الصََدَقــة: تعريفهـا وفائدتهـا

 

تــقــديــــم

عن العشور والبكور والنذور وكل ما يتعلق بالصَدَقـَة والعطاء أقدم هذا الكتيب والذى قمتُ بجمع مواده من مصادر مختلفة وذلك حتى نتفهـم نحن  أعضاء الكنيسة مسؤولياتنـا الروحيـة والدينيـة تجاه الله والكنيسة والآخريـن ونعمل على تنفيذ الوصيـة الإلهيـة ونجتهد للحصول على بركات العطاء التى وعد بهـا الله شعبه وذلك لكي ننموا جميعـا فى الإيـمان ونأتـى بالثـمار الـمرجوة ببـركة الرب وشفاعة أمنا مريم العذراء.

 

                                          نبيل حليم يعقوب

لوس انجلوس فى نوفمبر 2005

 

 

الفهرس

1. الصََدَقــة: تعريفهـا وفائدتهـا

2. أنواع الصَدقَـات

3. لـمن نُعطى؟

4. من الذى يجب ان يُعطى؟

5. لماذا يجب على شعب الله أن يقدموا الصَدَقات؟

6. لأي غرض يُعطى شعب الله؟

7. كم يجب ان يُعطى شعب الله؟

8. ما الذى يجب أن يُعطيـه شعب الله؟

9. كيف يُعطى شعب الله؟

10. خدمـة الـمسيحي

11. نـماذج من العطاء والتقدمات

12. مفاهيـم خاطئة

 

 

 

 

              الصََدَقــة: تعريفهـا وفائدتهـا

الصَدقَـــة هـى مقارضـة إلهيـة مهما كانت بسيطة

       " من يرَحم الفقير يُقرض الرب فيجزيـه بصنيعـه"(امثال17:19).

       "من سقى أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط بإسم تلميذ فالحق أقول لكم انـه لا يضيع أجره"(متى42:10).

الصدقـــة هـى تجـارة إلهية مأمونـة الرِبح

       "بل أعطـه ولا تبتئس إذا أعطيتـه وبذلك يباركك الرب إلهك فى كل أعمالك وفى جميع ما تـمد إليـه يدك"(تثنية الإشتراع10:15).

       "فلا تفشل فى عمل الخير فإنـا سنحصد فى الآوان بغير كلال فلنحسن إذن الى الجميع مادامت لنا الفرصة ولا سيما لأهل الإيـمان"(غلاطية9:6-10).

الَصدقَـــة هـى وداعـة الحكيم عند الله لوقت الحاجـة

        "ألق خبزك على وجه الـمياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة"(جامعة1:11).

الصدقـــة هـى القرابين الـمرفوعـة على الهياكل

-" فأني أردت رحمة لا ذبيحة ومعرفة الله أكثر من المحرقات"(هوشع6:6).

"لا تنسوا الإحسان والـمؤاساة فإن الله يرتضي مثل هذه الذبائح"(عبرانيين16:13).

الصَدَقـــة معهـا يُقبل الصوم وبهـا تُقبل الصلاة

كما قال النبي:"اليس هو ان تكسر للجائع خبزك وان تُدخل البائيسين المطرودين بيتك وإذا رأيت العُريان ان تكسوه وان لا تتوارى عن لحمك"(اشعيا7:58).

" كان فى قيصيريـة رجل اسمه كرنيليوس قائد مئة من الفرقة الـمسماة الإيطاليـة وكان تقيّاً يخشى اللـه هو وجميع أهل بيته ويعطى الشعب صدقات كثيرة ويصلي الى اللـه فى كل حين وانـه فى نحو الساعة التاسعة من النهار رأى فى رؤيا جلّيـة ملاك اللـه داخلا عليـه وقائلاً له يا كيرنيليوس فتفرس فيه وقد داخله خوف فقال ما الأمر ياسيدي، فقال له ان صلوات وصدقاتك قد صعدت أمام الله تذكاراً"(اعمال1:10-4).

الصَدَقـــة هـى التى تُجلب الرحمة يوم الديـن

-"طوبـى للرحماء لأنهم يُرحـمون"(متى7:5).

– حينئذ يقول الملك للذين عن يمينـه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الـملك الـمُعد لكم منذ إنشاء العالم لأني جُعت فأطعمتموني وعطشت فسقيتموني وكنت غريبا فآويتموني وعريانا فكسوتموني ومريضا فعُدتموني ومحبوسا فأتيتم

إليّ، حينئذ يجيبه الصديقون قائلين يارب متى رأيناك جائعا فأطعمناك أو

عطشان فسقيناك ومتى رأيناك غريبا فآويناك أو عريانا فكسوناك ومتى رأيناك مريضا أو محبوسا فأتينا إليك فيجيب الـملك ويقول لهم الحق اقول لكم انكم كلما فعلتم ذلك بأحد هؤلاء الصغار فبي فعلتموه"(متى34:25-40

الصَدَقـــة عدمهـا يُجلب اللعنـة

"حينئذ يقول ايضا للذين عن يساره اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الأبدية"(متى41:25)

الصَدقَـــة تُنجئ من السوء فى الدنيا ويُجازى عنها أضعافـاً

-" طوبى لـمن يُراعى المسكين ينقذه الرب فى يوم السوء.الرب يحفظه

ويُحييـه ويُسعده فى الأرض ولا يسّلـمه الى نفوس أعدائـه. الرب يُعضده

على سرير الوجع. انك مهّدت مضجعه كله فى سقـمه"(مزمور1:40-3).

– "اليس هو أن تكسر للجائع خبزك وأن تُدخل البائسين المطرودين بيتك وإذا رأيت العريان أن تكسوه وأن لا تتوارى عن لحمك حينئذ يتبلّج كالصبح نورك وتُزهر عافيتك سريعا ويسير برّك أمامك ومجد الرب يجمع شملك حينئذ تدعو فيستجيب الرب وتستغيث فيقول ها أنذا"(اشعيا7:58-8).

-"اذا ابرزت نفسك للجائع واشبعت النفس المُعنّاة يُشرق نورك فى الظلمة ويهديك الرب فى كل حين ويُشبع نفسك فى الأرض القاحلة"(اشعيا11:58)

– "هاتوا جميع العشور الى بيت الخزانـة ليكون فى بيتي طعام وجرّبونـي 

بذلك قال رب الجنود ألا أفتح لكم كوى السماء وأفيض عليكم بركـة

حتى لا توسع وأزجر لأجلكم الآكل فلا يفسد لكم ثمر الأرض ولا يكون

لكم الكرم عقيما فى الحقل قال رب الجنود"(ملاخي6:7).

"قدموا للرب مجد اسمه.هاتوا تقدمة وادخلوا دياره". (مزمور 96: 8).

– "بيعوا أمتعتكم وأعطوا رحمة وإجعلوا لكم أكياسا لا تبلى وكنوزا فى السموات لا تفنى"(لوقا33:12).

– "طوبى لـمن يتعطف على المسكين فى يوم السوء ينجيه الرب"(مزمور1:41).

