بندكتس السادس عشر يشيد بالنمو المسكوني الروحي

(طوني عساف)

 
الفاتيكان، 23 يناير 2008 (
ZENIT.org).

الصلاة هي قاعدة نمو المسيرة المسكونية منذ مائة عام وما بعد المجمع الفاتيكاني الثاني.

  هذا ما قاله بندكتس السادس عشر خلال المقابلة العامة في قاعة بولس السادس والتي خصصها هذا الأربعاء لأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، الذي بدأ في الثامن عشر من الجاري وينتهي يوم الجمعة المقبل.

 وذكّر البابا بالذكرى المئوية لإطلاق هذه المبادرة ذات القيمة المسكونية الكبيرة، مستشهداً بوثائق المجمع وبمبادرات الحوار.

 وقال قداسته: "بفضل هذه المسكونية الروحية، المرتكزة بنوع خاص الى الصلاة والعودة الصادقة الى المسيح، سجّل البحث المشترك عن الوحدة – خلال السنوات العشر الأخيرة – تقدماً ملحوظاً، ظهرفي مبادرات مختلفة: بدءاً من المعرفة المتبادلة ووصولاً الى بناء العلاقة الاخوية بين أعضاء من مختلف الكنائس والجماعات الكنسية، ومحادثات أكثر صداقة وتعاون في مختلف المضامير، من الحوار اللاهوتي الى البحث الحسي عن أشكال الشراكة".

البابا: "كيف يستطيع إنسان اليوم أن يعرف وجه الله في وجه يسوع المسيح إذا كنا نحن المسيحيين منقسمين؟"

"في الوحدة فقط يمكننا أن نبين لهذا العالم بحق وجه الله، وجه المسيح، الذي هو بأمس الحاجة إليه"

 "كيف يستطيع إنسان اليوم أن يعرف وجه الله في وجه يسوع المسيح إذا كنا نحن المسيحيين منقسمين، إذا كان أحدنا يعلم ضد الآخر، إذا كان أحدنا ضد الآخر؟"، بهذه التساؤلات عبر البابا بندكتس السادس عشر عن أهمية المسيرة المسكونية التي تهدف ليس فقط إلى وحدة المسيحيين كغاية بحد ذاتها وحسب، بل أيضًا إلى إظهار عيش مسيحي مقنع حتى يؤمن العالم.

 فقد كرس البابا مقابلة الأربعاء العامة إلى أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، وأشار أن الصلاة من أجل الوحدة هي "تضرع مشترك يرفعه المسيحيون كنفس واحدة وقلب واحد مجيبين على توق المخلص نفسه، الذي توجه إلى الآب في العشاء الأخير بالكلمات التالية: "لا أصلي لأجل هؤلاء فحسب بل لأجل كل الذين سيؤمنون بي لأجل كلمتهم؛ ليكونوا واحدًا. كما أنت أيها الآب فيّ، وأنا فيك، فليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا، لكي يؤمن العالم أنك أرسلتني" (يو 17، 20 – 21)".

 وعليه، بطلب نعمة الوحدة، "يتحد المسيحيون بصلاة المسيح عينها، ويلتزمون في العمل بشكل فاعل لكي تقبله البشرية بأسرها، وتعترف به الراعي الوحيد والرب الأوحد، فتختبر هكذا فرح حبه".

 الصلاة

 وذكر البابا أن المجمع الفاتيكاني الثاني قد كرس اهتمامًا كبيرًا لموضوع وحدة المسيحيين، وخصوصًا في قراره في الحركة المسكونية حيث سلط الضوء بقوة على دور وأهمية الصلاة من أجل الوحدة وقد وصف المجمع الصلاة بأنها قلب المسيرة المسكونية برمتها، حيث يقول: "إن ارتداد القلب هذه وقداسته السيرة إلى جانب الصلاة الفردية والجماعية من أجل وحدة المسيحيين، يجب أن تعتبر بمثابة نفس الحركة المسكونية بكاملها".

 وبالحديث عن موضوع أسبوع الصلاة لهذه السنة، "صلوا باستمرار" (1 تسا 5، 17) لفت بندكتس السادس عشر إلى أن هذا النداء إلى كنيسة تسالونيكي هو في الوقت عينه "دعوة ما زالت تتردد في آذان جماعاتنا، لكي تكون الصلاة النور والقوة والهدي لخطواتنا، في موقف متواضع وإصغاء طيع لربنا المشترك".

 الصلاة المشتركة

 هذا وذكر البابا أن المجمع في المقام الثاني، يسلط الاهتمام على الصلاة المشتركة، "تلك التي يرفعها سوية الكاثوليك والمسيحيون الآخرون نحو الآب السماوي الواحد". ويقول القرار بشأن العمل المسكوني في هذا الصدد: "إن هذه الصلوات المشتركة لأداة فعالة جداً لترجي نعمة الوحدة".

 فالمجمع يعي أن "هذا المقصد المقدس الرامي إلى مصالحة كل المسيحيين في وحدة كنيسة المسيح، الواحدة والفريدة، يتجاوز القوى والمواهب البشرية. لذا يضع كل رجائه في صلاة المسيح لأجل الكنيسة".

 حتى يؤمن العالم

 وشدد البابا مرة أخرى على ضرورة الصلاة بإلحاح من أجل وحدة المسيحيين، وطلب هذه الوحدة من المسيح نفسه الذي صلى لأجلها، بغية أن يصل العالم إلى الإيمان به، وقال في هذا الصدد: "إن معنى أسبوع الصلاة هذا هو بالضبط الاتكال بثبات على صلاة المسيح، الذي ما زال يصلي في كنيسته لكي "يكونوا واحدًا… حتى يؤمن العالم…" (يو 17، 21)".

 وتابع قائلاً: "نلمس اليوم بشكل قوي واقعية هذه الكلمات. العالم يتألم من غياب الله، من عدم إمكانية التواصل معه، ويتشوق إلى التعرف على وجه الله. ولكن كيف يستطيع إنسان اليوم أن يعرف وجه الله هذا في وجه يسوع المسيح إذا كنا نحن المسيحيين منقسمين، إذا كان أحدنا يعلم ضد الآخر، إذا كان أحدنا ضد الآخر؟"

 وصرح: "في الوحدة فقط يمكننا أن نبين لهذا العالم بحق وجه الله، وجه المسيح، الذي هو بأمس الحاجة إليه".