لنتأمل مع بندكتس 24 الرابع والعشرون من يناير

  روما، 23 يناير 2008 (zenit.org).

 ننشر في ما يلي تأمل الرابع والعشرين من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

 إن كل كلام بشري يتجاوز ما جرى قوله بوعيٍ ليذهب إلى مقاصد أعظم وأعمق. ففي ما يُقال دائماً جزء مستور لم يجد له إلى التعبير سبيلاً، يجعل الكلمات تنمو على مرّ الزمن… وهكذا، فمن المحال التوصل ببساطة إلى فهم الوصايا العشر فهماً كاملاً في يوم من الأيام… فهي لا تنفك تتجلى في آفاق جديدة، فتنكشف لها أبعاد ومعانٍ جديدة على الدوام. وما يحصل هو مسيرة توجهنا إلى ملء الحقيقة، إلى الحقيقة التي لا يمكن حصرها قطعاً في حدث تاريخي يتيم (راجع يو 16: 12). فبالنسبة إلى المسيحي، يمثل التفسير الذي تمّ في كلام المسيح وحياته وموته وقيامته السلطة التفسيرية النهائية التي فيها ينشأ عمق لم يكن يمكن التنبؤ به من قبل. ولذلك، فإن الإصغاء البشري إلى رسالة الإيمان لا يكون استقبالاً سلبياً لمعلومات بقيت طيّ المجهول حتى الآن بل إيقاظاً لوعينا الباطني واستنهاضاًً لطاقات الإدراك التي تنتظر أن يشعّ نور الحق في داخلنا. وعليه، فإن هذا الإدراك هو عملية تفيض نشاطاً يزداد فيها البحث المنطقي بامتياز عن مستويات مسؤوليتنا قوةً وعزيمة… وإذا كانت الوصايا العشر، كما يطرحها الإدراك المنطقي، الجواب الشافي لمتطلبات طبيعتنا الداخلية، فهي بالتالي ليست على نقيض حريتنا وإنما هي تجسيد لهذه الحرية. قُل إنها أساس كل قانون يدعم الحرية والسلطة الوحيدة المحررة بحق في تاريخ البشرية.