– "من اعطى فضة للفقير فهو يعطى اضعافاً ويجازى بما دفعه. ومن سدّ سمعه لئلا يسمع الفقراء فهو ايضا يسأل فلا يسمع دعاء"(امثال13:21).

– مثل لعازر المسكين(لوقا20:16-31).

                         ______________

" لا تحضروا امامي فارغين"(خروج15:23)

 

أنــواع الصَدَقات

الصَدقات أنواع كثيرة منها مال أو عقار أو ثياب أو طعام أو قربان الهيكل وما يلزم الكنيسة من أدوات، وأيضاً تقديم الوقت أو المهارات والخبرات  الشخصية للخدمـة والى غير ذلك. وهناك صدقات فرديـة و أخرى جمهوريـة كالعشور والبكور والنذور والوقف الخيري.

الصدقـة الفرديـة وهى التى تقدم من يد المتصدق للمحتاجين مباشرة ويجب أن تعطى فى الخـفاء كقول السيد الـمسيح:"احترزوا ألا تصنعوا برّكم قدام الناس لكي ينظروكم وإلاّ فليس لكم أجر عند أبيكم الذى فى السموات فإذا صنعت صدقـة فلا تهتف قدامك بالبوق كما يفعل الـمراؤون فى المجامع والأزقـة لكي يمجدهم الناس الحق اقول لكم انهم قد أخذوا أجرهم. أما أنت فإذا صنعت صدقـة فلا تعلم شمالك ما تصنع يمينك لتكون صدقتك فى خُفيـة وأبوك الذى يرى فى الخفيـة هو يجازيك"(متى1:6-5).  والصَدَقـة الفرديـة يجب ان تنبع من القلب ولمجد الرب كقول الرب على لسان سليمان الحكيم:"يا بنيّ أعطني قلبك ولترعَ عيناك طُرقـي"(امثال26:23).

الصدقـة الجمهوريـة او الجهاريـة وهى التى يحملها المتصدق الى الكاهن وتشمل تقديم العشور والبكور والنذور والوقف الخيري.

1.   العشور: التعشير هو تقديم جزء من عشرة أجزاء مما يرزق الله الإنسان. وفى هذا القانون يوصينا الرب بأن نرد إليه عشر مدخولنا . هذا المال يُستعمل لعمل الرب . أول من تشير إليه الكتب المقدسة كشخص قام بدفع العشور هو النبي إبراهيم الذي قام بدفع عشره إلى ملكي صادق ملك شاليم والذي كان كاهنا لله العليّ (تكوين 19:14-20). ويُذكر أن هذا القانون كان يُمارس على أيام آدم ونوح وأولادهم من بعدهم ، أيضا يعقوب الذي نذر قائلا: "إن كان الله معي وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزاً لآكل وثياباً لألبس…وهذا الحجر الذي أقمته عموداً يكون بيت الله وكل ما تعطيني فأني أعشّره لك." (تكوين 28: 20- 22). ثم أمر الله بالعشور فى الشريعة ايام موسى النبي فقال:"تعشيرا تعشر كل محصول زرعك الذى يخرج من الحقل سنة بسنة"(تثنية22:14)، "وكل عشر الأرض من كل حبوب الأرض وأثمار الشجر فهو للرب، قدس للرب.."(لاويين30:27)، "عشر حنطتك وخمرك وزيتك"(تثنية17:12). و حينما كان يبتعد الشعب في القديم عن عبادة الله كان من ضمن علامات التوبة و الرجوع تقديم العشور كما حدث مثلاً في عهد حزقيا الملك إذ يقول الكتاب "و جاءوا بعُشر الجميع بكثرة….و الساكنون في مدن يهوذا أتوهم أيضاً بعشر البقر و الضأن و عشر الأقداس المقدسة للرب إلههم" (2 أخ 31: 5، 6)،كذلك في عهد نحميا حينما تعاهد الشعب و حلف أن يسير طبقاً لوصايا الله قالوا في العهد "و أن نأتي…..بعشر أرضنا إلى اللاويين و اللاويون هم الذين يعشرون في جميع مدن فلاحتنا و يكون الكاهن ابن هرون مع اللاويين حين يعشر اللاويون و يصعد اللاويون عُشر الأعشار إلى بيت إلهنا إلى المخادع إلى بيت الخزينة" (نح 10: 37، 38) و فعلاً أتى كل يهوذا بعشر القمح و الخمر و الزيت إلى المخازن" (نح 13: 12).

2.   البكور فهى أوائل ثمار الأرض أو أجرة عمل اليدين أو بالجملة أوائل كل خير يصل للإنسان،وأول ما نسمع عنها فى تقدمة هابيل الذى قدّم "ابكار غنمه ومن سمانها"(تكوين4:4). اما فى شريعة موسى فقد نظّم الله البكور فى كل شيئ سواء فى الإنسان او الحيوان او فى ثمار الأشجار "قدّس لي كل بِكر، كل فاتح رحم…من الناس ومن البهائم. إنـه لي"(خروج13:2)، "أول أبكار أرضك تحضره للرب إلهك" (خروج19:23)، "تأخذون من أول كل ثمر الأرض..وتضعه فى سلّة..وتأتى به إلى الكاهن..ثم تضعه أمام الرب إلهك"(تثنية2:26-10)،"وتعطون الكاهن اوائل عجينكم فتحل البركة على بيتك" (حزقيال30:44).

2.   النذور وهو عهد يعهده الإنسان لخالقه ويقرره فى فكره او يقوله بينه

وبين نفسه وبأن يشهد عليه من اراده  وذلك من اجل طلب من الله لصالح الإنسان مثل تكميل فضيلة ما او ان يرزق بعمل او نسل، وعادة يكون بأن يتعهد ذلك الإنسان بدفع مال أو عمل أو شيئ جماد، او بأن ينذر صوما او صلوة او بتوالية او رهبنة او إقلاعا عن معصية ما. ولنا مثال فى ذلك مثل  نذر حنّة أم صموئيل النبي والتى أتت الى الهيكل لأنها كانت عاقراً"وهى مكتئبة النفس فصّلت الى الربّ وبكت ونذرت نذراً وقالت يارب الجنود إن انت نظرت الى عناء أمتك وذكرتني ولم تنس أمَتَكَ ورزقت امتك مولودا ذكرا أحرره للرب كل ايام حياته ولا يعل رأسه موسى"(1ملوك10:1-11) وبالفعل نفذت حنّة نذرها وقالت:"إني لأجل هذا الصبي صلّيت فأعطاني الرب بُغيتي التى سألته من لدنه ولأجل ذلك أعرته للرب كل ايام حياته".

والنذور هى شيئ آخر غير العشور والبكور، فهى كا سبق هى تعهد من الإنسان أمام الله. "أنذروا و أوفوا للرب إلهكم" (مزمور 75: 12)، وايضاً "و أوف العلي نذورك" (مزمور 49: 14). "أوف بما نذرتـه. أن لا تنذر خير من أن تنذر ولا تفي"(جامعة4:5)، "إذا نذرت نذراً لله فلا تتأخر عن الوفاء به"(جامعة3:5).

