لنتأمل مع بندكتس 25 الخامس والعشرون من فبراير

 روما، الاثنين 25 فبراير 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل اليوم الخامس والعشرين من فبراير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

 عندما تستحيل المسيحية مذهباً أخلاقياً

 لطالما كانت النزعة قويةً إلى تحويل المسيحية نوعاً من أنواع المذاهب الأخلاقية مع جعل كل التركيز على أعمال البشر الأخلاقية. إن الله يبقى محجوباً عصيّ المنال، ولهذا السبب، فإن الإنسان يستمدّ دعمه بشكل أساسي من أفعاله الخاصة. ولكن لو صحّ أن الله ليس عنصراً محركاً حقيقياً في التاريخ يدخل أيضاً في حياتي الخاصة، فأيّ معنى للفداء؟… واليوم أيضاً إن النزعة إلى اختزال المسيحية بنوع من أنواع المذاهب الأخلاقية قوية للغاية. ذلك أنّا نعيش جميعاً في زمن تطغى عليه الربوبية. فيبدو وكأنه ما من مكان لتدخل الله بذاته في التاريخ البشري وفي حياتي. ومن هنا تستقرّ فينا فكرة أن الله عاجز بعد الآن عن دخول هذا الكون المُعَدّ والمُحصَّن ضدّه. وماذا يبقى؟ تبقى أعمالنا. فنحن مَن علينا أن نغيّر وجه الأرض. ونحن من علينا أن نُحدِث الفداء. ونحن من علينا أن نوجد العالم الأفضل، عالماً جديداً. ولكن إن كان هذا تفكيرنا، فسلامٌ على المسيحية… فنحن تنقصنا قوة الحب الأزلي التي تشدّدنا لنواجه التحديات في حياتنا وفي السياسة. فالحب قادر على تغيير وجه الأرض. إنه يستفيض حبّنا، ومن خلال التقاء المشيئتين، يمكن للإنسان أن يمضي قدماً. إن القداسة أو الإستقامة المسيحية لا تكون في القوة الخارقة الطبيعة أو ما سوى ذلك من مواهب خارقة. بل الإيمان المسيحي هو بالتحديد ديانة الأشخاص العاديين… وهو يتجلى في حالة من الطاعة تضعنا في تصرّف الله متى دعانا. وهذه الطاعة هي ذاتها التي لا تعوّل على قوّتي أو عظمتي الشخصية بل قوامها عظمة إله يسوع المسيح.