مـدرسـة يســـوع: تأملات بقلم الأب بنيامين صلاح حبشي

في المدارس الحكومية والخاصة،كل طالب يختار مدرسته أو كليته وعلي حسب ما حصل عليه من درجات لتلك المدرسة وهذه الكلية، وغالباً يختار مدرسة المدينة أو الحي أو القرية أو الشارع  بأختصار أقرب مدرسة له. وفي قديم الزمان كان الطالب يختار المُدرس أو الفيلسوف أو المعلم ويعرض عليه أن يكون تلميذاً له فمنهم من كان يقبل مقابل،كما يحدث اليوم، والبعض الأخر كان يطلب من التلميذ أن يقوم بدرسات في بعض المواد الأساسية والأختبارات العملية ….الخ. وعندما يجتاوزها يُؤهل إلي المرحلة الأعلي منها وهكذا حتي يصل إلي مرحلة الأنضمام إلي المدرسة أو الجماعة ويكون بهذا تلميذاً له فيدخل في مرحلة التعليم السري الخاص بهذه المجموعة علي مثال جماعة أو مدرسة الأسنيين وغيرها.

أما مدرسة يسوع فهي مدرسة فريدة ولا مثيل لها، غريبة إلي حد أن المعلم هو الذي يختار تلاميذه (والتلميذ هنا يبقي كل حياته تلميذاً) أولم يختار الاثنى عشر ليرفقهم وليوصلهم لاهداف معينة واضحة. وكثيراً من الأغنياء  والأذكياء – الذين كانت تتمناهم أي مدرسة في الماضي، وأيضأً اليوم – هؤلاء قال لهم يسوع أذهبوا وبيعوا كل شيء، وأحملوا الصليب وتعالوا لتكونون ليّ تلاميذاً. ولكن مالهم كان عندهم أفضل من المعلم والحياة الأبدية.

واليوم لا يهم شيء غير الحصول علي أعلي التقديرات من أشهر المدارس مها كلف هذا الأمر من نقود لدرجة أن البعض يقومون بشراء شهادتهم، فالمهم بالنسبة لهم أن يقولوا: أنا فلان ابن فلان!!!!.

مدرسة يسوع لم تقبل الأغنياء والأذكياء والعباقرة، بل المتوضعين والودعاء والمساكين والصيادين الفقراء والعرج والمرضي وأصحاب الأحتياجات الخاصة .

شروط الألتحاق بهذه المدرسة

1.    لأبد أن تكون مُعمد وتمارس الأسرار.

2.    أن تقدم الحبّ للجميع حتي الأعداء.

3.    أن تكون علي مثال المعلّم في التسامح والرحمة.

4.    أن تكون مؤمن ومخلص لهذه المدرسة.

5.    أن تحضر القداس الإلهي يوم الأحد.

6.    أن تمارس سر التوبة باستمرار أو على أقله مرة علي في السنة.

7.    أن تعيش حياة التواضع والوداعة.

8.    ألا تهم الدرجات والنمر بل الحياة.

9.    أن تدافع عن الحقّ وتنشر السلام مهما كلف هذا.

10.     أن تقرأ في الكتاب المقدس كل يوم وتعيشه.

منهج مدرسة يسوع

هدفها أعطاء شهادة إيمانية عملية. صفتها الأساسية الشجاعة وعدم الخوف والأتكال علي الربّ. مختومة بشعار الروح القدس (حيث يكون روح الربّ تكون الحرية) الروح القدس الذي أعطى الشجاعة للقديس بطرس وبعد أن أنكر معلمه نجده يشهد له حتى الاستشهاد رافعا صوته: "يا رجال اليهودية، وأنتم أيّها المقمون في أرشليم أعلموا هذا ……. أن يسوع الناصري – الذي أنكره ولم يعترف به أمام الجارية- ذالك الرجل الذي أيده الله لديكم بما أجري عن يده بينكم من المعجزات والاعاجيب والآيات…. قد أقامه الله وأنقذه من الموت…." أعمال 2: 14- 36. ونأخذ تلميذاً أخر لهذه المدرسة، تلميذ تحوّل بعد ختم الروح القدس من محارب ومضطهد للمسيحين إلى مضطهد من أجل اسم المسيح، شاول الذي أصبح بولس الرسول وبهذا تحول من قاتل للمسيحيين إلى إنسان يقدم ذاته للموت كل لحظه دفاعاً عن مسحيته ومدرسته… أعمال 9: 1-30.