4 الوقف هو ما يوقفه الإنسان فى حياتـه او بعدها على جهة معينـة لتنتفع به دون غيرها ودون التصرف فيه بالبيع.

5. القرابيـن وهى التى نتقرب بها الى الله وتُذكر تلك العطايا فى القداس الإلهي فى اوشية القرابين للذين يقدمون للكنيسة الخمر والزيت والبخور والستور وكتب القراءة واوانى المذبح وتطلب ان يعوضهم الرب خيراً: "أذكر يا رب الذين قدموا هذه القرابين و الذين قدمت عنهم و الذين قدمت بواسطتهم أعطهم كلهم الأجر السمائي" و في أوشية القرابين "أعطهم الباقيات عوض الفانيات الأبديات عوض الأرضيات بيوتهم و مخازنهم املأها من كل الخير".

6. النوافل وهى الأجزاء الفائضة منا مثل ما يفيض فى زوايا الحقل وما يقع من الحصادين على الأرض والملابس غير المستخدمة.

العشور والبكور واجب حتمي على المسيحي.

"توبوا إليّ  أتوب عليكم قال رب الجنود وتقولون بم نتوب ايسلب البشر الله فإنكم سلبتموني. وتقولون ماذا سلبناك. العشور والقرابين"(ملاخي7:3-8).

النذور والوقف فاللإنسان كامل الحريـة فى إبرامهـا من عدمـه.

"أي رجل نذر نذرا للرب أو حلف حلفا فألزم نفسه شيئا فلا يُخلف قولـه"(عدد3:30)، وهناك شروط لنذر الفتاة او المرأة المتزوجة او الأرملة او المطلقة (عدد 30).

ومن نذر شيئا وأراد أن يفديـه لضرورة فليقّوم ثمنـه ويدفع للكاهن أو جهة نذره والعشور (لاويين27).

أمـا الوقف فيجب أن يكون عن شيئ يمكن الإنتفاع بـه وان كان الوقف على المحتاجين واحتاج الواقف فهو أولـى، وللوقف شروط معينـة لا يجب الخروج عنها وعادة يكون الأسقف هو ناظر الوقف.

ويقام للصدقـة الجمهوريـة شمامسة مخصوصون او وكلاء امناء للجمع والتوزيع بعدالة.

والصدقـة كما قلنـا واجبـة على الجميع، على الأغنياء والفقراء ايضا كل حسب طاقتـه:

"ان كان لمؤمن أو مؤمنة أرامل فليمدوهن ولا يثقل على الكنيسة حتى تمد هى اللائي هن فى الحقيقة ارامل"(1تيموثاوس16:5).

 "ولاحظ فرأى الأغنياء يلقون تقادمهم فى الخزانـة ورأى ايضا ارملة فقيرة والقت فلسين"(مرقس42:12).

– "فمن استودع الكثير يطالب بالكثير"(لوقا48:12).

– "اعطوا ما عندكم صدقة فهوذا كل شيئ يكون نقياً لكم"(لوقا41:11). وجميع الصدقات بأنواعهـا يجب ان تتم بسرور سواء كانت لحاجة الكنيسة والفقراء والمحتاجين"فليعط كل امرئ كما نوى قلبـه لا عن إبتئاس أو إضطرار فان الله يحب الـمعطى الـمتهلل والله قادر ان يزيدكم كل نعمة حتى تكون لكم كل كفايـة كل حين فى كل شيئ فتزدادوا فى كل عمل صالح…والذى يرزق الزرع زرعه وخبزا للقوت سيرزقكم زرعكم ويكثره ويزيد غلال برّكم حتى تستغنوا فى كل شيئ"(2كورنثوس7:9)

ومن لا يقدم الصدقـة وهو قادر عليهـا هو مثل كافر وشرير كما كانت عاقبة الغنى فى مثل الغنى والعازر فالغني مات "فدُفن فى جهنم"(لوقا22:16). ولابد من ان نتذكر قول الحكيم: "ومن سد أذنـه عن صراخ المسكين فهو ايضا يصرخ ولا يُسمع له"(امثال13:21).

والصدقـة لا تُقبل من غير المؤمنين "لا تكونوا قرناء الكفرة فى نير فإنها أيّة شركة بين البِر والإثم وأيّة مخالطة للنور مع الظلمة وأي إئتلاف للمسيح مع بليعال فأيّ حظ للمؤمن مع الكافر"(2كورنثوس14:6-15).

الصدقـة يجب أن تُعطى من القلب بكامل الحب فالإنسان قبل ان يعطى من مالـه ومن جيبـه عطاؤه فالقلب يجب ان يفرح حينما يعطى، فالعطاء هو مجرد تعبير عن المشاركة القلبية فى احتياجات الناس واحتياجات الكنيسة. و يجب ان لا يصاحب العطاء تحقيق مع الكنيسة او إنتهار أو ربما تقدم الصدقـة بشيئ من التعالي والكبرياء و يجب الاّ تؤخر الصدقـة تحت اي سبب من الأسباب، فالإنسان يجب ان يتذكر هذا القول والذى ردده داود النبي امام الرب:"إنما الجميع منك ومن يدك أعطيناك لأنّا إنما نحن غرباء لديك ونزلاء كجميع أبائنا وأيامنا كالظل على الأرض وليس من قرار" (1أخبار الأيام13:29-16). والصدقة يجب ان لا تكون بالربا، ولا يندم عليها،ومعطيها يكون محبا للناس وتعطى بالمحبة حسب قول بولس الرسول:"لو اني اطعم المساكين كل مالي ولا يكون فيّ المحبة لم اربح شيئا ً(1كورنثوس3:13). والصَدَقة يجب ان لا يصاحبها اي شك فى مواعيد الله.

و الكنيسة إذ تذكرنا بوصايا الله الخاصة بالبكور و العشور و النذور فإنما تشعر أن النمو في العطاء لن يأتي إلا إذا أعطينا أنفسنا للرب أولاً حينئذ لن يكون العطاء صعباً بل سهلاً بل يحتاج المؤمن أنه "كما يزداد في الإيمان و الكلام و العلم و كل اجتهاد و في المحبة كذلك يزداد في هذه النعمة-نعمة العطاء أيضاً" (2 كورنثوس 8: 5 – 9). حقاً من يزرع بالشح فبالشح أيضاً يحصد و من يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد لأن المعطي المسرور يحبه الرب." (2 كورنثوس 9: 6 – 8) و حينما أرسل مؤمني كنيسة فيلبي إلى الرسول بولس مرة و مرتين لحاجته قال لهم: "ليس أني أطلب العطية بل أطلب الثمر المتكاثر لحسابكم"–العطاء ثمر الإيمان و هو لحسابنا عند الله-ثم وصف العطايا بأنها نسيم رائحة طيبة ذبيحة مقبولة مرضية عند الله و يصلي من أجلهم قائلاً "فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع" (في 4: 17 – 19).

