– تأمل للمربين: أنا الكرّام وتلاميذي هم شجرة التين…
– من أين يأتي الثمر؟
"وقالَ هذا المثَلَ: «كانَ لِرَجُلٍ شَجرَةُ تِـينٍ مَغروسَةِ في كَرمِهِ، فجاءَ يَطلُبُ ثَمرًا علَيها، فما وجَدَ. فقالَ لِلكرَّامِ: لي ثلاثُ سَنواتٍ وأنا أَجيءُ إلى هذِهِ التِّينَةِ أطلُبُ ثَمرًا، فلا أجِدُ، فاَقطَعْها! لماذا نَترُكُها تُعَطِّلُ الأرضَ؟ فأجابَهُ الكرَّامُ: اَترُكْها، يا سَيِّدي، هذِهِ السَّنةَ أيضًا، حتى أقلِبَ التُّربَةَ حَولَها وأُسمِّدَها. فإمَّا تُثمِرُ في السَّنةِ المُقبِلَةِ وإمَّا تَقطَعُها".
فجاءَ يَطلُبُ ثَمرًا (علَى التينة) فما وجد:
إن زَرع هذا الرجل التينة فلأنّه يطلب أن تثمر.
إن قمنا بمهمة التربية فلأنّنا نطلب أن يأتي اجتهادنا بثمر,
ومن الطبيعي أن ننتظر كثيرا من عملنا التربوي مع الأطفال والشباب.
D ما هو هذا الثمار الذي ننتظره من اجتهادنا في مجال التربية؟
لي ثلاثُ سَنواتٍ وأنا أَجيءُ إلى هذِهِ التِّينَةِ أطلُبُ ثَمرًا:
ربّما نقوم بالعمل التربوي منذ سنوات عديدة ونردد نفس التعليمات والإرشادات سواء مع تلاميذنا أم مع أولادنا في البيت. فنشعر أحيانا بأن يأتي مجهودنا بثمر ضئيل ولا نرى النتائج المتوقعة.
D إلى أي مدى نقدّر أهمية عنصر الزمن في التربية؟
لماذا نَترُكُها تُعَطِّلُ الأرضَ؟ – فاَقطَعْها:
ما فائدة هذه التينة في الكرمة ما دام لا تأتي بثمر؟
كم مرة تسألنا: ما الفائدة من وجود هذا التلميذ في الفصل ما دام هو لا يستفيد بأي شيء, يتعب الجميع ويفسد البيئة الدراسية! أليس من الأحسن أن يُفصل من المدرسة؟
ثم ألا نشعر في بعض الأحيان بخيبة الأمل والتعب الشديد بعد المجهود الكبير؟ ما الفائدة من التعب لأجل هذه النتيجة الضئيلة؟
D ما هو صبرنا؟ ألا نأخذ أحيانا قرارات مستعجلة وحاسمة بدافع الانفعال؟
أليس الله صبوراﹰ معنا؟
اَترُكْها هذِهِ السَّنةَ أيضًا:
اترك له فرصة أخرى!
هذا تعتبر نداءا للمثابرة, لتجديد الثقة, ولإيقاظ الأمل
هل نسمع هذا النداء في إطار عملنا التربوي؟ D
– النداء الذي يأتي من التلاميذ …
– النداء الذي يأتي من الزملاء, أم المسئولين, أم أولياء الأمور…
حتى أقلِبَ التُّربَةَ حَولَها وأُسمِّدَها:
الأمر غريب! كأن عدم الثمر لم يأتي من الشجرة بل من سوء بيئتها وضعف تغذيتها !
وفعلا جاء زمن التقييم للكرام وإعادة النظر في طريقة عمله: "ربما لم اعتني بهذه التينة بالدرجة الكافية… ربما لم أوفّر لها التغذية المطلوبة…"
هل نقبل بسهولة أن نأخذ الوقت الكافي لتقييم عملنا التربوي, ونسأل أنفسنا و نعيد النظر D
في أساليب تعاملنا مع الآخرين وطرق تدريسنا؟
ربما هذا التلميذ بحاجة إلى الحب والتشجيع منا أو ينتظره نتيجة لفراغ ما ينتابه, ولذلك لا بد من زرع الأمل في نفسه حتى يتقدم ويحقق النتائج المرجوة.
فإمَّا تُثمِرُ في السَّنةِ؟:
فإمّا… ليس من المؤكّد… ولكن يستحق الأمر أن أحاول مرّة (ومرّات!) أخرى.
إن عدم وجود الثمر ليس نهائي… علينا أن نعمل كل ما في وسعنا ثم نثق في… في مَن؟
عليَّ أن أعترف بأن, في مجال التربية, ليس كل شيء متعلق بدوري أناD
أنا الغارس (الزارع)…. ثم يجيء الساقي… والله هو الذي يُنمي…
أين نجد منبع إيماننا وأملنا في مستقبل الأطفال والشباب؟ D
"فلا الغارِسُ لَه شَأْنِ ولا السّاقي، بَلِ الشَأْنُ لله الذي يُنمي. فلا فَرقَ بَينَ الغارِسِ والسّاقي، غَيرَ أنَّ كُلاُ مِنهُما يَنالُ أجرَهُ على مِقدارِ عَمَلِهِ. فنَحنُ شُركاءُ في العَمَلِ معَ الله، وأنتُم حَقلُ الله والبِناءُ الذي يَبنيهِ الله." (1 كورنثس 3, 7 – 9)
وإمَّا تَقطَعُها:
هذا التحذير شديد اللهجة!
هل يمكن أن نضطرّ يوم من الأيام إلى الاعتراف بالعجز والفشل في عملنا التربوي؟
D هل تواجهنا أحيانا مظاهر العجز والفشل في رسالتنا التربوية؟ فكيف تعيشها؟
لنفترض أن هذه التينة تمثّلني أيضا كمعلم!
أنا المدعو لأثمر ثمرا في حياتي المهنية, والشخصية, العائلية والروحية!
إذا كان هذا الرجل الكرّام هو الربّ!
هو الذي يقول لنا:
"أنا الكرمَةُ وأنتُمُ الأغصانُ: مَنْ ثــبَتَ فِـيَّ وأنا فيهِ يُثمِرُ كثيرًا. أمَّا بِدوني فلا تَقدِرونَ على شَيءٍ." (يوحنا 15, 5)
يا ربّ اصبر عليَّ!
ساعدني لأتي بالثمر الذي تنتظره مني…