القديسة مريم أم يسوع وسر تكريـمهـا

كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك

لوس انجلوس- كاليفورنيا

                                        تــقــديــــم

تسر كنيستنا ان تقدم هذا الكتيب الجديد عن "القديسة مريم أم يسوع وسر تكريـمهـا والذى يحوى شرح واف لـمعنى تقديـم الإكرام وكيفية تقديـمه وأنواع الإكرامات التى تقدمهـا الكنيسة منذ نشأتها لأم يسوع وأمنـا تحقيقا لـما تنبأت به القديسة مريم العذراء فى نشيدها يوم زيارتها للقديسة أليصابات قائلة: "فها منذ الآن تُطوبني جميع الأجيال"(لوقا48:1). نطلب من الرب أن يكون هذا الكتيب سبب بركة روحيـة للجميع وأن تساعد أبناء الكنيسة الكاثوليكيـة على تفهم معتقدات وتعاليـم كنيستهم لينموا فى الإيـمان ببركة الرب وشفاعة أمنا مريم العذراء.

 

                                               راعى الكنيسـة

                                             القمص فرنسيس مراد فهيم                                          

 

لوس أنجلوس فى 25 ديسمبر 2006



                      إكرام مريم العذراء

كثير من الكتب تنُشركل عام لتقديـم الإكرام للقديسة مريـم أم يسوع، فمن كتب للصلوات وكتب للترانيـم والـمدائح ونشرات وكتيبات ومجلدات تحوي العديد من أنواع الإكرامات التى مارسهـا ويمارسهـا الـمؤمنون فى كل مكان ثباتـا للإيمان  وتشجيعاً للآخريـن للثقة بـمريـم الأم سلطانـة السموات والأرض.

هذا الكتاب "القديسة مريم أم يسوع وسر تكريـمهـا" ليس كتابا جديداً فهو عبارة عن تجميع لكتابات عديدة عن مريم العذراء تم نشرها من قبل عن العذراء الطوباوية، فهى منذ نشأة الكنيسة، قد أكرمت بلقب -والدة الإله- ثيئوتوكوس، ولهذا فالـمؤمنون يلجأون لحمايتها مبتهلين إليها فى كل مخاطرهم وحاجاتهم. وقد إزداد تكريم شعب الله لـمـريم ازديادا عجيباً، خصوصا منذ مجمع أفسس، بأنواع الإجلال والمحبة والتوسل اليها والإقتداء بها، محققا بذلك كلماتها النبوية:"جميع الأجيال تطوّبني لأن القدير صنع في عظائم" (لوقا 48:1).

ان القديسة مريم العذراء هى الإنسانة الوحيدة التى أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم "التجسد الإلهى"، ذاك الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله " الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله" (لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أمثال9:31). هذه العذراء القديسة كانت فى فكر الله وفى تدبيره منذ البدء ففى الخلاص الذى وعد به آدم وحواء قال لهما " أن نسل المرأة يسحق رأس الحية "(تك15:3). هذه المرأة هى العذراء ونسلها هو المسيح الذى سحق رأس الحية على الصليب. أن الـمـجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني يحث المؤمنين على تكريم مريم العذراء تكريما خاصاً، موضحا طبيعة هذا التكريم وأساسه والإختلاف الجوهري بين هـذا التكريم وعبادة الله،ويوضح ان إكرام أم الله موجه إلى المسيح موضوع الإيمان المسيحي، بمعنى أن مختلف صيغ التكريم للعذراء يجعل الابن يُعرف ويُحب ويُمجد.  ويحوي هذا الكتاب أيضاً الرد على تلك التساؤلات التى تتعرض لتقديم الإكرام للعذراء مريم أم يسوع محاولا الإجابـة على أهمهـا وذلك بـما تؤمن به وتعلنه الكنيسة الكاثوليكيـة عبر عصورهـا، وأطلب من الرب أن يكون هذا الكتاب سبب بركة روحيـة للجميع بشفاعة أمنا مريم العذراء.              

                                                    الشماس نبيل حليم يعقوب

لوس أنجلوس فى ديسمبر 2006                                

                     الفهرس

1.        مقدمـة

2.        العبادة والإكرام

3.        لـماذا نكرّم مريم العذراء؟

4.  كيفية إكرام مريم العذراء

5.  شروط تقديم الإكرام

6. أنواع من الإكرامات الغير مقبولة

7. إعتراضات والرد عليها

8. قراءة من القديس برناردوس

                    _____________              

 

العبـادة والإكرام

قبل الخوض فى معرفة من هى مريم العذراء أم يسوع ودورها ولماذا يلزم تقديم الإكرام لها، لابد من طرح السؤال التالي: ما هو معنى إكرام مريم؟ وهل هو عبادة أم تكريم؟

التكريم هو تقديم الإكرام والإحترام والخضوع لشخص آخر شهادة وإعترافـاً بسـمو مقامـه.

أمـا العبـادة فهى خاصـة بالله وحده بـما أنـه الرب الخالق الغير متناهـي فى الكمال والقداسـة.

لابد من أن نتفهم اولاً معنى كلمة "العبادة" والتى تُترجم بكلمة "worship" فى اللغة الإنجليزيـة، فهى تتضمن "العبادة" و"السجود" و"الإكرام"، و"الخضوع"، أو "قبول السيادة", وعندما يقال ان يقوم شخص بالعبادة فهذا  يعني إتباع نظم ورسوم معينة للتسبيح والإكرام والإعتراف والتكريس والسجود لـما هو فوق الطبيعة أو للآلهـة. وأفعال العبادة تتضمن الصلاة، تقديم الذبائح والمحرقات، ممارسة طقس أو فرائض معينة، طلب الشفاعة والتوسل، تحديد أيام للعطلات وإقامـة الإحتفالات والأعياد، الحج وزيارة الأماكن المقدسة، التسبيح والترنيم والإنشاد، بناء المعابد أو دور للعبادة، صنع تماثيل لهذه الآلهة المعبودة وغيرها. ولقد تطور إستخدام هذه الكلمة worship والمأخوذة من الكلمة الإنجليزية القديمة weorthscipe والتى تعنى حالة او شرط لإستحقاق التكريم والإحترام، ولقد استمر إستخدامها حتى عام 1972 للتعبير عن الإحترام أو الإكرام لأي شخص، ولكنها اقتصرت فيما بعد للتعبير عن الإكرام والإحترام والتقدير والعبادة المقدمة للـه وحده.

وكلمة "worship" والتى تماثلها فى اللغة اللاتينية كلمة " adortio" وفى اليونانية كلمة "latria" او "latreia" فهى مخصصة لكل أفعال العبادة التى تقدم للـه وحده. فلقد جاءت "latreia"خمس مرات فى كتب العهد الجديد وتم ترجمتها "خدمة" أو "خدمة سماويـة" أو "خدمة إلهيـة" مختصة بالرب كتقديم قربان لله (يوحنا2:16)، او تقديم ذبائح حيّة مقدسة مرضية عند الله(رومية1:12)،او فرائض العبادة او الخدمة(عبرانيين 1:9و6). أما مشتقات تلك الكلمة latreuo  وهى الفعل من الإسم  latreiaوالتى  تشير عادة الى "خدمة الله" فى الهيكل وكل ما يتضمنه ذلك من تقديم للذبائح والقرابين ولقد جاءت فى 21 موضع. فالعبادة لا تقدم إلاّ للـه وحده:"قد كٌتب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد"(متى10:4)، وحتى الملائكة لا يمكن تقديم العبادة لهم:"لا يُخيبكم احد من جِعالتكم مُبدعا مذهب تواضع وعِبادة للملائكة"(كولوسي18:2)، وحتى البشر لا يمكن تقديم العبادة لهم كما قال القديس بطرس الى كرنيليوس عندما خرّ ساجداً عند قدميه:"قُمّ فإني أنا أيضاً إنسان"(اعمال الرسل25:10). 

أما التكريم أو تقديم الإكرام "veneration" والتى تماثلها فى اللغة اللاتينية

كلمة"veneratio" أو douleia، وفى اليونانية كلمة "dulia" فهو كل ما يُقدّم للمخلوقات والتى تستحق نوعا ما من الإكرام نتيجة فضائلها وقداستها أو النعم التى أفاض بها الله عليها كالـملائكة والقديسين بـما أنهم الـمقربون إلى الله، فإحترامنا وإكرامنـا لهم راجع أولاً وأخيراً إلى الله.  ولقد جاءت هذه الكلمة doulia  فى كتب العهد الجديد خمس مرات وتم ترجمتها بمعنى "عبودية" كما جاء فى رسائل القديس بولس:"إذ لم تأخذوا روح العبودية.."(رومية 15:8و21) وفى جميعها لا تعني مطلقا ما يختص بالعبادة للـه فقط كما نرى فى الأمثلة التاليـة للكلمة ومشتقاتها: فجاءت كلمة douleuo  والتى تم ترجمتها "أن تكون عبدا" 25 مرة فى العهد الجديد، وكلمة doule والتى تعنى "آمـة" فى 3 مواضع منها ما جاء على لسان العذراء مريم :"ها أنا آمة الرب"(لوقا38:1 و48)، وكلمة doulon/doulne والتى تعنى "عبد" او "خادم" فلقد جاءت 127 مرة.

ولقد تعرّض مجمع مسكوني تم عقده فى نيقية عام 787م للبحث فى موضوع الإكرام الـمقدّم للقديسين وصورهم وحدد كلمة "dulia" لتكريمهم، وكلمة "latria" للعبادة المخصصة للـه وحده.  

والأفعال الخارجيـة للتكريم قد تشابه فى بعض الأحيان تلك المقدمـة فى

العبادة ولكنها تختلف من حيث الغرض والنيـّة.

ولقد استخدمت كلمة جديدة وهى "hyperdulia" والتى تعنى "الأكثر إكراما"، وذلك للتعبير عن أفعال الإكرام الـمقدمة للقديسة مريم أم يسوع لكونها أم يسوع الله الكلمة المتجسدة، وأول من استخدمها هو القديس توما الأكويني (مات 1274م).

كل هذه الكلمات latria ,dulia, hyperdulia فى واقع الأمر تنضوى تحت الكلمة worship ومن هنا يأتى الغموض وعدم الفهم بما تقدمه الكنيسة من إكرام للقديسة مريم أم يسوع.

وهناك كلمة أخرى تستخدم الآن للتفريق ما بين إكرام الله وعبادتـه وحده والإكرام الذى يُقدم لقديسيه، فإستخدمت كلمات كـ: "adore"، و "adoration" لوصف العبادة والسجود والتكريم والعشق المقدم للـه تعالى، وكلمات مثل:"venerate" و"veneration" و"honor" والتى تعنى تقديم الإكرام اللائق للخلائق. وفى بعض مدارس علم اللاهوت تستخدم كلمة"worship of adoration" للتعبير عن العبادة المقدمة لله تعالى، وكلمة "worship of veneration" للتعبير عن الإكرام المقدم للقديسين.

ومن العجيب ان نرى كلمة worship كما جاءت فى اللغة الإنجليزيـة والتى تماثلها فى اللغة العبريـة shakhah، قد تم إستخدامها فى الكتاب المقدس  للتعبير عن العبادة المقدمة للـه وحده وأيضاً للإكرام الذى يُقدم لبعض خلائقه، فلقد جاء فى حلم يوسف ان حزم أخوتـه قد "سجدت" sha لحزمته وان الشمس والقمر واحد عشر كوكبا "سجدت" له (تكوين7:37-9). وفى  سفر التكوين أيضا جاء فى بركة يعقوب لأولاده عن يهوذا "يسجد لك بنو أبيك"(تكوين2:49-27)، وفى سفر الخروج جاء ان موسى قد سجد لحميه (خروج7:18) وبالطبع لا يمكن ان تعني هذه الكلمة "سجد" انها عبادة او سجود والذى يُقدم للـه وحده.

وتقديم الإكرام لشخص ما له ما يؤيده فى الكتاب الـمقدس، فلقد جاء مثلا وصية إكرام الوالدين "أكرم أباك وأمك لكي يطول عُمرك فى الأرض"(خروج12:20) وهى الوصية الإلهيـة الرابعة من وصايا الله والتى أكّد عليها مراراً عديدة كما جاء "ليَهَب كل إنسان أمه وأباه"(الأحبار3:19)،"أكرم أباك وأمك كما أمرك الرب إلهك"(تثنية16:5)،و"أكرم أباك وأمك وكذا من لعن أباه او أمه فليُقتل قتلاً"(متى4:15)،"أكرم أباك وأمك. تلك أولى الوصايا فى الموعد"(افسس3:6). وأيضا من الـمهم إعطاء الكرامة للشيوخ أو لمن هم اكبر سناً"قُم قُدّام الأشيب وكرّم وجه الشيخ وإتق إلهك أنا الرب"(اخبار32:19). وأيضا يلزم تقديم الإكرام للقادة الدينيون كما

جاء:"واصنع ثياب قُدس لهرون اخيك للكرامة والبهاء"(خروج2:28).

وفى العهد الجديد جاء التأكيد على تقديم الإكرام للآخرين،فالقديس بولس أوصانا قائلاً:"أدّوا لكل حقّه الجزية لمن له الجِزية والجباية لمن له الجباية والمهابة لمن له المهابة والكرامة لمن له الكرامة"(رومية7:13). وجاء أيضا فى رسالة القديس بطرس:"أكرموا الجميع.أحبوا المؤاخاة.اتقوا الله.أكرموا الملك"(1بطرس17:2). وجاء أيضا فى العهد الجديد أهمية تقديم الإكرام للكهنة:"وليحُسب الكهنة الذين يحسنون التدبير أهلاً لكرامة مضاعفة ولا سيما الذين يتعبون فى الكلمة والتعليم"(1تيموثاوس17:5)، والسيد المسيح نفسه وعد ببركة خاصة لمن يكرمون رسله:"من قبِل نبيّاً بإسم نبي فأجر نبي ينال. ومن قبل صِدّيقاً باسم صِدّيق فأجر صِدّيق ينال"(متى41:10). فإذا كان تقديم الإكرام لشخص ما وهو ما زال حيّا على الأرض شيئاً مطلوبا ومحبوباً فكم بالأحرى تقديم الإكرام لـمن أنهوا حياتهم على الأرض فى ملء النعمة والقداسة.

ولهذا فلابد من التأكد من معنى الكلمات والأفعال التى تعبر عن العبادة والسجود والمقدمة لله وحده وأنواع الإكرامات الأخرى المقدمة للمؤمنين الذى نالوا نعمة وبركة خاصة من الله فإستحقوا ان يقدم الإكرام للـه من أجلهم.  

