ما هو الكتاب المقدس؟

 ما هو الكتاب المقدس؟

– ماذا يروي الكتاب المقدس؟

– هل يمكن لنا قراءة الكتاب المقدس قراءة "مستنيرة"؟

– من هم المؤلفون؟ كيف يظهرون لنا وجه الله؟

– ما الذي يهدف إليه مؤلفو الأناجيل؟

 

 

 

 

 

 

 

يعد الكتاب المقدس بمثابة مكتبة تتضمّن 39 كتابا لليهود, 73 كتابا للكاثوليك. لكن, حتى إذا كان يشمل جزئين متكاملين – العهد القديم (46 كتابا) والعهد الجديد (27 كتابا) – إلا أنه يُعتبَر كتابا واحدا.

 فيُعدّ الكتاب المقدس في المقام الأول كتابا دينيا ألّفه مؤمنون لكي يعلنوا إيمانهم.

نقرأ في هذا الكتاب "دراما" العلاقات بين الله والبشر, والمسيحيون بصفة خاصة يرون فيه قصة البشر وهو يبحث عن الله الذي يبادر لخلاصه بإرسال ابنه, كما يروي أيضا الكتاب المقدس تطورات تربية البشر البطيئة والتدريجية والله ذاته يربّيه لكي يصبح قادرا على اكتشافه وقبول خلاصه. فيعبّر الكتاب المقدس عن قيمة الإنسان الجوهرية لأن لا يقتصر على كشف وجه الله بل يكشف أيضا وجه الإنسان فالجميع يستطيع أن يكتشف في هذا الكتاب معنى حياته. وكل الشخصيات الموجودة في الكتاب المقدس تعتبر صورا نموذجية لجميع البشر مع نقاط قوتهم وضعفهم, مع دوافعهم إلى الأمام وأوقات تراجعهم إلى الوراء.   

 

 

 

 

كيف يمكننا قراءة الكتاب المقدس؟

 

إن هناك أكثر من طريقة واحدة لقراءة الكتاب المقدس, فنقدم فيما يلي أربعة:            

1 – القراءة الحرفية:  

على سبيل المثال:  أن الله خلق العالم في ستة أيام – أو: أن موسى شقّ البحر الأحمر إلى شقين بمَد يده… هذه القراءة تصطدم في كثير من الأحيان بمعارف العلوم الحديثة كما تتعارض مع دراسات العلماء المتخصصين في تحليل الكتاب المقدس (مسيحيين كانوا أم غير مسيحيين) الذين يقولون لنا ما كان معنى هذه الكلمة أو هذا التعبير منذ ألفين أو ثلاثة ألاف سنة. 

بالإضافة إلى ذلك, فمن المستحيل معرفة تفاصيل حدث مثل الخروج من مصر لأن الكتاب يعطي منها خمس أو ست روايات مختلفة… كذلك نلاحظ أن القديس لوقا يضع في إنجيله صعود المسيح في ذات يوم القيامة (لوقا:ا 24, 50) بينما يضعه في كتابه "أعمال الرسل" بعد القيامة بأربعين يوم! (أعمال الرسل: 1, 3) كما يعتبر من المستحيل أيضا معرفة ملابسات وفاة يهوذا (نقارن بين متى: 27, 3 – 5 وأعمال الرسل: 1, 18) وما كانت كلمات يسوع على الصليب (متى 27, 46 / مرقس 15: 34 / لوقا 23: 34, 43, 46 / يوحنا 19: 26, 27, 28, 30)… انطلاقا من أحداث حقيقية, أراد المؤلفون أن يعلنوا إيمانهم, فعلينا أن نتنازل عن البحث عن تفاصيل الأحداث ونركّز على المهمّ أي: البحث عن إيمان المؤلفين.

لننظر المستند رقم 2 الملحق في آخر هذا الموضوع : "اساسيات لا بدّ منها"       

2) القراءة العلمية

 …التي تأخذ بعين الاعتبار دراسات العلماء المتخصصين بالنصوص الكتابية, مع "مفاتيح القراءة" المختلفة:

×      المفردات: من الضروري معرفة معنى بعض الكلمات والتعبيرات (هذا صحيح في كل لغات الدنيا!) فتكثر في الكتاب المقدس الصور والرموز. على سبيل المثال: العمود من السحاب أم من النار"وكانَ الرّبُّ يسيرُ أمامَهُم نهارًا في عَمودٍ مِنْ سَحابٍ ليَهديَهُم في الطَّريقِ، وليلاً في عَمودٍ مِنْ نارٍ ليُضيءَ لهُم." (الخروج 13: 21) , – الصخرة: "الرب صخرتي" (المزمور 18: 3), – اليد: " نزَلَت عليَ هُناكَ يَدُ السَّيِّدِ الرّب" (حزقيال: 8, 1) , – الظلام والنور: "فصل الله بين النور والظلام" (التكوين 1, 3), هكذا "البحر", "الجبل", "الثوب الأبيض" , الأرقام: 3, 6, 7, 12, 40… الخ…

×                    الأسلوب الأدبي: أسطورة, صلاة, مَثَل, تشريع, رؤية, تاريخ…

×                    المحيط الأدبي: ما الذي يسبق النص وما الذي يعقبه؟

×                    الإطار التاريخي: بالنسبة للعصر المذكور, أم العصر الذي كُتب فيه النص: العادات, التقاليد…

×                    التفاصيل في وصف الأشخاص, الأماكن, الأزمنة…

×                    التحولات والانتقالات: ماذا يتسبب فيها؟ ما هي العقبات التي تمّ تجاوزها؟

 

إذا كانت تلك الدراسة ضرورية للاقتراب بالمعنى الدقيق لأي نص من الكتاب المقدس إلا إنه لا يمكن أن نكتفي بهذه الدراسة العلمية كما يحدث في المدارس والجامعات مع أي نص أدبي آخر: وإن كانت هذه الطريقة تُرضي المنطق, إلاّ أنّها لا تُرضي الروح لأنها تسعى لجعل من الكتاب المقدس مجرد "بقايا الماضي" أو "متحفا للآثار"!.

 

3)  القراءة "الإيمانية"

مؤلفو الكتاب المقدس هم مؤمنون ومربّون

 مؤمنون:

 

E كان مؤلفو الكتاب المقدس يصلون ويتأملون مع جماعات المؤمنين وكان الله يلهمهم أي يساعدهم في فهم الأحداث لكي يدركوا أّنّه حاضرا في هذه الأحداث وهو الذي يدبّرها.

الشمس

القمر

الأرض

على سبيل المثال:  يبدو هذا واضحا عند خروج شعب إسرائيل من مصر في حوالي 1250 سنة قبل الميلاد: موسى نجح في إخراج العبرانيين برغم قوة فرعون وعظمة جيشه, بينما كان شعب إسرائيل ضعيفا, مسكينا, متشتتا وخاضعا للعبودية. كان موسى مؤمنا وفهّمه الله أنه يرفض آلام العبرانيين ويريد أن يحرّرهم, فقال لموسى: «نَظَرْتُ إلى مُعاناةِ شعبي الذينَ في مِصْرَ، وسَمِعْتُ صُراخهُم أُرسِلُكَ لِتُخرِج شعبي مِنْ مِصْرَأنا أكونُ معَكَ" (خروج 3, 1 – 15). فأعلن موسى أن الله هو الذي يريد أن يحرر شعبه من مصر وهو الذي يدبّر كل شيء. ولكن الله اختار موسى ليمثله أمام الشعب.

