لنتأمل مع بندكتس 16 السادس عشر من يناير

روما، 16 يناير 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل اليوم السادس عشر من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

 الإيمان حصن منيع في وجه القوى الجامحة

 ثمة حادثة تجري في العاصفة التي تهبّ على البحيرة، عندما يبدي التلاميذ يأسهم لأن يسوع لا يساعدهم بالتجذيف، ولا حتى حين تبدأ السفينة بالغرق. فبعد أن وقف وأنقذهم، قال لهم يسوع: "كيف أمكنكم الشك؟". فيسوع يعتبر أن من المفترض لتلاميذه أن يعرفوه، أن من المفترض أن يثقوا بأنه لن يتركهم يغرقون. وهو بهذا الكلام إنما يبيّن لهم أن إيمانهم في ما هو عليه حقاً، وفي ما أقرّوه وقبلوه فعلياً، لا يزال في مراحله البدائية، فإذا نفحة رياح تستطيع، على حدّ ما حصل في الواقع، أن تعصف به. إن المشهد الذي يجري وصفه هنا يصوّر كيف أن بطرس لم يعد ينظر إلى يسوع بل الأمور الأرضية تغشي البصيرة منه. وبالتالي، وبطبيعة الأمر، وبحسب نسبة الإحتمال الأوسع، فإن مصير بطرس هو الغرق حالما تطأ رجله المياه. ولكنه نسي النقطة الأهم في الموضوع، وهي أن من دعاه هو يسوع، وهو الرب. فمعه، وبقدرته، وبالتواصل معه، سيتمكن، إذا جاز التعبير، من أن يمشي حتى على ما هو مصدر موت وهلاك على وجه هذه الأرض… إذا ما سمحنا لأهواء اللحظة أن تأسر نظرنا، وللرياح التي تعصف من خلف أذنينا أن تخطف سمعنا، فلا مناص من أن ينهار إيماننا… فإن انجرفنا في ذلك التيار فقدنا المرساة الحقيقية التي تقوم على التوكل على علاقتنا بالوحيد الأحد القادر على التغلب على القوى الجامحة، قوة الموت الجامحة وقوة التاريخ الجامحة وما يصحب هذا التاريخ من مستحيلات. فالإيمان هو أن نتصدى للقوة الجامحة التي من شأنها، لولا الإيمان، أن تسحقنا. والإيمان هو الصداقة معه هو، صاحب نوع آخر من القوة، قوة تدفعنا لفوق، وتمسكنا بإحكام، وتحملنا وتعبر بنا بأمان عناصر الموت الجمّة.