 

إكرام مـريـم العذراء:

إن مريم قد رُفعت بنعمة الله، وإنـمـا دون ابنها، فوق جميع الـمـلائكة وجميع البشر بكونها والدة الإله الكلية القداسة الحاضرة فى أسرار الـمـسيح. لذلك تكرمها الكنيسة بحق بشعائر خاصة. والواقع ان العذراء الطوباوية، منذ أبعد الأزمنة، قد أكرمت بلقب -والدة الإله- ثيئوتوكوس. والمؤمنون يلجأون لحمايتها مبتهلين إليها فى كل مخاطرهم وحاجاتهم.

وقد إزداد تكريم شعب الله لـمريم ازديادا عجيباً، خصوصا منذ مجمع أفسس، بأنواع الإجلال والمحبة والتوسل اليها والإقتداء بها، محققا بذلك كلماتها النبوية: "جميع الأجيال تطوبني لأن القدير صنع في عظائم" (لوقا48:1) ، إنه تكريم للعظائم الكثيرة. وهذا الإكرام أو التطويب، على النحو الذى وُجد عليه دائما فى الكنيسة، يتصف بطابع فريد على الإطلاق. غير انه يختلف اختلافا جوهريا عن العبادة التى يُعبد بها الكلمة المتجسد مع الآب والروح القدس.

إن مـختلف صيغ التقوى نحو والدة الإله تجعل من الإبن الآزلي لأجله وُجد كل شيئ (كورنثوس15:1-16)، والذى إرتضى الآب الأزلي أن يحلّ فيه الـملء كله أن يُعرف ويُحسب ويُمجد ويطاع فى وصاياه من خلال الإكرام لأمه"فالكنيسة تقدم السلام للعذراء بخشوع وإحترام كما قدمه لها الـملاك ولكن بغير عبادة فهي كأم الإله نكرّمها ونعظمّها جدا ونتشفع بها ولكن لا

يمكن أن نعبدها.

ولم يكن تقديم الإكرام لـمريم أم يسوع أو للقديسين هو وليد تعاليم جديدة بل انه جاء منحدراً من عدة مصادر مؤكدة: شهادة الكتاب الـمقدس، تفسير منـزه من الخطأ للكتاب الـمقدس والـمنقول لنا عبر المجامع الكنسية الـمسكونية، قانون الإيمان والـموضوع من القرن الثالث والرابع الـميلادي، ومن أقوال آباء الكنيسة الأولـى، ومن الـممارسات التقويـة من الـمسيحيين فى أنحاء العالم منذ بدء المسيحية وحتى يومنا هذا لإكرام مريم وطلب شفاعتها والذى يتواءم مع ما تعلّمه الكتب المقدسة، ومع خبرة مريم الإيمانية ومسيرتها مع يسوع، وأيضاً من خلال ظهوراتها خلال التاريخ فى عدة مواضع من العالم والذى نتج عنه من حث للإيمان والحفاظ على تجديد الحياة الـمسيحية فى الـمسيح يسوع. 

                  ——————-

 

                  لـماذا نُكرّم مريم العذراء؟

1. لأن مريم العذراء مـختـارة من الله منذ الأزل

جاء فى انجيل متى عن الإختيار ما يلي: "هكذا يكون الآخرون أولين و الأولون آخرين لأن المدعوين كثيرون والمختارين قليلون"(متى 16:20)، وكذلك نجد فى إنجيل يوحنا هذه الآيـة:"لا يقدر  أحد أن يقبل إلـّي إن لـم يجتذبـه الأب الذى أرسلني وأنا أقيمه فى اليوم الأخير" (يوحنا44:9).

إن هذا الإختيار هو شخصي من الله، وبحسب قصد الله:"كـما إختارنا فيه قبل تأسيس العالـم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه فى المحبة"(أفسس 4:1)، "ولكي يبين غِنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدّها للمجد" (رومية 23:9).

ابراهيم واسحق وموسى كان إختيارهم من الله والكثيرين غيرهم. ويذكر الكتاب بعض النسوة اللواتي نلن حظوة فى عيني الله والناس مثل سارة التى ولدت إبنها اسحق بطريقة عجيبة، ورفقة زوجة اسحق التى تم إختيارها من الله  وراحيل التى أحبها يعقوب والتى أعطاها الله إبن الـموعد يوسف بعد أن ظلّت عاقراً، ويهوديت مخلّصة شعب الله، واستير الـملكة ولكن أين هؤلاء من مريم العذراء ، إنـما هن إلا رموزاً عن عظمة مريم التى فاقت جميع الناس والـملائكة مجداً وعظمة.

ان تجسد كلمة الله كان يمكن أن يحدث فى أي زمان عبر القرون منذ زمن حواء

وحتى يومنا هذا، وأيضاً كان يُـمكن أن يحدث فى أي مكان من العالـم ،وكان يُـمكن أيضاً أن يكون من نسل أي إمرأة بخلاف مريم العذراء سواء قبل الوقت أو بعد الوقت الذى كانت فيـه عذراء الناصرة (لوقا26:1-27). فلـماذا ظهر الله فقط فى هذا الوقت أو كما ورد"فلما بلغ الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من إمرأة مولوداً تحت الناموس"(غلاطية4:4)؟،ولـماذا أختيرت مريـم لتكون هذه الـمرأة التى يولد منها ابن الله؟، وما الذى تتصف بـه عذراء الناصرة من الصفات أو الفضائل التى تجعلهـا أن تُصبح"ام الله"

( لوقا43:1)؟  

إن اختيار الله لإنسان ليقوم بدور ما يعتمد على ما يراه الله من صلاحية هذا الإنسان للقيام بدوره وهكذا قال السيد الـمسيح عن شاول الطرسوسي:"إن هذا لى إناءُ مختار ليحمل إسمي أمام الأمم والملوك وبني إسرائيل" (أع 15:9). وأيضاً عندما إختار الله أول ملك على شعبه وكان شاول بن قيس فيذكر عنه الكتاب الـمقدس انـه "مُنـتقى حسنُ لم يكن فى بني اسرائيل رجل أحسن منه"(1ملوك 2:9). والقديس توما الأكويني يقول:" عندما الله يختار بنفسه خليقة من خلائقه لـمهمّة خاصة، إنـه يهيئها مُسبقاً للقيام على أكـمل وجـه بالخدمة التى يقّدرها له"،وعلى هذا النحو كانت العذراء مريم قد مُنحت ما تقتضيه رسالة التجسد السري من نِعم ملائمة ليسند الله اليها دوراً كبيراً

ومهما فى التجسد والفداء والخلاص.

فإذا كان الله قد إختار مريم لتحبل وتلد الله الكلمة، فهل يمكن نحن ان لا نحتاج اليها أو أن نختارها لتكون أمـاً لنا أولتصلي معنـا؟ 

2. لأن مريم العذراء جاءت تتميمـاً لرموز ونبؤات العهد القديـم

إن الـمـسيح،كـلـمـة الله،هـو هـو أمـس واليوم والـى الأبد. لـقد كـلـّم الرب الأباء فـى القديم وكـلّم الأنبياء عن الـمسيح الـمخلّص،ويـمـتلئ العهد القديم بالرموز عن العذراء الأم الـمختارة لتكون أم الـمسيح الـفادي.

ويلّخص لنـا القديس يوحنا الدمشقي هذه الرموز فى عظة ألقاها:"لقد أصبحتِ يـا مـريـم جنة عدن الروحية أقدس وأرفع من القديـمة، ففى الأولـى كان يسكن آدم الأرضي أمـا فيكِ فيحلّ الرب الأتـي من السمـاء. لقد مـثـلتكِ سفينة نوح التى أنقذت الخليقة الثانية لأنكِ ولدتِ الـمسيح خلاص العالـم الذى غّرق الخطيئة وسكن أمواجها. أنتِ التى رمزت اليكِ ثصورتكِ العليقة ورسمتكِ الألواح التى خطتها يد الله وأخبر عنكِ تابوت العهد ومـثلتكِ مـجمـرة الذهب والـمنارة ولوحا العهد وعصا هارون التى افرخت (عب 4:9 وعدد 7و23)، وُلد منكِ من هو شعلة الألوهية الـمن السمـاوي العذب، الإسم الذى يسمو على كل اسم، النور الأزلي الذى لا يداني، خبز الحياة النازل من السماء. ألستِ أنتِ التى سبق ودل عليكِ الأتون الذى إمتزجت ناره بالندى (دا 49:3-50) "ها أنا أنظر أربعة رجال يتمشون وسط النار وما بهم ضرر ومنظر الرابع شبيه بإبن الألهة"،رمز النار الإلهية التى جاءت فحلّت فيكِ. أكاد أغفل عن سلم يعقوب، ماذا؟ ألا يتضح لكل أحد انه كان صورة عنكِ؟، فكما ان يعقوب رأى السماء متصلة بالأرض بطرفي السلم وعليه ينزل الـملائكة ويصعدون وقد اشتبك معه فى صراع رمزي القوي الذى لايغلب هكذا أصبحتِ أنتِ الوسيطة والسلم الذى نزل عليها الله نحونا وحمل ضعف طبيعتنا وإمتزج بها وجعل من الإنسان روحا يرى الله. ومـا قولي فى أيات الأنبياء ألا يجب أن تعود اليكِ إذا شئنا أن نثبت صحتها؟.  من هى العذراء التى قال عنها أشعيا انها تحبل وتلد إبناً يدعى الله معنا، أي انه يظل إلها ولو صار إنساناً.؟.من هو جبل دانيال الذى قطع منه بغير يد بشرية حجر الزاوية التى هى الـمسيح؟ أليس أنتِ التى حبلت بلا زواج ومازلت دائما عذراء؟.من هى تلك التى تكلّم عنها داود والتى جُعلت عن يمين الملك بذهب أوفير؟". 

فى سفر التكوين سنجد انـه بعد اليأس والعري واللعنـة، جاء الأمل والوعد بالخلاص:"سأجعل عداوة بينكِ (الحيّة) وبين الـمرأة وبين نسلِك ونسلهـا،هو يسحق رأسِك وأنتِ ترصيدن عقِبـه"(تكوين15:3). انـهـا نبؤة قد خرجت من فم الرب تضم الأم والإبن فـى عـمل الفداء. نسل الـمرأة يسحق رأس الحيـّة أي رأس الحيّة القديـمة وهى ابليس والشيطان (رؤيا2:20).

هذه النبؤة قيلت بفم الله،وإختار الله من كل البشريـة عائلة سام،ومن كل

عائلة سام إختار الله ليكون من بذرة إبراهيم (تكوين1:12-3)، ومن كل عائلة ابراهيم اختار يعقوب اسرائيل (تكوين 3:26و4)، ومن كل عائلة اسرائيل اختار سبط يهوذا (تكوين9:49و10 و عبرانيين 14:7)،ومن كل عائلة يهوذا يختار داود(1أخبار الأيام 12:17-14)،ومن جميع عائلة داود تتركز نبوات الـمسيا على اثنين هما سليمان الحكيم ومنه جاء يوسف خطيب مريم العذراء وهو الأب الإسمي ليسوع الـمسيح(متى6:1و16) وناثان ومنه جاءت العذراء مريم الأم الحقيقية ليسوع (لوقا31:3). 

عندما وقف الـملاك ليحي القديسة مريم قائلا لها:"السلام عليك يا ممتلئة نعمة"(لوقا 28:1)والـملاك يحييها هذه التحية قبل أن يحل عليها الروح القدس وقبل أن يتجسد الكلمة فى أحشائها الطاهرة، فمتى بدأت تحظى بهذا الإمتلاء؟

أن مريم مختارة منذ الأزل لتكون أما لإبن العلي ولذا منذ أول لحظة من وجودها

ملأها الثالوث الأقدس بالنعمة الـمقدسة وكما قال لها الـملاك إنكِ قد نلتِ

نِعـمة عند الله"(لوقا30:1).

قال القديس غريوريوس العجائبي:" ان الله قد جعل فيها كل كنوز النعمة فهي السفينة التى حملت جميع كنوز القداسة". والكنيسة ترتـل "الغير الزمني أيتها العذراء إختارك من قبل الزمان لتكون له كرسيا" والله لا يجلس إلا على كرسي الـملوكية الذى كله قداسة ونعمة. "قولوا لإبنة صهيون هوذا مـخلّصك آت ها أجرته معه وجزاؤه أمامه ويسمونهم شعباً مقدسا مفديي الرب وأنتِ تُسّمين الـمطّوبة غير الـمهجورة" (أشعيا 11:62-12).

ويقول القديس افرام السريانـي: "راحيل صرخت برجلها قائلة أعطني بني ، هنيئا لـمريم وقد حللت فى حشاها بقداسة على غير مطلبة منها، يا للموهبة التى ألقت بنفسها على آخذيها. حنة طلبت ولداً بدموع حارة، وسارة ورفقة بنذور ووعود وأليصابات بالصلاة وبعد أن طال عذابهن تعزين ".

3. لأن تكريمنا للعذراء هو تكريم لإبنها يسوع

كان مجمع أفسس المسكوني المقدس والذى انعقد فى عام 431م بحضور مئتين من الأباء الأساقفة من جميع العالم أول من وضع صيغة لتكريم والدة الله فوضعوا مقدمة قانون الإيمان:"نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الأله لأنك ولدت لنا مخلص العالم "،أي اننا نعظمها من أجل انها والدة الإلـه.

4. لأن يسوع ليس كأي إبن ومريـم ليست كأي أم

لابد ان نعرف أولاً من هو يسوع الـمسيح هو الله الكلمة، الإبن الوحيد

للـه، والكلمة المتجسدة(يوحنا1:1و14)، وهو الإبن الإلهـي. فمريم العذراء ليست كأي أم ولدت بنين فإبنها هو يسوع الـمسيح. ويسوع ليس كأي إبن فلقد جاء ليخلّص العالـم كما أعلن ملاك الرب ليوسف:"هو الذى يُخلّص شعبه من خطاياهم"(متى21:1).

4.لأن يسوع إبنها قد اكرمها هو أولاً بخضوعه لها

جاء ان يسوع كان خاضعاً لأمـه (لوقا51:2) منفذاً الوصية الإلهيـة التى شرّعها الله "أكرم أباك وأمك"(تثنية الإشتراع 16:5)، وبقبول طلبها فى عرس قانا الجليل وصنع أول عجائبه الزمنيـة (يوحنا1:25)، وحرص على ان يسلمهـا لتلميذه الحبيب ليرعاها (يوحنا 27:19). فإذا كان يسوع قد أكرم أمـه فهل نقلل نحن من إكرامهـا؟

5. لأن القديسة مريم هى عنصر أساسي فى سر التجسد

الله الكلمة أخذ من لحمها ودمها جسداً "فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم اشترك هو ايضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أي ابليس"(عبرانيين14:2).

 

6. لأن القديسة مريم قد ُدعيت فى الكتاب المقدس "الـمباركـة"

جاء الملاك جبرائيل برسالة من الله وجههـا لعذراء من الناصرة فدعاها

"مباركة أنتِ فى النساء"(لوقا28:1)، ثم تكلم الروح القدس على لسان اليصابات ودعاها قائلاً:"مباركة أنتِ فى النساء"(لوقا42:1)، وصرخت إمرأة من الجمع قائلة:"طوبى للبطن الذى حملك وللثديين اللذين رضعتهما"(لوقا27:11). ومريم نفسها عندما صرخت قائلة:"فها منذ الآن تُطوبني جميع الأجيال"(لوقا 48:1) وهنا تأكيد ورجاء.