 

E كما أن ليس القمر هو الذي يضيء الدنيا بالليل بل يعكس إشاعة الشمس, فكذلك محبة موسى عكست محبة الله لشعبه.

       الله وحده يُنير وموسى يعكس هذا النور.

              الله وحده هو منبع الماء وموسى هو الذي يضرب الصخرة ليسقي الناس.

       الله وحده قدّوس ووجه موسى يعكس قداسته.

  

E  كذلك عندما نقرأ الكتاب المقدس، يبدو لنا أن الله كان ظاهرا مثل الشمس ولكن المؤلفين المؤمنين هم الذين "يُظهرون" الله في نصوصهم. كأنهم يقولوا لنا: "لا نستطيع رؤية الله بعيوننا ولكن نؤمن أنه كان حاضرا مع موسى, مع إشعيا, مع إرميا, مع يوحنا المعمدان, مع يسوع, مع الرسل, الخ… فنراه بعيون اﻹيمان. الله حاضر في التاريخ ولكن حضوره متواضع لدرجة أن لا يراه أحد إلاّ المؤمن. فلذلك نشير إلى هذا الحضور – إمّا بطريقة واضحة: "ظهر الرب (أو ملاك الرب)" – أو عن طريق صورة مثل "عمود السحاب", "الجبل", "النار" ("لهيب نار من وسط العلّيقة"), "الريح", "الرعد", الخ…

 

4) القراءة "التربوية"

(مؤلفو الكتاب المقدس هم مؤمنون ومربّون)

 مربّون:  

يستخدمون أساليب لغة عصرهم لكي يفهم الشعب رسالتهم اﻹيمانية. ليس قصدهم رواية الأحداث بالتفاصيل: ليست روايتهم تقريرا صحفيا ولا علميا, بل يسعون لشرح المعنى اللاهوتي لهذه الأحداث.

فعندما نقرأ الكتاب المقدس, علينا أن نتجنب البحث عن المعنى التاريخي والتركيز على التفاصيل لنبحث عن هذا المعنى اللاهوتي (ماذا يكشف لنا النص عن الله؟) كما يظهر في الجدول التالي:

 

 الحدث التاريخي           النص الكتابي            المعنى اللاهوتي             الرسالة لعصرنا

 

على سبيل المثال, لا نعرف تفاصيل خروج شعب إسرائيل من مصر (الخروج 14) أو تفاصيل "تهدئة العاصفة" (مرقس 4) ولكن لدينا النصوص التي تعرض ما الذي "شاهدوا" و"قرءوا" الشهود فتعكس تلك النصوص إيمانهم. ونحن كمعلمين نعرف تماما أن أفضل طريقة للشرح للأطفال هي القصة وأنهم يفهمون أحيانا أمثال اﻹنجيل أحسن منا!

الختام

ليسو مؤلفو الكتاب المقدس "مصورين ("فوتجرافيا") بل فنّانين (رسّامين). إذا طلبنا من بعض الفنانين أن يرسموا منظرا طبيعيا واحدا, فسنحصل على لوحات مختلفة جدا لأن كل فنان سيعبّر عن رؤيته وشعوره الخاصة وذلك بأسلوبه الشخصي. هكذا لأحداث الكتاب المقدس: مثلا, هناك روايتان مختلفتان للخلق في كتاب التكوين, وست روايات مختلقة لحدث "الخروج", وأربع روايات مختلفة لحدث "يسوع يطعم خمسة آلاف راجل", الخ…كما لدينا خمسة أناجيل!

ينبغي ألا نستغرب من هذه الاختلافات بل نحترمها:

 فكل نص, بأسلوبه الخاص, يكشف لنا جزءا من الحقيقة عن الله والإنسان! 

وعلينا أن نكون على يقين من فائدة البحث عن هذه الحقيقة وذلك بدافع إيماننا بأن الله يرسل لنا, عن طريق النصوص الكتابية, رسائل خاصة لحياتنا في هذا العصر.

 

 

باختصار

 كُتب العهد القديم على ضوء "الخروج" الذي يعتبَر الحدث الأساسي. فيظهر الله بصفتيه الخالق والمخلّص. العهد القديم يحكي قصة حياة إبراهيم وموسى وداود والأنبياء و… ولكن يجوز القول بأن يعرض في المقام الأول إيمان الناس الذين كتبوا هذه القصص. لم يهدف المؤلفون إلى أن يقرّوا بدقة ما حدث أو ما قيل, بل يسعون إلى تغذية إيمان القراء من خلال شهادة إيمانهم الشخصي.

لا نندهش إذن إذا وجدنا في العهد القديم صور غير كاملة عن الله: يتحدث المؤلفون عن الله الغيور الذي يعاقب الإنسان ولكن أيضا عن الله الرحيم لا حدود لرحمته.

الله يظهر أيضا كالمربي الذي يتفهّم بطء شعبه في إدراك خطته, فتتّضح صورته تدريجيا مع الأنبياء, ولكن يسوع المسيح هو الذي سيكشف وجه الله الحقيقي.

 كُتب العهد الجديد على ضوء قيامة المسيح

1)    كُتبت الأناجيل على ضوء القيامة فيشهد مؤلفوها بطريقة أو بأخرى بالمسيح القائم من بين الأموات.

2)      كُتبت الأناجيل لتثبت أن يسوع جاء ليكمل العهد القديم فكل صفحة من الأناجيل تذكر بطريفة مباشرة أو ضمنية العهد القديم عن طريق كلمات وتعبيرات ورموز ومواضيع مأخوذة من العهد القديم.

3)     كُتبت الأناجيل لأنّ التلاميذ اعترفوا بأن يسوع الناصري هو المسيح ابن الله, فهذه الأناجيل تهدف إلى رواية أهم أحداث حياة يسوع والتعبير عن دوافعه الإلهية.

4)    كُتبت الأناجيل لأجل الجماعات المسيحية الأولى فالمؤلفون سعوا إلى تغذية وتقوية إيمان هذه الجماعات في إطار ظروفها الخاصة (متى للعبرانيين, مرقس للوثنيين, لوقا لليونانيين والمثقفين, يوحنا في أواخر القرن الأول…)

× إذن:  تذكر الأناجيل في آن واحد: – القيامة, – العهد القديم, – حياة يسوع, – وإيمان الجماعات المسيحية الأولى.

× فعندما نقرأ الكتاب المقدس, علينا أن نبحث عن إيمان المؤلفين وما يقولون لنا عن الله وعن مصير الإنسان.  

