لنتأمل مع بندكتس 23 الثالث والعشرون من يناير

روما، 23 يناير 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل الثالث والعشرين من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

 نعم الإيمان

 إن القبول صنيعة الإرادة، لا نتيجة البصيرة المباشرة للفهم والإدراك: هذا ما يقوم عليه هذا النوع المميز من حرية الخيار الذي يدخل في قرار الإيمان… فليس الإيمان فعل إدراك وحسب، ولا مجرد فعل إرادة، أو مجرد فعل إحساس، بل الإيمان فعل تجتمع فيه كل طاقات الإنسان الروحية. بل وأكثر: فالإنسان في ذاته، وبذاته، يعجز عن استنباط هذا الإيمان؛ إذ إن الإيمان من حيث طبيعته يتّسم بخصائص الحوار. ولا تتحرك مجمل الطاقات الروحية وتتوحد في "نعم" الإيمان إلا لأن عمق الروح –أي القلب- قد لمسته كلمة الله. فمن خلال كل ذلك نبدأ أيضاً بلمس هذا النوع الخاص من الحقيقة الذي يهمّ الإيمان؛ واللاهوت يتحدث عن "الحقيقة الخلاصية"… فكل ما يفعله الإنسان أو يسمح له بأن يحصل له يمكنه، في نهاية الأمر، أن يكون نابعاً من إرادته في أن يبلغ السعادة. فمتى اتّصل القلب بكلمة الله، بالكلمة التي صار بشراً، تلمس الكلمة أعمق أعماق كيانه. حينئذٍ، لا ينتابه شعور وحسب، بل تراه يفهم في داخله ويصرخ: لقد وجدته، هذا هو، هذا ما كنتُ أنتظره وأتوق إليه. إنه نوع من التمييز. ذلك أنّا خُلقنا في صلة مع الله.