 

لـمن نُعطى؟

عندما يعطى المسيحي فهو يعطى إما لفرد او أفراد او الى الكنيسة، او الى هيئة خيرية وفى النهايـة فهو يعطى التقدمـة للرب:

" من يرَحم الفقير يُقرض الرب فيجزيـه بصنيعـه"(امثال17:19).

"قال لهم أوفوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله"(متى17:22-21).

"الم يكن لك مدّة بقائه وبعد ان بيع الم يكن فى سلطانك فلماذا جعلت فى قلبك هذا الأمر. إنك لم تكذب على الناس بل على الله"(اعمال4:5).

"فإنه ما من أحد منّا يحيا لنفسه ولا أحد يموت لنفسه ولكن إن حيينا فللرب نحيا وإن متنا فللرب نموت. فإن حيينا إذن أو مُتنا فللرب نحن" (رومية7:14-8).

                    ——————-

 

 

             من الذى يجب أن يُعطـي؟

منذ العهد القديم وتقديم العشور كان فريضة على الجميع، وفى العهد الجديد الكل مطالب بالعطـاء للرب. و يُقبل العطـاء فقط مِن من هم فى إتحاد مع السيد الـمسيح وكنيسته وطبقا لإيـمان  الشخص بيسوع الـمسيح ويلزم ان يُقدم لشعب الله وعمل الله.  فى العهد الجديد نجد ان كل وصيـة أو أمـر بتقديم العطاء او الصدَقات هو موجـه للـمؤمنيـن، اما غير  المؤمنين فلا يجب طلب أي مساعدات منهم (3يوحنا9-11). 

– من اصحاب القليل فالسيد المسيح امتدح ما فعلته الأرملة التى دفعت فلسين "وجاءت ارملة فقيرة والقت فلسين قيمتهما ربع"(مرقس42:12) ليدعو جميع ذوى الدخل المحدود والفقراء ايضا ان يتقدموا لنوال بركة العطاء بالقليل الذى يقدمونه وألا يظنوا ان ما يقدمونه يمكن ان يؤثر على معيشتهم فتلك الأرملة "القت كل ما لها كل معيشتها" ومع هذا فالله لا يسمح لمن قدّم له كل ما يملك ان يحتاج او يجوع. 

– من أصحاب الكثير ويجب ان يكون بروح السخاء والمحبة لله وليس من "مما

فضل عندهم"(مرقس44:12). وعلى ذلك فالكل يجب ان يعطي ولا يعفي الإنسان انه فقير او انه يعمل فى مجال كنسي او غير ذلك من الأعذار.

  لـماذا يجب على شعب الله ان يقدّموا عطاياهم؟

1.لأن العطـاء هو فرض إلهـي

فى العهد القديم جاء قانون العشور (تثنيـة 22:14-29) و(ملاخى7:3-12)، و ضرورة بناء بيت الرب (حجاي 1:1-11). وفى العهد الجديد جاء "باذلين للقديسين حاجاتهم عاكفين على ضيافة الغرباء"(رومية13:12)، "لا تنسوا الإحسان والمؤاساة فإن الله يرتضي مثل هذه الذبائح"(عبرانيين16:13). فشعب الله أوصي بأن يُعطوا عند إحتياج الكنيسة أو الفقراء، وعدم  العطاء يُعتبر عصيان.

2. لأن العطاء هو شرف  فكنيسة مكدونيـة أعتبرت مثالاً فى كرَم العطاء على الرغم من انهم كانوا فى إحتياج (2كورنثوس8و9)، ولهذا يُذكّرنـا القديس بولس بتعليم السيد المسيح القائل "إن العطاء أعظم غبطة من الأخذ"(اعمال35:20). 

3. لأن العطاء هو أحد ركائز مشاركتنا فى الخِدمـة كوكلاء  فالسيد المسيح تكلم عن دور الوكلاء فى التعامل مع المال (لوقا1:16-13)، فإيماننا وخدمتنا كوكلاء فى كرم الرب وتعاملنا مع القليل والذى هو المال يحمل لنا مسؤلية أكبر "فالأمين فى القليل يكون امينا فى الكثير"(لوقا9:16-12).

    4. لأن العطاء هو فعل عبادة

كان قديسون العهد القديم عندما يقتربون للـه للعبـادة يكون ذلك

مصحوب بتقديم الذبائح والقرابين، وكانت تعتبر تلك الذبائح او القرابين هى بمثابـة مساهمة او مشاركة سواء أكانت بكاملها أو بجزء منها. وها هو داود الملك يعلن بفرح "إنما الجميع منك ومن يدِك اعطيناك"(1ايام14:29). وفى العهد الجديد وصفت تلك المساهمات او الصدّقات كنوع من الذباح والقرابين والتى كانت تقدم فى العبادة (عبرانيين1:9-10و1:10-25 و10:13-16). ولا يتم جمع أي مال او تقدمات اثناء الوعظ والتعليم (خدمة الكلمة او قداس الموعوظين) وذلك حتى لا يشعر غير المؤمنين بأي حرج او يظنوا ان بتقدماتهم سينالون الخلاص، فخلاص الله هو هبة تعطى من الله للجميع فى المسيح يسوع. وكانت تجمع التقدمات والعطايا أثناء فترة الخدمة وذلك بعد صلاة التقديس وذلك لتشجيع المؤمنين لأن يقدموا عطاياهم للرب كفعل عبادة.

5. لأن العطاء هو إستثـمار

قال السيد المسيح "اكنزوا لكم كنوزا فى السماء" (متى19:6-21) وذلك لكى يشجع المؤمنين لأن يعطوا للرب. فإستثمار مال الأرض من أجل الحصول على ملكوت السموات هو إحدى الطرق لحصولنا على الكنوز

الروحية السماوية (لوقا1:16-13).

6. لأن العطاء هو فعل تضحية بالذات

جميع خدمة المسيحيين يجب ان تكون فعل تضحيـة دائـمة كما قال بولس الرسول:"قرّبوا اجسادكم ذبيحة حيّة مقدسة مرضيّة عند الله"(رومية1:12-2وعندمـا نُعطى لا نطلب مديح الناس بل الله "لتكون صدقتك فى خُفية وابوك الذى يرى فى الخُفية هو يجازيك"(متى2:6-4). ولا يجب ان نُعطى ويكون لنا رجاء فى هذا العالـم ولكن لنا ثقة فى الله ومن انه سوف يكافئنا فى السماء "فتكون مكافأتك فى قيامة الصديّقين"(لوقا12:14-14). ولا يجب علينا أن نعطى ونحن تحت ضغط ولكن بكل سرور القلب وإمتنانـا لنعم الله علينـا وعلى حسب مقدرتنـا(2كورنثوس8و9).

7. لأن العطاء هو تعبيـر عن الـمحبـة الأخويـة

العطاء هو تعبيـر عن المحبـة الأخويـة وإتحادنـا بعضنـا البعض فى المسيح يسوع كما جاء فى النصوص التاليـة: متى31:25-46، لوقا11:3، رومية13:12، يعقوب15:1-17و 1يوحنا15:3-18.والأمثلة عن مثل هذا العطاء فقد جاء ذكرها فى النصوص التاليـة:اعمال42:2-47، أعمال32:4-35، اعمال 27:11-30، 2كورنثوس1:8-5 وفيلبي 14:4-19).