 

مستندات… مستندات… مستندات… مستندات… مستندات… مستندات… مستندات…

مستند رقم 1

أساسيات لابد منها: (بقلم الأب يوأنس لحظي جيد)

 

1.   إن مفهوم "الإنزال" ليس مفهوماً مسيحياً، لأن الإنزال يعني أن النص قد سُجّل بطريقة حرفيّة آليّة ليس لإنسان أي دورٍ فيها، أي أن الله يملي النبي والنبي ينقل حرفياً ما قد سمعه من الله. وكلنا في المسيحية نؤمن بالوحي والإلهام (يتفق حولهما جميع المسيحيين باختلاف طوائفهم) الَّذي يعني أن المؤلف كان لديه أفكار عن الحقائق الَّتي أراد أن يكتبها، هذه الأفكار جاءت نتيجة لعلاقته الصميمة والعميقة بالله، ونتيجة لتأملاته وتساؤلاته، فكتبها بأسلوبه الخاص وبتفكيره الشخصي، وبلغته الأدبية (ولذلك نستطيع أن نتعرّف على كثير من صفات الكتّاب القديسين من خلال كتاباتهم، وكذلك ظروف حياتهم، وصعوبات زمانهم، وملامح بيئتهم…). وهنا تجدر الإشارة بأن ما يفرق عملهم عن أي عمل أخر هو أن في داخل عملهم وتعبيراتهم البشرية هناك مضمون الهي وفكر الهي، فكر يضمن صحة ما كُتب ويوحد الكتاب المقدس الَّذي كُتب عبر سنوات وسنوات طوال. أي أن الكتاب المقدس هو كلام الله بلغة وثقافة وفكر البشر(فنحن إلى الآن نقول أشرقت الشمس، مع أن العلم أكد أن الشمس هي الثابتة والأرض هي المتحركة)، وفي ذلك تكمن عظمة الإعلان الإلهي الَّذي يحترم البشر فلا يُفرض عليهم فرضاً وإنمّا يقودهم نحو الحقيقة.

 

2.   الكتاب المقدس هو كتاب دين، أي أن الهدف منه ليس هدفاً علمياً ولا فلسفياً ولا تاريخياً. لذلك فهو لا يحاول أن يشبع فضولنا في شرح الحقائق العلمية وفي كشف الأسرار المخفية. والمقصود بأنه كتاب دين هو أنه كُتب لكي يحدّثنا عن العلاقة بين الإنسان والله، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وبين الإنسان والكون…، وعن مصير الإنسان النهائي، فهدفه هو "لماذا" خُلقت الأشياء والإنسان والكون. أمّا العِلم فهو يبحث عن "كيف" خُلقت وكيف تكوّنت الأشياء والإنسان والكون، ومن ثَمَّ فلكل منهما مجاله الخاص فالعلم لا يستطيع أن يدعي وجود أو عدم وجود الله، لأن الله خارج مجاله، وكذلك الدين لا يستطيع أن يدعي بأننا لسنا في حاجة إلى العلم، لأن الإنسان في حاجة دائمة إلى معرفة: لماذا؟ وكيف؟، وإلا أضحت معرفته عرجاء ناقصة.

 

3.   إن التفسير الحرفي للكتاب المقدس يتنافى مع روح الكتاب المقدس، ويحرمنا من الفهم ذاته يقول: "الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدّام عهد جديد لا الحرف بل الروح،العميق له، والكتاب لان الحرف يقتل ولكن الروح يحيي"(2كو 3 : 6). ولم يكن المسيح قاسياً ومُعَنْفاً بقدر ما كان مع الكتبة والفريسين الذين فسروا الكتاب تفسيراً حرفياً، فبدلاً من أن يعلنوا الرحمة والحق أعلنوا العقاب والدينونة…

مستند رقم 2

"Dei Verbum" الدستور العقائدي "في الوحي الإلهي"    

الفصل الثالث: في الإلهام الإلهي للكتاب المقدّس وتفسيره.

"ﺇن الحقائق الإلهية التي تتضمّنها الكتاب المقدّس قد سُطّرت بالهام الروح القدس.

…تلك الأسفار التي كُتبت بالهام الروح القدس, هو الله ألّفها وسُلّمت كما هي عليه لى الكنيسة نفسها.

نما اختار الله لصياغة هذه الكتب المقدّسة أناساً في كمال إمكانياتهم وقوّاهم, واستخدمهم بدفع منه فيهم وبوساطتهم, لكي يُدوّنوا كمؤلّفين حقيقيين, كل ما يُريدُهُ وما يُريدُُهُ فقط.

…/… ولما كان الله يتكلّم في الكتاب المقدّس بواسطة البشر وعلى طريقتهم, وجب على شارح هذا الكتاب, ليتفهّم ما أراد أن يُوصّله الله لينا, أن ينتبه في تنقيبه لى ما كان في نيّة الكُتّاب القديسين أن يُعبّروا عنه حقّاً ولى ما راق الله أن يُظهرُه بكلامهم.

ولتوضيح نيّة الكُتّاب القديسين يجب من بين ما يجب اعتباره,  اعتبار الفنون الأدبية أيضاً. فالحقيقة تُعرض وتُفسّر بصور مختلفة,

       في نصوص تاريخية متنوّعة,    أو نصوص نبوية    أو شعرية     أو غيرها من أنواع التعبير.

فمن الواجب ذاً على الشارح أن يُفتّش عن المعنى الذي كان في نيّة الكاتب المقدّس أن يُعبّر عنه حقّاً

       في الظروف المعيّنة التي عاش فيها,

          وفقاً لأوضاع عصره

          وثقافته

          بواسطة الفنون الأدبية المتداولة في ذلك الزمن. "       

مستند رقم 3

كيف نقرأ الكتاب المقدس لتأتي هذه القراءة بالثمر في حياتنا اليومية؟

ª              من الضروري أولا أن نأخذ الوقت الكافي لكي نتأمل النص الكتابي ونتذوّقه.

ª              ثم نطرح لأنفسنا بعض الأسئلة, مثل الأسئلة التالية:

             بماذا يخصّنا هذا النص؟

             ما هي الأفق الجديدة التي يفتحها أمامنا

             ما هي القيم الإنسانية (والروحية) التي يمكننا استخراجها منه؟

             أية صور يقدمها لنا النص عن الله وعن الإنسان؟     

             إلى أي مدى نشارك المؤلف في رؤيته اﻹيمانية؟

             بماذا يُعتَبَر هذا النص "بشرى سارة" لنا اليوم؟



 

 

 صورة الله الحقيقية في منظور العهدين: القديم والجديد

– هل هناك تناقض بين الله في العهد القديم والله في العهد الجديد؟

– كيف يكمل يسوع صورة آبيه الحقيقية؟

– هل ندرب تلاميذنا على اكتشاف صورة الله الحقيقية والاهتداء بها؟   

 

 

 

 

 

 

1) الله "غضبان"!

 

نجد  كثيرا في العهد القديم التعبير عن "غضب الله" أو "ثأر الله"…

لنأخذ على سبيل المثال في كتاب المزامير:

 

عندما "يغضب" الله على بني إسرائيل "كنار مشتعلة"!  E

         "فسَمِعَ الرّبُّ واَغتاظَ جدُا، وثارَ غضَبُهُ على بَني إِسرائيلَ، على بَني يَعقوبَ، كنارٍ مُشتَعِلَة"  (المزمور 78: 21)

 

فالله ذاته يتكلم ويتعهّد:  E

         – "حتى أقسَمْتُ في غضَبي أن لَن يَدخلوا دياري" (المزمور 95: 11)

 

إذًا يخاف بنو إسرائيل ويسألون:  E

         "نحنُ نَفنى بِغضَبِكَ ونرتَعِبُ بِحدَّةٍ غَيظِكَ" (المزمور 90: 7)

         – "إلى متى يا ربُّ؟ أتَغضَبُ على الدَّوامِ وتَتَّقِدُ كالنَّارِ غَيرَتُكَ؟" (المزمور 79: 5)

         "أتَغضَبُ إلى الأَبدِ علَينا؟ أتُطيلُ غضَبَكَ إلى جيلٍ فجيلٍ؟" (المزمور 85: 6)

 

  Eلا نستغرب بعد ذلك أن يطلب بني إسرائيل من الله أن يهلك أعدائهم دون أي شفقة!