لقب "الـمباركـة" يعني مقدسة ومستحقة لكل إكرام وكما جاء فى سفر الأمثال:"ان بنات كثيرات قد أشأن لهن فضلاً أمّا أنتِ ففقتِ عليهن جميعا"(امثال39:31)، فالله يقول لنـا ان مريم هى قديسة وانه يجب ان تُطوب، فلماذا يرفض أي شخص طاعـة كلمة الله؟

7. لأن القديسة مريم هى عمل الله

كما جاء على لسان مريم العذراء:"لأن القدير صنع بي عظائم"(لوقا19:1).

8. لأن الروح القدس سجّل ذلك فى بشارته الـمفرحـة على لسان مريم العذراء:"هوذا منذ الآن جميع الأجيل تطوبني"(لوقا48:1).

9. لأنهـا الـملكة القائـمة عن يـمين الملك كما رنّم الـمرّنم"قامت الملكة عن يمينك بذهب أوفير"(مزمور9:44).

10. لأن الله يُعظّم أولاده وقديسيه كما فعل مع يشوع بن نون كما جاء "عظّم الرب يشوع فى عيون جميع اسرائيل فهابوه كما هابوا موسى كل ايام حياته"(يشوع14:4)، أفلا يكون بالأولى من حملت الله الكلمة وأرضعته؟

11. ان كان السيد المسيح قد عظّم المرأة الكنعانية بسبب إيمانها وقال لها:"يا

إمرأة عظيم هو إيمانكِ"(متى28:15)، فكم تكون مريم التى آمنت ان  يتم ما قيل لها من قِبل الرب(لوقا45:1)؟

12. ان الله قد عظّم ابراهيـم من أجل طاعتـه "من اجل انك سمعت لقولي"(تكوين18:22)، فكم تكون مريم التى سلّمت حياتها "فليكن لي بحسب قولِك"(لوقا38:1)؟

13. إن كان يوحنا المعمدان الذى إرتكض وهو جنين فى بطن امه اليصابات حينما سمع سلام مريم العذراء(لوقا41:1) وقد وصفه السيد المسيح بانه "اعظم من ولدتهم النساء"(متى11:11)، فكم تكون مريم العذراء التى لم تكن ملاكا يهيئ طريق الرب بل هى حاملة الإله ووالدته"الروح القدس يحلّ عليكِ وقوة العلي تُظللكِ ولذلك فالقدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله"(لوقا35:1)؟

14. لأن الله امرنا قائلاً:"أكرم أباك وأمك" ولم يضع شروطاً لهذا الإكرام حتى نكرمهم بل نكرمهم من اجل أبوتهم وأمومتهم، فكم تكون مريم العذراء "حواء الجديدة" وام كل حي وام المسيح والذى نحن "الكثيرين جسد واحد فى

المسيح"(رومية5:12)؟

15. ان كان القديس يوحنا قد أبصر وسمع فى رؤياه تطويب من له حظ فى عشاء الحمل"طوبى للمدعوين الى عشاء عُرس الحَمَل"(رؤيا9:19)، فكم تكون مريم العذراء والأم والمؤمنة؟

16. ان كان من يحفظ الشريعة ووصايا الله قد طُوّب كما جاء فى سفر الأمثال:"الذى يحفظ الشريعة طوبى له"(امثال18:29)،"طوبى لمن يحفظ اقوال الكتاب"(رؤيا7:22)، فكم تكون مريم التى حافظت على تطبيق الشريعة (لوقا22:2و41) وكانت "تحفظ ذلك الكلام كله فى قلبها"(لوقا51:2)؟

17. ان كان "المتواضع بالروح يحصُل على الكرامة" (امثال23:29) فكم تكون مريم العذراء التى قالت:"ها انا آمة الرّب"(لوقا38:1) وصرخت قائلة:"لأنه نظر الى تواضع أمتهِ"(لوقا48:1)؟

18.لأن الله يكّرم قديسيه، وهذا ما وضحه الكتاب المقدس فيما يلي: "…والآن يقول الرب حاشا لي. فإني أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون"  (1ملوك30:2). ويوضح معلمنا بطرس الرسول أن الرب قد أعطى المؤمنين جميعهم أي القديسين في المسيح يسوع الكرامة بقوله: "فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة …" (1بطرس2: 7). وفي حادثة تجلي رب المجد يسوع على الجبل قد أكرم القديسين الذين رحلوا من هذا العالم عندما أحضر موسى وإيليا ليظهرا معه في تجليه أمام تلاميذه وكان يتكلم معهما(متى17: 1ـ 8). فكم يكون إكرام أم "قدوس القديسين"؟ 

19. وإن كان أهل العالم يكرّمون الأبطال وشهداء الوطن والشرفاء والأمناء في الأرض فكم يفعل الرب بأبطال الإيمان وشهداء الكنيسة والشرفاء والأمناء من عبيده القديسين؟

20. لأن أي إكرام للعذراء مريم يقودنا حتماً للسيد الـمسيح فكلمات مريم العذراء فى عرس قانا الجليل للخدام "مهما يأمركم به فإفعلوه"(يوحنا 5:2) ما زال قائماً، ففى كل الـممارسات التقوية نجد ان هدفها هو تمجيد السيد المسيح. ومريم العذراء فى جميع ظهوراتها تكرر هذا الرجاء "مهما قال لكم إفعلوه" فهى تحرص على أن تقود ابناءها نحو الـمسيح. ان كل تمجيد او إكرام مقدم ما هو إلاّ أصداء لما كان يردده شعب اسرائيل فى القديم عند قبولهم لعهد الله على جبل سيناء:"جميع ما تكلّم به الرب نعمل به..ونأتمر به"(خروج3:24و7)، وجددوه ايام يشوع (يشوع24:24)، وعزرا (عزرا12:10) ونحميا (12:5)،وهى أيضاً تلبيـة لأمر الله القائل:"هذا هو إبني الحبيب فله إسمعوا"(متى5:17). فإذا كانت مريم تطلب منا سماع كلمة يسوع وإن كان الرب يسوع يأمرنا أن نكرّم قديسيه ألا نسمع النداء؟.   

21. لأن أي إكرام يتضمن التأمل بفضائل مريم العذراء. ان التأمل فى فضائل

مريم وحياتها سوف يعكس لنا مثالاً حياً يشجع كل مؤمن على التقدم فى الفضائل الإنجيلية بفعل نعمة الروح القدس والذى حلّ على البتول وحصلنا نحن عليه فى المعمودية. سوف نتعلم من مريم إيـمانهـا وقبولها لكلمة الله (لوقا26:1-28)، وطاعتها (لوقا38:1)، وتواضعها (لوقا48:1)، ومحبتها (لوقا39:1-56)، وحكمتها (لوقا29:1ولوقا19:2)، وخدمتها للآخرين (لوقا56:1)، وممارستها للشرائع الإلهية(لوقا21:2-41)، فى شكرها لعطايا الله(لوقا46:1-49)، فى تقدمتها فى الهيكل(لوقا22:1-24)، وفى صلاتها مع المؤمنين(اعمال12:1-14)،وغربتها (متى13:2-23)،وآلامها (لوقا34:2-35و 49ويوحنا25:19)، وفقرها وثقتها فى الله (لوقا48:1و24:2)،وفى خدمتها لإبنها من الميلاد وحتى الموت على الصليب (لوقا1:2-7ويوحنا25:19-27)،فى رقة مشاعرها نحو إحتياج الآخرين(يوحنا1:2-11)، فى طهارة بتوليتها(متى18:1-25ولوقا26:1-38). هذه الفضائل والتى للأم سوف تنقلها لأبنائها والذى يتأملون فيها ويتمثلون بها فى حياتهم. ففى جميع الإكرامات والممارسات التقوية فرصة تقدمها الكنيسة المقدسة لأبنائها للنمو فى النعمة و التقوى ومحاولـة التشبه بأم يسوع وأم الكنيسة جمعاء "لكي نجعل كل إنسان كاملاً فى المسيح"(كولوسي28:1).

    

21. إكرام الموتـى فى جميع الحضارات القديمة

نجد فى العديد من الثقافات والحضارات القديمة دائما سجلات تحوي كيف كان

الإنسان القديم يُكرّم الـموتى أو الأجداد، أويكرم الشهداء الذين ماتوا فى الحروب كأبطال، أو  من شابهوا الآلهـة فى سلوكياتهم، أومن يقدمون القرابين إتقاء لغضب بعض الأرواح وإلى غير ذلك، وفى كل تلك الممارسات نجد انه كان هناك شيئ من الإعتقاد بأن هناك حياة ما بعد الـموت. فسكان أوربا القدامى وكذلك الإغريق والفراعنـة والرومان والعبرانيون والبابليون وغيرها من الحضارات القديمة مثلا نجد لديهم بعض الممارسات والإحتفالات عند الموت.  فأهرامات الفراعنة مثلا لأكبر شاهد تاريخي على تكريم موتاهم وذلك بتحنيط اجسادهم والإحتفاظ بها لإعتقادهم بخلود الروح. أما الرومان القدامى مثلهم مثل شعوب البحر الأبيض المتوسط كانوا يحرمون بشدة التعرض لأجسام الـموتى. فالأجسام كانت تُعرض لفترة من الوقت ثم تؤخذ لمكان مقدس حيث تُحرق ويوضع رمادها فى جدار المدينة. وفى بدء القرن الثاني الميلاد تحول الحرق الى دفن الأجساد تشبها ببعض العقائد او الشعوب الأخرى التى كانت تمارس دفن الأجساد. فلم تخترع المسيحية شيئاً جديداً فى تقديم الإكرام لـمن رقدوا فى الرب فى قداسة.

21.فى بدء المسيحية حيث إزداد الإضطهاد دفع العديد من المسيحيين للإختباء

تحت الأرض فى روما حيث الـمقابر catacombs، ووجدوا انفسهم يمارسون

الصلاة والخدمة وسط مقابر أجساد الـموتى الـمؤمنين وكانت تلك المقابر تستخدم كمذابح لإقامة الشعائر الدينية، وكان يصحب ذلك معجزات عديدة للشفاء وانبعاث رائحة بخور من اجساد بعض القديسين. وبالطبع مع ايمان المسيحيين بقيامة السيد المسيح من بين الأموات نتج عن ذلك الإهتمام الكبير بتكريم القديسين ورفاتهم، وحرصهم على جمع رفات الشهداء الذين كانوا يستشهدون نتيجة ثباتهم على الإيمان. ولقد أصبح طلب شفاعة هؤلاء القديسين ممارسة دائمة لإيمان الـمسيحيين بأن من ماتوا مازالوا أحياء عند الله يرفعون عنهم الصلوات أمام العرش الإلهي كما جاء فى سفر الرؤيـا "ليقدم صلوات القديسين كلهم على مذبح الذهب الذى أمام العرش"(رؤيا3:8). إذاً فتكريم مريم سلطانة جميع القديسين ليس بدعة جديدة أوجدتها الكنيسة الكاثوليكية فى العصر الحديث.

22. لأنها جاءت ضمن دستور الكنيسة

لقد جاء فى دستور الكنيسة الكاثوليكية عقب المجمع الفاتيكاني الثاني ما يلي:

"إن الكنيسة المقدسة إذ تحتفل بأسرار السيد المسيح فى دورتها السنوية، تكّرم بمحبة خاصة الطوباوية مريم والدة الله المتحدة مع ابنها فى العمل الخلاصي، إتحاداً لا ينفصم. ففى العذراء مريم تتأمل الكنيسة بإعجاب ثمرة العذراء المباركة وتمجدها. كما تتأمل فيها بإبتهاج-فى صورة بالغة الصفاء-ما تشتهى وترجو أن تكون عليه هى ذاتها وبأكملها"(دستور الطقوس الدينية-الفصل الخامس-فقرة103).

وقد اشار ايضا المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني فى دستور الطقوس الدينية، الفقرة 104 ما يلي:"هذا وقد أدخلت الكنيسة فى الدورة السنوية ذكرى الشهداء وغيرهم من القديسين الذين يُنشدون لله فى السماء التسبيح الكامل ويتشفعون لنا، بعد أن بلغوا الكمال بفضل نعم الله المتنوعة الأشكال وفازوا بالخلاص الأبدي. والكنيسة إذ تحيى أعياد ميلادهم تعلن السر الفصحي فى هؤلاء القديسين الذين تألموا مع المسيح وتمجدوا معه، وتقدم للمؤمنين قدوتهم التى تجذب الجميع الى الأب بواسطة المسيح، وتطلب إنعامات الله بفضل إستحقاقاتهم".

23. لأنه تم ممارسته عبر الأجيال من خلال الطقوس الكنسية

احتفظت الكنيسة بنصوص وعقائد إيمـانية لتكريم مريم العذراء كما تسلمته

من الرسل والأباء الأوائل (التقليد). وهذا التقليد (اي انها غير منصوص عنها فى الكتاب المقدس) حفظته الكنيسة كميراث روحي عن أباء العصور الأولـى. والتقليد فى المفهوم الروحي واللاهوتي لا يفيد مجرد عمل من الأعمال القديمة فى الكنيسة أو عادة من العادات التى وضعها القدماء، ولكن التقليد يفيد بالدرجة الأولى خبرة روحية عاشها أناس روحيون أتقياء مشهود لهم، ثم حافظ عليها أبناؤهم والأجيال التالية نتيجة إقتناع وإختبار أيضا.

كنيستنا القبطية تقدم للعذراء مريم تطوبيا وافراً وتمجيداً لائقاً بكرامتها السامية. وإذ نتتبع صلوات التسبحة اليومية ومزامير السواعى والقداس الإلهى نجد تراثاً غنياً من التعبيرات والجمل التى تشرح طوباويتها وتذكر جميع الأوصاف التى خلعتها عليها الكنيسة، وهى مأخوذة عن أصالة لاهوتية، وكلها من وضع آباء قديسين ولاهوتيين، استوحوها من الله، ومن رموز ونبوات العهد القديم، التى تحققت فى شخصية العذراء.

24. لأنها الشفيعة الـمؤتمنة عند إبنها يسوع

فى اللاهوت الكنسي ترتفع العذراء مريم فى درجة قربها من الله وبالتالي قداستها وشفاعتها أكثر من جميع الأنبياء لأن سر العذراء أعلى من موهبة النبوة، فالأنبياء قبلوا الروح القدس فى الذهن والفم لينطقوا بكلام الله الى فترة زمنية محددة، أما العذراء مريم فقد قبلت الروح القدس ليتحد بكل كيانها حتى يستطيع كلمة الله أن يأخذ من لحمها ودمها جسداً له.