 

8. لأن العطـاء يهب الإنسان الحماية من الشرور والخسائر والأمراض

فالرب يعد من يعطي الفقير انه لا "تدركه الفاقة ومن أغمض عينيه عنه فعليه لعنات كثيرة"(امثال27:28)، ويعد من قدّم عشوره للرب قائلاً:"أنتهر من أجلكم الآكل فلا يفسد لكم ثمر الأرض ولا يكون لكم الكرم عقيما فى الحقل قال رب الجنود. فتغبطكم جميع الأمم لأنكم تكونون أرضاً شهيّة قال رب الجنود"(ملاخي11:3-12).  ويـعد الرب ايضاً ان يحمى الإنسان من الشر والمرض:"طوبى لمن يُراعي المسكين. ينقذه الرب فى يوم السوء. الرب يحفظه ويُحييه ويُسعده فى الأرض ولا يُسلمه الى نفوس اعدائه"(مزمور2:40-3).

وايضا الوعد واضح فى قول طوبيا لإبنه:"تصّدق من مالك ولا تحّول وجهك عن فقير وحينئذ فوجه الرب لا يُحّول عنك. كن رحيماً على قدر طاقتك. إن كان لك كثير فابذل كثيراً وإن كان لك قليل فاجتهد ان تبذل القليل عن نفس طيبة فإنك تدّخر لك ثواباً جميلاً الى يوم الضرورة لأن الصَدَقة تُنجي من كل خطيئة ومن الموت ولا تدع النفس تصير الى الظلمة. إنّ الصَدَقة هى رجاء عظيم عند الله العليّ لجميع صانيعها"(طوبيا7:4-12).

                     ——————

 

             لأي غرض شعب الله يًعطى؟

كان شعب الله يُعطى للأغراض التاليـة:

– فى العهد القديم كان الشعب العبراني يعطى لبناء الهيكل وصيانتـه ودوام تقديم الخدمـة فيه كما جاء فى النصوص التاليـة:خروج1:25-9 ، خروج4:35-9، 2ملوك4:12-16، 1 أخبار الأيام 1:29-17 و متى 24:17-27.

للفقراء والمحتاجيـن كما جاء فى النصوص التاليـة:لاويين9:19-10، تثنية الإشتراع19:24-22، مرقس 21:10، اعمال44:2-45، اعمال 34:4-35، اعمال 27:11-30، رومية 13:12، 2كورنثوس 8و9، غلاطية10:2.

– فى العهد القديم والعهد الجديد كان الشعب يُعطى لمكافأة خدام الله كما جاء:عدد18، لوقا1:10-9، غلاطية6:6، و1كورنثوس1:9-14.

للتعضيد لـمن يقوموا بالخدمـة والتبشير للآخريـن كما جاء: لوقا1:8-3، اعمال5:18، 2كورنثوس8:11، فيلبي14:4-19، 2يوحنا7-11،و3يوحنا5-8.

– لتعضيد من هم فى ضيقة او احتياج (حتى المسحونين) من أجل بشارة

الإنجيل كما جاء: متى35-25-40، فيلبي25:2-30، وعبرانيين3:13.

 

كم يجب أن يُعطى شعب الله؟

من ناحية يجب ان يعطى شعب الله كل شيئ كقول السيد المسيح:"ان كنت تريد ان تكون كاملاً فاذهب وبع كل شيئ لك واعطه للمساكين فيكون لك كنز فى السماء وتعال اتبعني"(متى21:19)، وايضا قال"احذروا وتحفّظوا من كل بُخل لأنها ليست حياة احد بكثرة امواله"(لوقا15:12)، وايضا قال:"بيعوا ما هو لكم وتصّدقوا. اجعلوا لكم اكياسا لا تبلى وكنزا فى السموات لا ينفد حيث لا يقربه سارق ولا يفسده سوس"(لوقا33:12)، وايضا قال:"كل واحد منكم إن لم يرفض جميع امواله فلا يستطيع ان يكون لي تلميذاً"(لوقا33:14). و فى الكنيسة المسيحية الأولى نجد انهم لم يدّعوا شيئا لهم كما جاء فى اعمال الرسل:"وكان جميع المؤمنين معا وكان كل شيئ مشتركا بينهم وكانوا يبيعون املاكهم وامتعتهم ويوزعونها على الجميع على حسب حاجة كل واحد"(اعمال44:2-45)، "فإنه لم يكن فيهم محتاج لأن كل الذين كانوا يملكون ضياعاً او بيوتاً كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويلقونها عند أقدام الرسل فيوزع لكل واحد على حسب إحتياجه" (اعمال32:4-35).

العشور فى العطاء اليهودي وليس المسيحي ففى المسيحية يقول الكتاب "من سألك فأعطه"(متى42:5). ان الخضوع والولاء لا يمكن إلا ان يكون لله ولا يمكن ان يكون هناك عبادة لله وللمال فى نفس الوقت"لا يستطيع احد ان يعبد ربين لأنه إما ان يُبغض الواحد ويُحب الآخر او يُلازم الواحد ويرذل الآخر.لاتقدرون ان تعبدوا الله والمال"(متى24:6). ومن ناحية اخرى نحن فى الحقيقة لا نمتلك شيئا لأن كل الأشياء هى للرب ونحن وكلاء عليها. قد تكون لدينا ممتلكات ولكنها ليست هى التى تمتلكنا كما اوصانا بولس الرسول قائلاً:"والمستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه لأن هيئة هذا العالم فى زوال"(1كورنثوس30:7). كان المؤمنين فى الكنائس التى انتشرت فيها البشارة الإنجيلية فيما بعد يبيعون ما لا يحتاجونه لسد حاجة البعض فالقديس بولس اوضح ان العطاء هو على قدر كل إنسان كما جاء:"لأنه متى وُجد النشاط اولا فإنه يكون مقبولا على قدر ما للإنسان لا على قدر ما ليس له"(2كورنثوس12:8)، وعلى ما قد ارتضى ذلك المؤمن ان يُعطى :"فإني اشهد إنهم اعطوا من تلقاء انفسهم على قدر طاقتهم بل فوق الطاقة"(2كورنثوس3:8)، وايضا "ليس مرادى ان تكون لغيركم سعة ولكم ضيق بل ان تكون مساواة لكى تسُدّ زيادتكم فى هذا الدهر نقصانهم وتسُدّ زيادتهم نقصانكم حتى تحصل المساواة كما كتب" (2كورنثوس10:8-14).  يجب ان لا ننسى قول الرسول:"من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجا وأغلق أحشاءه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه"(1يوحنا17:3-18).