         "أفنِهِم بغَيظٍ، أفنِهِم فلا يكونوا، لِيعرفوا إلى أقاصي الأرضِ، أنَّ اللهَ سيِّدٌ في بَيتِ يَعقوبَ" (المزمور 59: 14)

         "أبِدْ (إبادة) أعدائي بِرحمتِكَ، وأهلِكِ الذينَ يُضايِقونَني" (المزمور 143: 12)

         "الرّبُّ بِغضَبِهِ يبتَلِعُهُم، والنَّارُ تأكُلُهُم أكْلاً" (المزمور 21: 10)

 

  Eويشكرون الله عندما يُهلك الأعداء!

– "أفرَحُ وأبتَهِج بِكَ، وأُرَتِّلُ لاَسمِكَ أيُّها العليُّ. عِندما ينهزِمُ أعدائيإِنتَهَرْتَ الأمَمَ وأهلَكْتَ الأشرارَ…  خرابُ الأعداءِ تَمَ إلى الأبدِ، واَنهارتْ مُدُنُهُم وطَواهُمُ النِّسيان"(المزمور 9: 3 – 7)

 

2) سؤال:

نحن مضطرين إلى الاعتراف بأن هذه الرؤية بعيدة جدا عن تعاليم يسوع: "أحِبّوا أَعداءَكُم، وصَلّوا لأجلِ الَّذينَ يضْطَهِدونكُم… فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ" (متى 5: 44 – 45)

إذا كان الكتاب المقدس "كلمة الله" بأجمعه فما هي صورة الله الحقيقية؟

21 – علينا أن نعلن أولا دون تردد أن العهدين – القديم الجديد – يكلما عن نفس الإله.

22 – لا ننسى أن نجد أيضا في العهد القديم صفحات تثير الإعجاب عن الله الصالح والحنون والرحيم! "الرّبُّ حنونٌ رحيمٌ، بطيءٌ عنِ الغضَبِ وعظيمُ الرَّحمة.  الرّبُّ صالِحٌ للجميعِ، ومَرِاحمُهُ على كُلِّ ما خلَقَ. (المزمور 145: 8 – 9)

23 – عندما يتكلم الكتاب المقدس عن "غضب الله", لا يعني هذا أن الله ينفعل (سيّء المزاج)! نلاحظ أن الكتّاب المقدسين يستخدمون هذا التعبير كلّما يظهر خطر يهدد خطة الله لخلاص البشر وسعادته. فيشيرون إلى أن الله لا يتحمل رؤية آلام الإنسان فيلفت انتباهنا إلى هذه الأخطار والتحديات.

24 – عندما نؤكّد أن الكتاب المقدس "يكشف الحقيقة عن الله" نقصد الكتاب المقدس بأجمعه وليس أية آية أو أي قصة على الانفراد. في فهم ذلك, يمكن أن تساعدنا المقارنة بمباراة رياضية: يحصل مرارًا أن فريق كان مهزوما (0 – 1) في نصف المباراة يصير منتصرا (2 – 1) أو (3 – 1) في آخر المباراة! فيجب انتظار الصفارة الأخيرة للتأكد من "حقيقة" النتيجة!

25 – إذًا يجب أن نأخذ الكتاب المقدس بأجمعه لمعرفة صورة الله الحقيقية, مع العهد الجديد الذي يكشف لنا رسالة يسوع المسيح, ابن الله الوحيد, الذي قال: "مَنْ رآني رأى الآبَ", "أنا والآبُ واحِدٌ", ومتى جاءَ المُعَزِّي (الروح القدس)الذي أُرسِلُهُ إلَيكُم مِنَ الآبِ… يَرشَدَكُم إلى الحَقِّ كُلِّهِ". (إنجيل يوحنا)

26 – يسوع هو الذي يكشف حقيقة الله الكاملة. فيمكن لنا القول بأنه قد أُغلق باب الوحي نهائيا في نهاية العهد الجديد. حتى إذا لا يزال الله يكلم الناس في عصرنا فيتمّ ذلك من خلال كلمة يسوع المسيح الذي وحده يقول الحق.

27 – لا يلغى يسوع شهادة كتّاب العهد القديم بل يُكملها (أي يقودها إلى الكمال) كما يقوله مرارًا:  "لا تَظُنّوا أنّي جِئتُ لأُبطِلَ الشَّريعَةَ وتَعاليمَ الأنبياءِ: ما جِئتُ لأُبطِلَ، بل لأُكمَّلَ (متى 5: 17) – "سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ لآبائِكُم…  أمّا أنا فأقولُ لكُم".

       قد ألهم الروح القدس هؤلاء الكتّاب وكشف لهم صورة الله الحقيقية, ولكن لا يفهموا كلمة الله إلاّ بصورة ناقصة, جزئية, وغير كاملة, بعقلية عصرهم. من الطبيعي أن يروا في هذه المحنة أو هذا المرض عقابا من الله. لا يفهموا إلاّ تدريجيا أن الله لا يعاقب الإنسان بل الإنسان هو الذي يعاقب نفسه عندما يبتعد من الله.

 

3) ملحوظات تربوية:

31 – من المهم جدا أن نفهّم تلاميذنا أن الكتاب المقدس لم ينزل من السماء, بل تكوّن تدريجيا من خلال تاريخ البشر, فيعكس هذا التاريخ بعظماته ومأساته.

بل يعتبر هذا التكوين التدريجي عنصرا أساسيا من رسالة الله: إن الله يحترم حرية الانسان ويكشف نفسه من بواسطتها. هكذا يحدث في حياتنا الشخصية: فنكتشف وجود الله ومحبته لنا في تاريخنا الشخصي أكثر من خلال الظاهرات غير العادية والمعجزات.

32 – لنشرح هذه الظاهرة, يمكننا ذكر خبرتنا التربوية وخبرة تلاميذنا: فنعلّمهم مفاهيم متعددة في كل المواد التعليمية… فلا يفهموها على الفور! بل يستوعبونها تدريجيا, كل واحد بإيقاعه الخاص وحسب إمكانياته الذهنية. ونحن أيضا: كم مرة قرأنا أو سمعنا هذا النص من الكتاب المقدس قبل أن نفهم معناه فيصبح غذاءً لإيماننا!

33 – علينا أن نعوّد التلاميذ على قراءة العهد القديم على ضوء تعاليم يسوع المسيح. فنصوص العهد القديم تقدم الوحي المسيحي بصورة غير كاملة وصورة الله الحقيقية تظهر من خلالها تدريجيا, تمهيدا لمجيء المسيح. إذا فجئنا نص معين من العهد القديم, فعلينا أن نضعه في سيرة الكتاب المقدس كلية ونبحث عن نصوص أخرى, خاصة في العهد الجديد, تعطيها المعنى اللاهوتي والحيوي الكامل, بالإضافة إلى البحث عن معنى بعض التعبيرات في محيطها التاريخي. ولا ننسى أيضا أن الكنيسة هي التي حصلت على الوعد بحلول الروح القدس لمواصلة رسالة المسيح التعليمية وشرح الكتب.

