الرجل الى الاسلام. وكل زواج مختلط مستحيل، لان غير المسلم يجب ان يعتنق الاسلام ليسمح له بالزواج من مسلم او مسلمة. وعلاوة على ذلك، ان الاولاد المولودين من ام مسيحية يجب ان يصبحوا حتما مسلمين ولو كانوا معمدين.
ثالثا: ان الزوج باستطاعته ان يطلق زوجته بقوله له ثلاث مرات: انت طالق. وعلى العكس من ذلك، ليس للمرأة الحق في ان تفعل ذلك. ولا يسمح بالطلاق الا بناء على طلب الرجل، وحراسة الاولاد تعود حتما الى الاب، باعتبار انه هو الوحيد الذي بامكانه ان يشرف على تربيتهم وتعليمهم. فللأب وحده السلطة الوالدية.
وفي ما خص الميراث، لا يمكن المرأة ان ترث الا نصف ما يرثه الرجل. وهناك فرق آخر كبير، وهو ان شهادة رجل تساوي شهادتين بالنسبة الى شهادة المرأة. وللرجل سلطة مطلقة على امرأته، ومن واجبه ان يؤدبها لتخضع له كل الخضوع.
ان المسلم في استطاعته ان يتزوج غير مسلمة, فيما المسلمة لا يمكنها ان تتزوج غير المسلم, الا اذا اعتنق الاسلام.
وهناك فرق كبير بين الزواج المسيحي والزواج الاسلامي: الاول هو سر, والثاني هو عقد بين رجل وامرأة. وهذه لا تتعهد شخصيا, بل بواسطة ولي.
والمسلمون والمسيحيون لا ينظرون النظرة ذاتها الى الحياة الزوجية والعائلية, وهذا امر مسؤول عنه في الاسلام الرجل وحده, وهي تحت سلطته. وفي حال الافتراق, يكون الاولاد في حراسة الزوج. وفي الاسلام, تتولى المرأة تربية الاولاد حتى سن السابعة.
ولكن هذا المفهوم للزواج بدأ يكون موضوع جدل. ان تونس مثلا بدأت تطوير مفهوم الزواج وتحديثه, وعملت على حذف هذه الفوارق. ولكن القسم الاكبر من البلدان الاسلامية لا تزال تحافظ على الشرع الاسلامي القديم, ولا تزال طريق التغيير طويلة.
وفي هذا الاطار القانوني, ان زواج المسيحي والمسلمة قد لا يلقى النجاح المأمول. وهكذا في العالم كله, تتوالى المآسي العائلية وفق مخطط هو تقريبا عينه. ومأساة الاولاد في مثل هذه الزواجات كبيرة. وهؤلاء يتبعون والدهم المسلم, ولا حرية لهم في اختيار دين آخر, خاصة اذا اخذهم والدهم الى بلده الاصلي المسلم.
والصعوبات التي يلقاها الزوجان المختلطا الدين اذا كان احدهما مسلما والآخر مسيحيا, يمكنها ان تتعاظم عندما تكون الزوجة اوروبية تجهل ثقافة البلد الاسلامية حيث تجبر على الاقامة بدافع من المحبة او الضغط.
وفي هذه الحالة, يحكم غالبا على الزواج بالاخفاق, على الاقل بالنسبة الى الزواج المسيحي, وعلى وجه الخصوص في ما يتعلق بتربية الاولاد. وهذا ما يشرح لنا كثرة المآسي التي يشهدها رعاة النفوس بخاصة في البلدان التي يتم فيها مثل هذه الزواجات.
لذلك يجب ان يتم التشاور بين مختلف الكنائس ويطلع الرعاة على ما يجري, لتوضيح الامور قبل الشروع بعقد مثل هذه الزواجات.ولهذا ان مجلس اساقفة ايطاليا اصدر بيانا في هذا الموضوع منذ سبع سنوات حض فيه الاساقفة على معالجته بالروية والحكمة, وقد رأوا ان الموقف الذي يجب اتخاذه في هذه الحالة هو اخذ الحوار في الاعتبار, وضرورة قبول اتباع باقي الاديان واحترامهم. ومن واجب المسيحيين ايضا ان يعلنوا الانجيل للمسلمين, والقيام بالرسالة التي اوكلها اليهم السيد المسيح, واما حالات الزواج بين المسلمين والمسيحيين, يجب التوقف عند كل منها لرؤية ما اذا كانت الشروط مستوفاة لمنح التفسيح المطلوب لعقد مثل هذا الزواج.ولا بأس في ان نذكر بالحرية الدينية التي نص عليها المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني حيث يقول: "ان الكنيسة تظهر احتراما كبيرا للمسلمين الذين يعبدون الله الواحد, الحي, الابدي, الرحيم, القدير خالق السماء والارض, والذي يخاطب الناس (الكرامة الانسانية عد 4), دون ان ننسى ما بين الديانتين من فوارق كبرى تضع, من وجوه كثيرة, من الناحية اللاهوتية والقانونية, الديانة المسيحية. وبقطع النظر عن الفوارق الاساسية المتعلقة باللاهوت وعلم الانسان, ان الاسلام والمسيحية لا يتوافقان على المفهوم الديني عينه: فالمسلمون يعتبرون ان الدين والدولة هما امر واحد, فيما المسيحية لا تعتبر الكنيسة والدولة امرا واحدا. ومن هذا المفهوم يتفرع امور كثيرة دقيقة امور كثيرة دقيقة من بينها الاصولية التي تبدو في نظر الكثيرين انحرافا بالنسبة الى الاسلام الحقيقي.
ان الكنيسة تجيز الزواج بين مسلمين ومسيحيين ضمن شروط معروفة, وذلك محافظة على سلامة ايمان الجهة المسيحية, وعلى تعميد الاولاد وتربيتهم تربية مسيحية, وهناك في لبنان زواجات بين مسلمين ومسيحيين تمت وتتم ضمن الشروط المطلوبة, وذلك حفاظا على ايمان الفريقين.وان ما يحافظ على سلامة مثل هذه الزيجات روح التوافق الوطني التي تنشر ما بين المسلمين والمسيحيين, ونحن في هذه الايام احوج ما تكون اليها, لأنها تنعكس على الوطن في مجمله, وتساعد على بنائه على اسس وطيدة.واننا نأمل ان يتم التوافق على اختيار رئيس للجمهورية يعمل على شد اواصر الالفة والتعاون والمحبة بين جميع اللبنانيين على اختلاف اديانهم ومذاهبهم وانتماءاتهم, ليستعيد هذا الوطن ما كان له من وهج كاد يفقده, وكرامة يجب ان يستعيدها, وبدونها يفقد ما له من رصيد احترام كبير بين الدول
فعسى ان يشعر ابناؤه بخطورة الوضع الذي يتخبط فيه وطنهم, وان يعقدوا الخناصر على انقاذه مما يعاني منه, ويستعيد ما كان له في نظر العالم اجمع من مقام وكرامة"