إن وساطة المسيح لا تحول دون إقامة وسطاء آخرين بين الله والناس يتعاونون معاونة خدمية فى إتحاد البشر بالله. انهم يهيئون لقبول الخلاص كما هيأ المعمدان الشعب لإقتبال المخلص ولنا أمثلة عديدة من الكتاب المقدس فقد اختار الله ابراهيم واسطة تتبارك به جميع الشعوب، واختار موسى ليؤسس عهداً بين الله وشعبه، واختار الملوك والكهنة والأنبياء مسؤولين عن الشعب وحاملي مشعل العهد، اختارهم لا ليكونوا حاجزاً وفاصلاً بين الله والبشر بل  ليكونوا امتداداًمنظوراً لعمل الله فى العالم.

والـمسيح يسوع هو الوسيط الـمخلّص (1تيموثاوس 5:2) ، (أع12:4)، (عبرانيين 25:7) وبعد قيامته وصعوده جعل الكنيسة امتداداً لوساطته مع البشر فأعطى الرسل وخلفاؤهم مسؤولية نشر الكلمة والسلطان على العماد والإفخارستيا وغفران الخطايا، ولا شك انهم لا يزيدون شيئاً على وساطة المسيح ولكن المسيح يصل بواسطتهم الى جميع البشر.

و أما القديسون الذين هم أعضاء جسد الـمسيح السري الـمـمجدون والذى يتمتعون بالمجد معه "وبعد ذلك رأيت فاذا بجمع كثير لا يستطيع أحد أن يُحصيه من كل  أمّة وقبيلة وشعب ولسان واقفون أمام العرش وأمام الحَمل لابسين حُللاً بيضاً وبأيديهم سعف نخل وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص  لإلهنا الجالس على العرش وللحَمل وكان  جميع الملائكة وقوفاً حول العرش وحول الشيوخ والحيوانات الأربعة" (رؤيا 9:7-11).

فهم أحياء وليسوا أمواتـاً " أنا إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب والله ليس إله أموات وإنما هو إله أحياء"(متى32:22).       

"أدع لعلّ لك من يجيب وأنظر إلـى أيّ القديسين تلتفت"(أي 1:5) كما قال أليفاز التيمانى لأيوب.

فهم يحملون صلواتنا ويطلبون من الله من أجلنا ولهذا فنحن نصلي معهم ونطلب شفاعتهم.

هـم وسطاء لا يستطيعون استمداد شيئ لنا إلا إستناداً على إستحقاقات المسيح، ولذا فوساطتهم انما هى وساطة توسل والتماس ولا حظوة لها فى عين الله إلا إذا تمت بإسم المسيح.

فقول الرسول بولس  الى تلميذه تيموثاوس ان " الوسيط بين الله والناس واحد الإنسان يسوع المسيح" (1تيمو5:2) لا ينفى شفاعة القديسين، لأن الرسول يقصد فى كلامه ان المسيح وحده هو الشفيع والوسيط فى الخطيئة الأصلية وهو وحده الذى خلّص الجنس البشري "الذى بذل نفسه فداءاً عن الجميع". 

وعندما تصرّح الكنيسة وتؤمن بشفاعة القديسين وعلى رأسهـم الدائمة البتولية سيدتنا مريم العذراء فهذا لايعني اننا نؤمن بوسيط أو شفيع آخر فـى الخطيئة الأولى التى سقط فيها الإنسان سوى يسوع المسيح، وإنمـا نجعل سيدتنا مريم العذراء والملائكة وسائر القديسين وسطاء وشفعاء بأمورنا الجسدية وبالخطيئة التى نرتكبها نحن وليس باخطيئة التى سرت إلينا من الإنسان الأول.

فوساطة مريم العذراء ليست وساطة خلاصية بل هى وساطة تمثلية  كما أعلن الوحي على لسان بولس الرسول:"إقتدوا بـي كما أقتدي أنا بالمسيح" (1كورنثوس 1:11)، فنحن عندما نصلي لها أو الى أي من القديسين فإنـما نصلى معها الى الله وحده.

فعندما نقول فى السلام الملائكي “صلي من أجلنا نحن الخطأة” فإنما نصلي من أجل أنفسنا مع صلواتها من أجلنا كما طلب بولس الرسول الصلاة من أجله (1تسالونيكى 20:5)،(أفسس19:6)،وكما فعل أبفراس:"مجاهد كل حين لأجلكم فى الصلوات لكي تثبتوا كاملين، نامين فى مشيئة الله كلها”(كولوسى12:4)،"وصلّوا بكل صلاة ودعاء كل حين فى الروح..من أجل جميع القديسين ومن أجلي" (أفسس 16:3)،"مصلين لأجلكم كل حين" (كولوسي3:1) .

فالقديسون هم شركاء لنا فى الصلاة أمام الرب.

فمريم تشترك معنا فى شركة الصلاة"إذا اجتمع اثنين معاً للصلاة"(متى 19:18)

فهى لا تحجب صلاتنا الى الله او تقف حائلاً بيننا وبينه بل هى تشترك معنا فى الصلاة الى الله.

فشفاعـة العذراء هى مدخل للمقابلة مع المسيح.

فحينما تشفع فينا العذراء من أجل معونة أو شفاء أو توبة، انـما تدخلنا فى

مـجال علاقتها بالمسيح فالعذراء تهبنا كل إمـكانيانتها الموهوبة لها لنتقدم بها الى المسيح.

فنأخذ من العذراء جرأة طهارتها ودالة امومتها وحبها الفريد للمسيح فهى كمن يمنح العضو الأقوى فى الجسد قوته للعضو الأضعف وهى بعظمة مكانتها ودالتها تستطيع ان تتنازل عن تلك المواهب لنا فترفع الحواجز التى بيننا وبين المسيح فنـتقدم اليه بلا عائق ولا حاجز من ضعفنا لنأخذ من المسيح معونة او طلب او شفاء عز علينا او توبة تأخرت.  إن تمسك الكنيسة الشديد بالتقليد وهى تلك النصوص التى حفظتها الكنيسة كميراث روحي عن آباء العصور الأولى بإكرام القديسين الذين انتقلوا سواء بالتسبيح أو تذكار أعيادهم هو فى الحقيقة توطيد لعلاقات حية عميقة كائنة بالفعل بين الأعضاء للجسد الواحد لحساب الرأس الواحد الذى هو المسيح الرب. فهذه العلاقات مع أرواح القديسين لا تكون على حساب إيمـاننا وعلاقتنا وإرتباطنا بالرب كأنها تضعف خلاصنا فهذا إفتراض خاطئ لأن أي عمل يشد أعضاء الجسد الواحد معاً انما يزيد من كفاءة خلاص الأعضاء وخدمتهم جميعا لحساب رأس الجسد. لذلك فكل حب وكل كرامة وكل تقديس نقدمه لأشخاص القديسين الذين سبقونا إنمـا يبهج قلب المسيح ويمنحنا ثقة ورجاء حينما نشخص دائما الى نفس النصيب الذى صاروا اليه لأننا نحن ايضا صرنا أعضاء فى جسده . فبقوة إيماننا بسر الكنيسة كجسد واحد وبقوة إيمـاننا بإن إهـتمام الأعضاء فى هذا الجسد السري هو إهـتمام واحد حسب قول الوحي الإلهي على فم بولس الرسول "لئلا يكون فى الجسد شِقاق بل يكون للأعضاء إهتمام واحد بعضُها ببعض"(1كورنثوس25:12).

إذاً فنحن لنا ثقــة ان العذراء مريم والقديسين من بعدها إنمـا يتشفعون عن ضعفنا وهذه الشفاعة أي هذه الصلة السرية القائمة بيننا وبينهم بحكم الجسد الواحد.

ان العذراء مريم قديسة وكافة الـملائكة الـمباركين معتبرون قديسين، وكذلك الشهداء وبقية القديسين ولكن يسوع المسيح هو القدوس وحده قدوس القديسين وكل قديس يتقدس من الله ولا يستطيع ان يقدس أحد،

أما الرب القدوس فهو وحده الذى يُقدس ويبرر كل أحد.

أن إعلان ان مريم العذراء هى الشفيعة للمؤمنين يرجع تاريخه الى القرون الأولى

للمسيحية وجاء ان وساطتها إما (1) لأنها أم الله المملؤة نعمة فهي تحتل مكان وسيط ما بين الله ومخلوقاته،(2) او لأنها مع المسيح وبعده مباشرة تعاونت فى مصالحة الله مع البشر عندما كانت على الأرض،او (3) لأنها موزعة للنعم التى يهبها الله لعبيده المخلصين. لأي سبب من الأسباب السالفة الذكر يلزم ان يكون المفهوم ان وساطة مريم انما هي ثانوية وتعتمد أساساً على وساطة المسيح الأساسية فيعتبرها البعض (امين الخزانة) أو المتصرف للنعم السماوية. ولابد ان نفهم جيدا انها ليست هى المعطية للموهبة او النعمة السماوية وان دورها فقط هو طريقة الإنتقال. وعندما ندعوها كأم تعرف من هم البنين وحاجاتهم فهى تقدم لنا المعونة بالصلاة معنا امام الله.

ان المجمع التريدنتيني (1545-1563) أعلن فى جلسته رقم 25 والتى كانت فى 4 ديسمبر 1563:"ان القديسين الـمالكين مع السيد المسيح يقدمون صلواتهم لأجل البشر وانه حميد ومفيد ان نطلب صلواتهم بخشوع ونلتجئ الى عونهم ومساعدتهم لنوال عطايا الله ونعمه بواسطة ابنه سيدنا يسوع المسيح الذى هو وحده مخلصنا وفادينا".

ولقد أعلن البابا بيوس الثالث عشر سنة 1891 ان كل النعم والبركات انما تأتي لنا من الله عن طريق مريم، وقد تبعه بعد ذلك فى نفس الإيمان ما تبعه من الباباوات.

فشفاعة مريم ترتكز أيضا على كونها اشتركت مع ابنها فى المجد السماوي

بإنتقالها بالجسد والنفس الى السماء، فإذا كان القديسون الذى يملكون ويحيون مع المسيح كما جاء فى سفر الرؤيا (رؤيا4:20-6)،وتتفاوت درجات مجدهم حسب ما جاء فى رسالة بولس:"ومن الأجساد اجساد سماوية وأجساد أرضية ولكن مجد السماويات نوع ومجد الأرضيات نوع آخر، ومجد الشمس نوع ومـجد القمر نوع آخر ومـجد النجوم نوع آخر لأن نجماً يمتاز عن نجم فى المجد، هكذا قيامة الأموات"(1كورنثوس 40:15-42)،فكم بالحري مجد مريم تلك التى وصفها سفر الرؤيا:"وظهرت آية عظيمة فى السماء  إمراءة ملتحفة بالشمس وعلى رأسها إثني عشر كوكباً"(رؤيا12:1).وهؤلاء القديسين يتشفعون لأجل الأحياء (2مكابين 12:15-14) فكم بالحري مريم العذراء إذ انها حية فى المجد السماوي ولأنها انتقلت للحياة حيث تقف كملكة الى يمين ابنها حسب ما جاء فى مزمور 44 الذى ترى فيه الكنيسة وصفاً لمريم العذراء “ قامت الملكة عن يمينك” فشفاعتها تستمدها من وجودها الى جانب ابنها الإلهي.

إن الله قريب منا وقد صار جسداً فحل فينا وسكن بيننا ولكنه أراد بغنى رحمته ومراحمه أن يجعل البشر شركاءه فى عمل الخلاص وامتداداً لوساطته فى العالم فإن نحن أنكرنا هذه الحقيقة جعلنا من ملكوت الله ومن شركة القديسين أي المؤمنين مجموعة من الأفراد المنعزلين الذين لا رابط بينهم ولاعلاقة. وإن نحن تساءلنا عن مدى وساطة الإنسان فى خلاص الإنسان نجيب ان الله وحده يعرف هذا المقدار.

أنه بصلاة مريم مع الكنيسة فى العلية، أعطى لمريم وهى عضو فى الكنيسة دوراً بارزاً نحو المؤمنين فهى أم الكنيسة.

آية قانا الجليل حيث لم يرفض لها يسوع طلباً بل قدم ساعة مـجده لما عرضت عليه مريم حاجة الناس وحيرتهم (يوحنا4:2). فقصة عرس قانا الجليل  إنمـا تًلقى الضوء على علاقة العذراء مريم بالمسيح الرب من جهة إمـكانية تشفعهـا عن الأخرين ومدى إستجابة الرب لشفاعتها. والكنيسة تؤمن أن عرس قانا لا يزال قائماً والضيف الإلهي كما كان بالأمس هو هو قائم اليوم وإلى الأبد، والبشرية هى بعينها عاجزة وقد أفرغت خمـرها وفى أشد الحاجة إلى العون الروحي والحكمة التى تسلك بها فى ظلمة هذا العالـم، وأجران التطهير فارغة ومنسية لفشل الإنسان فى السلوك حسب الناموس والوصايا، والقلوب جافة ومتلهفة للإنعاش وهنا كل العيون تنظر الى الأم فى توسل لكي تنقل كلمة البشرية الى آذان الضيف الإلهي لكي يرحم ضعف البشرية، لا كأنه غافل عن المحبة ولا كأنه لا يسمع ولا يرى ولا كأنه كان يريد أن يسمع السؤال واضحاً. ان الرب مشتاق أن تصل الى أذنه كلمة واثقة تعبر عن حاجة الناس، ولكن من شفاه مؤمنة بقدرته السرمدية، وهو يريد قلباً يطلب بدالة، دالة البنوة الكاملة أو دالة الأمومة الواثقة. فعندما تقدمت العذراء الى يسوع بالسؤال "ليس لهم خمر" (يو 3:2) كانت شفيعة العرس كله وكل المتكئين والعالم، ولا تزال هى الشفيع لمن ليس لهم عون. إنها لا تلح بالسؤال كمن يتضرع الى إله قاس ولكنها كما قلنا بدالة شديدة تضم توسلها الى رحمته وترفع

سؤالها بالثقة حتى يبلغ الى إستجابة الرب الرحيمة والوديعة.

لقد قدس المسيح سابقه يوحنا المعمدان وهو فى بطن أمه اليصابات بواسطة مريم.

تقدمة المسيح لله الأب فى الهيكل ولكن اليدين اللتين قدمتاه للكاهن هما يدا مريم.

إن عمل العذراء فى السماء هو إمتداداً لعملها على الأرض ،فلقد لعبت دوراً كبيراً فى سر الفداء وفى ذبيحة المسيح الخلاصية وهذا الدور الفريد جعل وساطتها تختلف عن وساطة القديسين وشفاعتهم لتشمل الكنيسة بكاملها.

ان الله يفرح لأنه يتمجد فى قديسيه (غلاطية24:1).