34 – تبدو في الكتاب المقدس بعض الاستعدادات والتصرفات يجوز القول بأنها "من قبل المسيحية". وعلينا الاعتراف بأنه ما زالت توجد في أنفسنا أيضا بعض الميول والتصرفات "من قبل المسيحية" أي لم يغيّرها بعد الإيمان بالمسيح: مثلا عندما نتمنى أن يتدخل الله بقوته ليعاقب الطغاة الذين يظلمون شعوبهم باستخدام القوة التعسفية أو عندما نخضع بغرائزنا وميولنا للعنف؟ من المهم أن يدرك التلاميذ أنه ما زالت توجد في مجتمعاتنا وتقاليدنا وفي أنفسنا ميول "من قبل المسيحية" تحتاج إلى التبشير والاهتداء بالمسيح. وقراءة الكتاب المقدس تساعدنا على ذلك.    

 

الإنجيل: الطريق إلى الإنسان الكامل!

"إلى أنْ نَصِلَ كُلُّنا إلى وحدةِ الإيمانِ ومَعرِفَةِ اَبنِ الله، إلى الإنسانِ الكامِلِ، إلى مِلءِ قامَةِ المَسيحِ" (أفسس 4: 13)

– ما هي أهم جوانب شخصية يسوع كما تظهر في الأناجيل؟

– كيف يؤثر اكتشاف شخصية يسوع على أسلوبنا التربوي؟  

 المقدمة

 

×  الإله الذي يقدمه لنا الكتاب المقدس من خلال يسوع المسيح هو إله يثق بالإنسان, يرى في كل إنسان الناحية الإيجابية ولا يؤخذ أي إنسان على خطاياه. لا يحكم عليه بل ينقذه! وكل إنسان يظل مهما كانت خطاباه تحت نظرته الرءوفة. وحتى إذا كانت محبة الله شديدة الإلزام, فلا يسحق الإنسان قطا.

×  الإنسان المسيحي يرى في المسيح "الطريق والحق والحياة". يتمنى أن يكتسب ما في حياة المسيح من قوة حيوية, مقاومة في الشدائد, التزام لتجاوز الضعف, تقوية في التجارب. يسوع هو الذي يحي, يدفع إلى الأمام, ويطلب من كل إنسان أن يعطي الأفضل من ما في ذاته.

×  عندما نقابل (الإله الذي يكشفه يسوع المسيح) نجد شخصا مليئا بالرحمة والحنان وهو يريد أن ننمو فيدفعنا إلى اﻹنسانية الكاملة, يريد أن تتميز علاقاتنا معه بالعطش إلى السعادة والرغبة في إعطاء للحياة طعما ومعنى..

×  كل إنسان له الحق في التعرف على بشارة المسيح كما كل إنسان يظل حرا في أن يقبلها أم يرفضها. ولكن لا يمكن لشخص ما أن يلقي اللوم علينا يوم من الأيام على أننا لم نعطيه الفرصة للتعرف على يسوع المسيح. ليس التبشير بالمسيح ضغطا ولا خجلا. هو معروض للحرية, ليس إجباري.

 

 1 – قراءة الأناجيل: اكتشاف المخلّص واكتشاف طريق الحياة.

 

للبحث (على الانفراد أو بالمجموعات):

لنبحث بعض مميزات شخصية يسوع المسيح:

 

لوقا 6: 12 / لوقا 8: 22 / متى 13: 1 – 9 / مرقس 14: 3 / يوحنا 2: 3 / متى 15: 16 / مرقس 10: 14 /

 يوحنا 13: 4 – 15 / لوقا 13: 15 / مرقس 12: 42 – 44 / لوقا 10: 25… / مرقس 2: 27

 

للمشاركة

 

×      في ما يلي بعض جوانب شخصية يسوع (كما تظهر في الأناجيل).

×      لا يكتفي بالعمل فقط بل هو في صلة مستمرة مع أبيه (أهمية الصلاة) ولديه مرافقون: أناس ونساء…

×      ينتقل إلى أماكن مختلفة : السامرة, اليهودية, الجليل, إلى وراء النهر والحدود…

×   يتعامل مع الفقير والغني, البالغين والأطفال, الشعب والنساء, اليهود والوثنيين, الأصدقاء والمعارضين… (مثل الزارع – متى 13, 1 – 9)  

×  هو قريب المنبوذين والمحرومين من الحنان (المرضى, الخطاة, الأطفال) : برتيماوس, زكّا,  المرأة الزانية المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي

×  يقبل أن يغيّر رأيه وأن يتساءل مثلا مع التلاميذ في عمق البحر (متى 6, 45) أو مع المرأة الكنعانية (متى 15, 21). يقول أن الأمراض والكوارث ليست عقابا من الله ولا تنجم تلقائيا عن الخطيئة (يوحنا 9, 12 / لوقا 13, 1-5).

×  يجعل الناس قادرين على تحمل المسئولية: ("قال: "نادوه" فنادوا الأعمى" – مرقس 10, 49) ("أعطوهم أنتم ما يأكلون" – متى 14, 16), يحب الأطفال ويعلّي مقامهم (متى 10, 13)    

×      يميز بين الشريعة واللوائح ويتجرأ على انتقاد القادة الدينيين بخصوص الهيكل, السبت, الخطاة…

×  وهو جدير بالثقة لأن أعماله تتمشى مع أقواله (يرد على الشر بالخير: مع يهوذا وبطرس) , يغفر لأعدائه على الصليب, يجعل نفسه خادما ويطلب أن نعمل مثله (يوحنا 13, 4 6 15) 

×  هو يتقرب من الناس المجروحين من الحياة ( أو : الذين جرحتهم الحياة) , الذين يشكّون مثل تلميذي عمواس (لوقا 24), وفي عز الزحمة أو برغم الزحمة هو ينظر إلى المحتاجين للخلاص ويسمعهم (لوقا 13, 12 و 19, 5)

×  يلاحظ الإيجابيات الموجودة في كل إنسان ولا يحكم حسب الظواهر (تبرع الأرملة : "هذه الأرملة الفقيرة ألقت أكثر ممّا ألقاه الآخرون كلهم" – لوقا 21, 3)

×  يربي القادة الدينيين لكي يفهموا أكثر الشريعة ومشيئة الله (لوقا 10, 25 – عالم الشريعة ومثل السامري الصالح)

×      يضع الشخص قبل الشريعة واللوائح: "الله جعل السبت للإنسان وما جعل اﻹنسان للسبت"  (مرقس 2, 27)

 

×  كلمات يسوع  هي أيضاﹰ كلمات قوية تتطلب الكثير إلا أنها حيوية ومليئة بالحنان والرحمة. يسوع يدعو إلى الشراكة, الغفران, حب الأعداء, وأن نتعامل مع الآخرين كما نتمنى أن يتعاملوا معنا. فعلى سبيل المثال أن التطويبات (متى 5, 3 – 12) تُشير إلى طرق تعارض (أو: تتعارض مع) كثير من العادات وليس من السهل أن يسلكها الفرد. ولكن كل الذين سلكوا الطريق الذي أشار إليه يسوع أحدثوا تغيرا في الأرض, قاوموا الشرّ وجعلوا الناس أكثر سعادة, فتمكنوا من التأكد بان كلمات يسوع هي منبع السعادة, مثل بطرس الرسول الذي استطاع أن يقول: "إلى مَن نذهبﹸ, يا سيد, وكلام الحياة الأبدية عندَكَ؟" (يوحنا 6, 68) – "ما من اسم آخر تحت السماء…نَقدرﹸ به أن نَخلُصَ" (أعمال 4, 12).

 

2 – كيف ينظر المربي الذي يجعل المسيح ينير حياته إلى النشء؟

×     ينظر إليه بأسلوب إنساني, يأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة, أسلوب صريح وواقعي, ولكن حيوي, ومليء بالجرأة والإبداع كما ينبغي للمربي.