مـا الذى يجب ان يُعطيـه شعب الله؟

عادة عند الحديث عن العطاء أن نفكر فى الـمال او الهِبـات أو التبرعات، وبالطبع الـمال هو نوع من مساهة شعب الله فى أعمال الله. ولكن بالإضافة للمال، يمكن التبرع بممتلكات أخرى مثل الأدوات اللازمـة لبناء الهيكل كما فعل الشعب قديما (خروج1:25-8). الـمأكل والملبس يمكن ان تُقدم للمحتاجين (لوقا11:3)، وايضا العمل التطوعي كما جاء "كل رجل او امراة من بنى اسرائيل سخت نفسه ان ياتى بشيئ لجميع العمل الذى امر الرب بان يعمل على يد موسى اتى به تطوعا للرب"(خروج29:35)، وفى ايام داود النبي "ففرح الشعب لتطوعهم لأنهم انما تطوعوا للرب بقلب سليم"(1 اخبار الأيام 9:29و14و16). كذلك حسب ما وهبنا الله من حكمة او تدبير او تعليم لبنيان كنيسته كما دعانا الرسول قائلاً:"من وهب الخدمة فليلازم الخدمة والمعلم التعليم والواعظ الوعظ والمتصدق صفاء النيّة والمدبر العناية والراحم البشاشة"(رومية7:12-8). كذلك يمكن مساعدة الآخرين بما نمتلكه من الصحة سواء بعمل يدوي أو بمساعدة فى حمل مريض او مرافقتـه وزيارتـه، أو أن نقرأ لفاقد البصر او نعلّم من لا يعرف القراءة والكتابـة، أو أن نزور سجيناً أو أن نواسي حزينـاً والى غير ذلك من أعمال الرحمة والمحبة الأخويـة.

               كيف يُعطى شعب الله؟

بغير افتخار فكل ما نعطيه قد اخذناه اصلا من الله ولنتذكر قول بولس الرسول:"أي شيئ لك لم تأخذه وإن كنت قد اخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ"(1كورنثوس7:4).

فى الخفـاء لذلك امرنا الرب يسوع قائلاً:"احترزوا من ان تصنعوا صدقة امام الناس لكى ينظروكم"(متى1:6و4)

فى سخاء فيقول الكتاب المقدس "المعطى فبسخاء"(رومية8:12)، وايضا"اسخياء فى العطاء كرماء فى التوزيع"(1تيموثاوس18:6).

بغير تأجيل "لا تمنع الخير عن اهله حين يكون فى طاقة يدك ان تفعله. لا تقل لصاحبك اذهب وعد فأعطيك غداً وموجود عندك"(امثال27:3-28).

افضل شيئ  كما فعل هابيل الصديق الذى "قدّم من ابكار غنمه وسمانها(تكوين4:4) أي افضل ما عنده ولهذا نظر الرب الى هابيل وقرابينه ولم يفعل مع قايين الذى "قدّم من ثمر الأرض تقدمة"(تك3:4) أي قدّم أي شيئ.

وبنفس الكرم فى عطائنا يعاملنا الله فلقد قال:"اعطوا تعطوا، كيلاً صالحاً ملبّداً مهزوزاً فائضاً فى احضانكم لأنه بالكيل الذى تكيلون به يُكال لكم"(لوقا38:6). 

"جلس يسوع تجاه الخزانة ، ونظر كيف يُلقِي الجَمع نحاساً في الخزانة"

(مرقس41:12)، وهنا نقف عند كلمة "كيف". 

انهـا تعنى ببساطة ان الله يرى الذى يدفع عشوره من باب "التفاخر والمنظرة" أمام الناس" لأنهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله "(يوحنا43:12). وأيضاً تعنى ان الله يرى من يقدمهـا وكأنـه يـمّن على الرب " لأن جميع هؤلاء ألقوا فى تقادم الله مما فضل عندهم" (لوقا4:21). وايضاً تعنى ان الله يرى من يردد: " مِنك الجميع ومِن يدك أعطيناك " أخبار الأيام الأول14:29. وأيضاً تعنى ان الله يرى من يدفع في الخفاء وكأنهـا رشوة ليُسكت ضميره معتقداً إنها "مساعدة" للفقراء.

                    ___________________

            

 

                        خـدمـة الـمسيحي

المجالات التي يمكن للمسيحي أن يخدم من خلالها الله والقريب متعددة وفيما يلي أهمها:

1 – البيت: في دوائر الاهتمام يأتي البيت والعائلة في المقام الأول من ناحية خدمة الآخر. والرب في إرساليته لتلاميذه بعد قيامته وجَّههم أن يبدأوا بشهادتهم له في أورشليم واليهودية (أعمال 1: 8)، وهي ما يُقابل على المستوى الفردي المؤمن وبيته. ومعلِّمنا بولس الرسول يُشدِّد على خدمة المسيحي لبيته: «وإن كان أحد لا يعتني بخاصته، ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الإيمان، وهو شرٌّ من غير المؤمن» (1تي 5: 8)، لأن نجاحه في خدمة بيته يُساند خدمته خارج البيت. وبنفس القدر فإن عدم الاهتمام بالأهل – بما يؤدِّي إلى تباعدهم عن الإيمان – هو عثرة للخدمة ومؤشر سلبي عن جدوى خدمة المسيحي في العالم. والأب (أو الأُم) هو رأس العائلة الذي يقود مسيرة الخلاص في البيت، وهو النموذج والمثل في المشاركة في أعباء الأسرة بكل اتضاع.

2 – العمل والسكن والدراسة: مجالات العمل والسكن والدراسة ساحات مفتوحة لخدمة الآخرين والتأثير فيهم مسيحياً بالمعاملة الطيبة للمتعاملين وعدم التعالي عليهم، والتصادق مع الزملاء ومساعدتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، ومحبة الجيران وخدمتهم والوقوف إلى جانبهم في الشدائد، وإظهار المودة والتعاون مع زملاء الدراسة، خاصة غير المؤمنين من كل هذه الفئات، فهذه بشارة متاحة للجميع ومضمونة التأثير – على الأقل في البعض – وفي هذا المجال، فإن الطبيب والمعلِّم والإخصائي الاجتماعي هم ثلاثة نماذج قادرة أن تصنع الكثير إذا كانوا يحيون في الإيمان. ولا ننسى أن المسيح خدم الخلاص من خلال التعليم والشفاء والعمل الاجتماعي (خدمة الفقراء، التحنُّن على الخطاة وإفهامهم، المشاركة في الأفراح والأحزان) قبل أن يُقدِّم نفسه ذبيحة عن كل الخطاة.

3 – القدوة:تقديم القدوة هو بشارة بغير كلام، حتى رآها البعض إنجيلاً خامساً إلى جانب الأناجيل الأربعة. والقـدوة تـدعم الخدمة وتثبت صـدق دعوة الخادم، ومـن هنا كان تشديد معلِّمنا بـولس على تلاميذه أن يكونوا قدوة في السلوك المسيحي إذا أرادوا لخدمتهم أن تثمر بغِنَى، فكتب لتيموثاوس أن:"كُــن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرُّف، في المحبة، في الـروح، في الإيمان، في الطهارة" (1تي 4: 12)، ولتيطس:"مُقدِّماً نفسك في كل شيء قدوة للأعمال الحسنة"(تي 2: 7)، فسلوكنا المسيحي يؤثـِّر ويُغيِّر إلى الأفضل – دون أن ندري – فيمَن حولنا، وهذه مسئولية علينا أن نعيها، لكي نتحفَّظ من مُشاكلة أبناء هذا الدهر، فهذا تخلٍّ عن دورنا كنور للعالم وملح للأرض.