ولقد تم دراسة دور مريم ووساطتها فى المجمع الفاتيكانى الثاني (1964) ولقد خاف البعض من إعلان انها وسيطة خوفاً من تبلبل ذلك الفكر عند غير المسيحين او غير الكاثوليك لأن الوسيط الوحيد هو المسيح يسوع كما جاء فى 1تيموثاوس5:2 وغافلين ان بولس الرسول نفسه ذكر فى موضع آخر ان موسى ايضا وسيط كما جاء فى غلاطية 19:3. وعليه أعلنوا بعد مداولة طويلة ان العذراء مريم تعترف بها الكنيسة بإنها المحامية Auxiliatrix, Adjutrix, Mediatrix   وأعلنوا بوضوح ان هذا ليس معناه انه يوجد وسيط آخر غير السيد المسيح.

25. لأن إكرام مريم العذراء جاء فى أقوال آبـاء الكنيسة

– فى وثيقة إستشهاد القديس بوليكاربوس (حوالى135م) جاء ما يلي:"لأنه لا يمكننا نحن ان نترك المسيح او ان نعبد احد غيره فنحن نعبده ونخدمه لأنه ابن الله. اما بالنسبة للشهداء ومكرموا الرب فنحن نحبهم لأعمالهم الغير عادية نحو ملكهم". وذكرت هذه الوثيقة ايضاً رفات الشهداء واعتبرتها "أحجار ثمينة" وان الكنيسة تُعيّد ذكرى الشهادة فى يوم مماتهم لكونه هو عيد ميلادهم الى السماء.

القديس غريغوريوس صانع العجائب (توفى عام 270م)

"هلّم إذن يا أولادي الأعزاء نعظّم ونمّجد ونطّوب مريم هي الفرع الذى خرج من جذر يسّى فازهر وأثـمر بنوع عجيب فائق الوصف..".

القديس ميتوديوس (+315م)

" فيا أم الله القديسة يا من فُقتِ حنّواً وحبّاً سائر القديسين قاطبة أنت الأقرب من الله لأنك الأم اننا نبتهل إليكِ بإلحاح ونستغيثك ونُشيد بـمدائحك..".

القديس مار افرام السرياني(+373)

ان العذراء مريم هي التابوت المقدّس، والمرأة التي سحقت رأس إبليس، والطاهرة وحدها نفسًا وجسدًا، والكاملة القداسة، وإذ يقابل بينها وبين حوّاء يقول: "كلتاهما بريئتان، وكلتاهما قد صنعتا متشابهتين من كل وجه، ولكنّ إحداهما صارت من بعد سبب موتنا والأخرى سبب حياتنا". ويقول في موضع آخر: "في الحقيقة، أنت، يا ربّ، وأمّك جميلان وحدكما من كل وجه وعلى كل صعيد، إذ ليس فيك، يا ربّ، ولا وصمة وليس في أمّك دنس ما البتة". ويقول فى موضع آخر: "إنها بعد الوسيط-الوسيطة للعالم بأسره".

جاء فى قوانين الرسل (الديداخي والتى يرجع تاريخها الى عام 390م)

"والآن بالنسبة الى الشهداء نقول لكم انهم مستحقون لكل كرامة منكم".

القديس جيروم (342-420م).

" مريم حازت من النعمة ما يكفيها ليس فقط لأن تكون بتولاً طاهرة، بل وأيضا بالقدر الذى يؤهلها بالشفاعة أن تمنح البتولية للأخرين الذين من اجلهم قد جاءت".

القديس كيرلس الأسكندري (توفى عام 444م)

" بكِ الثالوث يُمجّد والصليب يُعظّم ويُعبد فى المسكونة كلها. بكِ السموات تتهلل فرحاً والملائكة تبتهج والشياطين تُهزم..". وقال أيضاً فى عِظة أخرى:" تكريم للعذراء هو تكريم لسر التجسد الذى به حرر الإبن المتجسد الإنسان من اللعنة والموت"

القديس اوغسطينوس (توفى 480م)

"يا مريم المجيدة من يقدر ان يقوم نحوك بما يتوجب من الشكران على ما جُدتِ

به من المساعدة للعالم الهالك كله. بأي مديح يستطيع ان يمدحك ضعف

طبيعتنا…"

القديس ابيفانوس (توفى فى 403م)

"أيتها العذراء الطوباوية الوسيطة بين السماء والأرض. يا حمامة طاهرة هيكل

اللاهوت وعرشه…".

القديس رابولا اسقف مدينة الرها(توفى435م)

"يا عذراء بمل أنكِ أصبحت سبباً لخلاص جنسنا نحن المؤمنين ومصدراً لخيراتنا

ومجددّة تحريرنا فنحن نقابلك بالترانيم والتهاليل ايتها العفيفة ونمدحك…"

القديس جرمانوس بطريرك القسطنطينية (توفى733م)

يؤكد على دور مريم العذراء وشفاعتها من اجل البشر:"من بعد ابنكِ يُعنى عنايتك بالجنس البشري ومن يدافع دوما عنا فى شدائدنا ومن ينقذنا بسرعة من التجارب التى تهاجمنا ومن يهتم اهتمامك بالإبتهال من اجل الخطأة…".

القدّيس يوحنا الدمشقي (توفى عام 749)

يعلن أنّ مريم قدّيسة طاهرة البشارة "إذ إنّها حرصت على نقاوة النفس والجسد كما يليق بمن كانت معدّة لتتقبّل الله في أحشائها." واعتصامها بالقداسة مكنّها أن تصير هيكلاً مقدّسًا رائعًا جديرًا بالله العليّ". ومريم طاهرة منذ الحبل بها: "يا لغبطة يواكيم الذي ألقى زرعًا طاهرًا! ويا لعظمة حنّة التي نمت في أحشائها شيئًا فشيئًا ابنة كاملة القداسة". ويؤكّد أنّ "سهام العدوّ الناريّة لم تقو على النفاذ إليها"، "ولا الشهوة وجدت إليها سبيلاً".

ويعلن لنا التقليد الكنسي أن آباء الكنيسة قد أعلنوا بأن مريم هي حواء الثانية -أم كل حي وشريكة المخلص فى عملية مصالحتنا الفائقة الطبيعة فأعلن هذا كل من القديس برناردس(1444) والقديس الفونس دي ليجوري (1787) وأعلنوا جميعا ان البركات السماوية انما تأتي عن طريق مريم.

26. لأنها حواء الجديدة

لقد شُبهت مريـم العذراء من العديد من أبـاء الكنيسة وعلماؤهـا بأنهـا

"حواء الجديدة"، أو "حواء الثانيـة"، كما أن الـمسيح هو آدم الثاني:"فكما

فى آدم يموت الجميع كذلك فى المسيح سيحيا الجميع"(1كورنثوس22:15).

وحواء العهد القديم هى أم كل حي كما دعاها آدم (تكوين20:3)، والعذراء هى أم كل مؤمن بإبنهـا يسوع فلقد ولدت المسيح الإله الـمتجسد فصارت به أمـاً لكل الأعضاء المتحدة بجسده:"نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح"5:12). وايضاً حواء العهد القديم أغلقت باب الفردوس بسقوطها، ومريم أعادت فتح الباب الـمغلق فى شخص إبنهـا يسوع.  فهل لايمكن بعد ذلك للأبناء إكرام أمهم مريم حواء الجديدة؟

 

27. لأنهـا أم الله

ان هذا اللقب والذى اعلنه مجمع أفسس فى يونيو من عام 431 والذى اجتمع

أكثر من 200 أسقفاً من جميع أنحاء الأرض فى مدينة افسس فى أيام الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني ورأس الـمجمع القديس كيرلس الكبير بطريرك الأسكندريـة وذلك للدفاع ضد هرطقـة نسطور أسقف القسطنطينية الذى نادى بأن يسوع ما هو إلآّ شخصان بشري وإلهي بدلاً من شخص واحد ذو طبيعتين بشريـة وإلهيـة وبهذا تكون مريم هى أمـا لشخص يسوع البشري. وأطلق الـمجمع لقب "ثيؤتوكوس" أي "حاملـة الإلـه" على القديسة مريم، وأعلنوا:" إن كلمة "ثيؤتوكوس" لا تستحدث أي عنصر جديد فى الإيمان، وإنما تجمع فى تعبير قاطع ما استخدمته الكنيسة قبل عصور الـمجامع"يعنى ان العذراء مريم ولدت الإله الـمتأنس، أي الـمسيح بلاهوتـه وناسوتـه،وعندما نقول عن أم انها ولدت إنسانا لا نقول انها أم الجسد فقط بل أم الإنسان كله مع انها لـم تلد روح الإنسان الذى خلقه الله، هكذا تدعى القديسة مريم والدة الإله ولو انها لم تلد اللاهوت لكن ولدت الإله الـمتأنس. إذا كان السيد الـمسيح هو الله الذى ظهر فى الجسد كقول الرسول بولس:"عظيم سر التقوى الذى تجّلى فى الجسد"(1تيموثاوس16:3)، فوجب أن تدعى العذراء بأم الله فهى أم يسوع، ويسوع هو الله وعلى هذا تكون القديسة مريم هى أم الله، وبالعكس إذا لـم تكن القديسة مريم أم الله لا يكون الإبن الـمولود منها إلها. إن حبل مريم بيسوع الـمسيح لـم ينتج عنه تكوين شخص جديد لـم يكن له وجود سابق كـما هى الحال فى سائر البشر بل تكوين طبيعة بشرية اتخذها الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس الـموجود منذ الأزل فى جوهر واحد مع الآب والروح القدس. فيسوع الـمسيح ليس إلا شخص واحد، شخص الإله الـمتجسد الذى اتخذ طبيعتنا البشرية من جسد مريم وصار بذلك إبن مريم.

27. لأنها دائمة البتوليـة

بتوليـة مريـم الدائـمة كانت هى العقيدة الثانيـة التى أعلنتهـا الكنيسة

عن مريم العذراء، بعد أن أعلنت أمومتهـا الإلهية فى مجمع افسس سنة431م فحددت ذلك بقانون أصدره الـمجمع اللاترانـي ايام البابا مارتن الأول عام 649م واعتبرت من لا يؤمن بذلك يكون  "محرومـا"، ومن قبل ذلك جاء ذكر "مريم دائـمة البتوليـة" فى مجمع القسطنطينيـة الثانـي (553-554). وجاء فى قانون الإيـمان الذى يؤمن به جميع الطوائف المسيحية والذى تم وضعـه فى مجمع نيقيـة أولاً (325م) ثم فى مجمع القسطنطينيـة الأول (381م) عن ملخص إيـمانـنا بشخص الـمسيح يسوع وطبيعتـه: "الذى تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء".

وجاء المجمع المسكوني اللاتراني الرابع فى عام 1215 ليؤكد عقيدة بتولية

مريم الدائمة، ومن بعده مجمع ليون الثاني عام 1274.

وشرح القديس البابا Hormisdas (مات 523) هذه العقيدة بقوله:"ان ابن الله

اصبح ابن الإنسان ولد فى الزمن بطريقة بشرية فاتحا رحم امه لتلد

(لوقا23:2) وبقوة الله لم يُزل بتولية امه". وأكد المجمع الفاتيكاني الثاني

(1964) هذه العقيدة فأعلن:"ان الإبن البكر ابن مريم لم يُزل بكورية امه

العذراء بل قدّسها".

ان جميع الإعتراضات على بتوليـة مريم أو عدم بتوليتهـا لا يمكن أن يكون ذريعة للتقليل من شأنها وللإستهانة بها ولتبرير عدم إكرامهـا وإغفال تطويبهـا أو عدم التشفع بهـا. ان البتوليـة الدائـمة عند مريم العذراء هو إنعام ثانوي إلهـي ولكن النعمة الكبرى هو أمومتهـا الإلهيـة للـمسيح الرب الـمخلّص. وإذا رفض البعض أن يكرموها كبتول فليكرموها كوالدة للمسيح يسوع، وإذا عدّوا عدم إستمرارهـا فى البتوليـة كما يزعمون كمانع يحول دون تكريمهم لهـا فعليهم ألا يكرّموا أيـّا من أمهاتهـم!.

28. لأنها مثال وأمـا للكنيسة

القديسة مريم والكنيسة كلاهما أم وعذراء فى نفس الوقت ، كل منهما قد

حملت بالروح القدس بغير زرع بشر ، معطية ميلادا للأبن الذى بلا عيب

فالقديسة مريم هى أم الكلمة الإلهى ولدته حسب الجسد ، والكنيسة أم اعضائه

ولدتهم بالمعمودية ليشاركوا السيد المسيح حياته .

فى هذا يقول القديس اغسطينوس : " كما ولدت مريم ذاك الذى هو رأسكم ،

هكذا ولدتكم الكنيسة ، لأن الكنيسة هى أيضا أم ( ولود ) وعذراء ، أم فى

أحشاء حبنا ، وعذراء فى ايمانها غير المنثلم ، هى أم لأمم كثيرة الذين يمثلون

جسدا واحدا ، وذلك على مثال العذراء مريم أم الكثيرين وفى نفس الوقت هى

أم للواحد".

القديسة مريم عذراء حسب الجسد والروح ، أما الكنيسة فيمكن دعوتها عذراء

إذ لا تنحرف قط عن الأيمان بل تبقى أمينة على تعاليم السيد المسيح إلى النهاية.

تحمل الكنيسة ذات لقب القديسة مريم ، أى " حواء الجديدة " . فإن القديسة

مريم قد ولدت " الإبن المتجسد " واهب الحياة للمؤمنين ، أما الكنيسة فهى أم

المؤمنين الذين يتقبلون الحياة خلال اتحادهم بالرأس ، الإله المتجسد .

تشابه الكنيسة القديسة بكونها " أمة الرب " فهى كأمة الرب المتضعة ترفض

كل المجهودات البشرية الذاتية ، وتصير علامة لنعمة الله ، الذى يطلبنا فى اتضاع

طبيعتنا ليقودنا إلى مجد ملكوته .

دعى كل من القديسة مريم والكنيسة بـ " المقدسة أو القديسة " . يفسر

القديس هيبوليتس التطويب الذى ذكره موسى " مباركة من الرب أرضه ،

تبقى له وتتبارك بندى السماء " ( تث 33 : 13 ) كنبوة عن قداسة مريم ،

الأرض المباركة اذ تقبلت كلمة الله النازل كندى السماء ، يعود فيقرر انها نبوة

تشير إلى قداسة الكنيسة ، قائلا : " يمكن أن تقال عن الكنيسة ، اذ تباركت

بالرب ، كأرض مباركة ، كفردوس البركة ، أما الندى فهو الرب ، المخلص

نفسه".  ان شفاعة القديسة هى نموذج لعمل الكنيسة ، حيث يلتزم أعضاؤها

المجاهدون والمنتصرون الأقتداء بالقديسة مريم ، مصلين بغير انقطاع من أجل

تجديد العالم كله فى المسيح يسوع".

