هل للصحافة الكنسية طريقاً نحو النقابة؟

جليلة هي رسالة القلم، وتبدو قيمتها الفريدة، فيما يتركه أربابها من تراث قيمي ورصيد تنويري يقود المجتمعات نحو التغيير. وتعد نقابة الصحفيين واحدة من المؤسسات الفكرية الهامة في المجتمع المصري، وذلك لاحتضانها بالرعاية المهنية كافة الأطياف والانتماءات الصحفية في مصر. ولقد أعطت الانتخابات الأخيرة للجماعة الصحفية زخماً من الحركة ورقعة من الحرية شعر بها المتخصصون والعامة.

 

(1) – انتخابات ونتائج :

جرت يوم السبت الموافق 17 نوفمبر 2007 انتخابات مجلس نقابة الصحفيين. وقد تنافس على موقع النقيب كلا من مكرم محمد احمد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق و رجاء الميرغني مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط ومجدي عبد الغني من مؤسسة أخبار اليوم ومحمد مغربي من جريدة الشعب و أخيراً يوسف إبراهيم المصري من مؤسسة الأهرام. وفيما تنافس على مقاعد مجلس النقابة الإثني عشر مقعد عدد (79) مرشحاً من مختلف المؤسسات الصحفية المصرية. وقد تبارى المرشحون في تقديم برامجهم الانتخابية وتطلعاتهم الذاتية للارتقاء بالأداء المهني لرسالة الصحافة. ولعل أبرز القضايا التي طرحت بقوة خلال حملة الانتخابات كانت تحسين الأحوال المادية للصحفيين والتمسك بتطبيق الوعد الرئاسي في إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر وكذلك العمل على صدور تشريع لحرية تداول المعلومات للصحفيين وتفعيل ميثاق الشرف الصحفي. وذكر تقرير لجنة مراقبة الانتخابات لمحرري حقوق الإنسان أن الانتخابات جرت في جو من الحيدة والنزاهة والشفافية بين أعضاء الجمعية العمومية وقد بلغ عدد الناخبين عند غلق باب الاقتراع (3590) صوت منها (3229) صوتاً صحيحاً و (361) صوتاً باطلاً. وأكد التقرير سالف الذكر أن اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات برئاسة المستشار عمر سلامة وإشراف المستشار فاروق سلطان رئيس محكمة جنوب القاهرة قد أعلنت نتيجة عمليات الفرز حيث فاز مكرم محمد أحمد بموقع نقيب الصحفيين وقد حصل على عدد (2389) صوتاً أي بنسبة 70 ٪ من إجمالي الناخبين. و أشار التقرير إلى أن غالبية الفائزين بعضوية مجلس النقابة ينتمون إلى المؤسسات الصحفية القومية حيث حققت الأهرام أربعة مقاعد وتساوت معها أخبار اليوم في حين حصلت مؤسسة دار التحرير على مقعدين فيما حققت الصحف الحزبية مقعد واحد وكان المقعد الأخير من نصيب المركز العربي الدولي للإعلام.

 

(2) – الصحافة الغائبة :

إن المتابع لفعاليات انتخابات نقابة الصحفيين يرصد حيوية دافقة في المؤسسات القومية والحزبية والخاصة، ويؤكد ذلك رغبة الجماعة الصحفية في الحفاظ على ثوب صاحبة الجلالة ناصعاً. لكن الملحوظة المتكررة مع كل انتخابات للنقابة تشير إلى أن هناك فصيلاً من الصحف خارج دائرة الاهتمام والرعاية النقابية. هو تلك الصحف الصادرة عن الكنائس أو الجمعيات الكنسية وهي ما تعرف بالصحافة الكنسية. إن الصحافة الكنسية منذ نشأتها وعلى مدى قرنين من الزمان تمثل تياراً فكرياً يجري بغزارة بين أوصال الكنيسة المصرية العتيدة. و تقدم الصحف الكنسية عبر صفحاتها العديد من الموضوعات الروحية والتربوية والاجتماعية مما يجعلها تحظى بثقة قرائها. ولعل ما يزيد أداء الصحافة الكنسية رونقاً وجودة هو التكوين الرفيع للعاملين فيها إلى جانب انتظامها الدوري في الصدور. إن الراصد لنشاط الصحافة الكنسية في الآونة الأخيرة يسجل بتقدير كبير انفتاح تلك الصحف على القضايا المجتمعية وحياديتها في التناول الموضوعي للقضايا والأحداث. وفي تقديري أن الوجه المدني للصحافة الكنسية يمكن أن يكون جواز مرور صالح إلى رجل الشارع الذي يتطلع إلى صحافة تنويرية صادقة.

 

(3) – هل من طريق :

لقد أعلن الأستاذ مكرم محمد احمد عقب فوزه بمقعد نقيب الصحفيين أنه سيكون نقيباً لكل الصحفيين المصريين، وتضمن كذلك برنامجه الانتخابي تفعيل جدول المنتسبين للنقابة. وفي هذا الأمر أود أن أطرح تساؤلاً للسيد النقيب وهو .. هل للصحافة الكنسية طريقاً نحو النقابة ؟ أو بالأحرى … هل يجوز انضمام الكتاب والمحررين والمراسلين العاملين بالصحف الكنسية إلى النقابة عبر باب الانتساب ؟ تساؤل أتمنى أن تخرج إجابته من أروقة النقابة بالإيجاب لقناعتي الراسخة بأن نقابة الصحفيين شجرة وارفة يجب أن يستظل بأغصانها كافة طيور الصحافة القومية والحزبية والكنسية والخاصة.

                                                                      

 ناجـح سمعـان

  المراسل الصحفي لايبارشيات الصعيد

          بالكنيسة القبطية الكاثوليكية