الوقاية خير من العلاج
400 ألف حالة زواج عرفي سنويا
400 ألف حالة زواج عرفي سنويا: الزواج العرفي للمسيحيين باطل في حكم الكنيسة والمحكمة
نورا نجيب
فجر التقرير الأخير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة مفاجأة وجود أكثر من مليون حالة زواج عرفي في مصر, وكشفت دراسة متزامنة أجراها المجلس القومي لحقوق السكان في مصر عن وجود 400 ألف حالة زواج عرفي سنويا.
تحدثنا كثيرا عن هذه الظاهرة لكن المثير للانتباه أنها بدأت تتسلل إلي المجتمع المسيحي. فهناك أرملة تتزوج عرفيا حتي لاتفقد معاش زوجها الراحل. ورجل متزوج يتزوج عرفيا من جارته المتزوجة أيضا. وهناك شاب وفتاة يتزوجا عرفيا أثناء دراستهما الجامعية. حالات وإن كانت قليلة لكنها بدأت في الظهور, فلماذا بدأت تظهر هذه الحالات؟ وهل تعترف المحكمة بهذه العلاقة وتقر بشرعيتها؟ وما واقع الأشخاص المنغمسين في هذه العلاقة وموقف الكنيسة منهم؟ وهل تقوم الكنيسة بدورها إزاء رعاياها؟ سنتعرف سويا الآن.
لايتوافر في الزواج العرفي الحيثيات القانونية للزواج المسيحي. هكذا بدأ المستشار نجيب جبرائيل رئيس محكمة الأحوال الشخصية سابقا حديثه: وقال إنه مجرد عقد مستتر وغير موثق يؤدي إلي ارتباط غير رسمي بين طرفين, ويفتقر إلي المراسم الدينية لذا لاتعترف به المحكمة ولا تقر بشرعيته إطلاقا, حتي إذا تم تحويله إلي زواج موثق علي نفس المنوال أي دون مراسم دينية فلا يعترف به أيضا فتوثيق عقد الزواج هو طريقة لإثباته لكنه لايغني أبدا عن المراسم الدينية مما يجعله عقدا باطلا في كافة الأحوال. ومن ثم فالقانون لم ولن يوافق علي هذه العلاقة بين المسيحيين.
إذا لجأ أحد طرفي هذه العلاقة لإثبات الزواج في المحكمة فلن تستجيب المحكمة لأن شريعة الأقباط المسيحيين ولائحة 38 المعمول بها حتي الآن لاتعترف إلا بالزواج المصحوب بالمراسم الدينية وما خلاه يعتبر باطلا.
إذا أثمرت هذه العلاقة عن أبناء فسوف يوصمون بأنهم أبناء غير شرعيين لزواج غير شرعي ويمكن لكل ذي مصلحة-أهل الطرفين-المطالبة ببطلان الزواج وذلك في حالة تضرر أي من الطرفين وعادة تكون الفتاة التي إنحدرت في علاقة باطلة لن تكتسب أية شرعية ولن تمنحها ولا أطفالها أي حقوق.
إذا كان هذا هو لسان حال القانون فلماذا بدأ البعض الوقوع في براثن هذه العلاقة؟يجيب علي هذا التساؤل الدكتور جمال شحاتة أستاذ الخدمة الاجتماعية والاستشارات الأسرية. ويقول السبب هو إضفاء صفة الشرعية علي هذه العلاقة التي يقع فيها البعض رافعين لواء أن هذا ما كان يحدث قديما فلم يكن توجد عقود زواج توثيق والحقيقة أنهم يخدعون أنفسهم فكلمة عرف تعني ماتعارف الناس عليه وهو أن يقوم الكاهن بعقد الإكليل وكتابةعقد كنسي دون أن يوثق حكوميا .ويصحب ذلك توفر العلانية والقبول, فهذا هو ما تعارف الناس عليه, أما ما أطلق عليه مؤخرا الزواج العرفي فهو زنا مقنن في إطار ورقة لإباحة كل ماهو غير لائق لأي إنسان مسيحي. وهذه العلاقة تفتقر إلي كل ماهو مرتبط بالزواج المسيحي بل إنها أقرب إلي مايطلق عليه زواج الوشم والدم وجميعها أساليب مقننة للزنا.وبالرغم من انتشارها إلا أنه لايوجد عنها إحصائيات واضحة تشمل كافة المنغمسين في براثن هذه العلاقات.
يرجع تسلل هذه العلاقة إلي المسيحيين حتي وإن كانت حالات قليلة-نظرا لتوحدد الثقافة العامة في المجتمع بالإضافة إلي الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها الكثيرون وتحول دون أن يخطو الفرد خطوة واحدة تجاه المستقبل,وعلي الجانب الآخر هناك رغبات واحتياجات جسدية ملحة تجعلهم ينصاغوا لهذه العلاقة وهم يرددون ربنا رب قلوب,ربنا شاهد عليناويلقون خلفهم التعاليم الدينية ضاربين بالثوابت عرض الحائط منهم من لم يجد من يرعاه ويفتقده روحيا.
حول موقف الكنيسة من الزواج العرفي وأبنائها الواقعين في براثن هذه العلاقة وضح القس سرجيوس سرجيوس وكيل المجلس الإكليريكي للأحوال الشخصية لاتعترف الكنيسة نهائيا بالزواج العرفي أو المدني وإنما تعترف قط بالزواج الكنسي المصحوب بالمراسم الدينية والمنعقدة داخل الكنيسة ويقوم بعقدها كاهن, ويسبق ذلك كله فترة خطوبة.
تسلل ظاهرة الزواج العرفي إلي المسيحيين لايشير إلي نقص رعاية الكنيسة لأبنائها فهناك جهود مضنية تبذل لرعاية أبناء الكنيسة وكثيرا ما يشددوا رؤساء الكنائس المسيحية في مصر علي ذلك ويؤكدوا علي الخدام شوفوا أولادكم لكن الانفتاح المفزع والثقافات الغربية التي غزت المجتمع تجعل الكنيسة تحارب في جبهات ليس لها حدود.
يوضح القس سرجيوس سرجيوس إذا إنغمس طرف متزوج في هذه العلاقة فتقوم الكنيسة بعمل بطلان للزواج الرسمي-وتمنح تصريح زواج للطرف الثاني-المتضرر-ويحرم الطرف الأول من ممارسة أسرار الكنيسة فهو في حالة زنا,أما إذا سامح الطرف الثاني الطرف الأول والمخطيء علي ما اقترفه وأعرب الطرف المخطيء عن ندمه فيمكن الدخول في فترة توبة ثم يعودا الطرفين لاستكمال مسيرة حياتهم.
أما إذا كان طرفا علاقة الزواج العرفي غير مرتبطين بزواج سابق رسمي. فتعتبرهم الكنيسة في حالة زنا,وإذا رغبوا في تصحيح مسار هذه العلاقة فتمهلهم الكنيسة فترة للتوبة ثم تعقد صلاة الإكليل ويوثق العقد.
بالنسبة لموقف الكنيسة من الأبناء فليس لهؤلاء الأبرياء ذنب فإذا كانت الكنيسة تقبل الخطاة فمن الأحري أن تقبل الأبرياء.
إن تسلل هذه العلاقة الآثمة إلي بعض شبابنا وبناتنا يعود لعدم وجود وعي قانوني,قصور في الرعاية الروحية ,فقر في التربية والرقابة الأسرية ولابد أن يتكاتف الجميع للحيلولة دون زيادة هذه الحالات والتحذير من المخاطر التي تترتب عليها.
المصدر : جريدة وطنى 29 ابريل 2007