29. لأن  الـمولود من مريـم العذراء هو من الروح القدس:

جاء فى نص انجيل متى:"أما مولد الـمسيح فكان هكذا لـما خطبت مريم

أمه ليوسف وُجدت من قبل أن يجتمعا حُبلى من الروح القدس" (متى18:1).

و عندما ظهر الـملاك ليوسف فى حلم قال:"لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم فإن الـمولود منهـا هو من الروح القدس ..وكان هذا ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل ها إن العذراء تحبل وتلد إبناً ويُدعى عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا"(متى19:1-24).

وفى نص القديس لوقا:" وها أنتِ تحبلين وتلدين إبناً وتسمينه يسوع. وهذا

سيكون عظيماً وابن العليّ يُدعى. وسيعطيه الرب الإله عرش داود أبيـه ويملك على آل يعقوب الى الأبد". وعندما تسآلت مريم"كيف يكون هذا"، "فأجاب الـملاك وقال لهـا إن الروح القدس يحلّ عليكِ وقوة العليّ تُظلّلكِ ولذلك فالقدوس الـمولود منكِ يُدعى إبن الله"(لوقا31:1-32و35).

من هذه الآيات يتضح الآتـى:

(أ) ان الـمولود هو "إبن العليّ"، "الـمالك إلى الأبد"، الذى ليس لـملكه نهايـة". (ب) انـه "القدوس"،"إبن الله". (ت) ان الحـمل و الـميلاد تـما بقوة الروح القدس وبدون زرع بشر. (ث) ان قوة الله العليّ ظللّت العذراء والروح القدس نفسه حلّ عليهـا. (ج) ان الـمولود هو من العذراء نفسها "الـمولود منكِ"، بمعنى إنـه نـما كأي جنين فى بطن امـه وتغذى على طعامها وأخذ ناسوتـه بالكامل منهـا.

معنى هذا ان الجنين أو الـمولود الذى كان فى بطن مريم العذراء هو القدوس

ابن الله العليّ الـملك "الإلـه الحقيقي"(1يوحنا20:5)، وهو "صورة الله الغير

الـمنظور وبِكر كل خلق"(كولوسي15:1).لأن مريم هى عروس الروح

القدس.

30. لأنها أمـنـا

 

يعلن الوحي على لسان الرسول بولس " فإن الذين سبق فعَرفَهم سبق فحدّد أن

يكونوا مشابهين لصورة إبنه حتى يكون بِكراً مـا بين أخوة كثيـرين"

(رومية29:8)،فيسوع هو الإبن البكر لأخوةكثيرين. مريم هى أم الـمسيح

يسوع بكل أعضاء جسده السري. الـمسيح هو الرأس ونحن الأعضاء" كذلك نحن الكثيرون جسد واحد فـى الـمسيح يسوع وكل واحد منا عضو للآخرين"(رومية5:12) ولا يـمكن للأعضاء ان تحيا بدون الرأس "أنا الكرمة وأنتم الأغصان" (يوحنا5:15)،فنحن أعضاء فى كرمة الرب" فأنتم جسد المسيح وأعضاء من عضو"(1كورنثوس 27:12).

ومريم قد ولدت الجسد كله، فنحن أبناء لـمريم وإخوة ليسوع وأعضاء فى كرمتـه،وبعد أن كانت مريم أمـاً للـمسيح فقط صارت أمـا لكل من يؤمن بـه ويتبعه،وبإتحادنا فى جسد الـمـسيح أصبحنـا أبناء لـمـريم وإخوة ليسوع. إذن أمومة مريم لنا أصلها ناشئ من إيـماننا بالـمسيح وأخوتنـا لـه  ومن أننا أصبحنا أعضاء فـى جسده..أي كنيسته.

وبما ان مريم هى أمنـا وحسب وصية الله فى إكرام أمهاتنـا لهذا تستحق مريم منا كل إكرام.

30. تمجيد رجال الله وصيّة مطلوبة كما جاء على لسان يشوع بن سيراخ:"لنمدح الرجال النُجباء آباءنا الذين وُلدنا منهم. فيهم انشأ الرب مجداً كثيراً وابدى عظمته منذ الدهر"(يشوع بن سيراخ1:44)، "ليكن ذكرهم مباركا ولتزهر عظامهم من مواضعها. وليتجدد اسمهم وليمجدهم بنوهم"(يشوع بن سيراخ14"46-15)، افلا تستحق إذن منا القديسة مريم الإكرام والتمجيد؟

31. لأنهـا ملجـأ للخطــأة

نلتجئ لـمريم لأنهـا أم مثلنـا وعليه فنحن نشعر بجاذبية خاصة نحوها لتشفع لنا عند ابنها الإلهـي. ففى الواقع لا يتجاسر الخاطئ فى كثير من الظروف أن يذهب رأساً إلـى يسوع لطلب الرحمة، وذلك لأنـه يعلم كل العِلم إن يسوع هو إلهـه وخالقـه، الرب العظيم الذى أهانـه وأغضبـه وداس وصايـاه،  ولكنـه لا يخشى التقرب إلـى والدة يسوع ويطلب شفاعتهـا، لأنهـا ليست إلهه وخالقه،وليست ربـه وديـّانـه، إنـما هـى أم حنون ترثـى لشقاء إبنهـا الضال الخاطئ، فتقوده إلـى إبنهـا الإلهـى، طالبـة العفو والغفران. ويوجد فى التقليد الكنسي صلوات وتضرعات لـمريم العذراء يرجع تاريخها للقرن الثالث الـميلادي ومرفوعة لـمريم طالبة حمايتها وشفاعتها للإنقاذمن كل خطر. وطوال تاريخ الـمسيحية حتى يومنا هذا تمتلئ الكنيسة بالـمدائح والتضرعات والتسابيح والترانيم لـمريم العذراء لتشترك معنا فى شركة الصلاة إلى الله.

 

31. لأنها سلطانـة السموات والأرض

سلطانة السموات لأنهـا متوجـة بتاج العظمة والمجد لأنهـا والدة الكلمة المتجسد وهى تتطلع من عليائها بالرحمة والحنان على أبناء البشريـة، وسلطانة الأرض لأن لها مملكة واسعة النطاق حيث لها العديد من الكنائس والإيبارشيات الـمشيّدة على إسمهـا فـى جميع أنحاء الأرض بالإضافة إلـى كثير من الدول والـممالك التى اتخذت العذراء شفيعة ولها أبناء عديدون يدينون لهـا بالخضوع والحب والولاء لأنهـا أم يسوع وأمهـم. إن مريم صارت حقاً سلطانـة السموات والأرض فـى الوقت الذى أصبحت فيـه أم الله صانع السموات والأرض (مزمور2:120).

ان لقب ملكـة أو سلطانـة أُعطـي للعذراء مريـم منذ بدء القرن الرابع الـميلادى كدلالـة على مكانتهـا وقوة شفاعتهـا، ولقد أُدخل فـى كثيـر من الصلوات الطقسية،وحتـى فـى الفنون حيث تُرسم العذراء وعلى رأسهـا تاج. فـى نص بشارة الـملاك جبرائيل للعذراء أن إبنهـا "سيعطيه الرب الإلـه عرش داود أبيـه ويـملك على آل يعقوب إلـى الأبـد" (لوقا32:1)،وفـى كلمات أليصابات عندما صاحت بصوت عظيم "من أين لـي هذا أن تأتـى أم ربـي إلـيّ" (لوقا43:1) نجد إنـه بسبب مُلك إبنهـا حصلت مريـم على هذا الشرف أن تكون "أم الرب الـملك" أي "الـملكة". ومن أجل الحب الـمستمر للمخلّص ولرسالتـه من أجل البشر، ولأنهـا كانت رسولـة وتلميذة كاملة تبعت تعاليـم السيد الـمسيح وعـملت إرادة الآب السماوي فإستحقت أن تدخل ملكوت السماوات (متى21:7) وأن تنال إكليل الحياة (رؤ10:2) وأن تجلس معه على عرشه حسب وعد السيد المسيح للمؤمنيـن"أؤتيـه أن يجلس معي على عرشي" (رؤيا21:3). ومزمور داود يُعظّم الـملك والـملكة القائـمة عن يـمينه "قامت الـملكة عن يـمينك بذهب أوفيـر"(مز10:44).

ومُلك العذراء مريـم يجب أن يُفهم على انـه فـى الحب والخدمـة وليس للدينونـة والحُكم، فسينكا الفيلسوف يعّلم قائلا: "إن جلالة الـملوك والـملكات إنـما تتلألأ فـى إسعافهم الـمساكين وإحسانهم إليهم وتكون غايتهم هو خيـر رعايـاهـم"، ومريم "ملكة الرحـمة" أمضت كل حياتهـا فى الأرض فـى تواضع وخدمـة مستـمرة "هـا أنـا آمـة الرب"(لوقا28:1)، ومع يسوع إبنـها وخضوعهـا التام لـه ولرسالتـه حتى الصليب والقيامـة،وحتـى بعد موتهـا واصلت خدمتهـا نحو أبناءهـا لتساعدهـم للوصول للحياة مع الله.

فمريـم إبنة صهيون       

و مسكن الله

و الإبنة الـمختارة         

و الـملكة والأم والـمباركـة

                     ألا تستحق منـا الإكرام اللائق؟

                   —————



               كيفيـة تقديـم الإكرام لمريـم العذراء

1. التأمل بفضائلها وأعمالها والإقتداء بسيرتها

2. من خلال الطقوس الكنسية

3. من خلال التسابيح والأناشيد والترانيم وتعلّمها

4. تخصيص أيام للإحتفال بأعيادها

5. ممارسة الأصوام والإماتات الجسدية والروحية

6. المساهمة فى بناء دور العبادة  وتسمية الكنائس والأديرة بإسمها

7. تخصيص احد الأيام أو الأسابيع أو الشهور للصلاة والتسبيح والصوم

8. وضع الصور والأيقونات والتماثيل وإنارة الشموع وتزيينهم

9. بتسمية بناتنا بإسمها المبارك

10. بتلاوة المسبحة الوردية او ترديد الطلبات او التسعاويات

11. بتحديد التعاليم الخاصة بها من خلال المجامع الكنسية و السلطة الكنسية

12. فى طلب شفاعتها

13. الإستجابة للرسائل السماوية فى ظهوراتها

14. فى التأمل وتكريـم ألقابهـا

15. فى تكريس الذات لقلبها الطاهر

16. بدعوة الأخريـن الى التمثل بها وطلب شفاعتها

17. بتقديم العطاء للمؤسسات الخيريـة

18. الإنضمام للجمعيات والأخويات المريمية كجمعية جنود مريم

19. إقامة الـمزارات أو الـمغارات الـمريمية

20. زراعة بساتين وورود تحمل بعض التشبيهات للفضائل المريمية

21. تخصيص البلدة او المدينة تحت شفاعة مريم

22. حمل الأيقونات أو الإشتراك فى ثوب سيدة الكرمل وفى ثوب الحبل بلادنس أوحمل مسبحة العذراء  

 ان تكريم مريم العذراء أو القديسين ليس فقط لـمجرد اننا نريد ان نقدم الحمد والشكر لهم، فهم مممتلئون من الـمواهب السماويـة ولن يضيف حمدنا أو إكرامنا لهم اي شيئ للمجد السماوي الذين يتمتعون بـه الآن.  نحن نكرّم القديسين لأننا معجبون بهم وإعجابنا هذا سيؤدى لأن نحبهم، ومحبتنـا هذه ستدفعنـا لأن نتمثل بسيرتهم وبهذا ننال رضى الآب السماوي ورضاهم عنـّا فيداوموا الصلاة من أجلنا. ان تلاوة صلاة امام تمثال او صورة لأحد القديسين او وضع باقة من الزهور او حتى التناول من الاسرار الإلهية فى عيد هذا القديس او ذاك،مع انها كلها اعمال حسنة ولكن ما جدواها إن لم يكن القلب والحياة اليومية تعكس نفس إيمان والـممارسات التقويـة التى مارسها القديسون فى حياتهم على الأرض فنالوا بها تلك الأمجاد السماويـة. 

شروط تقديم الإكرام

إن مريم الـمحامية القوية والشفيعة التى لا تُرد شفاعتها هـي فقط لـمنسحقي القلوب.

فى التجربة..فى الضيق..فى الخطر..فى الحزن..وحتى فى الفرح..فى كل وقت نذهب الى مريم ندعوها ان تكون معنا كما كانت وقت مذبحة أطفال بيت لحم ووقت عرس قانا الجليل..إن الإلتجاء الى مريم وطلب شفاعتها إيمان راسخ منذ الأجيال الأولى فى الكنيسة وتمتلئ الطقوس الكنسية بالـمدائح والطلبات والصلوات لـمريم العذراء فلا نخجل من اللجوء الى مريم ونصرخ اليها ان تصلي معنا الى ابنها الإلهي ليرفع هذا الحزن او ليعطينا الصبر للإحتمال وفى كل هذا نكون متمثلين بمريم فى إحتمالها لسيف الوجع الذى غرس فى قلبها او فى إتضاعها وقبولها لمشيئة الرب "ليكن لي حسب قولك".

وهذا الإكرام يتطلب منـا أن نعمل كل شيئ ومريم هي قدوتنا

أن نقتدي بقدر الإمكان بحياة مريم العذراء فى كل ما نصنعه . قال يسوع " ياأبتاه..أنا مـجّدتك على الأرض، إذ اتممت العمل الذى أعطيتني لأعمله" (يو 4:17) ، ان الله يتمجد بالعمل الذى نعمله وفقا لإرادة الله وبالثمار التى نعملها "بهذا يتمجد أبي وتكونون تلاميذي إذا أتيتم بثمر كثير" (يو8:15). فمريم قد استسلمت لإرادة الله "ها أنا آمة الرب فليكن لي بحسب قولك"

(لوقا38:1).

فمسيرة مريم هى مسيرة كل مسيحي يدخل بالإيمان فى علاقة مع الله. وبالنظر الى مريم نسير كما سارت وتكون غايتنا الأخيرة هي المسيح يسوع وحده .مريم عاشت حياة الأرض بكل ما فيها من صعاب وقلق, عاشت فقيرة ولم تضطرب ولم تقلق وواظبت على صلتها بالله والهيكل.

عاشت مطرودة , غريبة فى أرض بعيدة عن وطنها ولم تتكاسل أو تهرب من أمام الرب.

عاشت حياة الترمل ولم تتذمر أو تشتكي بل واظبت صلاتها ورسالتها.

عاشت ثكلى بعد رحيل الإبن ولم تلعن السماء والأرض..

عاشت عذراء عفيفة ولم تشتهي إلا أن تكون آمـة للرب…

عاشت زوجـة ترعى منزلها وواجباتها ولم تهمل بيتها او الإهتمام برعاية ابنهـا الوحيد رغما عن ضآلة الدخل.

