القصة الأصلية لـسدوم وعمورة بقلم: عابد مبيض

مقدمة:
ومن لا يعلم بقصة سدوم وعمرة؟!. المدينتان الخاطئتان، المدينتان اللتان لم يكترث شعبهما لوصايا الله، حيث كثرت الخطيئة هناك، إلى أن أمر الرب ملاكين بحرق المدينتين وسكانها ويهلكهم بالكبريت والنار لأنه ضاق من الشر فيهما.
هذا ما ذكره العهد القديم في سفر التكوين، لكن أمن المعقول أن يستسلم الرب الإله؟
إنها قصة من وحي الخيال تحكي قصة أخرى لـ خراب سدوم وعمورة
 
القارئ:
*كان الملاك الحارس يقوم بجولته المسائية يتفقد مابين السماء والأرض، حين مرّ بقريتين صغيرتين متجاورتين تدعيا "سدوم وعمورة"
رغم أن الليل قد حل والظلام قد أرخى ستائره، إلا أن الأضواء العارمة والأصوات الصارخة كانت تملأ سماء القريتين بالأنوار والضجيج. هز الملاك رأسه متحسراً على البشر الذي ملأت الخطيئة حياتهم والشر عقولهم… وتمتم: إلى متى سيستمر صبر الله على هؤلاء؟ فالرجال خطأة سكارى والنساء زانيات فاحشات؟..
وشاءت الأقدار بعد آلاف السنين أن يمرّ الملاك ذاته بالمنطقة نفسها فرآها تتلألأ من بعيد بلون عجيب، ودخان الأرض صاعداً كدخان أتون.
حين اقترب الملاك أكثر، شهق من هول المفاجأة. كانت "سدوم وعمورة" تُـفنيان تحت وطأة النار والكبريت، البشر يصرخون ثم يسقطون ويتحولون إلى رماد…
وإذ بشيطان فاجأ الملاك من الخلف متسائلاً: أتمنى أن تكون هذه لوحة الهلاك هذي قد نالت إعجابك؟.
قال الملاك بصوت عالٍ: ماذا تغفل هنا أيها الشيطان؟.
فأجابه الشيطان: بعد أن ساد الشر وأصبح سيد عقول البشر قلقنا – نحن معشر الشياطين- أن يأتيهم من يهديهم إلى الصراط المستقيم، لاسيما عندما حاول بعض الصالحين ردع الشر ومحاربته… فأبدنا الجميع بلا استثناء عن بكرة أبيهم، لأن موتهم وهم خطأة أفضل من موتهم بعد توبتهم.
ثم رفع الشيطان مخالبه وغرسها في وجه الملاك وأكمل: سيحفر التاريخ قصة "سدوم وعمورة"على الحجر، وسيذكر أبداً أن الله أهلكهم بعد أن أحرقهم حين نفذ صبره واستشاط غيضاً منهم.
قاطعه الملاك: لن يصدق أحد هذه الأكذوبة فالرب الإله لا يؤذي أحداً لمجرد عصيانه، إنه يعلمنا المحبة فكيف ينتقم؟
إن المحبة أقوى من الخطيئة.
انفجر الشيطان ضاحكاً متابعاً طريقه تاركاً الملاك يتطلع إلى القريتين متألماً ومتأملاً في حقيقة الله وحبه اللامتناهي
وبعد آلاف آلاف السنين، في بقعة من الأرض تدعى بـ فلسطين، وبينما كان الأب يهرول بمساعدة ابنته الصغيرة، محاولان الهرب من الرصاص المميت، سقط الأب أمام عيني ابنته وقد غطى الدم وجهه وعينيه ومنعه من رؤية وجهها في آخر لحظات حياته.
جلست الفتاة مصعوقة قرب جسد والدها، وكانت تحدق في اللانهاية، بعد ذلك رفعت رأسها إلى السماء وهمست: لماذا؟ لماذا تسمح لهم بقتلنا يا الله؟ ثم صرخت بأعلى صوتها:أين أنت لماذا لا تتدخل؟ لماذا تفعل هذا بنا؟.
2006/1/12
 عن موقع القديسة تيريزا