لنتأمل مع بندكتس 15 الخامس عشر من يناير

روما، 15 يناير 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل اليوم الخامس عشر من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

 الإيمان بإله شخصي

 أن نقول "نؤمن" هو فعل واعٍ من الذات. إنه فعل يجتمع فيه في تعاون كل ما أُسبغ علينا من إرادة وإدراك وتعليم وهداية. ويشتمل هذا الفعل على فعل الثقة أو إن أردتم، على بلوغ كامل طاقاتي الشخصية، قُل تجاوز هذه الطاقات، والتوكل على الله. ولا يقتصر هذا الفعل على الإتصال بقوة عليّة أو ما شابه، بل بالله الذي يعرفني ويكلّمني. ذاك الذي هو حقاً "أنا" أخرى – ولو بمعنى أسمى بكثير- يمكنني أن أنطلق باتجاهها وهي تتحرك باستمرار باتجاهي… فالله يملك كل الخصائص الأساسية لما نسميه "الشخص"، ولاسيما الإدراك الواعي والقدرة على التمييز والمحبة. وبذلك، فهو شخص بإمكانه الكلام والإصغاء. وهذا، على حدّ ظني، هو أهمّ ما في الله. فالطبيعة لها أن تكون خلاّبة تأسر القلب، والسماء المرصعة بألف نجم ونجم مذهلةً خاطفةً للأنفاس، ولكن ردة فعلي إزاءها إن هي إلا دهشة مجردة من كل نكهة شخصية، لأن ذلك في نهاية الأمر يعني أني أنا ذاتي لستُ إلا جزءً من ذرّة في هذا النظام الهائل. أما هو، الإله الحقيقي، فأكثر من ذلك. فهو ليس طبيعة وحسب، بل الوحيد الأحد الذي كان قبل الطبيعة وهي تستمدّ استدامتها منه. ويعلّمنا الإيمان أن بلوغ كمال الله هو في فعل التواصل. وهذا ما نقصد بقولنا إنه ثالوث بثلاثة أقانيم. ولأنه في جوهره مجموعة مركّبة من العلاقات، كذا يمكنه أن يجعل الكائنات الأخرى التي أقامت علاقات وطيدة في ما بينها والتي قد تتصل به، لأنه جعلها متصلةً به هو.