وهذا الإكرام يتطلب منـا أن نكون مشابهين صورة إبنها

"اهتموا بـما فوق لا بـما على الأرض" (كولوسي 2:3)

 فهل رأت فيك مريم يسوعاً آخر؟..لا فى صنع الـمعجزات بل فى نشر الحب والسلام وإنكار الذات وخدمة الفقراء…هل رأت فيك مريم إنسانا سلم إرادته كلها لأبيه السماوي؟..وهل رأت فيك إنسانا يحيا فى العالم وهو ليس فى العالم لأنه من فوق؟..هل رأت فيك إنسانا متواضعاً غير مـحباً للمال منفذاً إرادة السماء وليست إرادتك أنت؟..هل رأت فيك نور الـمسيح وعظمة ومجد الله؟..وهـل رأت فيك القداسة والبر ومحبة القريب؟.

وهذا الإكرام يتطلب منـا ان نكون مواظبين على الصلاة

ما هى أقرب الصلوات الى قلب مريم؟ ..أي صلاة كانت صغيرة أو كبيرة يلزم أن تكون مـستمرة وثابتة وبعمق وإيـمـان.

فهل تصلي أم لا؟..هل صلاتك مستـمرة؟..هل تعي ما تقوله فى صلاتك أم هى تـمـتـمات شفاه فقط؟..هل تكون متخليا عن كل شهوة أرضية أو دنس عند إقترابك من الصلاة؟..هل تعلم ان الصلاة هى لقاء الـمحبين فلا تقول إني أحب الله او مريم وانت لا تصلي؟..هل رأت فيك مريم رجلا للصلاة كأرميا وموسى وداود ودانيال وكإبنها يسوع الذى لم يترك فرصة إلا وانفرد وصلى لأبيه السماوي؟..هل تسمع مريم صلواتك وهى لا تطلب إلا الشهوات الأرضية ومجد الأرض؟

هذا الإكرام يتطلب منـا أن نكون منفذين لـمشيئة الرب ووصاياه

إن كل إهتمام الشخص الـمـسؤول هو أن يرعى ويلبي طلبات من يحبه وليس فقط فى مأكل أو مشرب أو مستلزمات الحياة بل ايضا كل ما يدخل السعادة فى قلب الـمحبوب..وإذ نقول اننا نحب مريم فهي لها طِلبة واحدة أعلنتها فى القديم ومازالت تعلنها فى كل وقت وزمان ومكان.."مـهـما قال لكم فأفعلوه" (يو 5:2)..أعلنتها فىعرس قانا الجليل وهى الوصية الوحيدة التى ترددها دائما لأبنائها وبها توجه قلبنا سراً إلى وصايا الـمـسيح، لتتميمها بكل دقة كما أوصت أصحاب العرس..

هذا الإكرام يتطلب منـا بعض الـممارسات التقوية

حضور الذبيحة الإلهية والتى هى تجسيد لحياة ومجد السيد الـمسيح

تلاوة أبانا والسلام والمجد شكراً للرب يوميا.

قراءة يومية فى الكتاب المقدس والتأمل فى ما تم قراءته

قراءة كتب مخصصة عن مريم العذراء

الإلتزام بأصوام الكنيسة

خدمة الأخرين

الـتقدم لسر التوبة.

 

أنواع من الإكرامات الغير مقبولـة

حدد القديس لويس دى مونفور (+1716) سبعة أنواع من مكرموا مريم البتول وإعتبرهم انهم يقدمون تكريـما كاذبـاً:

1.الـمستهزئين: وهم من يستهزئون بأي إكرام يُقدم للعذراء مريم ولا يؤمنون بضرورة تقديم أي تطويب لها بل يستهزئون ممن يكّرمونـها. وهم غالبا ما يكون قد أعمتهم كبرياؤهم ويعتمدون على علومهم فلا يصدقون اخبار المعجزات ويسخرون ممن يسجد امام صورة أو تمثال للعذراء.

2. الـمرتابين: وهم من يتشككون من أي إكرام يٌقدم للعذراء مريم سوف يبعدهم عن العبادة الجوهريـة والسامية نحو السيد المسيح. وقد يتمادى هؤلاء فى الإحتجاج بأن أي تطويب للعذراء هو خدعة شيطانية.

3. الظاهريـين: وهم أولئك الذين يكتفون بالأعمال الخارجية الظاهرة عند تقديم الإكرام للعذراء وأما قلوبهم فهى بعيدة كل البعد عن الله ومريم أمـه.

4. الـطمّاعيـن: وهم أولئك الذين يصرّون على معاصيهم وأثامهم وطامعين فى البتول ولا يرجعون الى الله.

5. غير الثابتيـن: وهم أولئك الذين ليس لهم ثبات فى أي ممارسات تقويـة.

6.الـمرائيـن: وهم اولئك الذين يخدعون الناس بممارسات تبدو تقوية لينالوا مديح العالم ويظهروا أبراراً صالحين.

7.الزمنييـن: وهم أولئك الذين لا يقدمون الإكرام إلاّ لتحقيق أمانيهم الزمنية كأن ينجحوا فى دراسة او للتخلص من مرض او مشكلة ما.

فالحذر أن نشابه فى إكرامنا لأمنـا مريم العذراء أيـّا من هؤلاء ولنطلب معونـة الله ومريم لكي نكون بحق أبنـاء يكّرمون بكل حب دائم أمهم الحبيبـة متمثليـن بأخونا البكر يسوع الـمسيح.

                   ———————

إعتراضات والرد عليهـا

س1. على الرغم من الإهتمام الكبير بمريم فى الكنيسة الكاثوليكية إلاّ انه لم يذكر الكتاب المقدس إلاّ القليل عنها فمثلا لم تُذكر مطلقا من بطرس وبولس ويعقوب ويوحنا واكثر من هذا فلا توجد رسالة من رسائل العهد الجديد قد جاء ذكر لها. ان هذه الملاحظة مهمة امام علم اللاهوت المريمي كما اخترعته الكنيسة الكاثوليكية وهذا الكمّ الهائل من الإكرامات والعبادات المقدمة لها. ومن العجيب ايضاً ان جميع هذه التعاليم والتى تخص مريم هى بالفعل تعاليم حديثة (الحبل بلا دنس 1854 وانتقالها للسماء عام 1950)؟

لقد جاء فى انجيل يوحنا عن القديسة مريم فى عدة مواضع وخاصة عند الصليب (يوحنا25:19-27) عندما كان يسوع تحت الآلام وهو معلق على خشبة العار حاملاً خطايا البشر ووسط كل ذلك فكّر فى امه وبمن يعتنى بها من بعده. ان يسوع والذى احب مريم بهذا  المقدار فهل نحبها نحن اقل؟. لم تخترع الكنيسة الكاثوليكية تعليما جديدا بل جاءت الإعلانات فى عصرنا الحديث تتويجا لما تناقلته الأجيال عبرعصور الكنيسة من تقديم الإكرام والمدائح والإماتات الروحية لمريم ام يسوع وذلك لإيمانها بمكانة مريم فى الكنيسة وفى خطة الله الخلاصية للبشر منذ ان سلّمت نفسها كاملة لله 

س2. لقد كرّم الملاك مريم كأم ليسوع ودعاها "مباركة بين النساء" وليس فوق النساء (لوقا28:1) وهذا لا يعنى انه يدعونا ان نؤلها او نعبدها او نصلي لها. لقد وصف الكتاب المقدس مريم كإمرأة مطيعة وفاضلة ومُحبة ولكن لم يفرض علينا عبادتها لأن مثل هذا التعليم هو شرك بالله؟

ان الترجمة السليمة لتحية الملاك لمريم:"السلام لكِ يا ممتلئة نِعمة مباركة انت فى النساء" وهذا لا يعنى مطلقا انها مؤلهة ولم تعّلم الكنيسة مطلقاً ان نعبد مريم ولا يوجد تعليم او دستور او قانون كنسي يفرض على المؤمنين تقديم العبادة لمريم ام يسوع.

س.3. قال الله انه "لا يُعطى مجده لآخر"(اشعيا8:42) فلماذا يُعطى المجد لمريم؟

ان هذه الآية بكاملها كما جاءت:"انا الرب وهذا اسمي ولا اعطى لآخر مجدي ولا للمنحوتات حمدي"؟، انما تشير الى المنحوتات والتماثيل  فالله لا يريدنا ان نقدّم أي مجد او عبادة الى أي آلهة كاذبة. ان الكنيسة الكاثوليكية فى تعاليمها لا تقدم العبادة لمريم بل تكريم فائق لمكانتها الفائقة فوق الملائكة والقديسين والأبرار. ان الله الخالق لا يعطى المجد الذى له وحده لأي مخلوق آخر سواه حتى الى مريم ولكنه يمنح النعمة والمجد للأبرار كما جاء "يؤتي النعمة والمجد"(مزمور11:83)،وكون مريم "الممتلئة نِعمة" فهى قد تمجدت من قِبل الرب عندما اختارها لتكون أماً لله الكلمة ولهذا استحقت التكريم وليس العبادة.  

س4. كيف يمكن الإدعاء بأن الكنيسة الكاثوليكية لا تعبد مريم بينما اهم الصلوات الكاثوليكية هى المسبحة الوردية هى صلاة الى مريم؟

ان الذبيحة الإلهية للقداس هى اهم صلاة كاثوليكية وليست المسبحة الوردية والقداس هو ذبيحة مقدمة لله تعالى. فهل تقدم الكنيسة الكاثوليكية الذبائح الى مريم؟ بالطبع لا وعلى هذا فلا يمكن اتهام الكنيسة الكاثوليكية بعبادة مريم.

س5. حيث ان هناك ملايين من المسيحيين الصالحين لا يقدموا الإكرام لمريم فهل هذا يعني فى الحقيقة ان هناك أي ضرورة لتقديم مثل هذا الإكرام؟

هذا السؤال يشابه القول بأن سر الافخارستيا او سر التناول المقدس ليس هو الطريق الوحيد للحصول على الخلاص فهل هذا يعنى عدم ممارسته؟ وعليه فيمكن طرح السؤال بطريقة اخرى: هل من الضروري إدخال مثل هذا الإكرام؟ وتكون الإجابة – غير ضروري. ولكن يتبع ذلك سؤال آخر هل مثل ذلك الإكرام مطابق لمشيئة الله وخطته الخلاصية هنا تكون الإجابة بنعم. فعندما لا يُقدم الإكرام لمريم فهذا يعنى انها مثل أي مسيحي عادي لا يستحق أي تكريم أكثر من أي عضو آخر و انه من غير الضروري ان تُذكر او أن نتشبه بها، واذا كان هذا صحيحاً فكيف وصفها الكتاب المقدس "المباركة" (لوقا 28:1)؟، وكيف نطق الروح القدس على لسان القديسة اليصابات:"مباركة أنتِ فى النساء"(لوقا42:1)، وما نطقت به مريم نفسها وهى ممتلئة من الروح القدس "فها منذ الآن تُطوبني جميع الأجيال"(لوقا48:1)، وكيف يطلق عليها كل مكرموها لقب "القديسة مريم العذراء"؟

س6. هل يمكن ان يكون مثل هذا الإكرام عبارة عن تعصب وهلوسة مريمية قد يؤدى الى أخطاء  لاهوتية حقيقية؟

هذا ممكن. لكن إذا لم يصبح الإكرام فى حدود التعاليم الكنسية كما حددها المجمع الفاتيكاني الثاني والتى حذّرت من الإفراط فى هذا التكريم أو إهمال ان مريم لم تكن فى حاجة للخلاص، أو بإعطاء مريم مكانة خاصة وإعتبارها انها أرحم من يسوع مثلا او بإعتبارها شخصية كتابية كالشخصيات الأخرى ومن انها ليست إلاّ اماً ليسوع وانتهى بهذا دورها والى غير ذلك من التعاليم التى  تقلل او ترفع ممارسيات المؤمنين التقوية الى درجة الإنكار أو العبادة.   

س7. هل هناك أدلة من الكتاب المقدس تؤيد "شفاعة القديسين" عموما؟تذكر كلمة الشفاعة مرات عديدة في العهدين القديم والجديد، وقد ترجمت الكلمات العبرية واليونانية الدالة عليها إلى العديد من الكلمات التي توضح المعنى ففي العهد القديم تدل عليها كلمة egp (بغى) العبرية والتي تعطى معنى قريب من المعنى العربي للكلمة بمعنى: "أراد الشيء وطلبه وألح فيه"، "يقدم التماسا بغرض قبوله"، "يتوسط" وقد ترجمت هذه الكلمة إلى "يلح" في (راعوث 1: 16، إرميا 7: 16)، و"يلتمس" في (تك 23: 8، أي 21: 15)، و"يتوسل" في (إرميا 27: 18)، و"يتضرع" (إرميا 15: 11).

أما في العهد الجديد فقد دلت عليها الكلمة اليونانية entugcanw (انتيجخانو) بمعنى "يلتمس أو يتوسل" (أع 25: 24، رو 8: 26 و27 و34، 11: 2، عب 7: 25)، كما ترجمت إلى كلمة صلاة في (1 تي 4: 5)، ابتهالات في ( 1 تي 2: 1).ويتضح في العديد من هذه المواقع السابقة أن الشفاعة مقبولة بل مطلوبة من رجال الله الأنبياء والقديسين من أجل سكان الشعوب التي يعيشون بينهم ومن أجل شفاء آخرين أو التوسل من أجل عدم هلاكهم.  ومن الضروري حينما نتحدث عن الكنيسة أن لا نتحدث عنها بصورة أحياء وأموات، فمن الخطأ أن نعتقد أن الذين يعيشون الآن من أعضاء الكنيسة هم الأحياء بينما المنتقلين من الآباء والقديسين هم أموات حيث أن هذا مخالف لتعاليم السيد المسيح نفسه حينما يقول:" أنا اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب، ليس الله اله أموات بل اله أحياء" (متى 22: 32). "ليس هو اله أموات بل اله أحياء. فأنتم إذا تضلون كثيراً" (مرقس 12: 27)، "وليس هو اله أموات بل اله أحياء لأن الجميع عنده أحياء" (لوقا 20: 38). فمن الضروري أن نتحدث عن الكنيسة باعتبارها كنيسة واحدة، جسد المسيح الحي، بقسميها الكنيسة المنتصرة وتشمل المنتقلين الذين أكملوا جهادهم على الأرض وهم الآن أحياء بأرواحهم في الفردوس، والكنيسة المجاهدة وتشملنا نحن الذين نجاهد من أجل أن نكمل سعينا بخوف ورعدة. إذن فالقديسون أحياء في السموات وليسوا أمواتا، فعلاقتنا إذن ليست بأموات بل بأحياء وإن كانوا غير مرئيين لأنهم ليسوا في الجسد. ويحتوي العهدين القديم والجديد على العشرات من المواضع التي تتحدث عن قبول الله لشفاعة قديسيه وأنبيائه:

+ "لا تصرف رحمتك عنا لأجل ابراهيم خليلك واسحق عبدك واسرائيل قديسك" (دانيال35:3).