1.    منهج عملي

كل تعاليم هذه المدرسة هي تعاليم عملية. ونطلق عليها بلغة اليوم تدريب مهني. وهي لا تعتمد علي الحضور في الفصل أو المدرج أو قاعة المحاضرات والاستماع للمدرس الذي يشرح مادته… بل تعتمد علي أسم الآب والأبن… فنجد التلاميذه يشفون المرضى ويقمون الموتى:" باسم يسوع المسيح الناصري …." أعمال 3: 6

2.    منهج أخلاقي "الفضائل"

المعلم يطلب من تلاميذه أن يتعلموا منه وداعة القلب:" تعلموا منيّ فأني وديع متواضع القلب "، لأن القلب هو مكان اللقاء بالله، وهو مكان اللقاء بالآخر، القلب هو مدرسة تعلم الفضائل. وكل الفضائل تنبع وتصب من فضيلة واحدة  هي المحبة، تلك الفضيلة التي تعكس حقيقة الخالق: فقد خلق الله الإنسان لأنه أحبه؛ وتجسد الأبن وتألم ومات وقبر وقام وصعد إلى السماء من أجل حبه للإنسان. حب لا يعرف الحدود لأنه لا يفرق الطيبين والأشرارا بين الأصدقاء وأصحاب المناصب والسلطة والأعداء، بين الفقراء والبسطاء والعمال وبين الأغنياء…

ولهذا فالقانون الذي تسير عليه هذه المدرسة هو قانون المحبة، قانون "الرحمة خير من الذبيحة… كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم. ولا تدينوا فلا تدانوا. ولا تحكموا علي أحد فلا يُحكم عليكم أعفوا يُعف عنكم. أعطوا تعطوا…"لو6: 36-38 وأيضاً التسامح والعدالة. وقال:" ما من تلميذ أسمي من معلمه. كُلّ تلميذ أكتمل علمه يكون مثل معلَّمه" لو 6: 39-40.

الشهادة التي تحصل عليها

مُعتمدة من أكبر جامعة في السماء والأرض جامعة الرّوح القدس، ويمضي عليها الأب الأزلي القادر علي كُلّ شيء، وتختم بدم الأبن الذي مات علي الصليب من أجل حبك، وهذه لا تحتاج إلي وسيطة أو رشوة بل كُلّ ما عليك هو أن تذهب وتخدم في كل مكان وتُبشر وتعمد باسم الآب والأبن والروح القدس، وبهذا الأسم ايضاً تشفي المرضي وتفتح عيون العميان وتعزي الحزين وتواسي المسكين وتشارك الفرحان وتبكي مع الباكين، ولا تنسي أن كل هذا يؤهلك إلي دخول ملكوت السموات والحياة الأبدية، وهناك تلتقي بمعلمك الأوحد الذي يحب وُعد لك مكان معه.

المدرسة والموضة

ربما يقول البعض أن مدرسة يسوع هذا أصبحت موضة قديمة لا تناسب العصر الذي يمتاز بالموضة الحديثة المتجددة كل يوم. عزيزي عندما نسمع كلمة موضة يقفز إلي أذهاننا مباشرة موضة الملابس، ولكن تعني أشياء آخرى كثيرة مثال طريقة التحدث والسلوك عامة والتفكير في الأشياء. والهدف الأساسي من الموضة هو تغطية شكل وجسم الإنسان بطريقة تُظهر جماله… وهل من مدرسة تظهر جمالة وحقيقتك العميق (كابن لله) أكثر من مدرسة يسوع؟.

 

الأب/ بنيامين صلاح حبشي

6 أكتوبر

Mail:ciao292@yahoo.com