الأب الأقدس يدعو اليسوعيين إلى التعرف على علامات حضور الله حتى خارج حدود الكنيسة المرئية

بقلم روبير شعيب

 الفاتيكان، الجمعة 22 فبراير 2008 (Zenit.org).

 "في كل أنحاء الكنيسة، حتى في أصعب الحقول وأكثرها تعرضًا، على مفترق طرق الإيديولوجيات، وفي مختلجات المجتمع، وحيث كان هنالك ومازال لقاء بين حاجات الإنسان الحارقة ورسالة الإنجيل الأبدية، فهناك كان وما زال اليسوعيون".

 هذا ما قاله الأب الأقدس نهار الخميس 21 فبراير لدى لقائه بالمشاركين بالمجمع العام الخامس والثلاثين للرهبنة اليسوعية، مذكرًا إياهم بكلمات البابا بولس السادس لدى لقائه باليسوعيين في عام 1974, بمناسبة مجمعهم العام الثاني والثلاثين، وداعيًا إياهم على الحفاظ على فخر وأمجاد الرهبنة التي تأسست من أجل "الدفاع عن الإيمان ونشره".

 وذكر البابا أن تلاميذ القديس إغناطيوس وضعوا أنفسهم في خدمة الأب الأقدس "في زمن كان تتفتح فيه آفاق جغرافية جديدة"، وذلك "لكي يستعمل خدماتهم بالشكل الذي يراه مناسبًا لمجد الله الأعظم ولخير النفوس" (السيرة الذاتية، 85).

 وأشار قداسته أن الشعوب التي تعرف الرب ليست بعيدة اليوم من الناحية الجغرافية بل من الناحية الثقافية، "ليست البحار والمسافات الشاسعة هي التي تشكل تحديًا بالنسبة للمبشرين بالإنجيل، بل الحدود التي تنجم عن نظرة خاطئة وسطحية لله وللإنسان، والتي تأتي لتقف حاجزًا بين الإيمان والمعرفة الإنسانية، بين الإيمان والعلم الحديث، بين الإيمان والالتزام من أجل إحلال العدالة".

 ولهذا السبب – تابع الأب الأقدس – تحتاج الكنيسة لأشخاص ذوي إيمان وطيد وعميق، وثقافة جدية وحس بشري واجتماعي أصيل؛ تحتاج لمكرسين ولكهنة يكرسون حياتهم للقيام عند هذه الحدود من أجل الشهادة ومساعدة الآخرين على أن يفهموا أن هناك بالمقابل تناغم عميق بين الإيمان والعقل،  بين الروح الإنجيلي، والعطش إلى العدل والعمل من أجل السلام".

 وأوضح قداسته أنه بهذا الشكل فقط يمكن الكشف عن "وجه الله الحق الذي غالبًا ما يبقى خفيًا وغير معروف بالنسبة للكثيرين".

 من ناحية أخرى، ذكر الأب الأقدس بأمجاد الرهبنة الإرسالية مع مشاهير مثل القديس فرنسيس كسافاريوس، وماتيو ريتشي في الصين وروبيرتو دي نوبيلي في الهند، ودعا اليسوعيين إلى "التعرف على علامات حضور الله وعمله في كل أنحاء العالم، حتى خارج حدود الكنيسة المرئية، بينما تسعون إلى بناء جسور تفاهم وحوار مع من لا ينتمي إلى الكنيسة أو يعاني من صعوبات في قبول مواقفها ورسالتها. وعليكم في الوقت عينه أن تحملوا وقر الكنيسة الأساسي وهو الأمانة لمهمتها المتمثلة بالالتزام الكامل بكلمة الله، ودور السلطة التعليمية في حفظ الحقيقة ووحدة العقيدة الكاثوليكية بكاملها".

 كما وذكر البابا بتأمل "الرايتين" في رياضات القديس اغناطيوس دي لويولا، موضحًا أن "العالم هو مسرح معركة بين الخير والشر، وأن هناك قوات سلبية تعمل وتسبب أوضاع مأسوية من العبودية الروحية والمادية في معاصرينا"، مثل النسبية والمادية والعيش انطلاقًا من مبدأ اللذة والمادية. أمام هذه الحالة دعا البابا اليسوعيين إلى "التزام متجدد في تعزيز وحماية العقيدة الكاثوليكية" في مواضيع حساسة مثل خلاص الإنسان في المسيح، الآداب الجنسية، الزواج والعائلة.

 كما وشجعهم على متابعة التزامهم في الرسالة "بين الفقراء ومع الفقراء".

 ودعا إلى تكريس "انتباه خاص" لخدمة الرياضات الروحية "التي ميزت الرهبنة اليسوعية منذ البدء". فالرياضات الروحية هي "منبع روحانيتكم ومحرك دستوركم، وهي أيضًا هبة من روح الرب للكنيسة بأسرها".

 وختم الأب الأقدس اللقاء بتلاوة صلاة القديس إغناطيوس التي يعلمها في ختام الرياضات الروحية: "ربي تقبل حريتي كلها وذاكرتي وفكري وجميع إرادتي، كل ما أملك وكل ما لي، أنت أعطيتنيه وإليك أعيده ربي وأضعه بين يديك فاستعمله ربي حسبما تشاء؛ هبني حبك، هبني نعمتك فهما حسبي". (رياضات روحية، 234).