×     ينظر إليه بأسلوب شخصي, يهتم بوحدانية كل طفل وكل شاب.

×     ينظر إليه بحنان, ومنتهى التقارب والتفاهم.  

×     ينظر إليه بأسلوب روحي يسعى إلى تطور الشخص الشامل من خلال تربيته الإنسانية والدينية

×     ينظر إليه بمجانية ونزاهة كما يقوده التفاؤل, الالتزام, الطموح والعزيمة.

×     يسعى لإيقاظ لديه احترام الأشخاص (التسامح, الأدب), والأشياء (الرغبة إلى العمل المتقن والنظافة), اﻹحساس بالجمال, روح النقد البنّّاء, حب الحياة الروحية والإحساس بالعدالة والحرية…

×     أخيرا ينظر إلى النشء بروح المسئولية فيعطيه اﻹحساس بالمسئولية لكي يولد تدريجيا إلى الحرية والاعتماد على الذات.

×  هذا الأسلوب يخلق علاقة تربوية ودّية وأخويّة قادرة على مسّ القلب (على أن "تخاطب" القلب وليس فقط الذهن) فيستطيع الطفل / الشاب اكتشاف الشخصية التي يتمنى أن يصبحها واكتشاف صورة الله أيضا. فالعلاقة بين المربي والنشء تصبح بذلك الأسلوب علاقة تربوية تبشّر باﻹنجيل.

× ينظر المربّي نوعا ما إلى الطفل أو الشاب كما ينظر الله إليه: يعزّه, يقدّره بجدّية مع نقاط ضعفه, ويثق فيه مهما يحدث, وإذا أخطأ, يعرف كيف يغفر له ويصالحه. يحاول أن يقبل التلميذ بمحبة, مقدرا إمكانياته المحدودة ونقاط ضعفه وأخطائه. المحبة تعرف كيف تطلب المزيد من الجهد وتشدّد دون أن تسحق الشخص. ولكن المحبة الحقيقية تعرف أيضا كيف تُثير الاهتمام والحماس والإبداع. وفعلا نثق بالنشء عندما نُتيح له الفرصة لتحمّل المسئوليات وندرّبه على تولّي شئونه بنفسه.

 

"الغريب" في الكتاب المقدس

– ما وضع "الأجانب" قي عصر المسيح؟

– لماذا توصي شريعة موسى باحترام الأجانب؟

– كيف يتعامل يسوع معهم؟ … ومع السامريين؟

 

 

 

 في العهد القديم

"أحِبُّوا الغريبَ"… "فأنتُم تعرِفونَ حقيقةَ ما يشعُرُ بِه الغريبُ" (التثنية 10, 18 / الخروج 23, 9)

×      يتميز شعب إسرائيل بين جميع الشعوب: فاختاره الله (التثنية 7, 7 / إشعيا 41, 8) ودعاه دعوة خاصة:" اسمع لي يا يَعقوبُ، يا إِسرائيلُ الذي دَعَوتُهُ" (إشعيا 48, 12). فاختره الله ليس على أساس فضائله ومقدرته بل بدافع المحبة الخالصة (التثنية 7, 8 / 8, 17 / 9, 4 / هوشع 11, 1) وأقام الله عهده معه (الخروج 19, 5) ولكن إسرائيل نسي في بعض الأحيان أن الله كلفه أيضا بمهمة الشهادة بمحبته اللا محدودة أمام الشعوب الأخرى "أمَا أعلَمتُكُم مِنْ قديمِ وأخبَرتُكُم؟ أنتُم شُهودي (إشعيا 44, 8) لأن "إله إبراهيم وإسحق ويعقوب" يحب أيضا جميع البشر وليس هنالك "غريبا" أو "أجنبيا" في نظره: "تعالَوا إليَ تَخلُصوا يا جميعَ شُعوبِ الأرضِ!" (إشعيا 45, 22 / التكوين 12, 3 / التثنية 7, 14 / ارميا 4, 2…).

     ×لكلمة "غريب – غرباء" (أو "أجنبي" أو "دخيل") أكثر من معنى واحد في الكتاب المقدس:

– 1) يعد غير اليهودي – المنتمي لأمم أخرى – إنسانًا وثنيًا لا يجوز التعامل معه كما نجد مثلاً في أعمال الرسل في خطاب القديس بطرس: "تَعرِفونَ أنَّ اليَهودِيَ لا يَحِلُّ لَه أنْ يُخالِطَ أجنَبِيا" (أعمال 10, 28) ليس لديه حق المواطنة في إسرائيل (أفسس 2, 12 / 4, 18) ويُنظَر إليه أحيانًا كعدو (كولوسي 1, 21).

– 2) لا يتمتع الضيف الغريب – عابر السبيل – بأي حق إلاّ الحماية وحُسن الاستقبال في إطار ممارسة واجب الضيافة.

– 3) أمّا الأجنبي المقيم – المهاجر المستوطن – فيتمتع بوضع قانوني مماثل لوضع أفراد الشعب الأصليين (الخروج 22, 20 / العدد 35, 15) لأنّ يجب على إسرائيل أن يتذكر دائمًا أنّه كان غريبًا في مصر وأن الله نفسه يرعى الغريب: "الإلهُ العظيمُ الجبَّارُ الرَّهيبُ يُحبُّ الغريبَ ويُرزِقُهُ طَعامًا وكِسوةً. فأحِبُّوا الغريبَ لأنَّكم كُنتُم غُرباءَ في أرضِ مِصْرَ." (التثنية 10, 17 – 19)

ولكن بعد السبي في بابل (588 – 537 قبل المسيح) يظهر ميل إلى الانفصال ويجب على الغريب المقيم في أرض إسرائيل أن يعتنق اليهودية أو أن يُنبَذ من المجتمع (نحميا 10, 31 / عزرا 9 – 10).

×      كان هناك عددا كبيرا من القوانين لصالح الأجانب وحتى الأعداء. "لا تَظلِمِ الغريبَ ولا تُضَايِقْهُ" (الخروج 22, 20) – " لا تُضايِقِ الغريبَ. فأنتُم تعرِفونَ حقيقةَ ما يشعُرُ بِه الغريبُ، لأنَّكُم كُنتُم غُرَباءَ في أرضِ مِصْرَ" (الخروج 23, 9) – في موسم الحصاد… ذا حَصدتُم حَصيدَ أرضِكُم، فلا تحصُدوا أطرافَ حُقولِكُم ولا تجمعوا لُقاطَ حَصيدِكُم، بلِ اَتركوهُ للمِسكينِ والغريبِ" (اللاويين 23, 22) – "إذا لَقِيتَ ثَورَ عَدُوِّكَ أو حمارَهُ شارِدًا، فَرُدَّهُ إليهِ". (الخروج 23, 4)   ويتكلم النبي إشعيا عن الخلاص الموجه لجميع الأمم (إشعيا 44, 7 / 15, 12, 22 – 24 / 55, 3 – 5) ولكن كان في الغالب الواقع بعيدا جدّا عن تلك الوصايا ومبادئ الاحترام والمحبة.

 موقف يسوع من المنبوذين عن المجتمع

×   يغير يسوع طريقة التعامل مع الغريب والإنسان المنبوذ من المجتمع عامةً.  في نظره "كُلَّنا إخوَةٌ" (متى 23, 8) فيسفك دمه "مِنْ أجلِ أُناسٍ كثيرينَ" (متى 26, 28) وتوجد في الإنجيل نصوص عديدة تذكر مقابلات يسوع مع المنبوذين والهامشيين وهذا التصرف سيمثل واحدا من أهم أسباب محاكمته وموته.