+ "أرجع الينا من أجل عبيدك أسباط ميراثك" (اشعيا 17:63).

+ قال الرب لسليمان الذى لم يكن محافظا على وصاياه "سأشق الملك عنك وأدفعه الى عبدك إلا اني لا أفعل ذلك فى أيامك من أجل داود أبيك بل من يد ابنك أشقه ولا أشق الملك كله ولكن أعطي لأبنك سبطاً واحداً من أجل داود عبدي" (3ملوك13:11).

+"رأيت فإذا وسط العرش حمل قائم وكأنه مذبوح فأتى واحد وأخذ الكتاب من يمين الجالس على العرش ولما أخذ الكتاب خرت الحيوانات الأربعة والأربعة وعشرون شيخاً أمام الحمل وكان الكل معهم كنارة وجامات من ذهب ممتلئة بخوراً هى صلوات القديسين"(رؤ 8:5-9). وأيضا "أعطى بخوراً كثيراً ليقدم صلوات القديسين كلهم على مذبح الذهب أمام العرش"

(رؤ 3:8). فهل من رمز أوضح من البخور لبيان مالصلوات القديسين من القبول لدى الله من الرائحة الذكية.

+ "عندما الحمل فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس المقتولين لأجل كلمة الله ولأجل الشهادة التى شهدوا بها فصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس الحق لا تقضي لدمائنا من سكان الأرض فاعطى كل واحد منهم حلة بيضاء وأُمروا أن يستريحوا مدة يسيرة بعد إلى أن يكمل عدد شركائهم فى الخدمة وأخوتهم الذى سيقتلون مثلهم” (رؤ 9:9-11) فها أن أرواح الشهداء تلتمس من الله وهى فى السماء أن ينتقم عدله لدمائهم

المسفوكة ظلماً وإعتداءاً ، فأجاب الله طلبهم مؤجلاً نفاذه حتى يكمل عدد

اخوتهم. وفعلا عندما آن الآوان لحلول غضب الله على روما الوثنية وحلت بها الضربات السماوية دوى صوت فى السماء “إشمتي ايتها السماء وأيها القديسون والرسل والأنبياء فإن الله قد إنتقم لكم منها” (رؤ 20:18).

جاء أيضا فى سفر الرؤيا “النعمة لكم والسلام من الكائن والذى كان والذى سيأتي ومن الأرواح السبعة ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين وبكر الأموات” (رؤ 5:4) وهنا ذكر للأرواح السبعة والمقصود بها الملائكة والتى تهبنا السلام بإعتبار انهم شفعاء لنا لدى الله.

+"ويكون فرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين"

(لو 7:5) وهنا يؤكد السيد المسيح ان سكان السماء يفرحون بتوبة الخاطئ،

فكيف علموا بهذه التوبة؟..وأليس هذا دليل على انه توجد صلة بين السماويين

ونحن البشر.

+ قول يسوع " احذروا ان تحتقروا أحد هـؤلاء الصغار فإني أقول لكم ام ملائكتهم فى السموات كل حين يعاينون وجه أبي الذى فى السماوات" (مت 10:18). وهـذا برهان على ان الملائكة فى السماوات يعرفون ما يحدث على الأرض كإحتقار أحد الصغار الذين يحرسونهـم.

ان القول بعدم معرفة سكان السماء لصلوات الأرضيين مردود عليها بما هو

مدون فى سفر الرؤيا (رؤ 3:8-4) " وجاء ملاك آخر ووقف عند المذبح ومعه مـجمـرة من ذهب فأُعطي بخوراً كثيراً ليقدم صلوات القديسين كلهم على مذبح الذهب الذى أمام العرش فصعد دخان البخور من صلوات القديسين من يد ملاك الله"  وهذه عن الملاك الذى يقدم لله صلوات القديسين كلهم وكما جاء فى( رؤ8:5 ) ، فهل من الجائز ان خلائق مثل الملائكة والقديسين يرفعون صلوات الأرضيين ولا يدرون أمرها.

جاء فى رسالة بولس الرسول "أليس جميعهم أرواح خادمة ترسل للخدمة من أجل الذين سيرثون الخلاص" (عب 14:1) وهنا نجد ملائكة منتدبة للخدمة فهل لاتعرف من تخدم وتقف على احتياجة .

+اذا كنت تصلي بالدموع وتدفن الموتى فأنا الملاك روفائيل كنت أقدم صلاتك الى الله" (طوبيا 12:12).

+"دنوتتم الى جبل صهيون ومدينة الله الحي أورشليم السماوية والى محفل ربوات من الملائكة والى كنيسة الأبكار المكتوبين فى السماوات والى الله ديان الجميع والى أرواح الصديقين المكملين والى يسوع وسيط العهد الجديد" (عب 22:12-24).

+ ابراهيم صلى من أجل ابيمالك “ أردد امراءة الرجل فإنه نبي وهو يدعو لك فتحيا"(تك 7:20).

+ طلب الله من أليفاز التيماني احد أصدقاء أيوب الثلاثة  ان يأخذ 7 ثيران و7 كباش وينطلقوا الى أيوب وأن يصعدوا محرقة “ وعبدي أيوب يصلي من أجلكم فإنى أرفع وجهه” (أيوب 7:42-8).

وأيضا قبل هـذا عندما جاء اليفاز التيماني ليعزي أيوب قال له "ادع لعل لك من يجيب وأنظر إلى أي القديسين تلفت" (أيوب 1:5)، وهنا يحث اليفاز ايوب على ان يطلب الى الله بواسطة قديسيه.

+ بولس الرسول وطلبه الصلاة من أجله “ أسألكم ايها الأخوة بربنا يسوع المسيح ومحبة الروح القدس أن تجاهدوا معي فى الصلوات الى الله من أجلي “ (رو 30:15)، “صلوا بكل أناة ودعاء من أجل القديسين ومن أجلي “ (أف 18:6).

+ "صلوا بعضكم لأجل بعض لكي تبرأوا" (يع 9:5).

+ أن الله بارك اسحق وأكثر نسله إكراماً لأبيه الراقد اذ قال له " أُكثر نسلك من أجل ان ابراهيم سمع قولي، فإني معك أباركك من أجل عبدي ابراهيم" (تك 24:26) وهذا ايضا دليل على ان الله يكرم قديسيه الراقدين.

+ ان أرميا النبي لما تشفع الى الله ان يرحم الشعب على ما حـل به من شدة القجط لم يقبل شفاعته نظراً لعظم خطيئة الشعب بل أجابه قائلاً “ وقال الرب لو أن موسى وصموئيل وقفا أمامي لما توجهت نفسي الى هذا الشعب فأطرحهم عن وجهي وليخرجوا “ (أر 1:15). وهـذا برهان من فم القدوس على ان قديسيه الراقدين كموسى وصموئيل يقفون امامه ويتشفعون فينا ويقبل شفاعتهتم.

+ الملاك الذى بشر منوح وزوجته بأمر شمشون “إن صنعت محرقة فللرب أصعدها…فكان عند إرتفاع اللهيب عن المذبح نحو السماء ان ملاك الرب صعد فى لهيب المذبح” (قضاة 16:13،20).

+"فقالت المرأة لشاول رأيت آلهة تصعد من الأرض فقال لها ما هي هيئته قالت

رجل شيخ صاعد مرتديا برداء” وكان ان أخبرروح  صموئيل النبي شاول عن

موته (1صمو 15:28) وهذا يدل على معرفة السماويين بأمور نا نحن البشر.

+"فنحن أيضا إذ يحدق بنا مثل هذا السحاب من الشهود فلنلق عنا كل ثقل

وما يشتمل علينا من الخطيئة ولنسابق بالصبر فى الجهاد الذى امامنا" (عبرانيين 1:12).

+"لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أناسا أضافوا ملائكة وهم لا يدرون” (عب 2:13).

+ رؤيا يهوذا المكابي “ رأيت أونيا الكاهن الأعظم رجل الخير والصلاح المهيب المنظر الحليم الأخلاق صاحب الأقوال الرائعة المواظب منذ صبائه على جميع ضروب الفضائل باسطاً يديه ومُصلياً لأجل جماعة اليهود بأسرها. ثم تراءى لي رجل كريم الشيبة أغر البهاء عليه جلالة عجيبة سامية. فأجاب أونيا  وقال هذا مُحب الإخوة المكثر الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدسة إرميا نبي الله. ثم إرميا مد يمينه وناول يهوذا سيفا من ذهب وقال خذ هذا السيف المقدس هِبة من عند الله به تحطم الأعداء “ (2مكا 12:15-16).

+ ان أليشع النبي بعد موته أقام الميت الذى مس عظامه اذ طرح فى قبر اليشع

خوفا من غزاة موآب (2ملو 20:13-21) وهـذا يدل كيف ان الرب يكرم

حتى رفات قديسيه ويصنع بها المعجزات.

+ ان أيليا النبي بعد إنتقاله من العالم للسماء علم ان يورام بن يوشافاط ملك يهوذا لم يسر فى طريق ابيه البار وعمل الشر فى عيني الرب فأرسل اليه ايليا كتابة يذكر له فيها هـذا الأمر ويتنبأ عليه ان الرب سيضربه هـو وشعبه ضربة عظيمة ، وتمت نبؤة ايليا (2أي12:21-16) وهـذه آية صريحة توضح ان القديسين بعد إنتقالهم عنا إلى السماء يعلمون عن أحوالنا على الأرض.

ولكننا ينبغي أن نعلم أننا حينما نطلب شفاعة العذراء والملائكة وتوسلات وصلوات القديسين من أجلنا فإننا لا نقدم لهم الصلاة أو العبادة، فالعبادة والصلاة لا تقدم إلا لله الواحد المثلث الأقانيم. وإنما نحن نطلب منهم كأحباء لنا، مثلما يطلب الطفل الصغير من أمه أن تطلب من أبيه من أجله، رغم أن الأب يحب الابن ويفرح بتلبية جميع طلباته إن كانت في صالحه.

ولا يعني طلبنا لتوسلات القديسين من أجلنا أن نمتنع نحن عن الصلاة أمام الله من أجل أن يستجيب طلباتنا، فلابد أن نصلي بلجاجة، ويدعمنا في هذه الصلاة أعضاء جسد المسيح من القديسين الذين ارضوا الله بمحبتهم. فالله يحبنا ويريد أن نقرع ونطلب ونسأل، ليفتح ويعطي ويجيب جميع ما نطلب، بل واكثر مما نطلب حسب غناه، حسب مشيئته الصالحة.

                 ————————-

 

            ذكـر مــريــم فــي الشــدائــد

أنتُــم يـــا مَـــن تُــدركـــونَ أنّكـــم،

فـي مـدّ الـدهـرِ وجـزرِه، لا تسيــرون علـى اليـابسـة، بـل تسبحـون بيـن العـواصـف والــزّوابـــع، حـــدّقــوا

إلـى هــذِه النجمَـــة حـتّـــى لا تهلكـــــوا.

إن ثــارَت عليكــُم ريـــاحُ التَجــارب، أو صـدمتكُـــم

المِحـــن،فــالتفتـــوا إلــى النجمـــة وادعـــوا

مَـــريـــــم.

وإن أحـاقـــت بسفينتِكـــم القَلِقَــــة أمــــواج

الغيـــظِ أو البخـــلِ أو الشهـوَة،

فـــارفعـــوا النظـــر إلـــى مـــريَـــــم.

وإن رزحتُــــم تحـــتَ أثقــــال الإثــــم،

وأثخنــــت نفسَـــكُــم جــراحُــهُ المُشينــَـــة،

وهلعتُــــم مِــــن شــؤمِ الــدينـــونَـــة،

وأخــذت روحُكــم تغـوصُ في لُجـّةٍ منَ الحــزن واليـــأس،

فــــاذكـــروا مــــريـــــم.

فــــي المخــــاطــــر والحيـــــرة

والشــــدائـــد، عـــودوا إلـــى مـــريــــم

وادعــــوهـــــا، ولا يبــرحـــنّ ذِكــرُهـــا

شفـــاهَكُــــم ولا قلـــوبَكُــــم، كيـــلا

تُخطِئَكُـــم شفــاعَتُهـا، ولا تنســوا أن تتمثلّـــوا بهـــا.

وإن أنتُــــم اقتفيتـــم أثـــرهــا، فلَـن

تضيعـــوا، أو استغثتـُــم بهــا، فلَــن تيــأســوا،

أو تــأمّـلتمـوهــا، فلـــن تَضِلّـــوا.

فبِعَــونِهــــا لا خــوفَ عليكـــُـم، وتحـــتَ

حمـــايَتِهــــا لا خطـــر عليكـــم. وفـــي

إثــرهــا لــن يُــدرِكَـكُـــم العَيــــاء. وإن هــي

رضيَـــت عنكــــم. بلغتُـــــم مينــــآء

السـَّــلام.

قراءة من القديس بـرنـردوس

 

 

المراجع 

جميع النصوص الإنجيلّيـة الواردة فى هذا الكتاب أُخذت عن الكتاب الـمقدس، الـمطبعة الكاثوليكية-لبنان (1987)

  1. "اللاهوت الـمسيحي والإنسان الـمعاصر"-الـمطران كيرلس سليم بسترس،الجزء الرابع،منشورات الـمكتبة البوليسية (1993).
  2. "حياة مريم أم يسوع" –الأب فرنسيس قندلا اليسوعي –المطبعة الكاثوليكية ببيروت (1949)
  3. "مريم أم المسيح" – الأب جبرائيل فرح البولسي-منشورات المكتبة البولسية(1970)
  4. "الشهر المريمي الجديد"-الأب يوسف لويس،طبعة جديدة (1995)
  5. "إيماننا القويم" (الجزء الآول)-الأب مكسيموس كابس(1987)
  6. "رد الثلاثة وأربعين سهم"- الـمنسنيور فرنسيس قزمان
  7. "العذراء فى اللاهوت الكنسي" للأب متى المسكين (1987).
  8. "العذراء القديسة مريم  ثيؤتوكوس " للأب متى المسكين (1993).
  9. "العبادة الحقيقية لمريم البتول الأم الإلهية" للطوباوي لويس دى مونفور(1908)
  10. "الشهر المريمي الجديد" للأب يوسف لويس(2004)

  1.A Catholic-Evangelical Debate”, Dwight Longenecker and David Gustafson, Brazos Press 2003

2. Mary in the Bible-Questions and Answers, Rev. John H. Hampsch, C.M.F., Our Sunday Visitor Publishing, 1992

3. What You Should Know About Mary, Charlene Altemos, MSC, Liguori, 1998

4. “The Glories of Mary”-St. Alphonsus de Liguori, Redemtorist Fathers(1931).

 5. How to Explain and Defend Mary, Beginning Apologetics, San Juan Catholic Seminars 2001    

6. Electronic version of following documents: Catechism of the Catholic Church, Decrees of the Ecumenical Councils, The Catholic Encyclopedia, Papal Writings, The Church Militant,