4 – خدمة المحتاجين: هذه خدمة محبوبة ومؤثـِّرة ومتصلة اتصالاً وثيقاً بالإنجيل، ذلك أن المسيح اعتبر نفسه ضمن إخوته: الجوعى والعطاش (المحتاجين إلى الطعام والشراب)، والعرايا (المحتاجين إلى الكساء والدفء)، والغرباء (المحتاجين إلى المأوى والمساعدة)، والمرضى – خاصة ذوي العلل المستعصية – (المحتاجين إلى العلاج والزيارة والمواساة)، والسجناء (المحتاجين إلى الحرية والتعزية)؛ ويؤكِّد أن خدمتهم هي خدمة مباشرة له هو، وأن هذه الخدمة – وإن تمَّت في الخفاء – ستُعلن لأصحابها في اليوم الأخير (متى 25: 31-40). ومعلِّمنا بولس يدعو الفقراء ”القديسين“ (رو 12: 13؛ 15: 25، 1كو 16: 1و15، 2كو 8: 4؛ 9: 1و12، عب 6: 10)، فخدمتهم عنصر في حياة القداسة. وحتى النُّسَّاك المتجردون كانوا يصنعون السلال ويبيعونها كي يُنفقوا على الفقراء إخوة المسيح. ويمكن أن يُضاف إلى قائمة ”المحتاجين“ الأيتام المحرومون من الأمومة والأُبوة، والمحاصرون بالهموم، والحزانى، والمسـنُّون الذين يعيشون في بيوت خاصة بعيداً عن ذويهم، وذوو الاحتياجات الخاصة، والمحرومون من بعض الحواس كالمكفوفين والصُّم والبُكم، والمرضى النفسيون، وبعض هذه الفئات تخدمها الكنائس. والمطلوب أن يتقدَّم محبو المسيح وإخوته إلى الكنيسة ومؤسساتها للإسهام في هذه الخدمة النبيلة لحساب الحياة الأبدية للخادم والمخدوم.

5 – العمل الفردي: الخدمة هنا موجَّهة لفرد بعينه مِمَّن جاءوا في الحالات السابقة سواء أكان جاراً أم صديقاً أم زميلاً أم عابر سبيل أم غيرهم. ونحن في هذا نتمثـَّل بالرب الذي تعامل كثيراً مع الأفراد: فقد اختار تلاميذه واحداً واحداً، وكانت له مع نيقوديموس (يو 3)، والمرأة السامرية (يو 4)، ومريض بيت حسدا (يوحنا 5: 1-14)، والمرأة التي أُمسكت في زنا (يوحنا 8: 1-11)، وقائد المئة (متى 8: 5-10)، والمرأة الكنعانيـة (مت 15: 21-28)، والمرأة الخاطئـة (لو 7: 36-50)، وزكَّا (لو 19: 1-10)، وغيرهم؛ حوارات ومعاملات أدَّت إلى خلاصهم.  فالعمل الفردي ممكن لكل مؤمن ويتنوَّع حسب إمكانياته الروحية والشخصية. وعلى كل منا أن يطلب من الرب مع بداية كل يوم قائلاً: «هأنذا أرسلني» (إش 6: 8) لأداء مهمة اليوم.

6 – خدمة التعليم والوعظ والتبشير بالمسيح: هذه خدمة أصحاب المواهب الخاصة المتتلمذين للإنجيل والذين تدعوهم الكنيسة للوعظ والتعليم في اجتماعاتها، وهي خدمة الأعداد الكبيرة أو القليلة، حيث تُلقى البذار، والروح يُهيئ القلوب كي تُثمر فيها الكلمة. وقد عرفت الكنيسة عديداً من المعلِّمين والوعَّاظ من غير الإكليروس، وبعضهم لم يكن حتى شماساً. وفي أيام بولس الرسول، فإن أكيلا وبريسكلا امرأته الخيَّامَيْن هما اللذان شرحا لأبلُّوس ”الفصيح المقتدر في الكتب“ طريق الرب بأكثر تدقيق (أع 18: 24-26). وفي أيامنا هذه، فإن كثيراً من المبشِّرين بالمسيح هم مؤمنون وَهَبَتْهُم نعمة الله غيرة قوية وحياة منيرة ومعرفة بكلمة الله ومحبة للمتغرِّبين وهدايتهم إلى طريق الخلاص.

بـركـات خدمـة الله:لو أدرك المؤمن فيض البركات التي يُنعم بها الله عليه إزاء خدمته مهما تضاءلت لما تردَّد أو تخلَّف عن خدمة الرب.  فها هو الرب يؤكِّد أنه حتى أصغر الخدمات، التي سقطت من الذاكرة لبساطتها أو بمضيّ الأيام، لن تُنسى قدام الله وأجرها محفوظ بحسب عدل الله: «ومَن سقى أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ، فالحق أقول لكم إنه لا يُضيـِعُ أجره.» (مت 10: 42، مر 9: 41)، وبالنسبة للفقراء بالذات فقد وضعهم الرب في أول قائمة إخوته. وهناك تأكيد أن خدمتهم لن تُنسَى: «لأن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه، إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم"(عب 6: 10). والـرب طـوَّب الـرحماء لأنهم يُـرحمــون تى 5: 7)، ومكتوب:"المعطي المسرور يُحبُّه الله» (2كو 9: 7)، ويعطيه عندما يحتاج بأكثر سخاء: «أعطوا تُعطَوْا كيلاً جيداً مُلبَّداً مهزوزاً فائضاً يُعطُون في أحضانكم. لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يُكال لكم"(لوقا6: 38). بـل إن الـرب جعل خدمـة الجائـع والعطشان والعريــان والغريب والمــريض والسجين شهادة على صـدق الإيمان بالمسيح ومحبته، وتصريحاً لخدَّام المسيح بالدخول إلى الملكوت المعدِّ لهم منذ تأسيس العالم (مت 25: 34).    

        

نـماذج من العَطــاء  والتقدمات

1. تقدمة قايين وهابيل

 قايـين كان يحرث الأرض فقدّم "من ثـمر الأرض"، بينما هابيل الذى كان راعي غنم فلقد جاء عنـه ان قدّم من "أبكار غـنمه وسِـمانهـا" ولهذا فلقد نظر الرب الى هابيل وتقدمتـه (تكوين 4).

2. تقدمـة نوح

بعد الطوفان واخذ نوح "من جميع البهائم الطاهرة ومن جميع الطير الطاهرة فأصعد مُحرقات على المذبح. فتنّسم الرب رائحة الرِضى"(تكوين20:8-21)

3. تقدمة ابراهيـم

بنى ابراهيم مذبحا على احد الجبال فى ارض موريّة كأمر الرب واوثق اسحق ابنه والقاه على المذبح فوق الحطب ولكن ناداه ملاك الرب من السماء فلم يفعل واخذ الكبش واصعده محرقة بدل ابنه (تكوين 22).