×       العلامات التي صاحبت ولادة يسوع:

ليس من الصدفة أن توجد من ضمن قائمة اثنين وأربعين اسمًا التي تكوّن نَسْب يسوع في إنجيل متى (متى 1, 1 – 17) أسماء خمس نساء تنتمينَ (باستثناء العذراء مريم) إلى عالم الهامشيين:

"ثامارَ" التي كانت عاشقة المحارم, "راعُوثَ" الأجنبية, "بَتشابَعُ" زوجة أوريَّا التي ارتكبت الزنى و"رحاب" العاهرة… و نرى في نفس اﻹنجيل أن المجوس الوثنيين هم أول الناس يأتون من المشرق ليسجدوا ليسوع.

 

×   كما ليس من الصدفة أن القديس لوقا ينسب ليسوع في نَسْبه (لوقا 3, 38) لَقَب "بنِ آدمَ، اَبنِ الله", فهذا اللقب يعني أن يسوع ينتمي إلى الجنس البشري بالكُلّ وليس مجرد إلى شعب إسرائيل. وحسب القديس لوقا أيضًا أُعلنت ولادة يسوع أولاً للرعاة (الذين كانوا يعتبروا "أنجاسًا" لا يجوز لليهود أن يتعامل معهم) وهذه علامة واضحة بأن يسوع المخلص لن يفصل أي شخص من خطة الخلاص.

×   وقبل أن يبدأ رسالته يتعمد يسوع من يد يوحنا المعمدان (متى 3, 1 – 17) فيبيّن هذا العماد "بالتوبة" أنّ يسوع يختار أن يعيش مع الخطاة الذين جاء لأجلهم (متى 9, 13 / مرقس 2, 17 / لوقا 5, 32). ولكن عكسًا ما يحدث لكثير من الناس, ليس هناك حدود لمحبته!

×   كان يقابل يسوع الفقراء كما كان يقابل أيضًا الأغنياء وليس هو مع الأولين ضدّ الآخرين! فنرى أن يسوع اختار من ضمن تلاميذه "سِمعانُ المُلقَّبُ بالوَطنيِّ الغيورِ" (لوقا 6, 15) الذي كان من أنصار مقاومة الرومانيين المحتِلّين و"متَّى جابـي الضَّرائبِ" (متى 10, 3) الذي كان يعاونهم.

 

 يسوع والأجانب

 

في عصر يسوع المسيح, كان الأجانب يمثلون حوالي رُبع عدد سكان بلاد اليهود. نذكر من ضمنهم:

×       الرومانيون, جنود جيش الاحتلال: كان الناس يكرهونهم. 

×       التجار المهاجرون الذين كانوا غالبا يعيشون على هامش المدن اليهودية.

×   الكنعانيون من نسل الشعوب الذين كانوا يعيشون في أرض كنعان قبل مجيء العِبرانِيين. كانوا مشهورين بعنفهم واليهود كانوا يتهمونهم بممارسة طقوس دينهم القديم وليس الدين اليهودي فكانوا يعتبرونهم "وثنيين" ولذلك كان لا بدّ من عدم التعامل معهم حتى بالحديث.

×   رفض يسوع أن يطبّق هذا القانون وردّ على نداء الأجانب والوثنيين وتعجّب أكثر من مرة من ثقتهم وإيمانهم به. لم يسأل يسوع إلى أي جنسية أو دين أو مذهب سياسي ينتمي إليه الشخص الذي يطلب منه المساعدة فيشفي اليهود كما غير اليهود. (متى 8: 5 – 13 / 15: 21 – 28)

(يوجد فيما بعد, عل سبيل المثال, دراسة النص "إيمان المرأة الكنعانية")

      

 حالة خاصة: السامريون

 

×       نجد في إنجيل يوحنا أن "اليَهودَ لا يُخالِطونَ السّامِريّـينَ" (يوحنا 4: 9).

ذلك أن اليهود لم يحسبوا السامريين غرباء فَحَسب بل خونة وأعداء وذلك بسبب اختلاطهم مع الوثنيين الذين انتصروا عليهم سنة 722 (قبل الميلاد). حتى إذا كان يسوع ينظر إلي السامريين كأجانب (لوقا 17, 18) لم يشارك اليهود في احتقارهم, فأسلوب تعامله معهم يدهَش الجميع: مع أن السامريين رفضوا "أنْ يَقبَلوهُ لأنَّهُ كانَ مُتَوجِّهًا إلى أُورُشليمَ" (لوقا 9: 53), يسوع لا يخف أن يتحدث معهم ويبرز بإلحاح صفاتهم: مثلاً بعد ما شفا عشرة من البرص… "فلمَّا رأى واحدٌ مِنهُم أنَّهُ شُفي، رجَعَ وهوَ يُمَجِّدُ الله بأعلى صَوتِهِ، واَرتَمى على وَجهِهِ عِندَ قَدمَي يَسوعَ يَشكُرُهُ، وكان سامِرِيُا. فقالَ يَسوعُ: «أما طَهُرَ العَشرَةُ، فأينَ التِسعَةُ؟ أما كانَ فيهِم مَنْ يَرجِـعُ لِـيُمَجِّدَ الله سوى هذا الغريبِ؟" ثُمَّ قالَ لَهُ: «قُمْ واَذهَبْ، إيمانُكَ خلَّصَكَ" (لوقا 17: 15 – 19)

×   لنذكر أيضًا مَثَل "السامري الصالح" الذي يثبت فيه يسوع أنه يُمكن للسامريين أن يطبّقوا شريعة الله – شريعة المحبة – أحسن من اليهود! (لوقا 10: 25 – 37) ونجد في إنجيل يوحنا أن يسوع يخالف التقاليد فيتحدث مع المرأة السامرية ويطلب منها أن تسقيه فهي تندهش: "أنتَ يَهوديُّ وأنا سامرِيَّةِ، فكيفَ تَطلُبُ مِنِّي أنْ أسقِـيَكَ؟" كما اندهش أيضًا التلاميذ (يوحنا 4: 27). بعد قيامة يسوع انتهج التلاميذ نفس الطريقة فبشروا "في أُورُشليمَ واليَهودِيَّةِ كُلِّها والسّامِرَةِ، حتى أقاصي الأرضِ" (أعمال 1: 8 / 8: 5, 16, 17) "فلمَّا بَشَّرَهُم فيلُبُّسُ بِملكوتِ الله واَسْمِ يَسوعَ المَسيحِ، آمنوا وتعَمَّدَ رِجالُهُم ونِساؤُهُم" (أعمال 8: 12).

×   "الرّبَّ لا ينظُرُ كما ينظُرُ الإنسانُ. فالإنسانُ ينظُرُ إلى المَظهَرِ، وأمَّا الرّبُّ فينظُرُ إلى القلبِ" (1 صموئيل 16: 7). اهتدى يسوع دائما بهذا المبدأ, فلم يحكم على أي إنسان بل أحبّه بلا حدود وبصرف النظر عن هويته وماضيه.

