النظرة المجتمعية للعائدين الى المسيحية

 

بقلم/ فيولا فهمي

لم يقتصر الأمر في التعامل مع قضية العائدين إلى المسيحية عند حدود الأحكام القضائية أو الفتاوى الشرعية بضرورة العقاب وإهدار الدماء وتطبيق الحدود الشرعية وغيرها من سبل إهدار الكرامة الإنسانية ومصادرة الحريات الدينية، وإنما تظل النظرة المجتمعية التي ترشق سهام الاحتقار وخناجر الازدراء في أجساد العائدين إلى المسيحية أو معتنقين الديانة المسيحية هي الأزمة الأعمق والأكبر في الوقت ذاته، فالمجتمع المصري الذي يتبارى الجميع في وصفه بالتسامح والطيبة دبت في جسده روحاً غريبة تجنح بكل قوتها نحو العنف والشراسة وتسعد برائحة الدماء.
وحتى لا يكون الحديث مرسلاً.. وحتى لا يعتقد البعض أننا ننسج تصورات من خيالنا، تعالوا معنا نسترجع مقتطفات من الحوار الذي أجرته جريدة "المصري اليوم" مع والد المتنصر محمد حجازى –الذي أعلن على الجميع رغبته في الانتماء إلى الديانة المسيحية، مطالباً بتغيير ديانته في الأوراق الرسمية- فلقد كان عنوان الحوار تلخيصاً لما انتاب الثقافة الشعبية من انحطاط وتدهور وانهيار بلغ بها إلى أسفل السافلين "سأحاور ابني ثم أقتله بيدي إذا رفض العودة لدينه" هذا هو العنوان، بينما قال والد محمد حجازي في متن الحوار ما هو أشد وطأة من ذلك، حيث هدد الأب بالثأر في حالة عدم تدخل الجهات المعنية ورئيس الجمهورية والنائب العام، وإعادة ابنه إلى منزله في بورسعيد خلال 15 يوماً فقط، ثم بعد هذه المدة المحددة لا يكون مسئولاً عن تصرفاته، وسينتقم من الذين تسببوا في تنصير«محمد» وغسل مخه، لأنه في هذه الحالة لن يخاف من الإعدام أو القتل أو الاعتقال.
ويضيف الاب قائلاً: "ما ذنب أفراد أسرتي عندما يشاهدهم أحد في الشوارع ويشير إليهم، هذه شقيقة محمد الذي تنصر.. ابنتي الكبرى توقفت عن الذهاب إلي كليتها المرموقة منذ شهور، وسألتني كيف أواجه زملائي خاصة أن أحدهم نشر في مدونة أنني شقيقة محمد، وأنا تركت الوظيفة وانتقلت إلي مكان آخر بعيداً عن زملائي ونظرتهم إلي، بل إنني لا أمتلك القدرة علي أن أتوجه إلى الخزينة وأتقاضى راتبي لأني أخاف من نظرات زملائي"!
ويستمر الأب في التهديد حيث يقول "عندما أشاهد ابني سأبدأ معه في الحوار وأسأله عن الظروف التي جعلته يعتنق ديناً آخر، سأترك له الفرصة في الرد ثم أقتله بيدي، لن أتنازل عن إهدار دمه علي الملأ، وسأكون فخوراً بالقتل، حتى لو قادني ذلك إلي حبل المشنقة"… انتهى الاقتباس.
فالأمر إذاً لا يجب أن يفسر على أنه حالة غضب وثورة انتابت الوالد من هول الصدمة والأسى على فقدان ابنه، وإنما هو تعبير صادق على مفردات الثقافة الشعبية الصحراوية التي هبت على المحروسة من حيث نعلم وندري.. ثقافة ترى في حرية اختيار الأفراد للديانات كفراً، واعتناق المسيحية عاراً يجب أن يغسل بالثأر ويطهر بالدماء!!

29/01/2008