4. تقدمة ايليا النبي وانبياء البعل

عندما تحدى ايليا النبي انبياء البعل وكانوا 450 رجلا على جبل الكرمل وكيف ان الشعب صرخ عندما رأوا قبول تقدمة ايليا وصلاته وقالوا:"الرب هو الإله الرب هو الإله"(3 ملوك18).

5. تقدمة ارملة صرفَت

أرسل الرب إيليا في وقت المجاعة إلى امرأة فقيرة لا تمتلك في بيتها إلا قليل من الزيت وملء كف من الدقيق، وكانت المرأة تظن أنها ستأكل ما لديها هي وابنها الصغير في ذلك اليوم ولا تعلم ماذا تفعل فيما بعد. ولكن أنظر معي كيف تحولت الأحداث " فقال لها إيليا لا تخافي.. ولكن اعملي لي منها كعكة صغيرة أولاً واخرجي بها إليّ ثم اعملي لك ولابنك أخيرا.ً لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل إن كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص." (3ملوك17- 13-14 لقد شجع إيليا إيمانها وطلب منها أن تقدم له أولاً من القليل الذي عندها (صورة العطاء للرب)، فإنه يعلم أن عطاء الإيمان يطلق بركات الله. هل ترى ماذا قدمت المرأة وماذا أخذت؟ لقد قدمت له كعكة صغيرة كانت كل ما تمتلكه فأعطاها الله طعاماً وشبعاً لاينته إلى أن تغيرت الأوضاع وعاد المطر وبذلك تحقق الوعد "أعطوا تعطوا". لقد أكرمت الرب فامتلأت مخازنها وصارت تفيض.

6. فلسي الأرملة

"ولاحظ فرأى الأغنياء يلقون تقادمهم فى الخزانة ورأى ايضاً ارملة مسكينة قد القت هناك فَلسين. فقال فى الحقيقة اقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة قد القت اكثر من الجميع لأن جميع هؤلاء القوا فى تقادم الله مّما فضل عندهم

واما هذه فمن عوزها القت كلّ المعيشة التى كانت لها"(لوقا4:21).

7. تقدمة زكا العشّار

"هآنذا يارب اعطى المساكين نصف اموالي وان كنت قد غبنت احداً فى شيئ أرد اربعة اضعاف"(لوقا1:19-10).

8. الخمسة ارغفة والسمكتان

ذلك الصبي الذى كان معه خمسة ارغفة وسمكتين فقدمها للرب الذى باركها واشبع بها الجميع(يوحنا9:6).

8. خدمة يوسف الرامي

كيف إعتنـى بتكفيـن جسد السيد الـمسيح والذى اتى بجرأة وسأل بيلاطس عن جسد يسوع "فاشترى يوسف كتانا وانزله ولفّه فى الكتان ووضعه فى قبر قد نُحت فى صخرة ودحرج حجراً على باب القبر" (مرقس43:15-46).

                  ——————

مفاهيـم خاطئـة

1. العطاء غير محدد لهذا فيمكنني دفع أي شيئ رمزي

هذه المغالطة تشير الى عدم الأمانـة لأن الله طالبنا ان نكون بكاملنا له، وتشير الى عدم توافر الحب الكامل الذى يجعل الإنسان يقدم بلا حساب،وهى ايضا نوع من الإختلاس فالرب يعرف كل المستورات فالأرملة القت كل ما عندها لذا امتدحها السيد المسيح.

2. ان دخلي يكاد يكفي مصروفاتي فليس هناك إذن ضرورة للعطاء

انها تعني عدم تصديق الوصية وما يتبعها من جزاء فى حالة المخالفة والمكافأة فى حالة الطاعة وهنا ينظر الرب اليهم ويقول:"سلبتموني"(ملاخي8:3). وتعتبر السرقة من الوصايا التى حرّمها الله "لا تسرق"(خروج15:20) فما بال الإنسان الذى يسلب الله:"من ايام آبائكم حدتم عن فرائضي ولم تحفظوها. إرجعوا إليّ أرجع إليكم قال رب الجنود. فقلتم بماذا نرجع. أيسلب الإنسان الله فإنكم سلبتموني. فقلتم بم سلبناك. فى العشور والتقدمـة"(ملاخى7:3-8). ووصية العشور هذه هى الوحيدة التى قال الرب عنها "جربوني"(ملاخى10:3) فى حين انه مكتوب "لا تجرّب الرب إلهك"(تثنية16:6)، ولكن "جربوني" هنا ليست بمعنى الشك ولكن بمعنى ان نختبر وعود الله الصادقة وبركاته الوفيرة لمن يقدم نصيب الرب. ويحتاج الإنسان ان يبدأ فى وضع اوليات فى حياته متذكراً قول الرب:"لا تهتموا لأنفسكم بما تأكلون ولا لأجسادكم بما تلبسون"(متى25:6)، ولو وضعوا حق الله أولا سيُبارك الله فى اموالهم واعمالهم وابنائهم.

3. سوف أدفع عندما تتحسن ظروفي

البعض الذى يقدم عطاياه عندما يكون متيسرا او يقدمها بعد ان ينفق فى احتياجاته ثم بعد ذلك يدفع حق الله، فغالبا لن يعطي ابداً فأعمال الرحمة وأعمال المحبة لا يمكن ان تخضع للظروف.

4. لا اجد المجال الذى اقتنع بتقديم العشور فيه

الإنسان لا يدخّر للرب وهى تعتبر كالوزنات التى اخفاها العبد الكسلان (متى24:25-30) والتى سيحاسب عليها،فقدم عطاياك للكنيسة وهى قادرة على توزيعها لأصحاب الحاجة.

5. سوف اقوم بإستثمار تلك الأموال ومن ريعها سوف اعطيه للرب

هذه الأموال ليست ملكاً كاملاً لك فهى حق الله فلا يجب ان تنتفع بها بأي شكل وتحرم اخوة يسوع منها لصالحك.

الحل الوحيد لنوال البركة هى فى رضى الله وانه حينما يكون لدينا الكثير او القليل او نكون قد وقعنا تحت طائلة عقوبة او ازمة مادية علينا ان نقدم اولاً حق الله وبعد ذلك سوف تكثر الخيرات والبركات.

الـمراجع

جميع النصوص الإنجيلية الواردة فى هذا الكتاب أُخذت عن الكتاب الـمقدس، الـمطبعة الكاثوليكية-لبنان (1987).

1. سلسلة بركات السماء وعطايا البشر – بدون ناشر وتاريخ نشر

Several Catholic web pages through the Internet

      -“Find it in the Bible”, Ron Rhodes
      – “The A to Z, Guide to Bible Application, 1996                         
نبيل حليم يعقوب

 

لوس أنجلوس –كاليفورنيـا

   نوفمبر 2005