 

 

 

 

 

 "كَيفَ نُنشِدُ نشيدَ الرّبِّ في أرضٍ غريبةٍ؟"

(المزمور 137)

– أليست خبرتنا مثل خبرة شعب إسرائيل في الغرب؟

– لماذا لا يطلب الرب النسيان بل التذكر؟

– هل التذكار يمنع الغفران؟

 

من واجب التذكار إلى الوصية الجديدة

(تأمل كتابي,  للمساهمة في علاج الصدمة النفسية الناجمة عن النزوح إلى الغُرب trauma)

1) "غرباء" في "أرض غريبة" !

 عاش شعب إسرائيل في مصر الغُرب والاحتقار والاضطهاد ولكن في نفس الوقت شاهد أعجائب الله وجرّب رأفته.  

       قال الله لبني إسرائيل: "أنتُم كُنتُم غُرَباءَ في أرضِ مِصْرَ" (الخروج 22, 21)

"أذكُروا هذا اليومَ الذي خرَجتُم فيهِ مِنْ مِصْرَ، مِنْ دارِ العُبوديَّةِ. بيَدٍ قديرةٍ أخرَجكُمُ الرّبُّ" (الخروج 13, 3)

وهي نفس التجربة التي عاشها في السبي إلى بابل:

"على أنهارِ بابلَ هُناكَ جلَسنا، فَبكَينا عِندَما تَذكَّرْنا صِهيَونَ.

على الصَّفْصافِ في وسَطِها عَلَّقْنا كَنَّاراتِنا.

هناكَ طلبَ مِنَّا الذينَ سَبَونا أنْ نُنشِدَ لهُم، والذينَ عَذَّبونا أنْ نُفَرِّحَهُم.

قالوا: «أنشِدوا لنا مِنْ أناشيدِ صِهيَونَ"

كَيفَ نُنشِدُ نشيدَ الرّبِّ في أرضٍ غريبةٍ؟" (المزامير 137)

×       ألم نعيش تجربة مماثلة من خلال نزوحنا "إلى أرض غريبة"؟

       ما هي آثارها السلبية؟

       ألم نشاهد "أعجائب الرب" لنا, حتى في أثناء هذه الظروف المؤلمة؟ ما هي؟

2) واجب التذكار

لا يطلب الله من شعبه النسيان بل التذكار الدائم.

"واَذكُرْ جميعَ الطُّرقاتِ التي سيَّركَ فيها الرّبُّ إلهُكَ في البَرِّيَّةِ هذِهِ الأربعينَ سنَةً، ليقهَرَكَ ويمتحِنَكَ حتى يعرفَ ما في قلبِكَ" (التثنية 8, 2)

"تقولونَ لأبنائِكُم في ذلِكَ اليومِ: نفعَلُ هذا اَعتِرافًا بما عمِلَ الرّبُّ لنا حينَ أخرَجنا مِنْ مِصْرَ" (الخروج 13, 8)

 "تأمَّلوهُ بقُلوبِكُم أيُّها العُصاةُ! أُذكُروا ما جرى في القديمِ" (إشعيا 46, 9)

كذلك لا يطلب الله منا النسيان بل التذكار.

لكي نصبح قادرين على قبول "الغريب" وأن نشهد برأفة الله للجميع

"لا تَظلِمِ الغريبَ ولا تُضَايِقْهُ، فأنتُم كُنتُم غُرَباءَ في أرضِ مِصْرَ." (الخروج 22, 20)

"لا تُضايِقِ الغريبَ. فأنتُم تعرِفونَ حقيقةَ ما يشعُرُ بِه الغريبُ، لأنَّكُم كُنتُم غُرَباءَ في أرضِ مِصْرَ" (الخروج 23, 9)

"فأحِبُّوا الغريبَ لأنَّكم كُنتُم غُرباءَ في أرضِ مِصْرَ" (التثنية 10, 19)

فقبول الغريب هو الطريق المفتوح لنا لعلاج الآثار النفسية السلبية للنزوح

 

×       فمَن هو "الغريب" بالنسبة لي؟: الشماليين؟ المسلمين؟ أناصر القبائل الأخرى؟  الكنائس الأخرى؟  أو الطوائف المختلفة؟ زملائي؟ تلاميذي؟ الخ..

 

3) الله يدعونا لتحويل الذاكرة

علينا أن ننسى… ونتذكر بأسلوب آخر مثل أيوب:

"تَنسى الشَّقاءَ الذي أصابَكَ، وإنْ ذكرْتَهُ كسَيلٍ (ماء) عبَرَ" (أيوب 11, 16)

"تنسى الشقاء": التنازل عن الذاكرة الشديدة الانفعال, الذاكرة الثائرة, الذاكرة المتوترة… ذاكرة الحرب!

"إن تذكره كسيل عبر": إنها الذاكرة الهادئة, الذاكرة التي تميل إلى الغفران… ذاكرة السلام!

لنتذكر لكي نسعى للعلاج:

1)   لنعترف بعجائب الله ونحتفل بها

   "ويكونُ هذا (الفصح) كالوَشْمِ على أيديكُم أو كالعلامةِ على جباهِكُم بينَ عُيونِكُم، تَذكارًا يُبقي       شريعةَ الرّبِّ في أفواهِكُم، لأنَّ الرّبَ بيَدٍ قديرةٍ أخرجكُم مِنْ مِصْرَ." (الخروج 13, 9)

   "أتَذَكَّرُ الأيّامَ القديمَةَ فألهَج بِكُلِّ أعمالِكَ وأتأمَّلُ في ما صَنَعَت يَداكَ." (مزمور 143)

2)   لنتبنى رأفة الله لجميع البشر في العهد القديم.

3)   حتى نتبنى وصية يسوع المسيح في العهد الجديد "أُعطيكُم وَصيَّةً جَديدةً: أحِبُّوا بَعضُكُم بَعضًا مِثلَما أنا أحبَبْتُكُم" ( يوحنا 13: 34) المحبة للجميع (فليس هناك أناسا غرباء بل أبناء الله)

                                    – والغفران.

×       كيف أجعل ذاكرتي ذاكرة مسيحية حقيقية؟  

مستند: (مطران دي كورتراي)

لا يقول يسوع: هذه المرأة متقلّبة المزاج, لا أخلاق لها ولا دين, هي مجرد آمرأة!

        بل يطلب منها كوب من الماء ويباشر الحوار معها…

لا يقول: هذه الأرملة الفقيرة التي تلقي درهمين في صندوق الهيكل تدفعها الخرافات!

        بل يدعو تلاميذه ويقول لهم أنها ألقت أكثر مما ألقاه الآخرين…

لا يقول: هذا الرجل ("ذكّا") موظف فاسد يلمّ ثروة كبيرة بمدح السلطات وذبح الفقراء!

        بل يدعو نفسه ضيفا عنده ويؤكد أنه أيضا من أبناء إبراهيم وأن الخلاص حل ببيته…

لا بقول: هذا الضابط من جنود الاحتلال!

        بل يتعجّب منه ويقول: "ما وجدت مثل هذا اﻹيمان حتى في إسرائيل"…

لا يقول: هذا المجرم يستحق العقاب!

        بل يقول له: "ستكون اليوم معي في الفردوس"…

لا يقول: يهوذا هذا خائن!

        بل يقول له: "يا صاحِبـي"…

لا يقول: هؤلاء رؤساء الكهنة والشيوخ حكّام ظالمون, والجموع الذين يشتموني أناس جاهلون لا يعرفون الجميل!

        بل يقول: "اغفر لهم يا أبي, لأنّهم لا يعرفون ما يعملون"…

 عن موقع التربية المسيحية في شمال السودان